سعيد محمد سعيد

يبيعون الدين ويشترون الفتن الطائفية!

 

لو تتبعنا البؤر التي انطلقت منها الدعاوى الطائفية للتفريق بين جناحي المجتمع الإسلامي، السنّة والشيعة، في مختلف دول العالم الإسلامي، لما وجدنا أدنى صعوبة في وضع اليد على مجموعة من الأسماء الشهيرة من يطلق عليهم (علماء الأمة) من الرموز المعتبرة لدى الكثير من المسلمين، كانوا، ولا يزالون ولربما… سيستمرون، في نفخ نار الطائفية ومضاعفة البلاء المقيم، وهم إنما يفعلون ذلك، أيا كان انتماؤهم المذهبي، كما يقولون ويصرحون هم بأنفسهم، إلا لخدمة الإسلام!

وتبدو الغاية، لا تترابط ولا تبرر للوسيلة العدائية المتبعة، ألا وهي خدمة الإسلام كما يزعمون، ولا يمكن أن تكون هذه (الغاية) مقبولة ومسلما بها، حتى بين عامة أبناء الأمة، الذين أرهقهم الفعل السيئ البغيض الذي يقوم به عدد من أقطاب المنابر الطائفية، ولعلَّ هذه النقطة تحديدا، هي ما جمعتني مع الشيخ سليمان بن فهد العودة، المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم، حين التقيت به في منتدى الإعلام العربي في إمارة دبي يومي 11 و12 مايو/ أيار الجاري، وأبلغته صراحة بأن الكثير من المسلمين اليوم يعلّقون الآمال على الجهود التي يبذلها الشيخ العودة وغيره من العلماء المعتدلين، لإنهاء ممارسات العداء المؤيدة لأعداء الأمة والمدعومة منهم، والمنفذة على أيدي زمرة ممن حملوا لقب (أصحاب الفضيلة العلماء)، سواء كانوا من السنّة أم من الشيعة، وأن هذه المسئولية، جبارة عظيمة، لا يقوى على حملها إلا من يدرك مسئوليته الشرعية والوطنية، لا أولئك الذين يبيعون الدين كل يوم لشراء الفتن الطائفية.

ومن السهل أن نلاحظ، أن علماء الفتنة أولئك ينشطون وفقا للمستجدات التي تشهدها المنطقة، وهم يدركون جيدا أن قائمة من الخلافات التاريخية المحكومة بالنبش في كتب التاريخ، والتصيُّد المبرمج، هو أسلوبهم القديم المتجدد والمفضوح للإضرار بالمجتمع الإسلامي، لكن بيننا الآلاف من الناس تصدقهم وتتلقى شرورهم.

ولعلَّ أكثر ما يثير أولئك المعادين لأمتهم، أن يجدوا مبادرة تلوح في الأفق بين علماء معتدلين لإنهاء الخلافات والتصادم، فيهبوا مدعومين بالملايين من الدولارات، لينفذوا مخططاتهم الخبيثة، ومهمتهم هنا سهلة ميسرة؛ لأن المجتمع الإسلامي اليوم، مرهون بالخلاف والعداء، ولذلك، كان أمين المؤتمر الإسلامي الأوروبي، ورئيس الفيدرالية العامة لمسلمي فرنسا، وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي محمد البشاري محقّا حين أعلن أن العلماء الصادقين العاملين هم من تتوجب عليهم قيادة مبادرات إنهاء العداء بين بني الإسلام، وألا يتم استغلال الصراع الطائفي من قبل أي جهة خبيثة النوايا.

أرى أن الحوار مفيد، والعدل لابد أن يكون هو الأساس، وإن رأينا بعض الشطحات في لقاءات الحوار فذلك لا يعني بطلانه، ولكن علينا أن نزيد في موضوع الحوار، ونزيد في التقريب بين المذاهب الإسلامية ونعمل بالفعل في مجمع الفقه الدولي، أو في بعض المجامع الأخرى كمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية أو من خلال المؤسسات الإسلامية كالأزهر على مسألة التقريب.

البشاري واحد ممن ساهموا في وضع استراتيجية للتقريب بين المذاهب الإسلامية في أكثر من لقاء تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الإيسيسكو ومؤسسة الإمام الخوئي، وكان من بين أهم بنود تلك الاستراتيجية العمل على تنقية المناهج الدراسية من العداءات المذهبية والعداوة التاريخية بين السنّة والشيعة.

لكن يبدو أن الدعوة لتأصيل مفهوم الوسطية عند كل المذاهب، لا تروق لعلماء الفتنة، على مستوى الخليج والعالم العربي والإسلامي، حتى وجد بعضهم حمل راية جديدة أسموها مسئولية غزوة أحد أو التحكيم، ذلك لأنهم لا يمكن أن يناموا ليلهم وهناك من يسعى لتوجيه عامة أبناء الأمة والدعاة إلى القضايا المعاصرة

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *