محمد الوشيحي

دعقة

"اللهم احفظ الدائرة الثالثة بعينك التي لا تنام، اللهم يا رب وأنت تعلم أنها كل رصيدنا في الكويت، وهي (اللي حيلتنا)، فأطل عمرها على حساب أعمار الدوائر الأولى والثانية والخامسة"، أما الرابعة فهي دائرة "هكّا وهكّا"، على رأي الليبيين، لا هي بالفاتنة كالدائرة الثالثة، ولا هي بالقميئة كالدائرة الخامسة، الله يزيد النعمة، ولا هي بالماصخة التي تخلو من النكهات جميعها، كما هي الدائرة الثانية، دائرة الرز الأبيض المسلوق الحاف، التي تحدد اجتماعات أوبك نتائجها، فلا علاقة لنا بالثانية أبداً، أسعار النفط هي التي تدلي بأصواتها، والبراميل هي التي تقف في طابور الاقتراع، وسعر صرف الين الياباني هو المفتاح الانتخابي! هي دائرة لا تنتمي إلى "عاداتنا وتقاليدنا".

ولا أغبط أحدا كما أغبط ناخبي وناخبات الدائرة الثالثة التي تقدم بوفيها مفتوحا من المرشحين، بينما تقدم لك الدائرة الخامسة "تمرا بالمرق" فقط، إن شئت فتفضل باسم الله، وإن لم تشأ فـ "خذ الشارع الفرعي يسار" وهناك يمكنك أن تتضور جوعا بعيدا عن الزحام… يمينا بالله، لم أجد أكثر من مرشحين اثنين "يستحقان" التصويت في الخامسة، وعلى مضض، أو قل على مرض.

في الخامسة والأولى، يتزوج أحد أبناء العوائل المتفرعة من بعض القبائل أو الطوائف، فينجب أبناء ثلاثة، ويحدد لكل منهم مستقبله: هذا مهندس، وهذا طبيب، والثالث عضو مجلس أمة! حتى لو عجز "عضو المستقبل" عن تأمين حياة كريمة للعنزتين "عِطرة ودِعقة". ومن يلوم الأب وهو الذي "يحتكم" على أكثر من عشرة آلاف صوت مبحوح، أو مقطوع، يأتمرون بأمره، خوفاً وطمعاً. وليس أمام البعض في الدائرتين الأولى والخامسة، في الأغلب، إلا أن يستجدوا والد هؤلاء الأبناء الثلاثة كي يدفع أحدا آخر من أبنائه غير هذا القائد الهمام الذي أضاع العنزتين.

الآلام في الخامسة والأولى لا يجدي معها إلا الطواف حول الكعبة، ورفع الأيدي في الأسحار: "اللهم إنهما ظلمتا الكويت فانتقم، اللهم اقصف عمريهما، ولا تأخذك بهما شفقة ولا رحمة يا عظيم يا جبار"، ثم أكمل طوافك وارفع يديك بالدعاء للثالثة: "اللهم إنها سيدة الدوائر، والمرشح فيها لم يستيقظ من نومه فيجد الآلاف تدعمه من دون جهد منه، بل هو يكح ويسعل كي يحصل على صوت، اللهم وأنت تعلم أنها دائرة تعتمد على النخاع المستطيل، واللسان الجميل، لا هو بالطويل ولا بالثقيل، والقلب الذي لا يعرف المستحيل، اللهم إنا نعتمد عليها بعد اعتمادنا عليك فاحفظها للكويت ومستقبلها، آمين".

سامي النصف

السرحان ومجلس الأعيان

قرّت عين اهل الكويت بوصول صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد – حفظه الله – الى ارض البلاد من الصين، وسمو الشيخ ناصر المحمد من رحلة العلاج في الخارج، فالحمد لله على سلامة الوصول ونورت الكويت.

تحدث الحكيم العم احمد زيد السرحان للزميلة نورة جنات في صحيفة «الوطن» ومما اقترحه انشاء مجلس اعيان في البلد وقد اعترض الزميل احمد الديين على ذلك المقترح في وقت لا نرى اي خطأ فيه كونه مطبقا في الاغلبية المطلقة من دول العالم الاخرى التي تأخذ بنظام المجلسين.

ان صلاحيات الاعيان لن تستقطع ـ للعلم ـ من صلاحيات مجلس الامة التي ستبقى كاملة غير منقوصة بل ستمنح من صلاحيات الاطراف الاخرى، ومعروف ان المستفيد الاكبر من مجالس الاعيان في العالم اجمع هم المثقفون والحكماء والمفكرون واصحاب المهن والاختصاصات المختلفة والاقليات السياسية كالليبراليين واليساريين والمستقلين والاجتماعية كالشرائح والقبائل والمذاهب الصغيرة ممن قد لا تخرجهم الانتخابات الشعبية.

