محمد الوشيحي


 ضاقت وفرجت

الحمد لله، «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها»، حطّيت ايدي على قلبي وخفت أن تأتيني حكومة فعّالة، مبادرة، إصلاحية، بنت أبوها، تقطع رزقي فلا أجد ما أنتقدها به، وأضطر إلى حمل قلمي على كاهلي وأغادر شارع الصحافة إلى منزلي لقراءة الكتب المكدسة في مكتبتي، وأعتمد في رزقي على الأدب وكتابة المسلسلات والروايات والأغاني، كما في خطتي الخمسية. لكن ربك الكريم، رازق الثعابين في جحورها، لم يرض لي ضنك المعيشة، فأعاد لي حكومتنا الكنز، فصرت أردد وأنا ألهث وأمسح العرق من على جبيني «فرجت وكنت أظنها لا تفرجُ». يا ما انت كريم يا رب. يبدو أنه لا نصيب لنا في الأدب، وليس لنا إلا قلة الأدب.

الحمد لله، حكومتنا المقبلة هي حكومتنا الماضية، والجود من الموجود، ومن فات قديمه تاه، واللي ما له أول ما له تالي، وعتيج الصوف ولا جديد المدري شنو، واللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفه، وعسى الله لا يغير علينا، وربع تعاونوا ما ذلوا، والولد وإن طاب طيبه من خواله، وطاق طاق طاقية.

الحمد لله، حكومتنا خذت فوق حدر وعادت لنا، ولن تغادرنا هذه المرة إلا بعد ان تحوّل ديمقراطيتنا إلى أنقاض ينعق فيها البوم ويرقص على جدرانها المطالبون بحل الدستور، حلّ الله بطونهم وجباههم وظهورهم، وجزاهم الله خير الجزاء.

الحمد لله، ستعود لنا حكومتنا التي نعرفها وتعرفنا وتحتقرنا، فلا رئيسها يتحدث لنا كشعب بما يريد أن يفعل بنا وبعيالنا، ولا هو الذي عيّن أحد وزرائه متحدثاً رسمياً باسم الحكومة، فنحن «مو كفو». وشر البلية ما يفقع الخشم… فقعاً طيباً.

الحمد لله، لاتزال عيون الكويت حبلى بالدموع، وبإمكانها البكاء سنة أخرى، شوراها، ما وراها شيء. الحمد لله، سيعبث البعض بوحدتنا الوطنية، ولن تحاسبه الحكومة لأنه يمتلك وسائل إعلام تطبل للرئيس ساعة وتحرق البلد ثلاثاً وعشرين ساعة فقط. والحمد لله الذي لا يحمد على حكومتنا سواه.

يا عمي… ولّع لي زقارة يرحم أمك وأم من يهمك، وتعال معي نقرأ سير العظماء، ونتوقف عند سيرة الرئيس الأميركي الأسبق ابراهام لينكولن، الذي احتفل الأميركان بذكرى مئويته الثانية قبل فترة، والذي اختير كأفضل رئيس أميركي منذ التحرير إلى اليوم، وركز معي في حديثه لأحد قيادييه الذي اشتكى الإرهاق: «سحقاً لك ولكل قيادي مترف، وسحقاً لحكومة لا تحترق من أجل شعبها»، وتعال نرد عليه: «سحقاً لك أنت يا لينكولن وسحقاً للشعب الأميركي الذي تخشاه حكومته، وسحقاً لشعب لا يحتمل حكومته وهي تحرقه، ويزعجها بآهاته»… وآآآآآآآآه. 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *