محمد الوشيحي


 ياهات بيضاء

نتائج الانتخابات هذه، لا هي بالتي تدفعك إلى توزيع الهدايا لشدة فرحتك، ولا هي بالتي تجعلك تثور في وجوه أطفالك لشدة غضبك، هي بين بين، يعني مرة توزع هدية وأخرى تصرخ في وجه طفلك.

على أنّ المفرح في الأمر هو نتائج النساء هذه المرة، إنه «انتقام امرأة»… وستكبر فرحتنا إذا صدقت الأحاديث عن تكليف الشيخ سعود الناصر برئاسة الوزارة و»عودة فرسان الأسرة الحاكمة»، من أمثال الشيوخ أحمد الفهد، الذي سيكشف عن الوجه الآخر الجميل في شخصيته، ومحمد الخالد، وثامر الجابر، وآخرين، ويا سلام لو ضمت مقاعد الشيوخ في الحكومة شيخة واحدة أو أكثر، من باب ردّ تحية الشعب بمثلها أو بأحسن منها. ثم «شفيهم» الشيخات، ما الذي يمنع ذوات الكفاءة منهنّ أنْ يتقلدْنَ المناصب الوزارية؟

طبعاً حق اختيار رئيس الوزارة بيد صاحب السمو أمير البلاد وحده، حفظه الله، لكنني أتحدث عن أنباء ورغبات، لا أكثر، خصوصا أنّ مزاج الشعب هذه المرة من النوع «المدني» كما هو مزاج الشيخ سعود، ومزاج التنمية من الأساس، وفي الأحوال كلها، سواء اختير الشيخ سعود للرئاسة أو اختير غيره، سنقول لوالدنا سمعاً وطاعة. 
على أنّ المهم هو إدراك الناس أن الكويت الآن لا تحتاج الى المشاركة في الأولمبياد، ودخول سباق المئة متر، بل هي في أمس الحاجة الى قبلة الحياة والإسعافات الأولية، الآن الآن وليس غداً، فهي تبحث عن الحياة، أما الأولمبياد فملحوق عليه.

يااااه لو يأتينا رئيس حكومة يكسر الأقفاص لتخرج عصافير المبادرات فتحلق عالياً على أنغام الأغاني الوطنية، يااااه لو يظهر رئيس الحكومة المقبل أمام وسائل الإعلام ويقول كما قال الرئيس الجزائري بوتفليقة: «ليتأكد الوزراء أنني سأحاسبهم قبل أن يحاسبهم البرلمان»، يااااه لو يظهر الرئيس المقبل على رؤوس الأشهاد وأمام عيون العباد ليعلن أفكاره ورؤاه، يااااه كم ستتعافى ضحكات الأطفال حينئذٍ، وكم ستزدحم ميادين العرضة بالسيوف والطيران، وكم سنفتح أعيننا إلى أقصاها فرحاً ولهفة عند إقلاع الطائرات بنا أو هبوطها، بعدما كنا نغلقها أثناء الاقلاع والهبوط كي لا نرى المنظر المبكي فنبكي.

يااااه لو أن رئيس الحكومة المقبل في أول يوم لحكومته يصرح بأن الأولوية الأولى هي محاربة التشظي والفتنة ودعاتها ووسائل إعلامها، وأنه لن تأخذه في ذلك رحمة ولا شفقة.

هذه «ياهات» مواطن حالم، لديه من الأمل ما يكفي لعودة الكويت الى مركزها السابق فوق السحابة تلك. 

سامي النصف

قراءة أخرى في نتائج الانتخابات

ضمن انتخابات حرة تقوم في الأغلب على الترشح الفردي وفي غياب تام لعملية التنمية السياسية، لابد ان نتوقع فوز كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي الموجود في البلد، اي فوز المتفائلين ومعهم المتشائمون، والحكماء ومعهم من هم أقل حكمة.

نتائج الانتخابات الحالية هي أقرب لكأس امتلأت بالماء عدا جزء صغير منها لذا فمن يرد مشاهدة الجانب المليء فسيجده، ومن يرد رؤية الجانب الفارغ فسيجده كذلك، وأنا شخصيا متفائل وأرى الجزء المليء بوضوح حيث ان كتلة الهدوء والحكمة والتنمية يفوق عددها في المجلس الحالي 40 نائبا ونائبة ـ قابلين للزيادة ـ وإذا ما اضيف لها عدد الوزراء فسنصل الى رقم مؤهل لتحريك عجلة التنمية سريعا الى الأمام.

ذكرنا في مقال سابق ان الأحصنة السوداء في هذه الانتخابات هي النساء في الدوائر الثلاث الأولى والأقليات في الدائرتين الأخريين، واذا كان كثيرون قد تكلموا عن تأثير فوز النساء في الدوائر الثلاث فالواجب ان يسلط الضوء كذلك على ما جرى في الدائرتين الباقيتين.

ففي الدائرة الخامسة حقق تجمع الأقليات فوزا كبيرا عبر وصول 3 من 4 (العتيبي، الهاجري، الدوسري) وسقط الرابع (المطيري) بفارق 300 صوت فقط وكان سبب الفوز هو الحضور الكبير للأقليات والالتزام الشديد بالتصويت للقائمة، وقد تكون تلك النتيجة سببا وجيها للتوقف عن ممارسة التشاوريات بحيث يلتزم الجميع بالقانون والدستور الذي يمنع التمييز بين الناس بسبب الجنس او الاصل (المادة 29) وينزل تبعا لذلك من المترشحين من يشاء في انتخابات عامة ولن يقصر الفائز ايا كان في خدمة منطقته ومواطنيه من كافة الأعراق والطوائف، وستبقى القبائل الكبيرة والصغيرة ممثلة في المجلس بفرعيات أو دونها.

