وحياة أشيائي كلها، لا يغضبني شيء كما يغضبني تحوُّل الأحرار إلى عبيد، وتحوُّل الرؤوس إلى أذناب، والطأطأة خوفاً وطمعاً، وقمع الـ«لا» التي تتسلق القفص الصدري لتصل إلى الفم ومنه إلى مسامع القياصرة، فتصطادها كلاب الخوف وتعيدها إلى القفص ثانية لتستبدلها بابتسامة ذليلة، كما يحدث في بعض صحفنا تجاه رئيس البرلمان جاسم الخرافي المصونة ذاته عن النقد.
فأن يصرّح النائب عادل الصرعاوي منتقداً أداء الرئيس، السابق حينذاك، جاسم الخرافي، فتمنع الصحف كلها نشر التصريح، وتنشره فقط صحيفتان هما جريدة «الجريدة» وجريدة «الآن» الالكترونية، فهو العيب وشق الجيب. وما يحدث من وأد للتصريحات المضادة للخرافي ودفنها في سلة المهملات، وإبراز الأخبار التي تمشي خلفه بالطبلة والمزمار على صدر الصفحات الأولى، هو أمر يدفع النملة لتحك رأسها وتسأل أقرباءها: كيف نموت نحن تحت الأحذية، ولا يموت البعض وهم تحت الأحذية؟!
ويبدو أن سؤال النملة كسَّر قيد أسئلتي، فتزاحمت على باب الطوارئ: هل أعادنا الخرافي إلى العصر السوفييتي؟ وهل يريد تحويل صحفنا إلى «برافدا»، صحيفة الحزب الشيوعي؟ وهل رئيس برلماننا هو المواطن الكويتي جاسم محمد عبدالمحسن الخرافي أم هو فلاديمير محمد عبدالمحسن خرافيكوف، الزعيم السوفييتي؟ وهل فعلاً لم يخطئ السيد الخرافي مرة واحدة في تاريخه السياسي؟ إذا كان كذلك فهل هو معصوم؟ أنا بحثت في القرآن عن اسم جاسم الخرافي ولم أجده، ولا أظن أنني سأجده لو بحثت عنه في التوراة أو في الانجيل أو في زبور داود، ولا حتى في محظورات النشر في قانون المطبوعات، فهل هذه هي الكويت التي تصدرت للمرة المليون ترتيب الحرية الصحافية على مستوى العرب؟! إذا صح هذا فتبّاً للعرب سبع مرات إحداهنَّ بالتراب.
أيها الصديق الكبير جاسم الخرافي، عطفك ولطفك على صحافة الكويت التي يقول الناس إنك كبلتها بأموالك، عبر احتكارك تجارة الورق وإعلانات شركاتك العملاقة، وشوّهت وجهها بنفوذك. لكن ما الذي يميّزك عن سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد، ونائبه الأول الشيخ جابر المبارك، وبقية الشيوخ، الذين علقنا لهم أعواد مشانق النقد في الحل والترحال؟ هل مقامك أكبر من مقام أبناء الأسرة الحاكمة وبقية الكويتيين؟!
الأخ الرئيس، هل تعرف أنه لولا التنفيس عن الناس بنقد قيادات الحكومة ورموز البرلمان لانفجرت الأوضاع، وأن عدم حقد الناس على الشيخ أحمد الفهد، بل والتعاطف معه أحياناً، سببه هو هجوم الصحافة المتواصل عليه، بما نفّس عن الصدور غيظها، بينما أبقيت أنت الغيظ في الصدور يتراكم ويكبر بشكل مرعب مخيف.
الأخ الرئيس الأحمر، لقد بلغ الغيظ في صدور الناس الخط الأحمر… فاحذر.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء