كانت مصر ما قبل عام 1952 جنة من جنات الأرض وباريس أفريقيا كما كانت تسمى، حيث كان يعمل بها ملايين الأوروبيين والعرب الآخرين وكان ابناؤها يدرسون في ارقى الجامعات العالمية، كما كان يصطاف ساستها وكتابها وموظفوها في اوروبا، وكانت صناعاتها ومولاتها تضاهي ارقى الصناعات والاسواق الدولية حتى ان المانيا واليابان ارسلوا خبراءهم ومختصيهم لدراسة وتقليد الحالة المصرية.
وكانت ممالك مصر وليبيا والعراق تنعم بالديموقراطية والحريات الاعلامية والاحزاب وقد انتهى ذلك العيش الرغد والرفاه الى ديكتاتوريات قمعية تسعد بقتل شعوبها وتشريد ابنائها فتحول امنهم الى خوف وشبعهم الى جوع وغناهم الى فقر وسفرهم المؤقت للمتعة الى اغتراب وعذاب دائم، فما الذي حدث؟
هناك وصفات سياسية مجربة ما ان تأخذ بها الدول حتى تتحول صحتها الى علة وسعادتها الى تعاسة، واهم عناصر تلك الوصفات المميتة هي افشاء حالة «الظلم الكاذب» بين الناس عبر اشعار الجميع بالمظلومية فكل موظف مظلوم لأنه لم يصبح مسؤولا حتى لو لم يمض على عمله الا اشهر قليلة، وكل مسؤول مظلوم لأنه لم يصبح مديرا حتى لو كان اداؤه والكرسي الذي يجلس عليه.. واحدا.
وكل مدير مظلوم لأنه لم يصبح وكيلا، وكل وكيل مظلوم لأنه لم يصبح وزيرا وكل وزير مظلوم لأنه لم يبقى في الوزارة للأبد، ويمتد ذلك الشعور الكاذب بالظلم للآخرين، فيشعر من يملك آلافا بأنه مظلوم كونه لا يملك المليون، ومن يملك المليون مظلوم لأنه لا يملك المائة مليون، كما يشعر صاحب المائة مليون بالظلم الشديد والحزن الدائم كونه لا يملك المليار، وقد وصل ذلك الشعور المدمر بالظلم حتى للأسر الحاكمة ذاتها كما حدث مع الأمراء عبدالإله في العراق ومحمد علي في مصر وابناء الشريف احمد في ليبيا.
ويتحول شعور القهر والظلم الكاذب من ظاهرة مؤقتة الى حالة مرضية دائمة خاصة مع غياب الجهد الحكومي لإظهار الحقائق وتصحيح تلك المفاهيم المغلوطة، فإن اعطت الدولة مائة دينار قيل لماذا لا تعطي مائتين؟ وان طبقت القانون وازالت المخالفات شعر المخالفون بالظلم، وان لم تطبقه شعر الناس الآخرون بالظلم كذلك، ان الدول لا تسقط بل تتآكل، واكبر معاول التآكل والهدم هو افشاء مفهوم «دولة الظلم واللاعدل» في المجتمع كما يقول بذلك كثير من المرشحين دون ان يعرفوا تبعة ما يقولون، وكم من جرائم ترتكب لأجل الوصول الى الكراسي الخضراء.
آخر محطة:
تعاملت مع المرشحة د.معصومة المبارك ابان تسلمها مقاليد الوزارة وشاهدت عن قرب قدراتها فوق المعتادة في العمل، وزرت ادارة المرور مرات عديدة وشاهدت عن قرب امانة وكفاءة المرشح د.عبدالله الطريجي. وفّق الله الاثنين وأرانا اياهما تحت قبة البرلمان نائبين أو وزيرين او.. الاثنين معا.