كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يقول جيمس ديوار «إن العقل كالمظلة، تقوم بعملها عندما تفتح».
***
أرتاد منذ ربع قرن تقريبا ديوانا مميزا يعود الى صديق عزيز. وكنت أعتقد حتى وقت قريب، ان ذلك المكان، بخليطه العرقي والقبلي والطائفي المتنوع، يمثل نموذج الليبرالية الوطنية التي ننشدها، خصوصا ان بينهم عددا من كتاب الزوايا الصحفية، الذين «دوش» الكثير منهم رؤوسنا، على مدى سنوات بطروحاتهم ونظرياتهم الليبرالية ووصفهم الآخرين بالتخلف والرجعية والعصبية. كما يوجد بين الرواد وزراء ونواب سابقون ومجموعة من الاكاديميين والفنانين والاعلاميين ورجال الاعمال، وجميعهم تقريبا من اصحاب «الأصوات المرتفعة» في الدفاع عن الليبرالية ومبادئها، ومن مهاجمي التيار الديني والشكوى من تسلطه على الحكومة وضرورة الاقتداء بأسلوبه في دعم المنتمين اليه(!!).
ولكن ما ان تعرض مدعو «الليبرالية» هؤلاء لامتحان بسيط خلال الانتخابات الاخيرة يتعلق بمشروع دعم مالي ومعنوي بسيط لعدد من المرشحات حتى ظهر جليا ان غالبية مدعي الليبرالية هؤلاء لا علاقة لهم بها، فليس هناك اهم من ايصال سيدة متعلمة ذات افق وفكر منفتح للبرلمان، ومع هذا لم تستجب الا قلة منهم. وقد ادى فشل غالبيتهم في الوقوف، ولو لمرة واحدة، مع مشروع ايصال ولو مرشحة واحدة الى البرلمان، وهو الفشل الذي سبقته محاولات فاشلة اخرى شبيهة به، اثره الكبير في مواقفي من الديوانية وروادها، فقد كانت الصدمة كبيرة في اليوم التالي بعد كل الدعم المعنوي والكلام الارتجالي الذي سمعته في الليلة السابقة عندما غادرت الديوانية عند انفضاضها، وكلي امل في أن هؤلاء الذين طوشونا على مدى ربع قرن بحديثهم عن الليبرالية سيقفون اخيرا مع التاريخ، ويقفوا، ولو لمرة واحدة ضد التيار الآخر المعادي لأسلوب حياتهم وتفكيرهم، او هذا ما اعتقدته في حينه! ولكني فوجئت ان ستة فقط، من اصل 30 استجابوا للفزعة، اما البقية فقد «حرصوا» على تجاهل مكالماتي ورسائلي الهاتفية!! أكتب ذلك متمنياً ألا يشمت «المحامي» بما حصل بيننا، ولو ان موقفه هو الآخر لم يقل سوءا، ان لم يزد!!
أحمد الصراف
habibi [email protected]
البعض لامني على مقالتي السابقة «ضاقت وفرجت»، بحجة طغيان التشاؤم واللون الأسود على ما سواه في المقالة، وأنه يجب أن أنثر التفاؤل في الأجواء. وأنا والله ليس بيني وبين التفاؤل ما يعكر الصفو، مجرد سوء فهم وسينجلي، لكنني أتحدث وأراقب وأنا على الأرض، بينما يلومني البعض وهو يشرب العصير مع الملائكة.
ومع ذلك، حاضر يا سيدي، سأتفاءل، أو على الأقل لن أدعو إلى التشاؤم، وسأضع باطن كفي على خدي الأيمن وأنتظر، ولن أنتقد الحكومة قبل ارتفاع الدخان الأبيض وإعلان تشكيلها، بل وفوق ذلك، لكم مني عهد ونذر ووعد إن جاءتنا حكومة ملو هدومها أن أرتدي هدومي بالمقلوب وأقف أمام مبنى «الجريدة» عرضة لتصوير المارة وتعليقاتهم الراقية، عقاباً لي وردعاً لأمثالي، لكن بالمقابل على المتفائلين، في حال تشكلت حكومة «طمام المرحوم»، أن يفعلوا الفعل ذاته، أي أن يحضروا إلى مبنى «الجريدة» ويقفوا أمام البوابة مرتدين هدومهم بالمقلوب، وسأتكفل أنا بالتصوير المريح… هاه، اتفقنا؟… الكلام المجاني مجاني، لا يسمن ولا يغني، تعالوا لنحسم الأمر بالرهان الذي شرحته، ولنقف على بوابة «الجريدة» في انتظار بيان تشكيل الحكومة.
