الشهر: يونيو 2009
غرام فانتقام.. غباء شديد فإعدام!
صدّقت محكمة جنوب القاهرة يوم الخميس الماضي على إعدام رجل الأعمال الشهير م.هشام طلعت مصطفى والقاتل الفذ الضابط محسن السكري وكنت قد وصفت تلك الجريمة الشنيعة بأنها «أغبى جريمة في القرن الـ 21» ثم ألحقتها بعد مشاهدتي للقاءات محامي الدفاع «الأوحد» فريد الديــب وتبريراتــه التافهة لكيفية وقوع الجريمة بمقال ذكرت فيه ان المحامي سيوصل قطعا موكله لحبل المشنقة واستغربت ان يقبل المتهم شديد الثراء دفاع محام واحد عنه بدلا من تشكيل فريق «حلم» من المحامين كحال الفريق الذي برأ أوجي سمبسون من قتل زوجته.
ولأن النصيحة كما يقال بجمل فقد قررت اسرة هشام طلعت مصطفى اخيرا وبعد صدور حكم الإعدام، اي بعد خراب البصرة، ضم 8 من كبار المحامين في مصر لتولي الدفاع عن المتهم بعد الفشل الذريع لفريد الديب ويرأس ذلك الفريق المحامي بهاء الدين ابوشقة الذي نشهد له بالذكاء الشديد والذي نصح اسرة مصطفى بالتصالح مع اسرة سوزان تميم لتخفيف الحكم او حتى الوصول لحكم البراءة.
وضمن مسلسل الغباء الشديد الذي يحيط بتلك القضية اعتراف والد القاتل اللواء منير السكري في لقاء مع «العربية» بأن ابنه تسلم بالفعل 2 مليون دولار من هشام مصطفى كثمن فرحة و«بشارة» له كونه اول من اخبره بنبأ مقتل سوزان تميم! ولقاء إعلامي كهذا يدين الابن ولا يبرئه فلا احد يدفع مثل هذا المبلغ لخبر كما ان انفراد محسن السكري بالمعلومة دليل آخر على انه الفاعل.
والحكم يعتبر تاجا على رأس القضاء المصري العادل الذي لا يجامل ولا يداهن في الحق رغم ان الضحية غير مصرية والجريمة لم تقع على ارض مصر، كما ان رجل الاعمال الشهير ليس قاتلا، بل محرض، ويحتل مراكز بارزة جدا في المجتمع كرجل سياسة واقتصاد، ولن أجرؤ على المقارنة بما كان سيحدث لو ان القضية تم تداولها في دهاليز عدالتنا المحلية في ظل وجود جمل لطيفة تضاف عادة للأحكام مثل «عدم كفاية الأدلة» و«وجود خطأ في إجراءات القبض» و«500 دينار غرامة لوقف التنفيذ».. إلخ.
وحضرت في الضفة الغربية انشطة «يوم العدالة» الفلسطيني الذي حضره المئات من رجال القضاء وحصلت على كتب ومطبوعات دورية تختص بنتائج التفتيش القضائي هناك وكيفية التعامل مع تأخر الفصل في القضايا التي يتم تبويبها ومتابعتها من قبل فرق التفتيش للتأكد من سرعة الفصل فيها، منعا للظلم الناجز الناتج عن العدالة البطيئة، وتذكرت على الفور حال محاكمنا واشكالية «الداخل المفقود والخارج المولود».
لهذا ننصح وزير الداخلية بعدم الاستقالة
كتب عبدالله النيباري، الصديق والنائب السابق، مقالا في «القبس» يوم امس الاول طالب فيه وزير الداخلية بالاستقالة لدوره في صرف مبلغ 5 ملايين و326 الف دينار ثمن لوحات اعلانية ربما لم تزد كلفتها على 300 الف!
لا نختلف مع السيد النيباري ان هذه الحالة من التعدي على المال العام سيئة بكل المقاييس، ومخالفة صارخة للقانون. كما لا نخفي عدم اقتناعنا برد الوزير وتأخره في احالة القضية على النيابة، وفوق هذا وذاك لا نشك في ان طريقة واسلوب عمل حكوماتنا هما السبب في غالبية مشاكلنا السياسية والاقتصادية والبيئية وغيرها، ولو ارادت الحكومة امرا لما صعب عليها تنفيذه، ودورها المباشر وغير المباشر في تغيير نتائج انتخابات لجان المجلس، وما سبق ذلك من انتخابات، خير مثال، ولكن مع كل هذا لا نتفق مع السيد النيباري على ضرورة استقالة الوزير، وذلك للأسباب التالية:
أولا: من الواضح من مقال طلب الاستقالة ان خسارة المال العام لمبلغ الخمسة ملايين دينار هي الأمر الجلل، وهذا المبلغ يمكن استرداده متى ما صدر قرار النيابة وعزمت الحكومة عزمها.
