سامي النصف

يوسف إبراهيم الغانم وتاريخ الكويت

العزاء الحار للكويت قاطبة ولآل الغانم الكرام في الفقيد الكبير العم يوسف إبراهيم الغانم أحد جنود الوطن المخلصين والمجهولين ممن لم يعرف عنهم إلا كل عمل خيّر فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ومع فقدان الراحل الكبير الذي لا نستطيع أن نضيف لسيرته الحافلة أكثر مما كتب في صحافتنا المحلية وفي ظل عدم وجود مذكرات تؤرخ لمشوار حياته المثمر، تفقد الكويت مرة اخرى جزءا هاما من ذاكرتها الحية، وكانت طائرة الصديق عبدالعزيز البابطين قد ضمتني قبل يومين في رحلة للرياض مع العم عبدالرحمن العتيقي طلبت خلالها من العم أبو أنور أن يسجل ذكرياته على اشرطة كاستحقاق للكويت واجيالها المقبلة وكي يعرف العالم ان الكويت ليست نفطا فقط، بل بها رجال اثبتت السنين حكمتهم وصواب رأيهم في المحافل العربية والدولية.

وعلى رأس رجال الكويت العظام الذين لم يعرف عنهم إلا كل خير صاحب السمو الأمير حفظه الله الذي نرجو أن تسجل أعماله كما يرويها سموه على اشرطة لإظهار دوره الفاعل والخيّر في خدمة بلده الكويت ودول الخليج وأمتيه العربية والإسلامية، حيث أثمرت تحركاته ورحلاته المكوكية التي قد لا تعلم بها البراعم الكويتية الصغيرة في أكثر من مرة في إطفاء الحرائق وحقن الدماء، مما اعطى الكويت السمعة الطيبة لدى أمم الأرض مما جعلها تهب لنجدتها ابان الاحتلال الصدامي الغاشم عام 90.

ولا يفترض ان تحتوي كتب الذكريات او المذكرات على كل صغيرة وكبيرة او ما يحرج كاتب المذكرات مع الآخرين او يكشف اسرارا لا يجوز كشفها، فأمور كهذه لا نجدها في مذكرات الزعماء والرجال الكبار في العالم اجمع، بل يتم التطرق فقط للقضايا الكبرى ومساهمة تلك الشخصيات بها وسيرتهم الذاتية، حيث ان كتابة التفاصيل مهما صغرت تعني وجود كتب تحتوي على آلاف الصفحات وهو امر غير عملي على الإطلاق.

وسامح الله الدكتور الخطيب ومفرغ كتاب ذكرياته على ما فعلاه من سردهما لقضايا هامشية لم تحدث ضمن تلك المذكرات، مما افقدها قيمتها التاريخية المرتجاة وجعل الناس والكتاب ينشغلون بالقشور وتوافه الامور التي تضمنتها تلك المذكرات، مما ارسل رسالة للكبار في الكويت ـ المتحفظين اصلا ـ بألا يكتبوا مذكراتهم حتى لا يحدث لهم ما حدث لمذكرات د.الخطيب، ان الدرس المتعظ من تلك المذكرات ليس بعدم تكرارها، بل بتسليمها لأيد محترفة أمينة تعرف ما يجب ان تتضمنه من قضايا هامة وكبرى وما لا تتضمنه من الصغائر والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
(1) رغم المكانة التاريخية الرفيعة للدكتور الخطيب إلا أن مذكراته صدرت مشوشة وغير مرتبة وبطريقة التفريغ المباشر للأشرطة دون تمحيص او تدقيق للمعلومات.

(2) كان بالإمكان حفظ المكانة التاريخية للدكتور الخطيب لو قسمت ذكرياته لأربعة كتب أو أربعة فصول يتعلق الأول بسيرته الذاتية والثاني بدوره في الحياة السياسية المحلية والثالث بدوره في المحيط العربي ككويتي مؤسس لحركة «القوميون العرب» ورابع لعلاقاته بدول المعسكر الاشتراكي وقد ضاعت كل تلك المعلومات التاريخية القيمة بالأخطاء والقضايا الخلافية التي نشرت.

سعيد محمد سعيد

الخادم… أفضل من الوزير!

 

حينما يتوجه المواطن البحريني العادي، بل العادي جدا، إلى مكاتب الوزراء أو كبار المسئولين في الدولة، فإنه يقف بين أمرين: فإما هو في ضيافة مضياف كريم، أو هو مقصوف مقصوف مقصوف بالكلام الأليم!

لكن، والحق يقال، هناك من الوزراء وكبار المسئولين، من لا يغلق بابه أمام المواطنين، وإن تعذر عليه ذلك، اعتمد على مسئولين يدركون حجم المسئولية… ولا حاجة لذكر أسماء ونماذج… في مقابل فئة من الوزراء والمسئولين… سامحهم الله على ما يفعلون بنا كمواطنين.

على أية حال، وددت أن أشارك القراء الكرام هذه القصة الجميلة، ولعل من السادة الوزراء من يجد نفسه في ما يشبه القصد…

يحكى أن أحد السلاطين وهو في قافلته مسافرا، سمع أحد خدمه يقول لصديقه: «كيف لهذا السلطان أن يعين له وزيرا طاعنا في السن لا يقوى على القتال، ولا يبدو أنه يفقه من أمور السياسة شيئا وأنا خير منه!».

فسمع السلطان هذا الكلام وعاد إلى خيمته، ونادى على هذا الخادم وجاءه… قال له السلطان، وهو يسمع صوت نباح في جهة بعيدة عن خيمته: «اذهب لترَ ما هنالك».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «أني رأيت جراء حديثة الولادة هي التي تنبح».

– سأله السلطان: كم عددها؟

– قال الخادم: لا أعلم!

– قال له السلطان: اذهب لتخبرني بعددها… ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «عددها سبعة»، قال له السلطان: «ما ألوانها؟»، قال الخادم: لا أعلم! قال له السلطان: «اذهب لتخبرني بألوانها».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «منها ما يغلب عليها الأسود، ومنها ما يغلب عليها الأبيض»، قال السلطان: «ما عدد التي يغلب عليها اللون الأسود؟» قال الخادم: «لا أعلم!»، قال له السلطان: «أذهب لتخبرني بأعداد السود منها».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «أربعة منها سود»، قال له السلطان: «كم عدد البيض منها؟»، أجاب الخادم، بعد أن صمت برهة يفكر: «ثلاثة منها من البيض»، فنادى السلطان على وزيره وقال له: «إذهب لتر ما هنالك (يقصد جهة النباح)، فذهب الوزير وعاد الى السلطان وقال: «إنها جراء حديثة الولادة عددها سبعة، أربعة منها يغلب عليها السواد والثلاثة الباقيات يغلب عليها البياض، ويبدو أن سبب نباحهم الجوع».

فنظر السلطان إلى الخادم وقال: «هل عرفت لماذا اخترته وزيرا لي؟».