سعيد محمد سعيد

من العنف إلى «اللاعنف»… إنهم الشباب يا سادة ؟!

 

في الحراك السياسي النشط الذي تدور في فلكه بلادنا، مثلت فئة الشباب ولاتزال، شريحة حيوية للغاية، بل لا أبالغ حينما أقول إن المئات من الشباب، وجدوا أن لهم الحق في ممارسة دورهم في المطالبة بالحقوق المشروعة وفقا للأساليب السلمية، وكان لهم ما أرادوا، لكن الأساليب وكذلك النتائج كانت مختلفة ولم تكن تمثل منهجا واحدا أو أسلوبا واحدا. وفقا لذلك، شهدنا خلال السنوات الماضية حضورا لافتا للشباب في الحراك السياسي، وفي المشاركة في المسيرات والاعتصامات، وتنوعت ميول الشباب فيما يتعلق باتباع مسارات سياسية وقيادات ورموز دينية وسياسية… بدت واضحة في القرى أكثر منها في المدن، وكان من ضمن المشهد، وقوع اضطرابات وحوادث عنف راح ضحيتها أبرياء، واعتقال الكثير من الشباب والناشئة، وانحراف أعداد من الشباب عن المسار السلمي للمطالبة بالحقوق إلى المسار العنيف من حرق للإطارات وحاويات القمامة والمرافق الخدمية كأسلوب ضغط على الدولة وفق نظرتهم الخاصة بالمطالبة بالحقوق والتي سببت الكثير من العناء والعذاب لهم ولذويهم ولسائر المواطنين وللدولة، وكان من ضمن المشهد أيضا تبادل اتهامات بين الأجهزة الأمنية وبين بعض الناشطين والرموز الدينية والسياسية والحقوقية بشأن دوافع العنف والطرف البادئ به، وبرزت دعوات وقف العنف واحترام حقوق الإنسان وإيقاف القمع والعنف والاعتقال التعسفي والغازات المسيلة للدموع، مقابل دعوات للتصدي للممارسات العنيفة والأعمال المنافية للقانون التي يقوم بها بعض الشباب، المشهد بكله كان مرهقا للوطن وللمواطنين.

وفي الوقت الذي نشط فيه بعض الكتاب في إثارة النعرات الطائفية وانبرى بعض النواب لزيادة تأجيج الوضع بتصريحاتهم المعلنة تحت عنوان «حب الوطن والدفاع عنه والولاء للقيادة»، والمبطنة بنوايا الشر والتشكيك في الولاء والدفع للتنكيل بطائفة من أبناء الشعب، برزت أيضا كتابات رفضت العنف من أي طرف كان، ورفضت اسلوب خنق المبادرات والوسائل النافعة في إخراج البلد من احتقانه وأزمته، واحترام كل مواطن مهما كان انتماؤه المذهبي، وأن يكون كل طرف، الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والرموز والنواب والمواطنين بلا استثناء، ذوي مسئولية وطنية يتوجب على الجميع حملها بأمانة.

وكنت واحدا ممن أيدوا وشجعوا على الأساليب السلمية المطالبة بالحقوق بعيدا عن العنف والعنف المضاد، وتقديم مصلحة الوطن وأمنه واستقراره على أية مصلحة فئوية أو طائفية، وانتقدت كل الممارسات التي يقوم بها الشباب والناشئة من حرق وتخريب وتدمير خلاف ما تدعو له القيادات والرموز، وعلى ذات المسار، انتقدت الدعوات المبطنة بخبث للتنكيل بالمطالبين بالحقوق ونسبهم إلى جهات خارجية، وتأجيج المواطنين ضد بعضهم بعضا وانتهاك الحقوق وحرمان الناس من أمنهم في بيوتهم.

الصور المذكورة أعلاه من عموم المشهد ليست خافية على أحد، لكن لا يمكن أن نتجاهل المبادرة الملكية السامية من قبل جلالة عاهل البلاد بالإفراج والعفو والتي جاءت كخطوة تجديدية جوهرية أعادت للبلاد استقرارها وطمأنينتها وأيضا، حفظت للناشطين السياسيين والرموز حقوقهم في ممارسة دورهم في إطار الجهد الوطني الذي سيكون النضال فيه طويلا وشاقا من دون شك، على ألا يخرج عن إطار شرعية الدولة وشرعية مؤسساتها واستقلالها واستقرارها، وأيضا، الحقوق الدستورية لكل مكوناتها وطوائفها؟

بعد كل هذا التقديم، وقد عاد الهدوء والاستقرار للبلاد ولله الحمد، بفضل من الله ونظرة جلالة الملك الأبوية وجهود العلماء الأفاضل والشخصيات والوجهاء من كل التيارات، هل لنا نتساءل عما تم إعداده لعدم عودة صور الاحتقان والاضطراب الى مجتمعنا؟ وهل أعدت الجهات ذات العلاقة تصوراتها بشأن فئة الشباب تحديدا، ورصدت احتياجاتهم، المعيشية والوظيفية والتعليمية والحياتية بشكل عام؟ أم هي مرحلة سبات وإهمال غير مسئول؟

الحديث عن احتضان الشباب ورعايتهم وتوفير متطلباتهم حديث يطول كثيرا، على أن من المهم أن تتوقف الأصوات النشاز، والهدوء يعم البلد، عن النعق بما يثير الناس ويوغر الصدور ويؤجج الوضع إلى الاتجاه السلبي الذي لا يبتغيه أحد.

وللحديث الطويل، بقية

سامي النصف

لأجل الغد أحسنوا الاختيار اليوم

في البدء عليك الا تتقاعس عن المشاركة في الاقتراع فليس هناك أمر أهم من ذلك الاستحقاق الوطني خاصة اذا ما كنت من «الناخبين الاحرار» الذين لا يصوتون الا وقد وضعوا مصلحة الكويت ومستقبل ابنائها نصب اعينهم.. ولا شيء غير ذلك!

وتذكر قبل ان تدلي بصوتك انك تتردد كثيرا في اعطاء وكالة لأقرب مقربيك لشراء سيارة او اي سلعة كمالية اخرى، لذا لا تستسهل اعطاء وكالة عامة منك لمن ستؤثر قراراته ومواقفه على مستقبل بلدنا للسنوات الاربع القادمة ولربما للأبد.

ان الكويت في هذا اليوم العظيم تستحق منا ان نصوت لها بعقولنا لا بقلوبنا وبحسنا الوطني لا بعاطفتنا وان نقدم الغريب على القريب، اذا ما كانت مصلحة الكويت تقتضي ذلك، فنحن نعيش في دولة دستور وسيادة قانون لا تحوج ان يكون لنا قريب او حبيب تحت قبة البرلمان اذا لم يكن مؤهلا لذلك العمل.

والظلم ظلمات لذا علينا الا نظلم احدا بناء على الاشاعات والأقاويل المرسلة، فالمحاكم لا تقبل بمثل تلك الادعاءات غير المثبتة، فكيف نحكمها في اختياراتنا المصيرية؟! ان مقياس الاختيار الحقيقي يجب ان يبنى على الامانة والحكمة والتجرد والكفاءة والذكاء والقدرة على العطاء فلنجعل تلك الامور هي مسطرتنا الوحيدة كي نسعد ويسعد بلدنا بنا وننام ونحن مرتاحو الضمير.

للعلم، الانتخابات لم تحسم بعد والاستفتاءات تعطي دلالات الا انها لا تثبت حقائق على الارض خاصة مع شعب يصل اغلبه الى صندوق الاقتراع وهو لم يحسم امره بعد، لذا لا تجعل خيارك اسير ارقام غير مثبتة بل حكّم العقل والضمير لا العصبية والقرابة وتوكل على الله وصوت.

آخر محطة:
محاربة الفساد التشريعي الذي انتشر واستفحل تقتضي انتخاب النساء، لذا لا تنسوا المرشحات معصومة وفاطمة وسلوى ورولا وأسيل وذكرى وفقكم الله و… وفقهن!

 

احمد الصراف

سأخرج من بيتي

سأخرج من بيتي صباح اليوم وسأتوجه الى مركز اقتراع منطقتي لأؤيد وأصوّت لانتخاب:
رولا دشتي وأسيل العوضي.
وسأذهب بعدها الى المناطق الانتخابية الأخرى، حاملاً باجات وصور لطيفة الرزيحان ومعصومة المبارك وفاطمة العبدلي وسلوى الجسار وذكرى الرشيدي.
وأدعو الى انتخابهن للمجلس المقبل. وسأعود الى البيت مرهقا، متمنيا من كل قلبي وصولهن الى المجلس المقبل، لكي نتباهى أمام العالم أجمع برقينا وتحضرنا الإنساني!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

محمد الوشيحي

دعقة

"اللهم احفظ الدائرة الثالثة بعينك التي لا تنام، اللهم يا رب وأنت تعلم أنها كل رصيدنا في الكويت، وهي (اللي حيلتنا)، فأطل عمرها على حساب أعمار الدوائر الأولى والثانية والخامسة"، أما الرابعة فهي دائرة "هكّا وهكّا"، على رأي الليبيين، لا هي بالفاتنة كالدائرة الثالثة، ولا هي بالقميئة كالدائرة الخامسة، الله يزيد النعمة، ولا هي بالماصخة التي تخلو من النكهات جميعها، كما هي الدائرة الثانية، دائرة الرز الأبيض المسلوق الحاف، التي تحدد اجتماعات أوبك نتائجها، فلا علاقة لنا بالثانية أبداً، أسعار النفط هي التي تدلي بأصواتها، والبراميل هي التي تقف في طابور الاقتراع، وسعر صرف الين الياباني هو المفتاح الانتخابي! هي دائرة لا تنتمي إلى "عاداتنا وتقاليدنا".

ولا أغبط أحدا كما أغبط ناخبي وناخبات الدائرة الثالثة التي تقدم بوفيها مفتوحا من المرشحين، بينما تقدم لك الدائرة الخامسة "تمرا بالمرق" فقط، إن شئت فتفضل باسم الله، وإن لم تشأ فـ "خذ الشارع الفرعي يسار" وهناك يمكنك أن تتضور جوعا بعيدا عن الزحام… يمينا بالله، لم أجد أكثر من مرشحين اثنين "يستحقان" التصويت في الخامسة، وعلى مضض، أو قل على مرض.

في الخامسة والأولى، يتزوج أحد أبناء العوائل المتفرعة من بعض القبائل أو الطوائف، فينجب أبناء ثلاثة، ويحدد لكل منهم مستقبله: هذا مهندس، وهذا طبيب، والثالث عضو مجلس أمة! حتى لو عجز "عضو المستقبل" عن تأمين حياة كريمة للعنزتين "عِطرة ودِعقة". ومن يلوم الأب وهو الذي "يحتكم" على أكثر من عشرة آلاف صوت مبحوح، أو مقطوع، يأتمرون بأمره، خوفاً وطمعاً. وليس أمام البعض في الدائرتين الأولى والخامسة، في الأغلب، إلا أن يستجدوا والد هؤلاء الأبناء الثلاثة كي يدفع أحدا آخر من أبنائه غير هذا القائد الهمام الذي أضاع العنزتين.

الآلام في الخامسة والأولى لا يجدي معها إلا الطواف حول الكعبة، ورفع الأيدي في الأسحار: "اللهم إنهما ظلمتا الكويت فانتقم، اللهم اقصف عمريهما، ولا تأخذك بهما شفقة ولا رحمة يا عظيم يا جبار"، ثم أكمل طوافك وارفع يديك بالدعاء للثالثة: "اللهم إنها سيدة الدوائر، والمرشح فيها لم يستيقظ من نومه فيجد الآلاف تدعمه من دون جهد منه، بل هو يكح ويسعل كي يحصل على صوت، اللهم وأنت تعلم أنها دائرة تعتمد على النخاع المستطيل، واللسان الجميل، لا هو بالطويل ولا بالثقيل، والقلب الذي لا يعرف المستحيل، اللهم إنا نعتمد عليها بعد اعتمادنا عليك فاحفظها للكويت ومستقبلها، آمين".

سامي النصف

السرحان ومجلس الأعيان

قرّت عين اهل الكويت بوصول صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد – حفظه الله – الى ارض البلاد من الصين، وسمو الشيخ ناصر المحمد من رحلة العلاج في الخارج، فالحمد لله على سلامة الوصول ونورت الكويت.

تحدث الحكيم العم احمد زيد السرحان للزميلة نورة جنات في صحيفة «الوطن» ومما اقترحه انشاء مجلس اعيان في البلد وقد اعترض الزميل احمد الديين على ذلك المقترح في وقت لا نرى اي خطأ فيه كونه مطبقا في الاغلبية المطلقة من دول العالم الاخرى التي تأخذ بنظام المجلسين.

