محمد الوشيحي


 سهرتنا صبّاحي

البعض لامني على مقالتي السابقة «ضاقت وفرجت»، بحجة طغيان التشاؤم واللون الأسود على ما سواه في المقالة، وأنه يجب أن أنثر التفاؤل في الأجواء. وأنا والله ليس بيني وبين التفاؤل ما يعكر الصفو، مجرد سوء فهم وسينجلي، لكنني أتحدث وأراقب وأنا على الأرض، بينما يلومني البعض وهو يشرب العصير مع الملائكة.

ومع ذلك، حاضر يا سيدي، سأتفاءل، أو على الأقل لن أدعو إلى التشاؤم، وسأضع باطن كفي على خدي الأيمن وأنتظر، ولن أنتقد الحكومة قبل ارتفاع الدخان الأبيض وإعلان تشكيلها، بل وفوق ذلك، لكم مني عهد ونذر ووعد إن جاءتنا حكومة ملو هدومها أن أرتدي هدومي بالمقلوب وأقف أمام مبنى «الجريدة» عرضة لتصوير المارة وتعليقاتهم الراقية، عقاباً لي وردعاً لأمثالي، لكن بالمقابل على المتفائلين، في حال تشكلت حكومة «طمام المرحوم»، أن يفعلوا الفعل ذاته، أي أن يحضروا إلى مبنى «الجريدة» ويقفوا أمام البوابة مرتدين هدومهم بالمقلوب، وسأتكفل أنا بالتصوير المريح… هاه، اتفقنا؟… الكلام المجاني مجاني، لا يسمن ولا يغني، تعالوا لنحسم الأمر بالرهان الذي شرحته، ولنقف على بوابة «الجريدة» في انتظار بيان تشكيل الحكومة.

ولا يعني تطعيم الحكومة بلاعب محترف أو لاعبين اثنين أن يكون الفريق قادرا على منافسة ريال مدريد ودفع الجماهير لملء المدرجات والتمايل على ايقاع تمريراته البرازيلية، لا يا صاحبي، حدثني عن فريق متكامل يسر الناظرين، أو على الأقل، فريق متكامل لكنه يعاني نقطةَ ضعف واحدة أو نقطتين، وسأوافق منشان عيونك.

شوف، سمو رئيس الحكومة وعَدنا بـ»حكومة قوية» هذه المرة، وكأنه يقول إنّ حكوماتي السابقة كانت ضعيفة، وإنّ ما مضى ليس إلا غشمرة في فنجان، وإنْ لم تنجح الحكومة القوية المقبلة فسيأتي بـ»حكومة حدها قوية»، ثم «حكومة حدها حدها قوية»، وسهرتنا صبّاحي.

وكي تكون الحكومة قوية، لا أظنها ستخلو من الوزير الإسفنجي الشيخ صباح الخالد، الذي ما إن تعصره عصرة خفيفة حتى يتناثر ماؤه، وإنْ تعصره أكثر يتناثر أكثر. وهو بالذات أداؤه مثل حظنا في حكوماتنا.

ولا أظنها ستخلو من الوزير أحمد باقر، الذي يكمن للفوائض المالية وراء الجبل، وعسى ما أنت فائض مالي وتمر أمام باقر، يقط اللي في ايده ويلحقك. ولا أظن الحكومة ستخلو من رمز القوة والمتانة، جي أم سي «يوكن»، الشيخ أحمد العبدالله الذي أزاحوه من الوزارات المهمة وأعطوه وزارة النفط، يطقطق فيها لين الله يفرجها.

سأتفاءل يا صاحبي وأنا أمسح دموعي ذات اليمين وذات الشمال… سأتفاءل بالاستعانة بالمناديل… سأتفاءل وسأنتظر على بوابة «الجريدة» كل من يقبل الرهان، ويبدو أن أحدا لن يأتيني، فالناس اليوم في لحظات ادخار الدموع في انتظار بيان تشكيل الحكومة، أما أنا فقد سددت ديني وصرفت رصيدي من الدموع «مقدماً» وارتحت وتفرغت للتفاؤل، ونحن السابقون وأنتم اللاحقون، وسهرتنا صباحي. 