ولا يعني تطعيم الحكومة بلاعب محترف أو لاعبين اثنين أن يكون الفريق قادرا على منافسة ريال مدريد ودفع الجماهير لملء المدرجات والتمايل على ايقاع تمريراته البرازيلية، لا يا صاحبي، حدثني عن فريق متكامل يسر الناظرين، أو على الأقل، فريق متكامل لكنه يعاني نقطةَ ضعف واحدة أو نقطتين، وسأوافق منشان عيونك.
شوف، سمو رئيس الحكومة وعَدنا بـ»حكومة قوية» هذه المرة، وكأنه يقول إنّ حكوماتي السابقة كانت ضعيفة، وإنّ ما مضى ليس إلا غشمرة في فنجان، وإنْ لم تنجح الحكومة القوية المقبلة فسيأتي بـ»حكومة حدها قوية»، ثم «حكومة حدها حدها قوية»، وسهرتنا صبّاحي.
وكي تكون الحكومة قوية، لا أظنها ستخلو من الوزير الإسفنجي الشيخ صباح الخالد، الذي ما إن تعصره عصرة خفيفة حتى يتناثر ماؤه، وإنْ تعصره أكثر يتناثر أكثر. وهو بالذات أداؤه مثل حظنا في حكوماتنا.
ولا أظنها ستخلو من الوزير أحمد باقر، الذي يكمن للفوائض المالية وراء الجبل، وعسى ما أنت فائض مالي وتمر أمام باقر، يقط اللي في ايده ويلحقك. ولا أظن الحكومة ستخلو من رمز القوة والمتانة، جي أم سي «يوكن»، الشيخ أحمد العبدالله الذي أزاحوه من الوزارات المهمة وأعطوه وزارة النفط، يطقطق فيها لين الله يفرجها.
سأتفاءل يا صاحبي وأنا أمسح دموعي ذات اليمين وذات الشمال… سأتفاءل بالاستعانة بالمناديل… سأتفاءل وسأنتظر على بوابة «الجريدة» كل من يقبل الرهان، ويبدو أن أحدا لن يأتيني، فالناس اليوم في لحظات ادخار الدموع في انتظار بيان تشكيل الحكومة، أما أنا فقد سددت ديني وصرفت رصيدي من الدموع «مقدماً» وارتحت وتفرغت للتفاؤل، ونحن السابقون وأنتم اللاحقون، وسهرتنا صباحي.
بعد ان شوّه التعصب صورة الولايات المتحدة في العالم أتى انتخاب الرئيس باراك اوباما ليظهر الوجه الحسن لاميركا، الكويت كذلك تعرضت لحملة تشويه صورة من قبل فئة ضالة من ابنائها، شارك البعض منهم في اعمال التخريب والارهاب والارعاب في العالم، كما تصدرت الصحف اقاويل وتشريعات وقرارات عززت تلك الصورة النمطية القميئة، لذا جاء انتخاب النائبات الاربع ليحسن صورة الكويت امام العالم.
لقد ساهمت الصحف والكتاب الصحافيون بمختلف مشاربهم ـ عدا قلة منهم – وجماعات المجتمع المدني كمجموعة «متطوعون لاجل الكويت» وناشطتها د.ليلى الكندري في دفع الرأي العام عامة وتجمعات الشباب والشابات خاصة لانتخاب النساء عبر استخدام المواقع الالكترونية والفيس بوك وارسال الرسائل الشخصية وهو امر شبيه بما قام به الشباب الاميركي الداعم لاوباما، لذا يمكن القول وبثقة ان نجاح الرئيس هناك قد ساهم في نجاح النساء هنا.
وبالطبع تداخلت عوامل اخرى لانجاح النائبات الاربع منها ان القواعد الانتخابية الداعمة للتوجه الحكومي قد صبت في هذا الاتجاه بعد ان انقلب حلفاء الحكومة التقليديون من التيار الحدسي عليها، كما ان الحملة غير الاخلاقية التي شنت على المرشحة د.اسيل العوضي اتت بالعكس تماما من المقصود منها فقد نجحت المرشحة بامتياز وسقط بامتياز من روج الاشاعات ضدها وضد النائب صالح الملا.
