سامي النصف

الأمر جلل حتى لا تحترق الكويت

لو أن أحدا تسبب في حريق بيت ما ونتج عن ذلك الحريق موت عدة أشخاص لحكم على الفاعل بالإعدام أو السجن المؤبد، ولكن ماذا عمن يتفوه بكلمات تحريض وتأجيج وكراهية تحرق أوطانا بأكملها وتتسبب في قتل الآلاف والملايين كما حدث سابقا في لبنان والعراق ورواندا والصومال وغيرها.

تمتلئ الانتخابات الكويتية بما يطلق عليه «جرائم الكراهية» التي تجرمها وتدينها جميع الدول المتقدمة والتي تتضمن التحريض ضد طوائف وشرائح وجماعات أخرى شريكة في الوطن بكلمات تدعو لكراهيتها والإضرار بها والغريب أن مثل تلك الدعاوى المدمرة تذهب دون محاسبة بعد أن ترسخ وتتجذر في أذهان الشباب.

والمستغرب ان بعض مرشحينا ما ان يقولوا بها حتى يتبعوها بالحث على التمسك بالوحدة الوطنية (!!) وأي وحدة وطنية يتحدثون عنها وكلماتهم تمزقها إربا إربا، لقد نتج عن ذلك الحديث المدغدغ الذي يحث على كراهية الآخر حملة مضادة تتصدى لمن يقولون به وانقسم مجتمع الأسرة الواحدة بين دعاوى هذا ودعاوى ذاك والخاسر الوحيد هو الوطن ومستقبل أبنائه.

إن أول مشروع يجب أن يطرح ويقر في المجلس القادم هو تشريع شديد القوة والقسوة يعاقب ويردع أي كلمات تقال شفاهة أو ضمن مقال تدعو للكراهية وتثير الأحقاد بين المواطنين ويجب أن تشمل العقوبة ما يقال في الأعمال الدرامية والنكات ومرسليها.

وحفلت الانتخابات التي جرت بالأمس بكثير من حملات الكذب والخداع والمراوغة فمن يشتري الأصوات يحث على أمانة الصوت وضرورة محاربة ظاهرة المال السياسي، وخريج الفرعيات يحث على احترام القانون، ومن ينتمي لتنظيمات طائفية بحتة يدعو علنا لمحاربة الطائفية ومن يعترف بأن النواب أثروا إثراء فاحشا غير مشروع هو نفسه من يحارب إنشاء لجنة قيم تحاسب النواب و… صرنا طماشة للخلق!

آخر محطة:
نرجو أن يتضمن قانون تجريم «الكراهية» عقوبات حقيقية رادعة بعيدا عن عقوبات الـ 50 دينارا وعدم النطق بالعقاب المعتادة، فقد تضررت الكويت كثيرا مما يقال في الحملات الانتخابية والتي يساهم البعض خلالها بتمزيق نسيجنا الاجتماعي، وقد حان وقت إيقافها بقوة القانون والزجر والردع قبل أن تحترق الخيمة التي تظللنا وتغرق السفينة التي تحملنا ونندم حين لا ينفع الندم.

سعيد محمد سعيد

من العنف إلى «اللاعنف»… إنهم الشباب يا سادة ؟!

 

في الحراك السياسي النشط الذي تدور في فلكه بلادنا، مثلت فئة الشباب ولاتزال، شريحة حيوية للغاية، بل لا أبالغ حينما أقول إن المئات من الشباب، وجدوا أن لهم الحق في ممارسة دورهم في المطالبة بالحقوق المشروعة وفقا للأساليب السلمية، وكان لهم ما أرادوا، لكن الأساليب وكذلك النتائج كانت مختلفة ولم تكن تمثل منهجا واحدا أو أسلوبا واحدا. وفقا لذلك، شهدنا خلال السنوات الماضية حضورا لافتا للشباب في الحراك السياسي، وفي المشاركة في المسيرات والاعتصامات، وتنوعت ميول الشباب فيما يتعلق باتباع مسارات سياسية وقيادات ورموز دينية وسياسية… بدت واضحة في القرى أكثر منها في المدن، وكان من ضمن المشهد، وقوع اضطرابات وحوادث عنف راح ضحيتها أبرياء، واعتقال الكثير من الشباب والناشئة، وانحراف أعداد من الشباب عن المسار السلمي للمطالبة بالحقوق إلى المسار العنيف من حرق للإطارات وحاويات القمامة والمرافق الخدمية كأسلوب ضغط على الدولة وفق نظرتهم الخاصة بالمطالبة بالحقوق والتي سببت الكثير من العناء والعذاب لهم ولذويهم ولسائر المواطنين وللدولة، وكان من ضمن المشهد أيضا تبادل اتهامات بين الأجهزة الأمنية وبين بعض الناشطين والرموز الدينية والسياسية والحقوقية بشأن دوافع العنف والطرف البادئ به، وبرزت دعوات وقف العنف واحترام حقوق الإنسان وإيقاف القمع والعنف والاعتقال التعسفي والغازات المسيلة للدموع، مقابل دعوات للتصدي للممارسات العنيفة والأعمال المنافية للقانون التي يقوم بها بعض الشباب، المشهد بكله كان مرهقا للوطن وللمواطنين.

وفي الوقت الذي نشط فيه بعض الكتاب في إثارة النعرات الطائفية وانبرى بعض النواب لزيادة تأجيج الوضع بتصريحاتهم المعلنة تحت عنوان «حب الوطن والدفاع عنه والولاء للقيادة»، والمبطنة بنوايا الشر والتشكيك في الولاء والدفع للتنكيل بطائفة من أبناء الشعب، برزت أيضا كتابات رفضت العنف من أي طرف كان، ورفضت اسلوب خنق المبادرات والوسائل النافعة في إخراج البلد من احتقانه وأزمته، واحترام كل مواطن مهما كان انتماؤه المذهبي، وأن يكون كل طرف، الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والرموز والنواب والمواطنين بلا استثناء، ذوي مسئولية وطنية يتوجب على الجميع حملها بأمانة.

وكنت واحدا ممن أيدوا وشجعوا على الأساليب السلمية المطالبة بالحقوق بعيدا عن العنف والعنف المضاد، وتقديم مصلحة الوطن وأمنه واستقراره على أية مصلحة فئوية أو طائفية، وانتقدت كل الممارسات التي يقوم بها الشباب والناشئة من حرق وتخريب وتدمير خلاف ما تدعو له القيادات والرموز، وعلى ذات المسار، انتقدت الدعوات المبطنة بخبث للتنكيل بالمطالبين بالحقوق ونسبهم إلى جهات خارجية، وتأجيج المواطنين ضد بعضهم بعضا وانتهاك الحقوق وحرمان الناس من أمنهم في بيوتهم.

الصور المذكورة أعلاه من عموم المشهد ليست خافية على أحد، لكن لا يمكن أن نتجاهل المبادرة الملكية السامية من قبل جلالة عاهل البلاد بالإفراج والعفو والتي جاءت كخطوة تجديدية جوهرية أعادت للبلاد استقرارها وطمأنينتها وأيضا، حفظت للناشطين السياسيين والرموز حقوقهم في ممارسة دورهم في إطار الجهد الوطني الذي سيكون النضال فيه طويلا وشاقا من دون شك، على ألا يخرج عن إطار شرعية الدولة وشرعية مؤسساتها واستقلالها واستقرارها، وأيضا، الحقوق الدستورية لكل مكوناتها وطوائفها؟

بعد كل هذا التقديم، وقد عاد الهدوء والاستقرار للبلاد ولله الحمد، بفضل من الله ونظرة جلالة الملك الأبوية وجهود العلماء الأفاضل والشخصيات والوجهاء من كل التيارات، هل لنا نتساءل عما تم إعداده لعدم عودة صور الاحتقان والاضطراب الى مجتمعنا؟ وهل أعدت الجهات ذات العلاقة تصوراتها بشأن فئة الشباب تحديدا، ورصدت احتياجاتهم، المعيشية والوظيفية والتعليمية والحياتية بشكل عام؟ أم هي مرحلة سبات وإهمال غير مسئول؟

الحديث عن احتضان الشباب ورعايتهم وتوفير متطلباتهم حديث يطول كثيرا، على أن من المهم أن تتوقف الأصوات النشاز، والهدوء يعم البلد، عن النعق بما يثير الناس ويوغر الصدور ويؤجج الوضع إلى الاتجاه السلبي الذي لا يبتغيه أحد.

وللحديث الطويل، بقية