ان صلاحيات الاعيان لن تستقطع ـ للعلم ـ من صلاحيات مجلس الامة التي ستبقى كاملة غير منقوصة بل ستمنح من صلاحيات الاطراف الاخرى، ومعروف ان المستفيد الاكبر من مجالس الاعيان في العالم اجمع هم المثقفون والحكماء والمفكرون واصحاب المهن والاختصاصات المختلفة والاقليات السياسية كالليبراليين واليساريين والمستقلين والاجتماعية كالشرائح والقبائل والمذاهب الصغيرة ممن قد لا تخرجهم الانتخابات الشعبية.

وفكرة كهذه تحتاج الى نقاش ديموقراطي هادف يتم بعقول مفتوحة وضمائر حية تستهدف مصلحة الكويت في الحاضر والمستقبل بعيدا عن المزايدات المعتادة واسلوب الرفض المسبق اي قبل المداولة، وكم من امور رفضت في بلدنا ثم بكى عليها رافضوها دما فيما بعد.

وقد نشأ دستور الكويت في الاساس على فكرة تقاسم السلطة بين سمو الامير والمجلس التشريعي المنتخب وقد قام الاخوة النواب خلال الـ 45 عاما الماضية باستخدام السلطات التي منحهم إياها الدستور، ومنها الاستجواب، الى حدودها القصوى بل قفز البعض منهم في كثير من الاحيان الى صلاحيات الآخرين، وأحد واجبات مجلس الاعيان النظر في المواد المناطة بالجهات والسلطات الاخرى وتفعيل ما لم يفعّل منها.

كما يعمل ذلك المجلس الذي يمكن ان يضم الكثير من حكماء وعقلاء واكفاء اهل الكويت على فلترة القوانين والتشريعات ومناقشة الميزانيات قبل احالتها لمجلس الامة حتى لا تصل لهم الا مكتملة الاركان دون ثغرات فيها ولا يصبح هناك خلاف بين مجلس وحكومة يدغدغ المشاعر ويثير الازمات بل تباينات صحية بين مجلس ومجلس كحال الديموقراطيات المتقدمة الاخرى.

آخر محطة:

(1) مهام واعمال اعضاء مجلس الاعيان او المجلس «التشريعي» الثاني تختلف تماما عن طبيعة اعمال الوزراء (التنفيذيين) في الحكومة لذا لا يصح القول ان الوزراء المعينين في الكويت يمكن لهم ان يقوموا بأعمال المجلس التشريعي الموازي.

(2) عنوان مقال أمس «المهالك في فوضى الممالك».