ثانيا: الأمر الآخر الذي تم التركيز عليه في المقال هو دور الوزير في تمرير المخالفة المالية، وضرورة استقالته بسبب ذلك، وهنا نرى ان الاستقالة سينظر اليها كثمن للخطأ، مما يعني ان بإمكان اي وزير ارتكاب اي مخالفة ومن ثم الاستقالة بعدها. ان بقاء الوزير في منصبه مهم للتحقيق وحيوي للمساءلة مستقبلا.
ثالثا: يمكن القول، وان مجازا، ان فشل طرح الثقة بوزير الداخلية، وما سينتج عنه من فشل النائب مسلم البراك في الوفاء بقسمه، يستحقان صرف مبلغ خمسة ملايين دينار عليهما!! فالخراب والفساد اللذان تسبب فيهما هؤلاء النواب في مؤسسات الدولة ووزاراتها، وبتعاون الكثير من الوزراء معهم، وقد تكون الداخلية على رأس هذه الجهات، أمر لا يمكن ان يستمر.
وسقوط الوزير يعني استفحال شرهم واستمرار تخريبهم، ولن يكون باستطاعة اي وزير مستقبلا الوقوف في وجههم، خوفا من بعبع الاستجواب. وهذه الغضبة المضرية، او المطرية، معروفة السبب، فما يشاهد الآن من نسف لقوة الهجانة، وما تتعرض له المخافر من تفنيش وتنظيف اداري وعسكري، وما يرى من وقف لتدخلات النواب في قضايا التعيينات والتنقلات العسكرية امور اصلاحية مستجدة ستختفي سريعا وتعود الامور الى نقطة الصفر متى ما نجح طرح الثقة وأجبر الوزير على الاستقالة، التي لا نشجعه عليها لمصلحة الوطن وخمسة ملاييننا!!
* * *
ملاحظة:
أفادنا من نثق برأيه ان النائب خالد سلطان لا علاقة له بأنشطة الشركات العاملة في الخدمات النفطية، وبالتالي نعتذر إليه والى الآخرين إن كان قد تسبب ما ذكرناه في مقال الاحد الماضي بإساءة اليهم. ولكن هذا لا ينفي، حسبما ورد على لسان النائب نفسه، ان مقاولاته مع الجهات الحكومية واسعة ومتشعبة.
أحمد الصراف
خمسة ملايين ما يصير… الدستور يصير ؟!
نعم، إن فضيحة اللوحات الإعلانية بددت من أموال الدولة خمسة ملايين دينار جديدة تضاف إلى رصيد التبديد والهدر السابق على مر السنين، ونعم بإمكاننا أن نجد أكثر من حالة هدر وإسراف من «الداخلية» وغيرها على مر السنوات، لعل أقربها هي اللوحات الإرشادية الإلكترونية التي لم تقدم أو تؤخر بشيء في الطرقات، غير أنها تخبرنا بما نشاهده، كوجود أمطار في الشوارع أو رؤية أفقية منخفضة.
كما يعلم الجميع أن الاستجواب لا يكون دستوريا إذا ما تمت محاسبة الوزير على فترات سابقة لوزارته، حتى إن كان هو وزير الوزارة السابقة، إلا في الحالة التالية، كما نقل لي أحد المدونين الكرام، وهو ما ذكره الأستاذ أحمد الديين عن حكم المحكمة الدستورية بخصوص استجواب وزير حول ما سبقه من أعمال إليكم نصّه:
«إذا استمرت تلك الأعمال في عهد الوزير معيبة دون أن يتخذ بشأنها في حدود سلطته إجراءً أو تصرفاً مكنته قانوناً لإزالة العيب أو إصلاحه فإن هذه الأعمال بالنظر إلى استمرارها معيبة خلال فترة ولاية الوزير لوزارته تكون داخلة في اختصاصاته، بما ينفسح معها مجال مسؤوليته السياسية عنها، ويسوّغ بالتالي استجوابه بشأنها وفقاً للدستور».:
ما حدث في الإعلانات الانتخابية كما قلت مسبقا فضيحة لن نقبلها أبدا، ولكن دستوريا وقانونيا كما فهمت فإن الاستجواب على هذه الجزئية هو فعل باطل قانونيا، بحكم أنه في فترة وزارة سابقة، ولم يستمر للفترة الحالية، ولا يمكن محاسبته بالاستجواب بل من خلال طرق أخرى كالنيابة أو محكمة الوزراء.
نعم لمحاسبة الوزير بل لإقصائه أيضا، ولكن وفق الأطر الدستورية، فالدستور الذي نص على حرمة الأموال العامة هو نفس الدستور الذي نص على عدم جواز تعطيل أي حكم من الدستور، وعليه فإن ما بُني على باطل فهو باطل.
قد يتذرع البعض بقبول الوزير صعود المنصة لإضفاء الشرعية والدستورية على الاستجواب، وهو كلام واه، فلو أن الوزير لم يصعد المنصة وطالب بتحويل الاستجواب إلى المحكمة الدستورية، لكان مصيره وحكومته كاملة المنصة ومن ثم عدم التعاون، وهو ما ألمح إليه المُستجوب في فترات سابقة.
وعليه فإن الوزير قَبِل الصعود كي لا يوصم بالهروب وعدم الجرؤة، ولكن أن يُقدّم استجواب غير دستوري من تكتل يدّعي صيانة الدستور هو ما يستدعي استجواب هذا التكتل من قبل الناس.
ختاما لن أقبل أبدا أن يهدر فلس واحد من أموال الدولة، كما أني لن أقبل قطعا باستعادة هذا الفلس عن طريق التعدي على الدستور.
ضمن نطاق التغطية:
السيد وزير الداخلية أتمنى ألا تعتقد ولو لبرهة أن وقوفي والكثيرين غيري ضد الاستجواب وما ترتب عليه من طلب لطرح الثقة، يعني بأي شكل من الأشكال القبول بالفعل المبدد لأموال الدولة من قبلك، وهو أمر لن نسكت عنه أو نقبله أبدا.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
هل وقع سعد في الفخ؟!
انتهت الانتخابات اللبنانية بفوز فريقي 8 و14 آذار معا فلم يكن لحزب الله، كما ذكرنا في مقال سابق، مصلحة حقيقية في اكتساح الانتخابات وتشكيل حكومة تكون في مواجهة العالم مما سيضر به على المدى الطويل، والأفضل بالنسبة له انتصار جزئي لقوى 14 آذار مادام وفر له الاعتراف به كمقاومة وبشرعية حمله للسلاح كما حدث، مفكرو حزب الله أذكياء واستراتيجيون من الدرجة الأولى.
فاز الساحر نبيه بري ـ الذي يعتبره البعض رجل الكويت في لبنان بسبب صلاته الوثيقة بعائلة آل الخرافي الكرام ـ بولاية رئاسية خامسة رغم انه لا ينتمي للأكثرية النيابية ورغم انه لم يتعهد بعدم اغلاق البرلمان كما حدث في الماضي القريب، ومع إعلان الفوز المتوقع للرئيس بري لعدم وجود منافس ولاتفاق القوى عليه انطلق الرصاص ابتهاجا مما نتج عنه سقوط بعض الجرحى وهي عادة لبنانية متأصلة نرجو الا نقلدها في الكويت.
وانطلق الرصاص مرة أخرى عند حصول الشيخ سعد الحريري على ثقة مجلس النواب رغم عدم وجود منافس له، ومرة أخرى يسقط الرصاص على الناس الآمنين رغم تنبيه نبيه بري وسعد الحريري اتباعهما بعدم الاحتفال بهذه الطريقة المؤذية والمروعة الا ان فورة دم الشباب تجعلهم لا يستمعون للنصح.
ونحن ممن يرون ان تولي الشيخ سعد الحريري مقاليد الوزارة في هذا الزمن العصيب ودون ضمانات تعاون من الكتل المختلفة هو خطأ استراتيجي كبير ومطب وقع فيه، وكان أفضل له ان يقوم بما يقوم به السيد حسن نصرالله في المعارضة أي بقاءه مرجعا للقوى السياسية المتحالفة معه دون ان يحتل موقعا سياسيا يجعله عرضة للهجوم الدائم والابتزاز السياسي انتظارا لظروف سياسية أفضل في المستقبل.
وقد طالب في الماضي أعدى أعداء قوى 14 آذار أمثال النائبين سليمان فرنجية وميشيل عون بتولي سعد الحريري مقاليد رئاسة الوزراء بدلا من الرئيس المخضرم فؤاد السنيورة مما يدل على ان هناك نوايا مبيتة نحو سعد تروم قتله سياسيا والإساءة لسمعته عند المواطنين والناخبين اللبنانيين.