كما ساهمت تحالفات اللحظة الاخيرة في ذلك النجاح الباهر في الدوائر الثلاث الاولى، والواجب التذكير بأن ذلك الوصول هو «وسيلة» لا غاية بذاتها حيث يجب ان تعمل النائبات الفاضلات لتغيير وجه الكويت القاتم الى وجه حضاري جميل يعيد للكويت سمعتها العطرة كمركز اشعاع حضاري والتي اكتسبتها ابان حقبة الستينيات والسبعينيات قبل ان تسدل عليها ستائر العزلة والتخلف.
ان المطلوب تحديدا من المعتدلين والتنويريين بالمجلس من نساء ورجال هو اعادة الاهتمام بالفنون المختلفة وانشاء المسارح ودور العرض والمكتبات وتخفيف الرقابة على الكتب ودعم الحريات الشخصية واعادة الدور المهم لجمعيات نفع عام ابعدت واهملت بقصد وتعمد لعقود طوال كحال رابطة الادباء والاجتماعيين وجمعيات ومعاهد الفنون التشكيلية والموسيقية والمسرحية وجمعية الفنانين الكويتيين، حيث انها تعمل جميعا للارتقاء بالحس والذوق الكويتي لإبعاده عن التعصب والتطرف بجميع اشكاله وألوانه.
آخر محطة:
1 – التحرك الشعبي الواضح نحو الوسط والبعد عن التشدد يحتاج الى ان يترجم الى تشريعات تنويرية وتغيير في المناهج الدراسية واظهار ان احدا من الليبراليين «الحقيقيين» لا يطالب بإباحة المحرمات او الدعوة الى التهتك والابتذال بل عدم اساءة الظن بالناس او الوصاية عليهم كونهم خلقوا جميعا احرارا لا مخلوقات لا عقول لها تقاد بالعصيّ والزجر والخيزران.
2 – نرجو الغاء التشريع الذي يمنع تجنيس المستحق بناء على ديانته كونه يتعارض تماما مع الدستور الكويتي الذي يمنع التفريق بين الناس تبعا لديانتهم «المادة 29».
«…الليبرالية موقف وفعل، قبل أن تكون كلاما..»!!!
***
يحلو للكثيرين إطلاق صفة «التيار الليبرالي» على كل المجاميع والقوى المناهضة للتيارات الدينية أو القبلية أو الطائفية أو التي لا تتعاطف معها. وبما ان غالبية هؤلاء من المستقلين وليسوا ليبراليين بالمعنى الدقيق، فإن تعميم ذلك الوصف الرفيع في إنسانيته على الجميع يعتبر أمرا مخلا بشكل واضح، فليس في الكويت تيار ليبرالي بالمعنى المفهوم، ولا يوجد بين النشطاء السياسيين المعروفين بثقلهم المعنوي من بإمكانه إدعاء تمثيل التيار الليبرالي، بل هناك مجموعة أفراد، ربما أكون أحدهم، ممن يعتقدون انهم أقرب الى الليبرالية الحقيقية…..من غيرهم!!
ولو افترضنا أن الليبرالي هو الذي لا يعادي أي دين أو أي اتجاه سياسي أو فكري، ويدعو الى الحرية والإخاء والمساواة بين البشر، ولا يفرق بينهم على أسس الدين أو العرق أو الجنس، ويؤمن بحق الجميع في الاعتقاد والتصرف والكلام والتنقل والعمل من دون معوقات، فإننا نجد ان الدائرة تصغر وتضيق كثيرا مع كل إضافة «حرة» لهذا التعريف وعلى من تنطبق عليه صفة الليبرالي. و«ندرة» وجود الليبرالي في مجتمعاتنا تعود الى عوامل اجتماعية وعقائدية عدة تمنع الكثيرين من تقبل المفاهيم والمبادئ الليبرالية بسهولة بسبب الضغوط القبلية والمذهبية والاجتماعية، وحتى المالية والعائلية. وحتى عند الإقرار بالانتماء، بشكل أو بآخر، فإن ذلك يتم باستحياء وتردد، والأمثلة الحية كثيرة هنا!!!