احمد الصراف

متى يحين يوم الرحيل؟

يقول أدريان روجرز (1931 ـ 2005)، وهو مفكر كنسي أميركي معروف، إننا لا نستطيع ان نشرع حرية الفقير من خلال تشريع آخر يسلب الغني حريته، فعندما يحصل فرد على دخل من غير عمل، فإن هذا يعني ان فردا آخر يجب ان يعمل من دون ان يحصل على شيء. فالحكومات لا تستطيع ان تعطي أحدا شيئا ما لم تأخذ قبلها ذلك الشيء من شخص أو طرف آخر، وعندما يصبح لدى نصف الشعب اعتقاد، أو فكرة، ان بإمكانهم عدم القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر يقوم بأداء العمل نيابة عنهم، وعندما يترسخ الاعتقاد لدى نصف الأمة ان ليس من المجدي القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر سيحصل على نتيجة جهده في نهاية الأمر، هنا، تبدأ نهاية أي أمة، فليس بالإمكان مضاعفة الثروة بتقسيمها!
***
ولو قمنا بتطبيق الأمثلة الحية اعلاه على أوضاعنا في الكويت، لرأينا ان كل نصف فيه، وما أكثر «أنصاف» مجتمعنا الصغير، يدعي بأنه صاحب الفضل الأكبر على الآخرين، وما الآخر إلا متطفل أو طارئ! أو انه النصف أو المجموعة الوحيدة التي تعمل، اما الآخرون فلا يفعلون شيئا. أو ان هذا النصف منتج، والآخر مستهلك فقط! أو انه يقوم بأشق الأعمال، ولا يحصل إلا على الفتات، والنصف الآخر بالكاد يعمل ويحصل على كل شيء تقريبا.. وهكذا الكثير، وهذا ناتج بطبيعة الحال من الخلل في تركيبة المجتمع من جهة، وفي سوء المناهج الدراسية من جهة أخرى، إضافة إلى غياب نظام ضرائب حديث وعادل، وايضاً لما للبيئة الصحراوية من تأثير سلبي على تصرفاتنا. فالماء والكلأ لا ينتظران، ومقولة «خذ ما أتخذ» السائدة في المجتمع حاليا لم تأت من فراغ، بل هناك ما تسبب في ظهورها وتجذرها، فالماء في الصحراء ان لم يشرب ويستفد منه في اليوم نفسه سيتبخر سريعا، ولا مجال لادخاره للأجيال القادمة، وكذا الأمر مع الكلأ، أو العشب الأخضر، فإن لم يؤكل، أو يستفد منه فورا، فستأتي شمس اليوم التالي وتجعله أثرا بعد عين، وهذا يعني أننا لم نعتد، ولاسباب كثيرة على فضيلة الادخار وحساب رفاهية الاجيال القادمة، فنحن، وبالرغم من ثرائنا المادي، فإننا نفتقد للثراء البشري، ولانزال نعيش على مبدأ «من اليد إلى الفم أو From hand to mouth!»، ولو استمرت مطالبات نواب مجلس الأمة المقبل كمطالب نواب المجلس السابق، والتي لم تكن تخرج، طوال سنة تقريباً، عن فكرة خذ ما اتخذ، بتوزيع المال على الجميع، واسقاط القروض عن الجميع، واعطاء بيوت السكن للجميع وإلغاء قوائم الكهرباء عن الجميع، فإن نهاية المجتمع المدني سوف لن تكون بعيدة كثيرا! ومن هنا تأتي ضرورة اعطاء الصوت الانتخابي لمن يؤمن بالغد بقدر ما يؤمن باليوم، وليس هناك من هو أكثر حرصا من المرأة في التفكير والاحتياط لمستقبل الوطن، فمن خلال هذا الحرص يمكن تأمين مستقبل الأبناء والازواج والآباء والأمهات والاخوة والاخوات، وان فشلنا في ايصال امرأة إلى البرلمان المقبل، فإن هذا سيعجل في قدوم يوم الرحيل.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

عن أي «أمن اجتماعي في البحرين»…نتحدث؟ (2)

 

أشرت يوم الأحد الماضي، في الحديث عن الأمن الاجتماعي في بلادنا، إلى عدم وجود مبادرات حقيقية وفاعلة ترتبط بتعزيز الأمن الاجتماعي، واختتمت بالقول إن مسئولية الحفاظ على الأمن الاجتماعي لا يمكن أن تكون مسئولية الدولة وحدها، ولا هي مسئولية مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والرموز السياسية وحدها، وقبل أن أجيب على سؤال: «كيف نعالج قضية الأمن الاجتماعي في مجتمعنا؟»، لابد من شيء من التمهيد.

إن الأمن الاجتماعي قيمة عظيمة لا تقل أهمية عن وجود الإنسان في هذه الحياة، وأن الأجهزة الحكومية تتقاسم مع الأفراد المسئولية في تحقيق الأمن الاجتماعي، ويتحمل كل طرف منهما جانبا من تلك المسئولية، وتعتبر مؤسسات الدولة والأجهزة الحكومية عاملا أساسيا في تحقيق الأمن الاجتماعي والتماسك الداخلي والمنعة الخارجية.

ومن وجهة نظري المتواضعة، أرى أنه من الأهمية بمكان أن يكون للأسرة إسهام في بناء الأمن الاجتماعي بتربية الأبناء على الحب والوئام والمواطنة الصالحة، ولا بد من أن تدعم الدولة الأسرة من ناحية علاج الفقر من خلال مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ويتوجب على الإعلام الوطني وقف كل الممارسات الإعلامية والكتابات التي تؤجج وتحرض وتثير العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع الواحد.

لهذا، فمن الضرورة بمكان أن يكون لدينا توجه إعلامي وثقافي يجسد الوحدة الوطنية ويضع الأمن الاجتماعي نصب عينيه، فهذا الأمن ينبغي أن يشمل كل من يتعرض لتهديد أو خطر أو إهمال في نفسه أو صحته أو حقه في الحياة الكريمة الآمنة لأي سبب كان، فيشمل الأسر المعوزة والأرامل والمطلقات والمسنين والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين نفسيا أو جسديا أو عقليا، وإعانة المحتاجين وحماية الطفولة والأسرة والأحداث.