وفكرة كهذه تحتاج الى نقاش ديموقراطي هادف يتم بعقول مفتوحة وضمائر حية تستهدف مصلحة الكويت في الحاضر والمستقبل بعيدا عن المزايدات المعتادة واسلوب الرفض المسبق اي قبل المداولة، وكم من امور رفضت في بلدنا ثم بكى عليها رافضوها دما فيما بعد.

وقد نشأ دستور الكويت في الاساس على فكرة تقاسم السلطة بين سمو الامير والمجلس التشريعي المنتخب وقد قام الاخوة النواب خلال الـ 45 عاما الماضية باستخدام السلطات التي منحهم إياها الدستور، ومنها الاستجواب، الى حدودها القصوى بل قفز البعض منهم في كثير من الاحيان الى صلاحيات الآخرين، وأحد واجبات مجلس الاعيان النظر في المواد المناطة بالجهات والسلطات الاخرى وتفعيل ما لم يفعّل منها.

كما يعمل ذلك المجلس الذي يمكن ان يضم الكثير من حكماء وعقلاء واكفاء اهل الكويت على فلترة القوانين والتشريعات ومناقشة الميزانيات قبل احالتها لمجلس الامة حتى لا تصل لهم الا مكتملة الاركان دون ثغرات فيها ولا يصبح هناك خلاف بين مجلس وحكومة يدغدغ المشاعر ويثير الازمات بل تباينات صحية بين مجلس ومجلس كحال الديموقراطيات المتقدمة الاخرى.

آخر محطة:

(1) مهام واعمال اعضاء مجلس الاعيان او المجلس «التشريعي» الثاني تختلف تماما عن طبيعة اعمال الوزراء (التنفيذيين) في الحكومة لذا لا يصح القول ان الوزراء المعينين في الكويت يمكن لهم ان يقوموا بأعمال المجلس التشريعي الموازي.

(2) عنوان مقال أمس «المهالك في فوضى الممالك».

احمد الصراف

متى يحين يوم الرحيل؟

يقول أدريان روجرز (1931 ـ 2005)، وهو مفكر كنسي أميركي معروف، إننا لا نستطيع ان نشرع حرية الفقير من خلال تشريع آخر يسلب الغني حريته، فعندما يحصل فرد على دخل من غير عمل، فإن هذا يعني ان فردا آخر يجب ان يعمل من دون ان يحصل على شيء. فالحكومات لا تستطيع ان تعطي أحدا شيئا ما لم تأخذ قبلها ذلك الشيء من شخص أو طرف آخر، وعندما يصبح لدى نصف الشعب اعتقاد، أو فكرة، ان بإمكانهم عدم القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر يقوم بأداء العمل نيابة عنهم، وعندما يترسخ الاعتقاد لدى نصف الأمة ان ليس من المجدي القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر سيحصل على نتيجة جهده في نهاية الأمر، هنا، تبدأ نهاية أي أمة، فليس بالإمكان مضاعفة الثروة بتقسيمها!
***
ولو قمنا بتطبيق الأمثلة الحية اعلاه على أوضاعنا في الكويت، لرأينا ان كل نصف فيه، وما أكثر «أنصاف» مجتمعنا الصغير، يدعي بأنه صاحب الفضل الأكبر على الآخرين، وما الآخر إلا متطفل أو طارئ! أو انه النصف أو المجموعة الوحيدة التي تعمل، اما الآخرون فلا يفعلون شيئا. أو ان هذا النصف منتج، والآخر مستهلك فقط! أو انه يقوم بأشق الأعمال، ولا يحصل إلا على الفتات، والنصف الآخر بالكاد يعمل ويحصل على كل شيء تقريبا.. وهكذا الكثير، وهذا ناتج بطبيعة الحال من الخلل في تركيبة المجتمع من جهة، وفي سوء المناهج الدراسية من جهة أخرى، إضافة إلى غياب نظام ضرائب حديث وعادل، وايضاً لما للبيئة الصحراوية من تأثير سلبي على تصرفاتنا. فالماء والكلأ لا ينتظران، ومقولة «خذ ما أتخذ» السائدة في المجتمع حاليا لم تأت من فراغ، بل هناك ما تسبب في ظهورها وتجذرها، فالماء في الصحراء ان لم يشرب ويستفد منه في اليوم نفسه سيتبخر سريعا، ولا مجال لادخاره للأجيال القادمة، وكذا الأمر مع الكلأ، أو العشب الأخضر، فإن لم يؤكل، أو يستفد منه فورا، فستأتي شمس اليوم التالي وتجعله أثرا بعد عين، وهذا يعني أننا لم نعتد، ولاسباب كثيرة على فضيلة الادخار وحساب رفاهية الاجيال القادمة، فنحن، وبالرغم من ثرائنا المادي، فإننا نفتقد للثراء البشري، ولانزال نعيش على مبدأ «من اليد إلى الفم أو From hand to mouth!»، ولو استمرت مطالبات نواب مجلس الأمة المقبل كمطالب نواب المجلس السابق، والتي لم تكن تخرج، طوال سنة تقريباً، عن فكرة خذ ما اتخذ، بتوزيع المال على الجميع، واسقاط القروض عن الجميع، واعطاء بيوت السكن للجميع وإلغاء قوائم الكهرباء عن الجميع، فإن نهاية المجتمع المدني سوف لن تكون بعيدة كثيرا! ومن هنا تأتي ضرورة اعطاء الصوت الانتخابي لمن يؤمن بالغد بقدر ما يؤمن باليوم، وليس هناك من هو أكثر حرصا من المرأة في التفكير والاحتياط لمستقبل الوطن، فمن خلال هذا الحرص يمكن تأمين مستقبل الأبناء والازواج والآباء والأمهات والاخوة والاخوات، وان فشلنا في ايصال امرأة إلى البرلمان المقبل، فإن هذا سيعجل في قدوم يوم الرحيل.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