ولو نظرنا الى تاريخ ما يسمى، تجاوزا، بقادة الحركة الليبرالية في الكويت لوجدنا انها تنقلت وتقلبت بين الشيوعية والاشتراكية والقومية، قبل أن تأتي كارثة الغزو والاحتلال لتعيد الجميع الى حضن الوطن بصورة مؤقتة، ومن ثم ليعود الصراع والتشرذم بينها مع أول انتخابات تجري بعد التحرير، حتى وصل الوضع الى درجة من السوء بحيث أصبح «الليبرالي» أقرب الى المشتت والضائع منه الى أي شيء آخر، وهذا الذي ربما دفع أعدادا من المرشحين في الانتخابات الثلاثة الماضية على الأقل، الى النأي بأنفسهم عن التجمعات والأحزاب المفترض انها ليبرالية، وخوض الانتخابات كمستقلين، وعلى هذا الأساس فاز البعض منهم، ليس لكونهم ليبراليين. وبالتالي من غير الصحيح القول ان الليبرالية هي التي أنجحت نائبات المجلس الأربع، وانها هي التي أسقطت المنتمين الى التيار الديني المتشدد، فمن قام بذلك هم خليط من الناخبين، ومن مشارب واتجاهات مختلفة.
أحمد الصراف
habibi [email protected]
انقلبت حياة ذلك الشاب رأسا على عقب منذ اليوم الأول الذي توجه فيه إلى أحد ممارسي السحر والشعوذة والدجل تحت عنوان «الرقية الشرعية»، فأصبح في صراع دائم مع نفسه إلى الدرجة التي بلغت من الخطورة ما أثر على استقرار أسرته الصغيرة، فقد ترك عمله الحكومي بسبب ما ألمّ به من تشتت فكري واضطراب نفسي، ليعمل يوما في بيع السمك، ويوما في المعادن والمخلفات من الحديد و «السكراب»، ويوما يطلب رزقه من البيع في الأسواق الشعبية المتنقلة.
وكلما مر يوم جديد، تضاعفت معاناته ومعاناة أسرته وأقربائه وأصدقائه والسبب في ذلك، تلك الأفكار والخزعبلات التي ملأ بها ذلك المشعوذ رأسه ووجدانه، فأصبح كل إخفاق أو عدم توفيق في حياته مردّه للجن، وكل خطوة يخطوها فلا تنجح يربطها بالسحر، وكلما وقعت مشكلة في حياته، أرجعها الى أن هناك مَن عمل له «عملا» ليؤذيه ويؤذي أسرته… أما التفكير العقلاني، فلم يعد له مكان في حياته.
هذا الشاب، في ظني، ليس وحده! فهناك الكثير من الناس، من فقدوا الثقة في الله سبحانه وتعالى، ورهنوا أنفسهم للأفكار الشيطانية ومس الجن وتأثير الحسد، حتى تحولت حياة بعضهم الى جحيم… ففي كل ليلة، يحاصرهم الخوف والقلق من تأثير الجن والعفاريت، وأصبحت قيود السحر والحسد تلازمهم أينما كانوا، على رغم الأموال التي صرفت لتذهب إلى جيب مشعوذ هنا، أو دجال هناك، وتصبح الحال أشد صعوبة، حينما يكون العلاج في الحصول على رأس أفعى، أو ناب ثعلب لتكتمل الرقية، ويصبح الحجاب الذي يحمي ذلك الإنسان من أذى الجن والعفاريت، مكتملا مع توفير ما طلبه الدجال، وهي في الغالب مطالب تعجيزية.
في مجتمعنا، لا يزال الكثير من الناس يتوجهون إلى ضاربي الودع وخبراء فك السحر وإزالة الحسد، ومن بينهم فئات متعلمة، لكن ما يجمعهم هو أمر واحد، لا يفرق بين متعلم وأمي، ألا وهو اليأس وسيطرة النظرة السوداوية للحياة على عقولهم وقلوبهم، حتى أن قنوات فضائية خصصت كل عملها لاستضافة أولئك الذين يقرأون الطالع ويفكون السحر ويكشفون سر البلاء على الهواء مباشرة، ولا ضير في أن ينصح أولئك (الدجالون)رجلا أو امرأة بقراءة سورة البقرة 117 مرة لمدة ثلاثة أيام في غرفة لا يحجبها سقف!
والأغرب من ذلك، أنك ربما تسمع من أحد معارفك أنه حاول الاتصال عشرات المرات، لكنه لم يظفر بالفرصة الذهبية للتحدث مع الدجال أو الدجالة طالبا منهم العون فيما ألمّ به من بلاء مقيم لشدة انشغال الخطوط الهاتفية.
