سامي النصف

أخطاء شائعة

التحول للدائرة الواحدة مع اعطاء الحق للناخب في التصويت لمرشح واحد او مرشحين هو الكفيل ـ من تاني ـ بالقضاء على القبلية والطائفية والعائلية والفئوية.. الخ، الحقيقة، وكالعادة، هي على العكس من ذلك تماما فتحديد خيار الناخب بمرشح او اثنين سيضمن ويكفل ان يصبح التصويت فئويا وقبليا وطائفيا وعائليا بنسبة 100%، فإعطاء الناخب المزيد من الخيارات ـ بدلا من تقليلها ـ هو الكفيل بتقليل التخندق حيث قد يعطي اول صوت او صوتين لعصبيته ويمكن ان يختار بباقي الاصوات الاصلح من المرشحين الآخرين.

العدالة في الديموقراطية تتأتى عبر توازن الاصوات وتساويها في الدوائر الانتخابية المختلفة، الواقع القائم في العالم على العكس من ذلك تماما فما ذنب من يولد لعائلة او فخذ او قبيلة او شريحة او طائفة صغيرة في المجتمع؟! ان العدالة في المجتمع الديموقراطي تتحقق عبر التسامح والاخذ بنظام يضمن تمثيل الشرائح الاجتماعية والسياسية والدينية مهما صغر عددها ولا مانع ضمن ذلك الفهم «العالمي» للديموقراطية ان يتساوى عدد ممثلي ولاية ألاسكا (400 الف نسمة) مع ممثلي ولاية كاليفورنيا (40 مليون نسمة) في مجلس الشيوخ الاميركي واسع الصلاحيات، وهكذا الحال في جميع الديموقراطيات في العالم وعبر التاريخ.

دلالة فساد صفقة «الداو» انخفاض سعر سهمها من 15 الى 6 دولارات هذه الايام، اعتقد ان الشيء الوحيد الذي يجب الا يستشهد به لتبيان صلاحية او فساد الصفقة هو تأرجح سعر شركة الداو لسببين الاول ان خبر الغاء الصفقة قد انتشر وكان احد اسباب انخفاض سعر السهم ولو اننا عقدنا الصفقة لارتفع سعر السهم منطقيا الى 20 ـ 30 دولارا، السبب الثاني هو اننا لم ندخل ذلك المشروع «الاستراتيجي» كي نبيع اسهم الشركة بعد اشهر من التعاقد معها حتى نهتم بانخفاض او ارتفاع السعر في هذه الاوقات الاستثنائية وهل سنحاسب حقا من عارض المشروع في حال اي ارتفاع مستقبلي لسعر السهم؟!

إنزال كثير من المرشحين يشتت الاصوات ويضمن سقوط قوى المعارضة ووصول اصدقاء الحكومة، منذ 45 عاما وهذا الاسلوب العقيم يعمل به ويؤدي في الاغلب لنتائج عكسية حيث قد يساهم بتشتيت اصوات اصدقاء الحكومة وينتهي بفوز نواب المعارضة، الافضل هو شرح موقف الحكومة طوال الوقت بصورة حكيمة ومنطقية للشارع الكويتي الذكي والعاقل، ومعه تفعيل القوانين القائمة ضد الشتم والتأجيج والتحريض والتي تسعى لنشر الكراهية بين الناس.

آخر محطة:
تقوم الشركات المصنعة للكمبيوترات بصنع وبث الڤيروسات حتى يشتري الناس منها اجهزة الحماية، نخشى ان تكون بعض شركات الادوية هي من يقف خلف الڤيروسات المتلاحقة التي تفتك بالبشر وآخرها ڤيروس انفلونزا الخنازير.

احمد الصراف

الطائفية ومجبوس اللحم*

تقول صديقتنا «رول له»، إنها لاحظت في احدى زياراتها لساحة في مومبي بالهند، ان مجموعة من الفيلة الضخمة التي كانت تقف صفا واحدا من دون حراك، كانت مربوطة بسلسلة قصيرة متصلة بقضيب حديد قصير مثبت بالارض. بدا واضحا ان قوة السلسلة والقضيب لا تتناسب وحجم الفيل وقوته، ولكن على الرغم من ذلك لم يحاول اي منها الزحزحة عن مكانه، او الهرب. وتقول «رول له» إنها عندما سألت احد الحراس عن سر تلك السلسلة الصغيرة ابتسم وقال إن هذه الفيلة، عندما كانت صغيرة، كانت احدى قوائمها تربط بالسلسلة نفسها، وكانت وقتها كافية لمنعها من التحرك. كبرت الفيلة وزاد وزنها اضعافا مضاعفة، ولكن استمر ربطها بالسلسلة والقضيب المثبت بالارض نفسيهما، وكبر معها الشعور نفسه بعدم القدرة على التحرك والفكاك من السلسلة، فقد حاولت وهي صغيرة ولم يجد الامر كثيرا، واختارت البقاء اسيرة افكارها!
ولو نظرنا لأنفسنا لرأينا اننا جميعا تقريبا لا يسهل علينا الفكاك من اسر افكارنا القديمة ومعتقداتنا وطريقة لبسنا وطعامنا وكل ما تربينا عليه ونحن صغار. وهذا ما يتبعه المشرفون على مئات آلاف مدارس تحفيظ القرآن المنتشرة كالفطر في عشرات دول العالم، والتي تحاول كسب افئدة وود كل اولئك الاطفال لهم ولطريقة تفكيرهم وبرمجتهم حسب رغباتهم، والتي قد لا تكون متفقة مع المصلحة العامة.
ولو حاول مليون شخص مثلا اقناعي بأن طعم «مجبوس اللحم» غير لذيذ لما نجحوا في ذلك حتما، فطعم ذلك المجبوس يسكن تحت لساني منذ الصغر، ولا فكاك منه. ولكن لو طلب مني طبيب واحد التوقف عن تناول المجبوس لاسباب صحية لما ترددت في قبول طلبه.
وعليه فإننا مطالبون بألا نكون فيلة ضخمة وكبيرة وغير قادرة على التخلص من البالي والقديم من موروثاتنا، بل علينا فتح نوافذ عقولنا والترحيب بكل جديد صالح وجميل، وان نعرف أن الديانات العظيمة، والافكار الخلاقة ما كانت لتنتشر لو اصر اوائل من اتبعوها على التمسك بقديم افكارهم والبالي من تصرفاتهم. وانظر لما طرأ على حياتنا في نصف القرن الماضي على الاقل وستجد ان من الصعوبة بمكان حصر تلك التغيرات، ولو انها اتت في وقت واحد لكان مصيرها الرفض حتما، لكن التدرج هو الذي جعلها مقبولة، ولكن.. هل لا يزال لدينا الوقت للتدرج؟

* «مجبوس لحم»: طبق كويتي شهير.

أحمد الصراف
habibi [email protected]