سامي النصف

النساء أوباما الكويت

بعد ان شوّه التعصب صورة الولايات المتحدة في العالم أتى انتخاب الرئيس باراك اوباما ليظهر الوجه الحسن لاميركا، الكويت كذلك تعرضت لحملة تشويه صورة من قبل فئة ضالة من ابنائها، شارك البعض منهم في اعمال التخريب والارهاب والارعاب في العالم، كما تصدرت الصحف اقاويل وتشريعات وقرارات عززت تلك الصورة النمطية القميئة، لذا جاء انتخاب النائبات الاربع ليحسن صورة الكويت امام العالم.

لقد ساهمت الصحف والكتاب الصحافيون بمختلف مشاربهم ـ عدا قلة منهم – وجماعات المجتمع المدني كمجموعة «متطوعون لاجل الكويت» وناشطتها د.ليلى الكندري في دفع الرأي العام عامة وتجمعات الشباب والشابات خاصة لانتخاب النساء عبر استخدام المواقع الالكترونية والفيس بوك وارسال الرسائل الشخصية وهو امر شبيه بما قام به الشباب الاميركي الداعم لاوباما، لذا يمكن القول وبثقة ان نجاح الرئيس هناك قد ساهم في نجاح النساء هنا.

وبالطبع تداخلت عوامل اخرى لانجاح النائبات الاربع منها ان القواعد الانتخابية الداعمة للتوجه الحكومي قد صبت في هذا الاتجاه بعد ان انقلب حلفاء الحكومة التقليديون من التيار الحدسي عليها، كما ان الحملة غير الاخلاقية التي شنت على المرشحة د.اسيل العوضي اتت بالعكس تماما من المقصود منها فقد نجحت المرشحة بامتياز وسقط بامتياز من روج الاشاعات ضدها وضد النائب صالح الملا.

كما ساهمت تحالفات اللحظة الاخيرة في ذلك النجاح الباهر في الدوائر الثلاث الاولى، والواجب التذكير بأن ذلك الوصول هو «وسيلة» لا غاية بذاتها حيث يجب ان تعمل النائبات الفاضلات لتغيير وجه الكويت القاتم الى وجه حضاري جميل يعيد للكويت سمعتها العطرة كمركز اشعاع حضاري والتي اكتسبتها ابان حقبة الستينيات والسبعينيات قبل ان تسدل عليها ستائر العزلة والتخلف.

ان المطلوب تحديدا من المعتدلين والتنويريين بالمجلس من نساء ورجال هو اعادة الاهتمام بالفنون المختلفة وانشاء المسارح ودور العرض والمكتبات وتخفيف الرقابة على الكتب ودعم الحريات الشخصية واعادة الدور المهم لجمعيات نفع عام ابعدت واهملت بقصد وتعمد لعقود طوال كحال رابطة الادباء والاجتماعيين وجمعيات ومعاهد الفنون التشكيلية والموسيقية والمسرحية وجمعية الفنانين الكويتيين، حيث انها تعمل جميعا للارتقاء بالحس والذوق الكويتي لإبعاده عن التعصب والتطرف بجميع اشكاله وألوانه.

آخر محطة:

 1 – التحرك الشعبي الواضح نحو الوسط والبعد عن التشدد يحتاج الى ان يترجم الى تشريعات تنويرية وتغيير في المناهج الدراسية واظهار ان احدا من الليبراليين «الحقيقيين» لا يطالب بإباحة المحرمات او الدعوة الى التهتك والابتذال بل عدم اساءة الظن بالناس او الوصاية عليهم كونهم خلقوا جميعا احرارا لا مخلوقات لا عقول لها تقاد بالعصيّ والزجر والخيزران.

2 – نرجو الغاء التشريع الذي يمنع تجنيس المستحق بناء على ديانته كونه يتعارض تماما مع الدستور الكويتي الذي يمنع التفريق بين الناس تبعا لديانتهم «المادة 29».

احمد الصراف

التيار الليبرالي القبيح (1ـ 2)

«…الليبرالية موقف وفعل، قبل أن تكون كلاما..»!!!

***
يحلو للكثيرين إطلاق صفة «التيار الليبرالي» على كل المجاميع والقوى المناهضة للتيارات الدينية أو القبلية أو الطائفية أو التي لا تتعاطف معها. وبما ان غالبية هؤلاء من المستقلين وليسوا ليبراليين بالمعنى الدقيق، فإن تعميم ذلك الوصف الرفيع في إنسانيته على الجميع يعتبر أمرا مخلا بشكل واضح، فليس في الكويت تيار ليبرالي بالمعنى المفهوم، ولا يوجد بين النشطاء السياسيين المعروفين بثقلهم المعنوي من بإمكانه إدعاء تمثيل التيار الليبرالي، بل هناك مجموعة أفراد، ربما أكون أحدهم، ممن يعتقدون انهم أقرب الى الليبرالية الحقيقية…..من غيرهم!!
ولو افترضنا أن الليبرالي هو الذي لا يعادي أي دين أو أي اتجاه سياسي أو فكري، ويدعو الى الحرية والإخاء والمساواة بين البشر، ولا يفرق بينهم على أسس الدين أو العرق أو الجنس، ويؤمن بحق الجميع في الاعتقاد والتصرف والكلام والتنقل والعمل من دون معوقات، فإننا نجد ان الدائرة تصغر وتضيق كثيرا مع كل إضافة «حرة» لهذا التعريف وعلى من تنطبق عليه صفة الليبرالي. و«ندرة» وجود الليبرالي في مجتمعاتنا تعود الى عوامل اجتماعية وعقائدية عدة تمنع الكثيرين من تقبل المفاهيم والمبادئ الليبرالية بسهولة بسبب الضغوط القبلية والمذهبية والاجتماعية، وحتى المالية والعائلية. وحتى عند الإقرار بالانتماء، بشكل أو بآخر، فإن ذلك يتم باستحياء وتردد، والأمثلة الحية كثيرة هنا!!!
ولو نظرنا الى تاريخ ما يسمى، تجاوزا، بقادة الحركة الليبرالية في الكويت لوجدنا انها تنقلت وتقلبت بين الشيوعية والاشتراكية والقومية، قبل أن تأتي كارثة الغزو والاحتلال لتعيد الجميع الى حضن الوطن بصورة مؤقتة، ومن ثم ليعود الصراع والتشرذم بينها مع أول انتخابات تجري بعد التحرير، حتى وصل الوضع الى درجة من السوء بحيث أصبح «الليبرالي» أقرب الى المشتت والضائع منه الى أي شيء آخر، وهذا الذي ربما دفع أعدادا من المرشحين في الانتخابات الثلاثة الماضية على الأقل، الى النأي بأنفسهم عن التجمعات والأحزاب المفترض انها ليبرالية، وخوض الانتخابات كمستقلين، وعلى هذا الأساس فاز البعض منهم، ليس لكونهم ليبراليين. وبالتالي من غير الصحيح القول ان الليبرالية هي التي أنجحت نائبات المجلس الأربع، وانها هي التي أسقطت المنتمين الى التيار الديني المتشدد، فمن قام بذلك هم خليط من الناخبين، ومن مشارب واتجاهات مختلفة.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

رهائن السحر والشعوذة

 

انقلبت حياة ذلك الشاب رأسا على عقب منذ اليوم الأول الذي توجه فيه إلى أحد ممارسي السحر والشعوذة والدجل تحت عنوان «الرقية الشرعية»، فأصبح في صراع دائم مع نفسه إلى الدرجة التي بلغت من الخطورة ما أثر على استقرار أسرته الصغيرة، فقد ترك عمله الحكومي بسبب ما ألمّ به من تشتت فكري واضطراب نفسي، ليعمل يوما في بيع السمك، ويوما في المعادن والمخلفات من الحديد و «السكراب»، ويوما يطلب رزقه من البيع في الأسواق الشعبية المتنقلة.

وكلما مر يوم جديد، تضاعفت معاناته ومعاناة أسرته وأقربائه وأصدقائه والسبب في ذلك، تلك الأفكار والخزعبلات التي ملأ بها ذلك المشعوذ رأسه ووجدانه، فأصبح كل إخفاق أو عدم توفيق في حياته مردّه للجن، وكل خطوة يخطوها فلا تنجح يربطها بالسحر، وكلما وقعت مشكلة في حياته، أرجعها الى أن هناك مَن عمل له «عملا» ليؤذيه ويؤذي أسرته… أما التفكير العقلاني، فلم يعد له مكان في حياته.

هذا الشاب، في ظني، ليس وحده! فهناك الكثير من الناس، من فقدوا الثقة في الله سبحانه وتعالى، ورهنوا أنفسهم للأفكار الشيطانية ومس الجن وتأثير الحسد، حتى تحولت حياة بعضهم الى جحيم… ففي كل ليلة، يحاصرهم الخوف والقلق من تأثير الجن والعفاريت، وأصبحت قيود السحر والحسد تلازمهم أينما كانوا، على رغم الأموال التي صرفت لتذهب إلى جيب مشعوذ هنا، أو دجال هناك، وتصبح الحال أشد صعوبة، حينما يكون العلاج في الحصول على رأس أفعى، أو ناب ثعلب لتكتمل الرقية، ويصبح الحجاب الذي يحمي ذلك الإنسان من أذى الجن والعفاريت، مكتملا مع توفير ما طلبه الدجال، وهي في الغالب مطالب تعجيزية.

في مجتمعنا، لا يزال الكثير من الناس يتوجهون إلى ضاربي الودع وخبراء فك السحر وإزالة الحسد، ومن بينهم فئات متعلمة، لكن ما يجمعهم هو أمر واحد، لا يفرق بين متعلم وأمي، ألا وهو اليأس وسيطرة النظرة السوداوية للحياة على عقولهم وقلوبهم، حتى أن قنوات فضائية خصصت كل عملها لاستضافة أولئك الذين يقرأون الطالع ويفكون السحر ويكشفون سر البلاء على الهواء مباشرة، ولا ضير في أن ينصح أولئك (الدجالون)رجلا أو امرأة بقراءة سورة البقرة 117 مرة لمدة ثلاثة أيام في غرفة لا يحجبها سقف!

والأغرب من ذلك، أنك ربما تسمع من أحد معارفك أنه حاول الاتصال عشرات المرات، لكنه لم يظفر بالفرصة الذهبية للتحدث مع الدجال أو الدجالة طالبا منهم العون فيما ألمّ به من بلاء مقيم لشدة انشغال الخطوط الهاتفية.

هي في الحقيقة تجارة رابحة، تدر على أصحابها أهل الدجل الكثير من المال، لكن المعضلة تكمن في بعض الناس من يدركون حرمة التوجه إلى أولئك المشعوذين شرعا، ومع ذلك، يتركون أهل العلم، ويتجاهلون تعاليم الدين الحنيف في تكوين شخصية الإنسان المسلم المؤمن بالقضاء والقدر، والذي يضع ثقته كاملة في الله سبحانه وتعالى، ثم يدمرون أنفسهم بأنواع من الطلاسم والأحجبة والخزعبلات، بعضها يربط حول الذراع، وبعضها الآخر يربط على الفخذ، وبهذا، فإنهم يتسلحون بالأحجبة ويسلمون أمر حمايتهم لها، متناسين أن من يتوكل على الله فهو حسبه.

الكثير من الأسر تعيش اضطرابا مؤسفا بسبب هذه الممارسات، ولعلنا نعبر عن أملنا في ألا يهمل علماء الدين في نشاطهم الوعظي والإرشادي توجيه الناس وتكثيف تحذيرهم من هذه الأمور، ثم من الأهمية بمكان أن يكون للمعلمين والمعلمات دور في إزالة هذه الأفكار من عقول الكثير من الطلبة، وفي ظني، أنه من المهم التركيز إعلاميا على مثل هذه القضايا، وهي وإن كانت مجهولة لكنها منتشرة بين الكثيرين من دمر الدجالون حياتهم