هي في الحقيقة تجارة رابحة، تدر على أصحابها أهل الدجل الكثير من المال، لكن المعضلة تكمن في بعض الناس من يدركون حرمة التوجه إلى أولئك المشعوذين شرعا، ومع ذلك، يتركون أهل العلم، ويتجاهلون تعاليم الدين الحنيف في تكوين شخصية الإنسان المسلم المؤمن بالقضاء والقدر، والذي يضع ثقته كاملة في الله سبحانه وتعالى، ثم يدمرون أنفسهم بأنواع من الطلاسم والأحجبة والخزعبلات، بعضها يربط حول الذراع، وبعضها الآخر يربط على الفخذ، وبهذا، فإنهم يتسلحون بالأحجبة ويسلمون أمر حمايتهم لها، متناسين أن من يتوكل على الله فهو حسبه.
الكثير من الأسر تعيش اضطرابا مؤسفا بسبب هذه الممارسات، ولعلنا نعبر عن أملنا في ألا يهمل علماء الدين في نشاطهم الوعظي والإرشادي توجيه الناس وتكثيف تحذيرهم من هذه الأمور، ثم من الأهمية بمكان أن يكون للمعلمين والمعلمات دور في إزالة هذه الأفكار من عقول الكثير من الطلبة، وفي ظني، أنه من المهم التركيز إعلاميا على مثل هذه القضايا، وهي وإن كانت مجهولة لكنها منتشرة بين الكثيرين من دمر الدجالون حياتهم
قمنا بكل ما نملك من جهد وحجة، وما استطعنا المساهمة بجمعه من مال، قمنا بما هو مطلوب منا لإيصال نائبات للبرلمان، ولا نقول ذلك من باب المنة، بل لتشجيع غيرنا مستقبلا للقيام بالشيء نفسه، وغني عن القول أن عملنا هذا تم من غير غاية أو مطلب شخصي، بل لما أملاه الواجب علينا. ومن هذا المنطلق نشعر بأن من واجبنا كذلك أن نطلب منهن جميعا التحلي بروح الفريق الواحد، والعمل على إثراء تجربتهن وإنجاح دورهن في البرلمان القادم، فغالبية «زملائهن» الجدد، وغيرهم من قوى التخلف في المجتمع، لن يكتفوا بتمني الفشل لهن، بل سيسعون لتحقيق ذلك بشتى الطرق.
إن من أولى أولويات النائبات الجديدات إعادة النظر بصورة جذرية في النظرة الذكورية المتدنية لمكانة المرأة في المجتمع. وهذا لا يمكن أن يتحقق بغير إعادة النظر في الأنظمة والقوانين البالية التي نزعت الروح من مكتسبات المرأة المدنية. فنظام التقاعد المبكر وإطالة أمد إجازات الولادة والرضاعة لم يهدف مشرعوها من ورائها تحقيق الرخاء والسعادة للأم بقدر رغبتهم في إبعادها عن ميدان العمل، وتفريغ دورها من معانيه السامية، ومنعها من أن تكون مستقلة ماديا وقوامة على أسرتها، بعيدا عن سلطة الزوج أو الأب! كما أن منع الموظفة من العمل بعد ساعات محددة لم يهدف لرخائها بقدر ما هدف لإعادتها إلى بيتها ومطبخها ول«بمبر» أولادها، وحالة الخنوع والذلة التي كانت عليها، ومنعها من منافسة الرجل ومجاراته في عمله من خلال إشعارها بالضعف والهوان وقلة الحيلة.
إن سلوى ومعصومة ورولا وأسيل غير ملزمات بالاستعانة بالخبراء القانونيين لوضع القوانين التي تصب في مصلحة المرأة والأسرة، في ما يتعلق بالمسكن والجنسية للأبناء، والطلاق والنفقة والزواج، وحق الحضانة، فقد سبقتنا دول عربية وإسلامية عديدة في إصدار القوانين المنصفة لحق المرأة، والتي يمكن الاستعانة بها، وربما تكون قوانين تونس وماليزيا وتركيا الأفضل في هذا المجال!
هذا هو الدور الأسمى للنائبات الجديدات، فعن طريق رفع شأن المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع، وإزالة الضيم الذي أنزله المشرعون بها، طوال نصف قرن من الزمن، يمكن أن نضمن خلق أجيال جديدة من النساء باستطاعتها محاربة كل آفات التخلف. فالمرأة أمّاً، ابنة، أختاً أو زوجة، إن أعددتها أعددت جيلا طيب الأعراق، ولا يمكن أن يتم هذا الإعداد دون إعادة حقوقها كاملة لها، ومعاملتها بكرامة من خلال قوانين عادلة تساويها بالرجل، وتمكنها من أخذ حقوقها كاملة بأسهل الطرق وأسرعها.
كما أن نجاح المرأة في عملها البرلماني سيشجع ليس فقط ذكرى الرشيدي لتعيد التجربة، بل والعشرات من محيطها لدخول المعترك السياسي، كما سيشجع نجاحهن رجال القبائل لأن يقفوا مع نسائهم ويشدوا من أزرهن ليكسروا حلقة الانتخابات الفرعية الجهنمية! فالمرأة المنتمية إلى قبيلة ما ليست أقل تربية وتعليما من غيرها، ولا يمكن الاستمرار في حبس كل هذه الكفاءات الكبيرة من سيدات هذه المجتمعات بين جدران أربعة بحجة العادات والتقاليد، فقد عرفت هؤلاء دورهن وقوتهن الانتخابية الرهيبة، ولا يمكن إعادة المارد إلى قمقمه بعد لفه بعباءة سوداء كئيبة!
أحمد الصراف
habibi [email protected]
الحمد لله، «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها»، حطّيت ايدي على قلبي وخفت أن تأتيني حكومة فعّالة، مبادرة، إصلاحية، بنت أبوها، تقطع رزقي فلا أجد ما أنتقدها به، وأضطر إلى حمل قلمي على كاهلي وأغادر شارع الصحافة إلى منزلي لقراءة الكتب المكدسة في مكتبتي، وأعتمد في رزقي على الأدب وكتابة المسلسلات والروايات والأغاني، كما في خطتي الخمسية. لكن ربك الكريم، رازق الثعابين في جحورها، لم يرض لي ضنك المعيشة، فأعاد لي حكومتنا الكنز، فصرت أردد وأنا ألهث وأمسح العرق من على جبيني «فرجت وكنت أظنها لا تفرجُ». يا ما انت كريم يا رب. يبدو أنه لا نصيب لنا في الأدب، وليس لنا إلا قلة الأدب.
الحمد لله، حكومتنا المقبلة هي حكومتنا الماضية، والجود من الموجود، ومن فات قديمه تاه، واللي ما له أول ما له تالي، وعتيج الصوف ولا جديد المدري شنو، واللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه، وعسى الله لا يغير علينا، وربع تعاونوا ما ذلوا، والولد وإن طاب طيبه من خواله، وطاق طاق طاقية.
الحمد لله، حكومتنا خذت فوق حدر وعادت لنا، ولن تغادرنا هذه المرة إلا بعد ان تحوّل ديمقراطيتنا إلى أنقاض ينعق فيها البوم ويرقص على جدرانها المطالبون بحل الدستور، حلّ الله بطونهم وجباههم وظهورهم، وجزاهم الله خير الجزاء.
الحمد لله، ستعود لنا حكومتنا التي نعرفها وتعرفنا وتحتقرنا، فلا رئيسها يتحدث لنا كشعب بما يريد أن يفعل بنا وبعيالنا، ولا هو الذي عيّن أحد وزرائه متحدثاً رسمياً باسم الحكومة، فنحن «مو كفو». وشر البلية ما يفقع الخشم… فقعاً طيباً.
الحمد لله، لاتزال عيون الكويت حبلى بالدموع، وبإمكانها البكاء سنة أخرى، شوراها، ما وراها شيء. الحمد لله، سيعبث البعض بوحدتنا الوطنية، ولن تحاسبه الحكومة لأنه يمتلك وسائل إعلام تطبل للرئيس ساعة وتحرق البلد ثلاثاً وعشرين ساعة فقط. والحمد لله الذي لا يحمد على حكومتنا سواه.
