بعيداً عن كلام السفهاء والمتعصبين من قليلي الفهم والذوق، فإن مشكلة المثليين، أو أي تسمية لائقة أخرى تطلق عليهم، لا تقتصر على أسرة دون غيرها، بل تتفاوت مظاهرها وتندرج حدتها وظهورها العلني من مجتمع الى آخر. فكما ان عدد مرضى أي منطقة سكنية جديدة مثلا يزداد فور انشاء مستشفى جديد فيها، بسبب سهولة الحصول على العناية الطبية، التي ما كانت لتطلب لو كان المستشفى يقع في منطقة بعيدة، لتوفر العلاج بدلا من الانتظار لليوم التالي الذي قد تختفي فيه الآلام أو تتم معالجة المرض من دون الذهاب الى المستشفى، فإن الأمر ذاته ينطبق على نسب أو عدد الشواذ أو المثليين في أي مجتمع، فعدم ظهورهم علنا في الشوارع والأسواق لا يعني عدم وجودهم بيننا، لا، فعادات وتقاليد معينة تمنع علانية وجودهم أو ملاحظتهم، ولكنهم يعيشون بيننا كبشر عاديين ويستحقون مثلهم مثل غيرهم كل اهتمام ورعاية، أقول ذلك، وأنا شخصيا لا أعرف حقيقة أي من هؤلاء، ذكورا كانوا أو اناثاً، ولا أرى سببا لتضخيم المشكلة، والرغبة في القضاء عليها تماماً، وهو ما يستحيل القيام به لكونه جزءا من التوالد والتكاثر البشري!
وقد قامت جريدة «الرأي» قبل فترة باجراء مقابلة جريئة مع د. واسم وصفي، المختص بمعالجة الشواذ جنسيا، أو المثليين، حيث ذكر انهم موجودون في كل ثقافة ومجتمع، لأنهم نتاج اضطراب تطوري، بمعنى أنه توقف في التطور الجنسي النفسي عند مرحلة الطفولة. وأن صمتنا عنهم وتجاهلنا لهم لا يعنيان أن نسبتهم بيننا أقل أو أكثر من غيرنا. وعلاج هذه الحالات ممكن، ولكنه يستغرق وقتا طويلا، كما أن هناك حالات أصعب من غيرها. ويقول الدكتور واسم ان المثليين ضحايا التأثيرات التي وقعت عليهم وأدت الى نمو المثلية لديهم.
نكتب ذلك من واقع ما أصبح يلقاه الكثير من المثليين من تعسف وظلم في الكثير من الدول الاسلامية، وبالذات في مناطق التشدد الديني في أفغانستان ومقاطعة سوات في باكستان وايران واخيراً في العراق، حيث يتعرضون هناك للضرب والتحقير وأحيانا للتصفية الجسدية بطرق بشعة وعنيفة من دون التفات الى حقيقة أن غالبية هؤلاء مرضى ولا ذنب حقيقيا لهم فيما هم عليه، وأن كثيرا منهم ولدوا في هيئة مخالفة لنفسيات مجتمعاتهم، وما يشكون منه لا يعطي سببا لأحد للتخلص منهم بالقتل. كما أن مطالبات هيئات حقوق الانسان بوقف عمليات القتل هذه يجب أن تلقى الاستجابة الجيدة لدينا، وألا نعتبرها تدخلا في شؤوننا، فعندما ضرب صدام قرى الأكراد بالغازات السامة وغزا الكويت واحتلها لسبعة أشهر، وتدخلت أميركا لردعه، فان احدا من الأكراد او الكويتيين لم يطالب أميركا بوقف تدخلها في شؤوننا الداخلية، بل رحبنا بها وبالقوى الغربية لتزيح الهم والاحتلال عن صدورنا!! فهل نتعلم ونتعظ؟ لا أعتقد ذلك!!
أحمد الصراف
habibi [email protected]