الدائرة الرابعة أثبتت كذلك ان عدم دخول الفرعيات لا يعني السقوط (البراك، أبورمية) في وقت لم يوفق فيه احد من المنضوين تحت الفرعيات (موسى)، كما ان تشكيل القوائم قد يضر أكثر مما ينفع كونك ستحصد فقط اصوات قبيلتك (سقوط مرشحي قائمة عنزة الأربعة) ونجاح عسكر العنزي بأصوات القبيلة و«الآخرين»، كما ظهر في الدائرة عدم التزام بعض القوائم بنصرة المنضوين تحتها (حسين السعيدي 7 آلاف صوت مقابل 2000 صوت لسعد العازمي من نفس القائمة)، ومرة اخرى يثبت ان محاولة كسب «جميع» الناخبين بدلا من بعضهم هو الطريق الأمثل للنجاح ولمنع ان تصبح انتخاباتنا وسيلة لتفريقنا بدلا من توحيدنا.

آخر محطة:
لبى الناس النداء واختاروا الحكماء في الأغلب ولم يخذلوا دعوة حسن الاختيار، لذا فما نحتاجه للعشرة أشهر او حتى السنوات القادمة هو فترة هدوء تام وإطفاء للأضواء على اللعبة السياسية الكويتية كي يرتاح الناس ويرتاح رجال ونساء السلطتين معا فيتفرغوا للعمل والإنتاج بدلا من الخلاف والنزاع الدائم الذي يعصف بحاضرنا ويدمر مستقبلنا.

احمد الصراف

فيل ملك سيام الأبيض

عندما يتعلق الامر باقتناء شيء ضخم ومهم، ولكن من دون جدوى او فائدة تذكر، فإنه يوصف بالفيل الابيض. اصل هذا القول يعود الى ان التقاليد الصارمة في «مملكة سيام»، تايلند حاليا، كانت تمنع غير الملك من اقتناء الفيل الابيض المقدس، الذي يسمى «البينو»! وعندما يرغب الملك في معاقبة أي فرد من حاشيته بطريقة فعالة يقوم بإهدائه فيلا ابيض، وهذا شرف كبير بحد ذاته، لكن المشكلة تكمن في تكلفة الاحتفاظ والعناية بحيوان ضخم عظيم الشهية كالفيل! ولقدسية الابيض منه، فإنه يحرم استخدامه في أي عمل، وهنا يصبح وجوده عبئا كبيرا لا يطاق، وقد يتسبب في إفلاس من أهدي إليه، وتدمير حياته.
ولو نظرنا حولنا في الكويت لوجدنا عددا لا بأس به من الفيلة البيض التي تقف شامخة يزعج منظرها عيوننا صباح كل يوم، والتي صرفت الدولة الكثير على انشائها او تركيبها، ولكن من دون جدوى، أو فائدة تساوي ما صرف عليها، ولكنها تبقى علما على مدى سوء تخطيطنا وقلة ادراكنا، وغياب مبدأ المحاسبة من حياتنا.
فبرج التحرير الابيض اللون، الذي قمنا، على استحياء، بالاستفادة منه كفرع لمجمع الوزارات، وليس هذا هو الغرض الذي بني من أجله، يقف شامخا ليدل على سوء التصرف والتخطيط والتدبير، علما بأن تكلفته النهائية قاربت مائتي مليون دولار، دولار يقبل دولاراً!
أما جسور المرور الحديدية البيضاء، فحدث ولا حرج. فهي تخبرنا صباح كل يوم عن مدى سذاجة تفكيرنا، وفساد ذمم الكثيرين منا، وعجزنا حتى عن سؤال رئيس قسم المشتريات في الداخلية عن سبب شرائها. اما الفيل الثالث، فهو مبنى اللجنة الاستشارية العليا بجانب أرض المعارض الذي أنفقت الدولة عليه وعلى إدارته، طوال 15 عاما او يزيد، عشرات ملايين الدنانير من دون جدوى أو فائدة تذكر.
اما الفيل الرابع، فهو مبنى الصندوق العربي للتنمية الذي قاربت تكلفته مائتي مليون دولار، وقد يكون المبنى الأجمل في الكويت، ولكنه كاسمه، لا يعدو كونه صندوقا خاويا من الداخل، ولا تبرر تكلفة انشائه ما يستغل من أجله كمكاتب، او كمعْلم سياحي يراه عشرة زوار كل يوم!
وربما يكون مبنى مؤسسة البترول مبنى مرشحا لان يصبح فيلا ابيض في القريب العاجل، كما حدث مع مبنى ديوان المحاسبة القديم الذي هجرته بعد سنوات قليلة الاستخدام، إلى مبنى أكبر بكثير منه، ولم يحاسب احد ديوان المحاسبة على خطأ حساباته!
انظروا حولكم وستجدون كثيرا من الفيلة البيضاء من حولنا لا يتسع المجال لذكرها جميعا!

أحمد الصراف
habibi [email protected]