يا عمي… ولّع لي زقارة يرحم أمك وأم من يهمك، وتعال معي نقرأ سير العظماء، ونتوقف عند سيرة الرئيس الأميركي الأسبق ابراهام لينكولن، الذي احتفل الأميركان بذكرى مئويته الثانية قبل فترة، والذي اختير كأفضل رئيس أميركي منذ التحرير إلى اليوم، وركز معي في حديثه لأحد قيادييه الذي اشتكى الإرهاق: «سحقاً لك ولكل قيادي مترف، وسحقاً لحكومة لا تحترق من أجل شعبها»، وتعال نرد عليه: «سحقاً لك أنت يا لينكولن وسحقاً للشعب الأميركي الذي تخشاه حكومته، وسحقاً لشعب لا يحتمل حكومته وهي تحرقه، ويزعجها بآهاته»… وآآآآآآآآه.
في البدء الشكر الجزيل لوالد الجميع صاحب السمو الأمير المفدى حفظه الله وولي عهده الأمين وسمو رئيس مجلس الوزراء ونواب الرئيس ونائب رئيس الحرس الوطني ورجال أسرة الخير والوزراء والمستشارين والمحافظين وأعضاء مجلس الأمة والسفراء والإعلاميين وجميع من شاركنا فرح الابن نصف، وتعجز كلماتنا عن إيفائهم حقهم، وأدام الله الأفراح في كويتنا الغالية.
والتهنئة موصولة لسمو الشيخ ناصر المحمد على ثقة صاحب السمو الأمير به، متذكرين أن ما سيشكله هو «حكومة الكويت» أي حكومتنا جميعا وليست حكومة مختصة بالشيخ ناصر المحمد لذا فالواجب أن يدعمها الجميع، حيث إن نجاحها وتفوقها وتميزها يحسب لنا كمواطنين ونواب كما أن عرقلتها ورمي الأشواك في طريقها فيه ضرر على بلدنا ومستقبله.
الدستور وحدة واحدة لا تتجزأ لذا لا يجوز الأخذ بالبعض منه وترك البعض الآخر كالنسيان المتعمد للمادة 56 التي تنص على انه «يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء كما يعين (الوزراء)» والمادة 50 التي تنص على انه «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات و(تعاونها) ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن اختصاصاتها» ويتذكر بعض النواب المؤزمين مادة الاستجواب فقط التي يريدون اختزال الدستور فيها ولا يتذكرون المواد الأخرى.
وعليه فالقول بأننا لا نريد هذا الوزير أو ذاك هو خرق فاضح لنصوص الدستور آنفة الذكر ولنا أن نتصور بعد ذلك ما سيحدث لو أن كل نائب من الخمسين وضع «ڤيتو» على لائحة أسماء يختارها هو بمزاجه، ومن سيتبقى في الكويت لتشكيل الوزارة، حيث سترفض الكتل والتوجهات والتجمعات النيابية من سيتم اختياره من التوجهات الأخرى.
نرجو في هذا السياق أن يتم التأني في الاختيار وأن يتم النظر في النهج الأمثل لإبعاد القلاقل والعراقيل عن الوزارة المقبلة فهذا هو الهدف الأول الذي يجب أن يتم السعي إليه كما يجب ألا توضع خطوط حمراء أمام اختيار الأسماء فالمهم هو الاستقرار السياسي الذي يؤدي في النهاية للإسراع بعملية التنمية في البلد.
كما نرجو توازيا أن يتم اتخاذ القرارات الأساسية والاستراتيجية بطريقة مؤسسية كما هو الحال في الدول المتقدمة أي خلق «مستودعات عقول» عالية الأداء من الحكماء والأكفاء والعقلاء تنظر في الملفات وتقدم الرأي السديد فيها حتى لا تظهر الثغرات في القرارات ويتم التراجع عنها ومن ثم يكسب المدغدغون أوراقا لصالحهم بأسهل الطرق.. وللحديث تتمة في القادم من الأيام.
آخر محطة:
العزاء الحار للرئيس محمد حسني مبارك، أحد حكماء العرب والصديق الصدوق للكويت، ولشعب مصر الصديق، في وفاة حفيده المغفور له ـ بإذن الله تعالى ـ محمد علاء مبارك، فللفقيد الرحمة والمغفرة، ولأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
من غير الإنصاف، إنكار الجهود التي يبذلها وزير الإسكان الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة وهو يحمل ملفا ثقيلا يؤرقه كما يؤرق قرابة 45 ألف مواطن بحريني وربما أكثر… من الذين ينامون ويصحون ويعملون ويذهبون ويجيئون وهم يحملون هموما كثيرة على رأسها مشكلة السكن.
أمام معالي الوزير ووزارته، بل وأمام الحكومة ملف كبير ومعقد ومكلف، وهو ملف توفير السكن اللائق لآلاف الأسر البحرينية التي تعيش ظروفا غاية في الصعوبة لا يمكن وصفها بمجرد الاستماع إلى شكاوى الناس في الإذاعة، ولا يمكن حصرها في الشكاوى التي تنشرها الصحف، ولا من خلال المراجعات اليومية المرهقة للوزارة ولبنك الإسكان من قبل المراجعين، إنما من السهل النظر إليها من زاوية الانتظار الطويل لسنوات وسنوات من أجل الظفر بخدمة إسكانية، تنهي جزءا كبيرا من معاناة الناس.
وبعد، الدولة وحدها، لن تتمكن من الإيفاء بوعودها أو التزاماتها بتغطية كل الطلبات وتلبيتها، ولعل الخبر المحزن هو ما تمخض عن اجتماع لجنة المرافق العامة لمجلس النواب في لقائها مع معالي الوزير والذي كشف أن المشروعات الإسكانية المقرر البدء في تنفيذها لعامي 2009 – 2010 والتي تبلغ 26 مشروعا سكنيا في مختلف مناطق البحرين، لن يتم العمل فيها لعدم وجود موازنة كافية!وهذا يعني أن معاناة الآلاف المسجلة على قوائم الانتظار من المواطنين المستحقين ستطول وتطول أيضا، وستنعكس آثارها على الواقع المعيشي لشريحة كبيرة من المواطنين، وليس من المفرح أبدا العلم بأن موازنة المشروعات البالغة 500 مليون دينار (ليست متوافرة في الموازنة). تبعا لذلك، وحسب تقديرات الوزارة، فإن المتوقع زيادة عدد الطلبات خلال العام الجاري 2009 إلى 5 آلاف طلب، وسيضاف إليها 3 آلاف طلب في العام المقبل 2010 ليرتفع عدد الطلبات إلى 8 آلاف طلب، وبناء على هذه الزيادة، فإن المتوقع هو ارتفاع عدد الطلبات إلى 58 ألف طلب إسكاني بعد عامين، وهذا يعني ببساطة زيادة تعقد المشكلة الإسكانية وتبعاتها.
المعلومات المتوافرة تشير إلى أن الموازنة المخصصة للإسكان في موازنة العامين 2009 – 2010 تبلغ 170 مليون دينار، بواقع 80 مليون دينار للعام 2009 الجاري، و90 مليون دينار للعام 2010، سيصرف منها 28 مليون دينار لعلاوة السكن في العام الأول، و35 مليون دينار للعام 2010، وما يتبقى من الموازنة سيخصص للقروض الإسكانية… إذا، لا تبدو الحلول مواتية وممكنة في ظل الوضع الراهن للموازنة المطلوبة، لكن، ماذا عن دور القطاع الخاص؟ أليست الدولة ترحب بمشاركة القطاع الخاص في تحمل جزء من أعباء الدولة لتوفير الخدمة للمواطنين؟ ولماذا لم نرَ حتى الآن إسهاما حقيقيا للقطاع الخاص في المشروعات الإسكانية؟
(الأبواب موصدة)… هذه العبارة قالها أحد كبار المستثمرين البحرينيين الذي تقدم عدة مرات بتصورات مجموعته الاستثمارية لمشاركة الدولة في تنفيذ المشاريع الإسكانية، من خلال تطبيق نظام عالمي للمباني والمساكن، يقلل مدة الانتظار والكلفة ويضمن الجودة العالية، ومن المؤسف أن يكون هذا النظام الحائز على حقوق ملكية بحرينية مطلوبا في عدد من دول العالم، ولا يحظى بالاهتمام من جانب الحكومة!
وحسب المستثمر، فإنه لا يزال ينتظر ترتيب لقاء مع معالي الوزير بعد أن تقدم بطلب ترتيب موعد، لكن حتى الآن لم يتحرك ساكن، وهنا نتساءل «مع وجود القناعة والتقدير لمشاركة القطاع الخاص، لماذا توصد الأبواب أمام المبادرين؟» لعل الإجابة متوافرة لدى المسئولين بوزارة الإسكان، لكي يبادروا على الأقل بالتعرف على ما يمكن أن يقدمه المستثمر البحريني من أفكار تسهم في إيجاد حلول للمشكلة الإسكانية ودعم الدولة في هذا الاتجاه.