آخر محطة:
(1) من قراءة سريعة لأرقام نتائج الانتخابات اللبنانية الأخيرة نجد تباينا ضخما بين أعداد الناخبين في الدوائر الانتخابية ومن ثم الأعداد الدنيا اللازمة للفوز، فمثلا فازت السيدة ستريدا جعجع بدائرة بشري بـ 13 ألف صوت بينما احتاج النائب علي المقداد في دائرة الهرمل لـ 109 آلاف صوت للنجاح، وضمت بعض الدوائر 50 ألف ناخب ودوائر أخرى 260 ألف ناخب دون اشكال.
(2) استضافنا الصديق غسان بن جدو في برنامجه الشائق «لقاء مفتوح» على قناة الجزيرة وقد كان التصوير في حديقة احد المطاعم المعروفة الواقعة في الضاحية الجنوبية من بيروت وقد ارعب مكان المطعم وملكيته الضيوف الناقدين لمسار الرئيس احمدي نجاد فاعتذروا عن الحضور ويا.. حيف على الرجال!
أين أنت يا بادي من زمان؟
يعتبر انتخاب النائب «الدكتور» بادي الدوسري عضوا في البرلمان من اعظم مخرجات صناديق الانتخابات الاخيرة. وما كنا لنضع لقبه الاكاديمي بين قوسين، لو لم نجده سابقا اسمه في احدى الصحف، ولولا قيام حضرته بانتقاد قرار وزيرة التربية والتعليم العالي السابقة، المتعلق بعدم الاعتراف بالشهادات الصادرة عن جامعات فلبينية وهندية محددة، حيث ذكر النائب ان القرار تضمن خرقا واضحا للقانون، وتعمدا في انتقائية الجامعات بشكل مصلحي! أي ان للوزيرة مصلحة في عدم الاعتراف بجامعات معينة!
ولو كنا مكان السيد بادي، الذي اشتهر في الاسبوع الاول من نيابته من خلال التشبه بالصحافي العراقي الذي رمى الرئيس بوش بحذائه، وكانت شهادتنا من جامعة معترف بها، لما احزننا قرار الوزيرة، فكيف يتساوى معي من حصل على شهادة مماثلة لشهادتي مقابل مبلغ من المال؟! أما ان كانت شهاداتي من النوع اياه، لما تجرأت حينها على فتح فمي محتجا ومنتقدا قرار الوزيرة! ولكن مع كل هذا اتفهم وجهة نظر النائب، التي طالب فيها ايضا بالسماح للدارسين في جامعات غير معترف بها، بإكمال دراستهم والاعتراف بشهاداتهم، لان الاصرار على تطبيق قرار سيلحق الظلم بــ 4500 طالب منتسب او ملتحق او «دافع من منازله»!
وهنا، وفي السياق نفسه، نتمنى على وزيرة التربية والتعليم العالي الحالية، ان يشمل عطفها طلبتنا الدارسين في جامعات غير معترف بها في الاردن ومصر والبحرين، فعدد هؤلاء يبلغ الآلاف ايضا، وهم بحاجة للاهتمام نفسه والاستثناءات نفسها! كما نتمنى على وزير الكهرباء اسقاط فواتير استهلاك الكهرباء عن المواطنين المتخلفين، لا لشيء الا لان عددهم يزيد على 250 ألفا. وبسبب كبر حجم المتخلفين عن سداد فواتير الهاتف الارضي، فإننا نستصرخ ضمير وزير المواصلات للعمل على اسقاط تلك الفواتير عنهم، ايضا بسبب كبر حجمهم، الذي يقارب الــ 85 ألف مشترك في الخدمة، فمن غير المعقول معاقبة كل هؤلاء المواطنين، لانهم لم يقوموا بسداد فواتير هاتف.
ومادمنا في الجو نفسه، فإننا نطالب وزارة التجارة بإلغاء تهمة الغش والتزوير عن كاهل 3 آلاف مواطن، ومقيم على الأقل من المتهمين بتزوير وتأسيس شركات وهمية من دون رأسمال! كما نتمنى على المرور اسقاط جميع مخالفات ممنوع الوقوف، وتجاوز الاشارة الحمراء والسرعة القصوى، لأن عدد مرتكبيها يزيد على المائة الف. وبالمرة يمكن ان نخلي السجون من جميع النزلاء، فمن غير المعقول الاستمرار في ابقاء هؤلاء مساجين وعددهم يتجاوز عشرات الآلاف. اما المصارف المحلية، فعليها ايضاً اسقاط قروض المواطنين، لا لشيء إلا لان عددهم كبير، وفق النظرية «الباديّة»، مع تشديد حرف الياء!
وأخيراً نتمنى تدخل مجلس الوزراء في هذا الأمر، وتشكيل لجنة لتقوم بدراسة اعفاء المواطنين من سلفهم وديونهم وإلغاء مخالفاتهم، لدى أي جهة كانت، والاعتراف بجامعاتهم، ومن أي قارة كانت، ولو كانت بدرجة «خرطي»، مادام عدد المتورطين يزيد على الألف في اي حالة أو حادثة كانت!
شكراً لبادي الدوسري مبادرته الإنسانية، وترسيخه لمبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، وحتماً لا نتمنى وجود كثيرين من أمثاله في مجلس الأمة، لكي لا يرهقنا أحد في كتابة المقالات للرد على ترهاتهم.
أحمد الصراف
habibi [email protected]
البيك… كان هناك
البعض استغرب عزوف الناس عن التصويت في انتخابات المجلس البلدي، وعزا ذلك إلى أن الانتخابات جرت في يوم عمل لا يوم عطلة، أو إلى الحر الشديد، أو أو أو، لكن السبب الحقيقي هو أن عضو المجلس البلدي اليوم أصبح على باب الكريم، صلاحياته مثل صلاحيات جدتي وضحة رحمها الله، التعامل مع السدو، والسوالف، ثم النوم المبكر.
لكن جدتي كانت تستر جسدها ملابس مازلت أتذكر ألوانها الزاهية، أخضر منقط بأحمر، بينما المجلس البلدي يمشي سلط ملط، ربي كما خلقتني، وهو يمر بجانب الناس فيتصدقون عليه بما تجود به أنفسهم ليسد رمقه، وأنت وإحسانك، والحسنة بعشرة أمثالها، وقليل دائم خير من كثير منقطع.
والمجلس البلدي عزيز قوم ذل، كان ابن ذوات وابن عز ونغنغة، يقضي الصيف في باريس، ويراقص الشقراوات في زيوريخ في الخريف، ويمتطي أحدث السيارات، وكان يمشي في الأسواق وخلفه الخدم والحشم، وكانت كلمته تخفض وترفع، وتعطي وتمنع، وتضر وتنفع، إلى أن جاء هادم اللذات أحمد بيك باقر، وتولى وزارة البلدية، ومن يومها حلت الكوارث، وامتلأت عينا المجلس البلدي بالدموع، ومات والداه فأضحى يتيماً لا حول له ولا قوة، وأما اليتيم فلا تقهر.
وأحمد بيك باقر بوجهه البريء الذي يوحي إليك أن اسمه سقط سهواً من معركة قادسية عمر، وبابتسامته الصفراء الجميلة، الضاربة على الرمادي، تكفيه جلسة واحدة معك لا تتجاوز أربع عشرة دقيقة، وستكتشف بعد خروجه من منزلك أنك تعاني ألماً في الجانب الأيمن من بطنك، وستفحص بالأشعة، وسيخبرك الدكتور أنك فقدت كليتك اليمنى، وأن جزءاً من الطحال مقطوع، وأن القفص الصدري لايزال مفتوحاً، هاه شرايك نسكّره لك؟
البيك باقر يستطيع بفتوى واحدة أن يفلّشك ويبيعك قطع غيار، أما إذا استخدم فتويين اثنتين فيا حرام مما سيجري لك أو عليك، لطفك يا لطيف، ستأتيه بنفسك حاملاً كليتيك وكلى أهلك وستقدمها إليه وأنت تعتذر عن القصور: سامحنا، الجود من الموجود… والتفليش اختصاص البيك، لا يجاريه فيه أكبر درعاوي في الصناعية. وهو دخل البرلمان بصندوق عدة صغير ليس فيه إلا 'درنفيس مربع وزرّادية'، ومنذ التحرير إلى اليوم ترأس من اللجان والملفات ما لا حصر له ولا خصر، وأهمها ملف تقصي حقائق الغزو وملف قروض المواطنين، وكلها أعمل فيها درنفيسه ثم باعها قطع غيار.
ولسوء حظ المجلس البلدي، مر البيك من هناك، واستخدم معه خطة الفتويين، طقة واحدة، وعينك ما تشوف إلا النور، جُرّد البلدي من أمواله وصلاحياته وهدومه، وتُرك عرياناً أباً عن جد، وأمسى كما يشاهده الناس الآن، أقرع من كل شيء، لا يمتلك ثمن سيجارته.