عن أي «أمن اجتماعي في البحرين»…نتحدث؟ (2)

 

أشرت يوم الأحد الماضي، في الحديث عن الأمن الاجتماعي في بلادنا، إلى عدم وجود مبادرات حقيقية وفاعلة ترتبط بتعزيز الأمن الاجتماعي، واختتمت بالقول إن مسئولية الحفاظ على الأمن الاجتماعي لا يمكن أن تكون مسئولية الدولة وحدها، ولا هي مسئولية مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والرموز السياسية وحدها، وقبل أن أجيب على سؤال: «كيف نعالج قضية الأمن الاجتماعي في مجتمعنا؟»، لابد من شيء من التمهيد.

إن الأمن الاجتماعي قيمة عظيمة لا تقل أهمية عن وجود الإنسان في هذه الحياة، وأن الأجهزة الحكومية تتقاسم مع الأفراد المسئولية في تحقيق الأمن الاجتماعي، ويتحمل كل طرف منهما جانبا من تلك المسئولية، وتعتبر مؤسسات الدولة والأجهزة الحكومية عاملا أساسيا في تحقيق الأمن الاجتماعي والتماسك الداخلي والمنعة الخارجية.

ومن وجهة نظري المتواضعة، أرى أنه من الأهمية بمكان أن يكون للأسرة إسهام في بناء الأمن الاجتماعي بتربية الأبناء على الحب والوئام والمواطنة الصالحة، ولا بد من أن تدعم الدولة الأسرة من ناحية علاج الفقر من خلال مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ويتوجب على الإعلام الوطني وقف كل الممارسات الإعلامية والكتابات التي تؤجج وتحرض وتثير العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع الواحد.

لهذا، فمن الضرورة بمكان أن يكون لدينا توجه إعلامي وثقافي يجسد الوحدة الوطنية ويضع الأمن الاجتماعي نصب عينيه، فهذا الأمن ينبغي أن يشمل كل من يتعرض لتهديد أو خطر أو إهمال في نفسه أو صحته أو حقه في الحياة الكريمة الآمنة لأي سبب كان، فيشمل الأسر المعوزة والأرامل والمطلقات والمسنين والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين نفسيا أو جسديا أو عقليا، وإعانة المحتاجين وحماية الطفولة والأسرة والأحداث.

ولا تنفصل مسئولية الأجهزة الحكومية في تحقيق الأمن الاجتماعي عن حلقات الأسرة والإعلام والمؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية، ويتمثل ذلك في تمكين المواطنين من حرية الرأي، وتفعيل المشاركة السياسية، والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير التعليم والخدمات الصحية لعموم المواطنين، لكن مهما يكن من أمر، فإن إشاعة ثقافة الأمن الاجتماعي بين أفراد المجتمع هو السبيل الأمثل لتحقيقه من خلال المناهج التعليمية ووسائل الإعلام والثقافة المختلفة.