ولا تنفصل مسئولية الأجهزة الحكومية في تحقيق الأمن الاجتماعي عن حلقات الأسرة والإعلام والمؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية، ويتمثل ذلك في تمكين المواطنين من حرية الرأي، وتفعيل المشاركة السياسية، والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير التعليم والخدمات الصحية لعموم المواطنين، لكن مهما يكن من أمر، فإن إشاعة ثقافة الأمن الاجتماعي بين أفراد المجتمع هو السبيل الأمثل لتحقيقه من خلال المناهج التعليمية ووسائل الإعلام والثقافة المختلفة.

سامي النصف

المهالك في خوض الممالك

كانت مصر ما قبل عام 1952 جنة من جنات الأرض وباريس أفريقيا كما كانت تسمى، حيث كان يعمل بها ملايين الأوروبيين والعرب الآخرين وكان ابناؤها يدرسون في ارقى الجامعات العالمية، كما كان يصطاف ساستها وكتابها وموظفوها في اوروبا، وكانت صناعاتها ومولاتها تضاهي ارقى الصناعات والاسواق الدولية حتى ان المانيا واليابان ارسلوا خبراءهم ومختصيهم لدراسة وتقليد الحالة المصرية.

وكانت ممالك مصر وليبيا والعراق تنعم بالديموقراطية والحريات الاعلامية والاحزاب وقد انتهى ذلك العيش الرغد والرفاه الى ديكتاتوريات قمعية تسعد بقتل شعوبها وتشريد ابنائها فتحول امنهم الى خوف وشبعهم الى جوع وغناهم الى فقر وسفرهم المؤقت للمتعة الى اغتراب وعذاب دائم، فما الذي حدث؟

هناك وصفات سياسية مجربة ما ان تأخذ بها الدول حتى تتحول صحتها الى علة وسعادتها الى تعاسة، واهم عناصر تلك الوصفات المميتة هي افشاء حالة «الظلم الكاذب» بين الناس عبر اشعار الجميع بالمظلومية فكل موظف مظلوم لأنه لم يصبح مسؤولا حتى لو لم يمض على عمله الا اشهر قليلة، وكل مسؤول مظلوم لأنه لم يصبح مديرا حتى لو كان اداؤه والكرسي الذي يجلس عليه.. واحدا.

وكل مدير مظلوم لأنه لم يصبح وكيلا، وكل وكيل مظلوم لأنه لم يصبح وزيرا وكل وزير مظلوم لأنه لم يبقى في الوزارة للأبد، ويمتد ذلك الشعور الكاذب بالظلم للآخرين، فيشعر من يملك آلافا بأنه مظلوم كونه لا يملك المليون، ومن يملك المليون مظلوم لأنه لا يملك المائة مليون، كما يشعر صاحب المائة مليون بالظلم الشديد والحزن الدائم كونه لا يملك المليار، وقد وصل ذلك الشعور المدمر بالظلم حتى للأسر الحاكمة ذاتها كما حدث مع الأمراء عبدالإله في العراق ومحمد علي في مصر وابناء الشريف احمد في ليبيا.

ويتحول شعور القهر والظلم الكاذب من ظاهرة مؤقتة الى حالة مرضية دائمة خاصة مع غياب الجهد الحكومي لإظهار الحقائق وتصحيح تلك المفاهيم المغلوطة، فإن اعطت الدولة مائة دينار قيل لماذا لا تعطي مائتين؟ وان طبقت القانون وازالت المخالفات شعر المخالفون بالظلم، وان لم تطبقه شعر الناس الآخرون بالظلم كذلك، ان الدول لا تسقط بل تتآكل، واكبر معاول التآكل والهدم هو افشاء مفهوم «دولة الظلم واللاعدل» في المجتمع كما يقول بذلك كثير من المرشحين دون ان يعرفوا تبعة ما يقولون، وكم من جرائم ترتكب لأجل الوصول الى الكراسي الخضراء.

آخر محطة:
تعاملت مع المرشحة د.معصومة المبارك ابان تسلمها مقاليد الوزارة وشاهدت عن قرب قدراتها فوق المعتادة في العمل، وزرت ادارة المرور مرات عديدة وشاهدت عن قرب امانة وكفاءة المرشح د.عبدالله الطريجي. وفّق الله الاثنين وأرانا اياهما تحت قبة البرلمان نائبين أو وزيرين او.. الاثنين معا.

احمد الصراف

تاتشر والسلف والمرأة

«ستمر سنوات.. وحتما ليس في أيامي، قبل أن تصبح المرأة رئيسة وزراء»! هذا ما قالته مارغريت تاتشر عام 1969. وبعدها بعشر سنوات فقط أصبحت هي بالذات أول رئيسة وزراء في تاريخ بريطانيا!! وفي أوج الصراع الدموي الذي دار بين أنصار التمييز العنصري في جنوب افريقيا وبين الحركة الوطنية الافريقية، بزعامة نلسون مانديلا قال القس ديز موند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام، ما معناه: ان سياسة الفصل العنصري ستنتهي لا محالة، والحكم سيؤول للأغلبية الافريقية في نهاية المطاف، فلمَ لا ننقذ كل هذه الأرواح التي تضيع سدى في هذا الصراع الدموي غير المجدي؟ ولو نظرنا في الكويت مثلا لمواقف الحركة السلفية، سواء الأصلية منها، التي تلاشت وذابت، أو ما انبثق عنها وتوالد، فإننا نجد ان مواقفها قد تغيرت وتبدلت من أمور كثيرة كالممارسة الديموقراطية، أو مشاركة المرأة في الإدارة كوكيلة أو قاضية أو في الحياة السياسية كوزيرة أو كنائب. كما نجد ان جماعة السلف، ولأي تيار انتموا، ومعهم الاخوان، غارقون حتى رقابهم في اللعبة السياسية، ومتمتعون بصخبها وضجيجها وأموالها وبريقها ولمعان فلاشات وسائل إعلامها. كما نجدهم في كل حفل ووليمة وأمارات الاستمتاع بادية على وجوههم وهم يسيرون الهوينا بين الطنافس والغلمان من حاملي أواني البخور والدخان، ويستقلون السيارات الفارهة والطائرات الخاصة ولا يرفضون المعاملة المميزة اينما حلوا، على الرغم من التعارض الصارخ لكل هذه الأمور وللحاهم الكثيفة وآرائهم الجامدة وأفكارهم المتطرفة والغريبة! وهذا الافساد الذي اصابهم هو ما كان يخشاه كبيرهم المصري، الذي طالما حذرهم من الانتخابات والسياسة ومغرياتها ووهجها، ولمعان كاميراتها!!. نعود لموضوع التغير ونقول انه مادامت طبيعة الأمور في هذا العالم الذي نعيش تدفع بقوة لحصول المرأة على كامل حقوقها في الكويت وغيرها من الدول المتخلفة، عاجلا أم آجلا، فلمَ كل هذا العناد وهذه المكابرة وهذا الاصرار على الحاق الظلم بالمرأة حتى آخر يوم؟ أليس من الأجدر الاعتراف بالحق، والمبادرة بكسب احترامنا لأنفسنا من خلال احترامنا لأمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا؟ ألا تستحق أوطاننا علينا ان نجنبها كل هذا الصراع غير المجدي على توافه الأمور وصغائر القضايا وان نقتدي بالعالم الذي يسبقنا بسنوات ضوئية ونضع المرأة في المكانة الرفيعة التي تستحقها؟ الا تكفي كل تنازلات السلف والاخوان عن مواقفهم الأكثر تطرفا من المرأة، خلال السنوات الثلاثين الأخيرة على الأقل، لتؤكد ان التغيير آت لا محالة، وان من الأفضل حقن الدماء وتوفير الجهد والمال، بدل تضييع كل شيء؟ هل يعقل ان يأتي أحد السلف، المتخلفين سياسياً واجتماعياً، ليقول إن من يصوت للمرأة هو آثم، ليأتي زميل له فيقول عكس ذلك، وليصرح بأنها ان فازت كعضو في البرلمان فسيرفض السفر معها في وفد رسمي؟! هل سمعتم هرجا أكثر من هذا؟ وهل من المنطقي والصواب حقا اختيار أمثال هؤلاء ليمثلوا الأمة في مجلسها؟
فيا شباب الكويت وشاباتها، ويا نساء الكويت ورجالها ابتعدوا عن مرشحي الأحزاب الدينية، فيكفي ما نال الكويت منهم على مدى أكثر من 30 عاماً.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