والمطلوب الآن ليس التصويت لأعضاء المجلس البلدي، لا، المطلوب وبسرعة مسح دموع المجلس البلدي أولاً، وإعادة ملابسه ثانياً، وإيداعه في دار رعاية الأيتام، إلى أن يسترد عافيته وأمواله، وما عدا ذلك ملحوق عليه… والله يجازيك يا بيك.
***
النائب الشكَّاء علي الراشد قال في لقاء صحافي أمس – رداً على مقالي عنه – إنني كاتب يتقاضى أجراً، وهو بذلك يريد أن يوحي من طرف خفي أنني أكتب ما يُملى عليّ ولو خالف ذلك قناعتي نظير الأجر الذي أتلقاه، بينما هو يعمل في المحاماة إضافة إلى عضويته في البرلمان، و لا أدري هل الأتعاب التي يتقاضاها من موكليه تدفعه إلى تغيير مبادئه؟، ثم إنه يعلم كغيره أن خطّي السياسي 'على حطة ايده'، لم يمسه سوء مهما تغير مكان زاويتي الصحافية، في حين أنّ خطه السياسي مثل المركب الشراعي، وإن لم يصدق فليسأل أقرب المقربين.
رائحة نفط
ليس بين النواب الخمسين من يعرف القطاع النفطي وقضاياه حق المعرفة مثل النائب خالد السلطان، فخبرته مع مختلف الانشطة البترولية، منذ تاريخ اول شركة كبيرة قام بتأسيسها للعمل في مجال الخدمات النفطية قبل اربعين عاما تقريبا، وحتى ارتباطاته وعقوده وعمله الواسع الانتشار مع مختلف الجهات البترولية في الدولة، تجعله بحقٍّ الخبير البرلماني الاول، والاكثر تأهيلا لمعالجة اوضاع القطاع البترولي المتردية وتحسين القليل الجيد منها، كما ان معرفته تلك تجعله المتحدث الاكثر دقة وصلاحية لمناقشة القضايا النفطية، ولكنه اختار -في هذا المجلس، وعضويته في المجالس السابقة- عدم التصدي لوزارة النفط، او مصافيها او محطات تكريرها، لتعلّق مصالحه بتلك الانشطة.
فبقاء الاوضاع النفطية -من مراكز تجميع ومكامن ومصافٍ ومخازن وخزانات وانابيب نفطية وصيانة مصانع التكرير- على ما هي عليه من تردٍ وخراب، هو في مصلحة اطراف كثيرة تعمل مع الشركات النفطية، ولكن جميع هؤلاء لا يلامون على سكوتهم، فليس مطلوبا منهم اطلاق اي اشارات تحذير او لفت نظر للحكومة عن اي تقصير او خراب، فهذه المهمة هي من صميم واجبات ادارات المؤسسات والشركات النفطية الحكومية، اضافة الى الجهات الرقابية والمحاسبية في الدولة. وهنا يأتي تضارب المصلحة بين الدور المطلوب من النائب القيام به كمراقب للعمل الحكومي وكمشرع، وبين مقاولاته واعماله ومصالحه التجارية مع الجهات المطلوب منه مراقبتها، ولكن لمجرد ان السيد السلطان كان امينا عاما لحركة سلفية «مطهرة» وكونه شديد الخشوع والتدين والزهد في مباهج الحياة، فقد كان متوقعا منه موقف اكثر نكرانا للذات واكثر مسؤولية تجاه هذه القضايا الحيوية والشديدة الاهمية، والا يترك مصالحه التجارية تطغى على مصلحة وطنه، وان يعترف بأنه لم يحاول يوما وضع كل خبراته «النفطية» العريضة والعميقة بتصرف المجلس. وربما يعتقد البعض ان سؤاله الاخير لوزير الطاقة، والشديد التشعب، والذي تأخر لاكثر من 20 سنة، يمكن ان يجيب عن تساؤلاتي، ولكني أشتمّ من السؤال امورا كثيرة اخرى اتركها لحكمة القارئ وذكائه!
* * *
• ملاحظة:
ذكر الصديق عيسى العيسى انه ارسل نص خبر، نشر في جريدة الوول ستريت الأميركية، في بداية تسعينات القرن الماضي، عن قيام الحكومة السويدية بخصخصة بورصتها وجعلها شركة مساهمة لتصبح بعد فترة قصيرة الافضل في العالم اجمع، مما اهلها لبيع خبراتها لدول كثيرة.
ويقول انه ارسل الخبر لاربعة وزراء تجارة، وبعد مرور 15 عاما قررت بورصة الكويت التعاقد مع البورصة السويدية لتطوير نظامها. ويقول العيسى انه يتمنى ان ينتهي الاتفاق على خير، لكنه، حسب خبرته وتجاربه، يشك في ذلك!
أحمد الصراف
habibi [email protected]
حين يعشق المسئول…»الوشاية»!
قد تنتابك حال من الضحك الهستيري إلى درجة البكاء وأنت تستمع إلى معاناة موظف أو موظفة وقعا تحت نيران «المسئول» وقصفه المستمر، بسبب «وشاية» نقلها إليه أحد الموظفين أو الموظفات من «ناقلي الكلام والفتانين كما نقول بالعامية»، ومن دون تَثبُّت من صحة النقل أو عدمه، فتنتفخ أوداج المسئول ويستشيط غضبا ويجعل الموظف المتهم هدفا لتشفية الغليل فيحرمه من الترقية، ويضيق عليه الخناق، وقد يكتب التقرير تلو التقرير عن سوء أداء الموظف.
ولن تستغرب حين تسمع أن بعض المسئولين يوظفون إمكانات بعض موظفيهم لا من أجل المزيد من الإنتاج وتطوير العمل، ولكن من أجل المراقبة والترصد ونقل الكلام، حتى أننا أصبحنا نسمع كثيرا مصطلح «مخابرات المدير»، وهم مجموعة من الموظفين والموظفات يبدأون يوم عملهم بحمد الله والثناء عليه وقراءة بعض الأذكار والأدعية الصباحية المأثورة، ويرجون من الله الخير الكثير والرزق الحلال، ثم يتوجهون على بركة الله، لتشغيل آذانهم جيدا، فيصغون حتى للمكالمات الهاتفية لزملائهم، وينقلون ما صح وما لم يصح، للسيد المدير، ويا ويله يا سواد ليله ذلك الموظف أو تلك الموظفة من «لا تشتهيهم مخابرات المدير ولا يواطنونهم في عيشة».
قبل عدة سنوات، وقبل أن ينتشر استخدام البريد الإلكتروني، كتبت تحقيقا صحافيا كان عنوانه «الرسائل الصفراء»، وتلك الرسائل كانت عبارة عن وشاية تصل إلى مكاتب بعض المسئولين من مصادر مجهولة، وفي مضامينها الكثير الكثير ما يندى له الجبين، فمن اتهام لمسئول ما بالطائفية، إلى تشويه سمعة موظف أو موظفة، إلى كشف عمليات سرقة واختلاسات ومن بين تلك الرسائل، هناك الكثير من محاولات الإطاحة بموظف أو موظفة عبر معلومات هي في غالبها مكذوبة، ولكن، الغريب في الأمر، أن بعض الجهات، حكومية وخاصة، من انتشرت فيها الرسائل الصفراء، كانت تحقق بشراسة مع الموظف أو الموظفة (المقصود) في الرسالة مجهولة المصدر، وكأن كل ما ورد فيها صحيح، ويلزم على من أنكر أن يأتي بالبيِّنة! يعني أن المتهم هو الذي يتوجب عليه تقديم البيِّنة، وليس المدعي قطعا لأنه… مجهول!
بعد انتشار البريد الإلكتروني، أصبح من السهل إرسال عدد لا متناهٍ من الرسائل الصفراء، أو الوشاية بأسلوبها التقني الجديد، من خلال مرسل مجهول أيضا، يستخدم ما طاب له من الأسماء المستعارة، ومع ذلك، وقع الكثير من الموظفين والموظفات في دائرة التحقيق والاتهام، وكان لزاما عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم ويقدموا الأدلة والبراهين والبيِّنات، ولا ندري هنا، هل المضحك هنا هو عقل المسئول الذي صدَّقَ وآمَنَ، أم ذلك الموظف الذي وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه وهو في سبحانيته؟
هذه الممارسات لا تزال قائمة في بعض أماكن العمل، وستستمر قطعا، لكن، من ينصف الموظف أو الموظفة من الظلم؟ نعلم جيدا أن من يتوكل على الله فهو حسبه، وستظهر الحقيقة وينتصر المظلوم ولو بعد حين، إلا أن الغريب في الأمر، كيف يُصدِّق مسئول في منصب قيادي، يحمل أعلى الشهادات والخبرات مثل هذه الممارسات الخبيثة السيئة؟ وكيف يرضى أحد المديرين على نفسه، أن يُنكِّل بموظف أو موظفة لمجرد استماع وشاية أو تسلُّم بريد الكتروني من مصدر مجهول؟ ولماذا يخشى مسئول ما من جمع الناقل والمنقول عنه وجها لوجه لتظهر الحقيقة؟
والسؤال الأخير: «هل أنت أيها الموظف المحترم من المقربين من مخابرات المدير أم لا؟ إذا كانت الإجابة بـ «لا»، فاستخدم شريطا لاصقا تضعه على فمك بداية الدوام ولا تنزعه إلا على مائدة الغداء مع عائلتك بعد عودتك من العمل… أبرك لك»
نداء من ندا
تقول الشاعرة والدكتورة سيلفا بوتويان ان ندا سلطان نادتها الحرية لتكون شهيدتها، بعد ان اغلقت بنادق الطغاة.. من شباب العقيدة عينيها الجميلتين الى الأبد!!
