يقول أدريان روجرز (1931 ـ 2005)، وهو مفكر كنسي أميركي معروف، إننا لا نستطيع ان نشرع حرية الفقير من خلال تشريع آخر يسلب الغني حريته، فعندما يحصل فرد على دخل من غير عمل، فإن هذا يعني ان فردا آخر يجب ان يعمل من دون ان يحصل على شيء. فالحكومات لا تستطيع ان تعطي أحدا شيئا ما لم تأخذ قبلها ذلك الشيء من شخص أو طرف آخر، وعندما يصبح لدى نصف الشعب اعتقاد، أو فكرة، ان بإمكانهم عدم القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر يقوم بأداء العمل نيابة عنهم، وعندما يترسخ الاعتقاد لدى نصف الأمة ان ليس من المجدي القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر سيحصل على نتيجة جهده في نهاية الأمر، هنا، تبدأ نهاية أي أمة، فليس بالإمكان مضاعفة الثروة بتقسيمها!
***
ولو قمنا بتطبيق الأمثلة الحية اعلاه على أوضاعنا في الكويت، لرأينا ان كل نصف فيه، وما أكثر «أنصاف» مجتمعنا الصغير، يدعي بأنه صاحب الفضل الأكبر على الآخرين، وما الآخر إلا متطفل أو طارئ! أو انه النصف أو المجموعة الوحيدة التي تعمل، اما الآخرون فلا يفعلون شيئا. أو ان هذا النصف منتج، والآخر مستهلك فقط! أو انه يقوم بأشق الأعمال، ولا يحصل إلا على الفتات، والنصف الآخر بالكاد يعمل ويحصل على كل شيء تقريبا.. وهكذا الكثير، وهذا ناتج بطبيعة الحال من الخلل في تركيبة المجتمع من جهة، وفي سوء المناهج الدراسية من جهة أخرى، إضافة إلى غياب نظام ضرائب حديث وعادل، وايضاً لما للبيئة الصحراوية من تأثير سلبي على تصرفاتنا. فالماء والكلأ لا ينتظران، ومقولة «خذ ما أتخذ» السائدة في المجتمع حاليا لم تأت من فراغ، بل هناك ما تسبب في ظهورها وتجذرها، فالماء في الصحراء ان لم يشرب ويستفد منه في اليوم نفسه سيتبخر سريعا، ولا مجال لادخاره للأجيال القادمة، وكذا الأمر مع الكلأ، أو العشب الأخضر، فإن لم يؤكل، أو يستفد منه فورا، فستأتي شمس اليوم التالي وتجعله أثرا بعد عين، وهذا يعني أننا لم نعتد، ولاسباب كثيرة على فضيلة الادخار وحساب رفاهية الاجيال القادمة، فنحن، وبالرغم من ثرائنا المادي، فإننا نفتقد للثراء البشري، ولانزال نعيش على مبدأ «من اليد إلى الفم أو From hand to mouth!»، ولو استمرت مطالبات نواب مجلس الأمة المقبل كمطالب نواب المجلس السابق، والتي لم تكن تخرج، طوال سنة تقريباً، عن فكرة خذ ما اتخذ، بتوزيع المال على الجميع، واسقاط القروض عن الجميع، واعطاء بيوت السكن للجميع وإلغاء قوائم الكهرباء عن الجميع، فإن نهاية المجتمع المدني سوف لن تكون بعيدة كثيرا! ومن هنا تأتي ضرورة اعطاء الصوت الانتخابي لمن يؤمن بالغد بقدر ما يؤمن باليوم، وليس هناك من هو أكثر حرصا من المرأة في التفكير والاحتياط لمستقبل الوطن، فمن خلال هذا الحرص يمكن تأمين مستقبل الأبناء والازواج والآباء والأمهات والاخوة والاخوات، وان فشلنا في ايصال امرأة إلى البرلمان المقبل، فإن هذا سيعجل في قدوم يوم الرحيل.
أحمد الصراف
habibi [email protected]