محمد الوشيحي


 رولا انطوانيت

لو كان البرلمان الماضي رجلاً لكان الأسخف في طول البلاد وعرضها، ولو أنه جلس مع البرلمانات الماضية على صحن واحد لأكلوا نصيبه وبات جائعاً يشتكي لأمه توحش المتوحشين، وهو الذي كبرت أثداؤه من خدمة الديليفري، التوصيل المجاني، فتنصحه بالانضواء تحت بشت برلمان 92 أو بشت برلمان 96 ليضمن له أحدهما لقمة تسد رمقه عند تزاحم البرلمانات على الصحون، بشرط أن يجلس هناااك، كي لا يجرح أحد بشرته الحساسة.

ومع ذا ترتفع هذه الأيام بعض الأصوات المطالبة بوجوب زيادة كريمات البشرة للبرلمان المقبل، خوفا من أن يكون متوحشا تمساحي الملمس كما كان سلفه، في نظرهم… هم يريدونه برلمانا "شطّوراً" يفرق شعره من جهة اليسار ويزم شفتيه ويتابع السبورة ليحفظ الدرس، ونحن نريده برلماناً يدخل "الفصل" فينهض التلاميذ، فيتقدم هو بثقة ويمسك القلم الأحمر ليراجع ما كتبته الحكومة فيأمرها وينهرها ويزجرها لو شخبطت على كشكول الدولة، وعلى العَلَم المرسوم أعلى يسار الصفحة، كما هي عادتها.

***

لا أدري لماذا أجد أوجه الشبه بين النائب السابق خالد السلطان والمرشحة الدكتورة رولا دشتي أكثر من أوجه الاختلاف، رغم الفارق الكبير في الغلاف. شعور غريب، شعور بالخوف على فائض المال العام لو نجح هذان المرشحان.

أما خالد السلطان فـ"اسم نعرف ونرتاع منه"، وهو رغم ذا "ما يأكل خبزة" مع الدكتورة رولا… هذه المرشحة رئيسة الجمعية الاقتصادية الكويتية، هي ماري انطوانيت الكويت. دكتورتنا الفاضلة استخدمت أسلحة الدمار الشامل مرتين، الأولى في حربها ضد اسقاط فوائد قروض المواطنين، والثانية في حربها لتمرير قانون الاستقرار الاقتصادي بصورة تخجل فرسان البرلمان المستميتين لإقرار القانون، وانتصرت في حربيها، هكذا هم دائما الأقوياء. وبما أنها الآن مرشحة وقد تنجح، فأظنها ستجد حلا للمواطنين المعسرين… وجبة ماك تشيكن.

اللافت، أن أحدا لم يمر في شارع الدكتورة رولا دشتي، لكنها وبحبكة إعلامية محترفة، راحت تولول وتصرخ: الحقوا عليّ، فكوني من شرهم! فنفزع مرعوبين، ونتكالب على المكان، وفي يد كل منا هراوة أو سكين أو عصا، ونسألها: "من هم؟ وأين هم؟"، فتشير إلى هناك، فنتلفت ولا نجد إلا الفضاء الطلق يقسم لنا بأعظم الأيمان أنه لم يفعل لها شيئاً، ويشير بسبابته تجاه البحر: "يمكن هذا اللي ضايقها"، فندفع الفضاء ليسقط على ظهره، ونجري صوب البحر ونمسك بياقته ونهز كتفيه بشدة: "شفيك على البنيّة"، فيقسم لنا وهو يمسح دموعه مرعوباً أنه كان نائماً ولم يوقظه سوى صراخها وصراخنا، ثم يشير بسبابته تجاه الغبار، فنلتفت إلى الغبار فيعض طرف دشداشته وينحاش وهو يصرخ: مظلووووم.

وما بين الغبار والبحر والفضاء الفاضي، تُهنا وتاهت مراكبنا مع أكثر المرشحين والمرشحات على مر التاريخ ادعاء بالمظلومية من لا شيء… ويا كبدي على البسطاء من الناس إذا وصل السلطان وماري انطوانيت إلى البرلمان.