ففي صباح 20 يونيو سقطت ندا شهيدة الانتفاضة الايرانية، في ساحة «هفت تير» ذات الرمز الثوري، وبرصاص «اسلامي معمّم»، ولم تكن ندا قد تجاوزت السابعة والعشرين من العمر وقتها، اي من عمر ثورتها التي ضحى والدها بالكثير قبل 30 عاما لكي تنجح، وهي الثورة التي قامت من اجل الحرية والكرامة ولقمة الخبز الشريفة والاستقلال ونصرة مظلومي الشعب الايراني، ومن اجل اغلاق سجون الشاه والتخلص من بطانته الفاسدة، ولإنعاش الاقتصاد وعودة المهجّرين، والعفو عن الهاربين والمحكومين السياسيين واتباع العدالة في توزيع ثروة الوطن، ولكن بعد 30 عاما ماذا نرى أمامنا؟
نعم نجحت الثورة الخمينية المباركة في القضاء على نظام السافاك، او البوليس السري، واعدمت قادته، ولكن سرعان ما خلق نظام الخميني الديني نظاما اكثر قسوة وبطشا منه، فأي حكم ديني مخالف للطبيعة البشرية بحاجة لجهاز عسكري ليحميه. وهكذا عاد السافاك بعباءة دينية اكثر تعطشا لسفك الدماء، لأن ما هو مطلوب منه حمايته الآن اصبح اكبر من شاه واخطر من امبراطور، بعد ان اصبح «المرشد الأعلى» جزءا لا يتجزأ من العقيدة والمذهب وبحاجة لمن يبقيه، عشرات الأباطرة الصغار الآخرون أحياء يرزقون في القصور والمجالس والحوزات.
ومثلما نجحت الثورة في مصادرة ثروات ومصانع وشركات كل اولئك الذين أثروا، بطريقة مشروعة او غير ذلك، اثناء فترة حكم الشاه ووالده، نجحت كذلك في تضييع هذه الثروات وتخريب تلك المصانع عندما وضعتها جميعا تحت مظلة واحدة باسم «المحرومين» خالقة بذلك أكبر كيان تجاري فاسد في العالم.
ومثلما نجحت الثورة في اخلاء كل سجون الشاه من عشرات الاف المعتقلين السياسيين المناهضين للنظام السابق، فانها نجحت كذلك في احلال اعداء الثورة محلهم من معارضي نظام الملالي، وما أكثرهم، واصبح سجن «نيفين» الرهيب عنوانا لبطش النظام ودكتاتوريته.
كما نجحت الثورة في أيامها الأولى في اعادة الكرامة للمواطن الايراني الذي كانت مسلوبة منه، ولكنها عادت وسلبته كل ذلك بحجة المحافظة على النظام من اعدائه في الداخل والخارج. وبعد 30 عاما لا يزال حلم الايراني هو في السفر الى الدول الخليجية للرواح عن النفس، شراء وبيعا، او الهجرة لأوروبا أو أميركا.. وللأبد!!
يقول آية الله المرشد ان المتظاهرين يخطئون عندما يعتقدون ان بإمكان الشارع تغيير نتيجة الانتخابات، ونسي «عظمته» أن تظاهرات الشارع قبل 30 عاما هي نفسها التي قوضت أركان النظام السابق الفاسد، وأوصلته هو بالذات الى سدة الحكم ليقول ما قاله.
قد لا تعاد الانتخابات، وقد لا يصل موسوي لرئاسة الجمهورية، وربما سيتم اغتياله في نهاية الأمر، ولن يصل رئيس لأي منصب مرموق من دون موافقة المرشد الأعلى المهيمن على مقدرات البلاد، والذي لا يمكن لأي رئيس جمهورية القيام بشيء من دون رضاه وقبوله، ولكن مع هذا فان عرش العمائم السوداء قد بدأ بالاهتزاز ومصيره السقوط عاجلا أم آجلا!!
أحمد الصراف
habibi [email protected]