محمد الوشيحي


 «طالعة من بيت أبوها»

حباني الله بـ»عُقد» لا مثيل لها، أهمها الوقوف أحيانا أمام تفاصيل أصغر من الصغر، رغم عدائي للتفاصيل… من هذه التفاصيل/ العُقد كلمات أغنية «طالعة من بيت أبوها»، الله يهد حيلها وحيل أبوها كما هدّت حيلي. دقق معي يا صاحبي على الكلمات ثم لمني بعد ذلك: «طالعة من بيت أبوها، رايحة لبيت الجيران»، تمام؟ يعني أخونا الشاعر يتحدث عن «أنثى» وبصيغة التأنيث: «طالعة»، «أبوها»، «رايحة»، ثم فجأة تنقلب الأنثى إلى ذكر والعياذ بالله، ويأتي البيت الثاني بشنب وسكسوكة: «مرّ ما سلّم عليّه، يمكن الحلو زعلان»، لاحظ صيغة المذكر: «مرّ، سلّم، الحلو، زعلان». وبعيدا عن كلمات البيت الثالث المصابة بكسور من الدرجة الأولى، دعونا نتساءل عن سبب خلود هذه الأغنية واتساع شهرتها رغم الكسور المتفرقة في جسمها والخطأ الهيكلي في بنائها من ناحية التأنيث تارة والتذكير تارة أخرى، وهو ما يعرفه أصغر الشعراء سنا وعقلا!

أمر آخر صغير شغلني ولايزال، لماذا تنطق «الكويت» بصيغة المؤنث، و»لبنان» بصيغة المذكر، فنقول مثلا «الكويت حرة» و»لبنان حر»، لماذا؟ هل رأى علماء اللغة العربية الكويت وهي تسير مرتدية تنورة ولبنان يسير إلى جوارها كما يسير القبضاي مع خطيبته؟ سألت أحدهم وهو شخص بارد غائم جزئيا على أنحاء متفرقة من البلاد، فأفتاني: «هي هكذا أُنزلت». يا سلام، هكذا أُنزلت؟ طيب ولماذا أُنزلت هكذا؟ لا جواب غير الدوران واللت والعجن في ما لا يسمن ولا يغني من جوع. سألت الآخر، وهو أيضا غائم جزئيا لكنه أكثر عمقا من الأول، فأجاب: تماما كما أن «الشمس» مؤنث و»القمر» مذكر! الله أكبر، طيب ولماذا الشمس مؤنث والقمر مذكر؟ أنت أجبتني بمثال آخر، وسؤال آخر.

ما علينا، هذه أمور لا تؤثر سلبا في الصحة العامة، ولا تشغل إلا بال المعقدين من أمثالي. في حين أن ما يشغل البلد والناس والصحة العامة هو «تكبيل البلد بالفتاوى»، بلد مدني يحكمه دستور، يضم ديانات وطوائف مختلفة، ومع ذا وفوق ذي يجرونه جرا من ياقة قميصه إلى ميدان الفتاوى. ليش؟ لأن عقولهم جوفاء، وقلوبهم يملؤها الخواء… هل يجوز للعسكري الرجل تحية المرأة العسكرية؟، أفتنا يا فضيلة الشيخ يرحمنا ويرحمك الله حلال بشرط، حرام بالكلية، وعطني شليلك وتعال شيل.

كلنا نتذكر حكاية تحريم «دراسة البنت» في السعودية التي أصبحت ماضيا مبنياً على الفتح، والآن نشاهد تسابق بنات «علماء الشريعة» – الذين حرموها في السابق – على الجامعات، فما الذي تغير؟ لا شيء يا صاحبي، لا شيء سوى زيادة وعي الناس… أيضا حكاية «حقوق المرأة السياسية» عندنا في الكويت، كانت «كُفرا إلا ربع»، وباتت الآن حلالا زلالا. طيب ليش يا الربع أضعتوا كل هذه السنوات في أمور مفروغ منها؟ معلش، حقكم علينا.

قلناها ملايين المرات ونعيدها: «الدين أسمى وأرقى من السياسة، ونحن نحترم الدين أكثر منكم، لذلك لا نسحبه إلى وحل السياسة»، ولم تصدقونا… والحياة تمشي وتكشف لنا كل يوم صفحة جديدة، فنفغر أفواهنا ونتمتم ونحن نضع كفوفنا على جباهنا: «أها… أثاريها»، لكن بعدما نستنزف المال والجهد والعرق الزحلاوي.

وفي السياق ذاته تدخل قضية الفرعيات. وكان من يعارض الفرعية «كافر إلا ربع» لأنه «شذ عن الجماعة» ومن شذ شذ في النار، لا إله إلا الله ما أشرس هجومهم على من يعارضهم وما أفجر خصومتهم. والآن تغير «الكفر» إلى «اختلاف في الرأي»، بعدما أدركوا أن الفرعيات تضر القبيلة، أولاً وقبل كل شيء… وها نحن اليوم نقرأ بفخر بيان ثلاثة من أبناء قبيلة العوازم الكريمة يؤكدون فيه خوضهم الانتخابات العامة خارج فرعي قبيلتهم. كفو يا سعد الشريع ويا مناحي الحباج ويا بدر ناصر. كفو لأنكم لم تجرجروا قبيلتكم إلى المحاكم والنيابة العامة. كفو لأنكم مسحتم دمعة من دمعات الكويت المنهمرة بغزارة، كما مسح أبناء عمومتكم عوازم الدائرة الأولى قبلكم دمعة أخرى برفضهم إجراء انتخابات فرعية. وليت قبيلة العوازم تقود بقية القبائل إلى جهة… الكويت.

وسأعلنها هنا والرزق على الرزاق، كثير من مرشحي قبيلتي والقبائل الأخرى يطلبون مني بإلحاح أن «أضغط أكثر» حتى تتفركش الفرعيات ويمضي كلّ إلى غايته، وعندما أسألهم عن سبب خوض الفرعية رغم رفضهم لها، تأتيني إجابة واحدة بصيغ مختلفة: «نعلم مضار الفرعية، لكننا نخشى غضب القبيلة»! إذاً القضية قضية شجاعة وخوف، ليس إلا… هانت إذاً.

هانت، غداً سيؤدي العسكري التحية لقائدته العسكرية من دون فتوى، وستغادر الفرعيات إلى حيث ألقت رحلها، وسنتساءل جميعا: «طالعة من بيت أبوها، رايحة لبيت الجيران/ مر ما سلم عليّه، يمكن الحلو زعلان»، ليش انقلب المؤنث إلى مذكر بلمح البصر ومسافة السكة؟ 

سامي النصف

إزالة مخالفات لا إزالة مساجد

لو يعلم من اخترع الديموقراطية بما يجري في بلدنا من جرائم تحت مسماها لقطع شرايينه واسال دمه حسرة وندما على اختراعه، ان الملتحقين الجدد بسنة اولى «حضانة» ديموقراطية ـ لا بعد نصف قرن من الممارسة ـ يعلمون جيدا ان صلبها واول اسسها هو رقابة نواب الشعب على الحكومة لمنعها من التجاوز على الاراضي والاموال العامة بعكس ما يحدث لدينا، حيث تحاسب الحكومة على التزامها بالقوانين لا مخالفتها.

ولا يعلم احد سبب ولع بعض المرشحين والنواب السابقين بعملية التعدي على الاملاك العامة التي نملكها جميعا وتملكها بعدنا اجيالنا القادمة وعشقهم رغم قسمهم الدستوري لرائحة ومناظر «الشينكو» و«الكيربي»، خاصة ما يقام منها على الاراضي المسروقة من الدولة، فتراهم يهددون بالثبور وعظائم الامور لمنع ازالة المخازن والشبرات التي تشوه المناظر العامة وتضايق الاهالي بحجة المحافظة على العادات الاجتماعية وما علمنا او خبرنا ان عاداتنا المتوارثة كانت تسمح باقامة المباني دون احم او دستور على اراضي الغير.

هذه المرة وصل الصياح والدغدغة والافتراء لاجل الانتخاب للمتاجرة بمسميات بيوت الله من قبل العالمين بحقيقة المساجد الضرار والمخازن التي لا يصلى بها، كما حدث من ازالة المخزن الشهير الذي سكت عنه عشرة من نواب المنطقة المقام بها والعالمين بصحة قرار الازالة وصاح به مدغدغون آخرون، اصبح صريخهم اشبه بصواريخ تهدد وتدمر اسس العدل والقانون والتنمية والديموقراطية في البلد.

ان ما يزال هذه الايام هو شبرات مخالفة لا مساجد مرخصة من قبل الدولة، فالكويت بلد شديد الاسلام فيه من المساجد ما يفوق عددها في قاهرة المعز ذات الـ 20 مليون نسمة، ولم نجد سببا واحدا يقنعنا بصحة المطالبين بإبقاء تلك «المخالفات» عدا رغبة بعض المدغدغين في ان تتمدد وتتوسع تلك المخالفات لنشهد مرة اخرى شبرات شينكو وكيربي امام كل بيت في الكويت تستخدم كمخازن مؤجرة واسكان للعزاب ومأوى غير مراقب للمتشددين والمتطرفين.

وهل نأمل بعد ذلك من الشباب المستنير في كل المناطق حجب اصواتهم عن دعاة الفوضى والتعدي والتخريب والتأزيم المستمر ممن بات البعض منهم يهدد بوقف عمليات التنمية المستقبلية في البلد عبر الاستجوابات التي يتوعدون بها الحكومة التي لم تشكل بعد، وهو امر لا مثيل له في الغباء والجهل في العالم، ان احدا لن يأخذ من هؤلاء المرشحين الا الوعود الكاذبة والاصوات العالية وخير منهم من يعد شعبنا بالعمل والحكمة وطرح الاقتراحات البناءة واطفاء النيران لا التوعد باشعالها.

آخر محطة:
ارجو الا نقوم في الانتخابات المقبلة بعملين متناقضين تماما، اي ان نشتكي من تخلفنا عن الجيران وسوء خدماتنا الصحية والتعليمية وتفشي البطالة.. الخ، ثم القيام بانتخاب المرشحين المتأزمين، فالمسؤولية هذه المرة لا تتحملها الحكومة ولا حتى هؤلاء النواب المخادعون، بل يتحملها من يوصلهم للكراسي الخضراء كي يمارسوا الخراب والدمار المعتاد.

احمد الصراف

10أسئلة لنائب الفضيلة

نصب النائب السابق وليد الطبطبائي نفسه منذ اليوم الأول لدخوله المعترك الانتخابي، المدافع الأول عن الأخلاق والعادات والتقاليد، مكرسا وقته النيابي لمحاربة المفاسد، تاركا قضايا السرقات والنصب والاحتيال المالي الأخرى لغيره، متنعما بمقابل ما يكتب غير عابئ بما يقال عنه. حتى بعد حادثة الغرق الشهيرة في «كنكون»، التي كادت تودي بتاريخه السياسي، وربما بحياته، تمكن من تجاوزها بأقل قدر من الخسائر، مثلما نجح في تجاوز كل ما أشيع عن ارتباطاته العاطفية التي غالبا ما تنسج حول السياسيين، ولكن عندما فجر النائب السابق فيصل المسلم قضية الشيكات الصادرة من مكتب رئيس مجلس الوزراء لمصلحة عدد من النواب، بدا وكأن الأمور ستأخذ منحى آخر، حيث أشيع أنه، وأثناء زيارة النائب لديوانية معروفة في معقله الانتخابي طلب منه الحضور نفي ما أشيع عن وجود اسمه ضمن المستفيدين من شيكات رئيس مجلس الوزراء فنفى، لكنه عاد وأكد، تحت القسم، أنه سبق أن قبض ما سموه «تبرعاً» بمبلغ خمسين ألف دينار فقط، ولكن لمبرته الخيرية التي يرأس مجلس إدارتها، وليس لشخصه!! وفي لقاء الجمعية الذي أجرته «القبس» مع الطبطبائي أكد أنه سبق أن قبض من الرئيس شيكا لحساب المبرة! وهنا سنصدق، وبتلكؤ شديد، ادعاءه هذا، ولكن بتمحيص باقي أقواله لـ«القبس» سنجد أن هناك لبساً كبيراً! فهو يدعي أن التبرع حصل بعد أن قبل سموه عام 2007 رعاية «الملتقى الخيري الإنساني الأول»، وأن المبلغ كان لمصلحة «مبرة الأعمال الخيرية» فما علاقة رعاية ملتقى عام ودفع مبلغ كبير لمبرة خاصة؟ ولماذا لم يصدر الرئيس الشيك باسم المبرة مباشرة، إن كانت قانونية ومشهرة ولديها حساب في أحد المصارف؟ وإذا كانت غير ذلك فكيف تبرع لها الرئيس؟ ولماذا لم يقم الراعي الأول للأخلاق في مجلس الأمة السابق، وبطل محاربة الفساد الأول، بالإعلان عن التبرع في حينه؟ ولماذا سكت عندما ملأت الاشاعات البلد بخصوص شيكات رئيس الحكومة؟ ولماذا لم يعترف إلا بعد أن طلب منه القسم على القرآن بأنه لم يقبض شيكات من رئيس مجلس الوزراء؟
ولو صدقنا، وأيضا على مضض، بأن الشيك أودع بحساب المبرة فأين صورة كشف حساب البنك الذي يبين ذلك؟ وأين تقرير وزارة الشؤون الذي يوضح طريقة صرف المبلغ، وأنه لم يستفد منه شخصيا؟ ولو صدقنا أيضا وأيضا وأيضا ان شيك رئيس الوزراء الصادر له كان للصرف على «أسر متعففة»، فلا شك أن هذه الأسر لم تكن من أهالي بنيد القار وخيطان، بل من منطقته الانتخابية، فهل بإمكانه التأكيد ان تلك المعونات، إن صدق ادعاء توزيعها، لم تساهم في تجيير أصوات المستفيدين منها لمصلحته في الانتخابات النيابية الماضية على الأقل؟
مجموعة من الاسئلة نضعها بتصرف نائب الفضيلة والأخلاق السابق، راجين تكرمه بالرد عليها، وفي حال امتناعه عن ذلك فستثبت التهم بحقه ويبقى بعدها أمر إعادة انتخابه بيد ناخبيه.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الحرب المرتقبة داخليا… بين معسكرين!

 

بعد أن كتبت آخر سطر في هذا المقال، عدت من جديد إلى اللقاء الذي عقد بين وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وبين الأمين العام للجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي، بحضور رئيس الأمن العام اللواء عبداللطيف الزياني، فهو لقاء مهم بلا ريب وخصوصا مع ما صرّح به الدرازي من أن الوزير طالب في بداية اللقاء الاستماع «إلى رأي الجمعية وملاحظاتها بشكل حقيقي ومن دون مجاملات».

وفي الواقع، هذا لقاء جدير بأن يسجل كنقطة تميز للجمعية، وخصوصا في ظرف شديد الحساسية، ووسط تعابير مقلقة يستخدمها (البعض) تصل إلى حد نذر الحرب!

إذا كنا على أعتاب حرب داخلية مرتقبة بين معسكرين… يمثل الطرف الأول فيها معسكر (الدولة)، والطرف الثاني معسكر مجموعات من الشباب والمراهقين «المسلحين» والمدربين والمهيئين لخوض تلك الحرب، كما يروج البعض في أكثر من موقع، فإن الأولى ثم الأولى، أن تسقط هذه الفكرة الخطيرة، ويكف مروجوها عن عملهم الأرعن، ويتعقل عشاق العنف والتخريب… إذا كان أمن البلاد واستقرارها يهمهم كثيرا!

إن مجرد تكثيف الترويج لمثل هذه الأفكار الهدامة، من شأنه أن يؤزم الوضع وينحى به نحو المزيد من الاضطراب والتصادم، وإن كان من قبيل الإشاعات المغرضة، فذلك النوع من الإشاعات له فعل مدمر أشد بكثير من الممارسات العنيفة المرفوضة التي تشهدها الكثير من القرى والشوارع الرئيسية عند مداخلها، لكن الدعوة إلى استخدام القوة من دون سواها، وقطع الطريق أمام التحركات والمبادرات الوطنية الهادفة إلى إنهاء حالة التأزم واستتباب الأمن، هي دعوة في حد ذاتها… شر مستطير.

لم نكن يوما، ولن نكون في أتون حرب! بلى، هناك أعمال عنف وحرق وتخريب في العديد من القرى، تتخللها بين الفينة والأخرى، اعتداءات يذهب ضحيتها الأبرياء وتثير حالة من الهلع والقلق على البلاد والعباد، وفي شأنها، تتعدد الآراء، فرأي يتعصب إلى أشد مراتب التعصب ويعتبرها (نضالا) من أجل نيل الحقوق، ورأي آخر يراها انحرافا خطيرا عن المطالب السلمية المشروعة ويدرجها تحت عنوان الممارسات الإرهابية، ورأي آخر يرجع سبب اشتدادها إلى غياب التحاور المسئول المنطلق من روح وطنية للتصدي لكل ما من شأنه الإضرار بالسلم الاجتماعي.

ولكن تبقى بعض الممارسات اللامقبولة، على شاكلة تخريب الممتلكات العامة والخاصة، وحرق الإطارات وحاويات القمامة واسطوانات الغاز، والاعتداء على الأبرياء، مهما كان الطرف المعتدي والبادئ بالشر، وتعريض حياة مواطنين ومقيمين بل وحتى من رجال الأمن، وكذلك من الشباب والأطفال، ورفع الشعارات المعادية للدولة، تبقى كلها ممارسات منحرفة لا مسوغ لها إلا بالنسبة إلى من تحول من المطالب المشروعة، إلى مآرب أخرى من قبيل زعزعة الأمن والاستقرار والنيل من السلطة.

إن الفئة الرافضة لهذه الممارسات والأعمال العنيفة المهددة للأمن الوطني، ومع إدراكها بأنها أفعال منفلتة لشباب ومراهقين لا رقابة عليهم لا من جانب أولياء أمورهم ولا من جانب الرموز الدينية والسياسية والناشطين، تطالب تلك الفئة، وزارة الداخلية بأن تقوم بدورها الوطني في حماية البلاد وهذه مسئولية كبيرة، وفي ذات الوقت، محاسبة أي مسئول، مهما كانت رتبته، في حال تسبب في تعريض حياة الأهالي للخطر، أو تجاوز الحدود القانونية في تعامله مع أي ظرف أمني، أو انتهك حرمات البيوت أو أفرط في استخدام القوة من دون مبرر، فمثل هذه التصرفات أيضا، تدخل تحت طائلة تعريض أمن المجتمع للخطر.

سألني بعض الشباب، لماذا تهاجمنا دائما وأنت تعلم بأن مطالبنا مشروعة؟ فأقول وأنتم تعلمون بأن الغالبية العظمى من المواطنين، من الطائفتين الكريمتين، مع المطالب السلمية المشروعة، ومع رفض العنف والعنف المضاد والإفراط في استخدام القوة، من أي طرف جاء ذلك العنف، ولسنا أبدا مع دعوات العداء للدولة وتدمير القرى وحرقها وحرمان المواطنين من خدمات الإنارة والإشارات الضوئية، بل وحرمانهم من الأمان في مناطق سكنهم… إن التحركات السلمية متاحة، بل أصبحت البحرين على أعلى قائمة دول العالم التي تشهد الأعتصامات والمسيرات والاحتجاجات، فنتمنى من المنظمين ومن المشاركين الالتزام بالنهج السلمي، وندعو المسئولين الأمنيين أيضا، إلى تجربة الأسلوب الذي أثبت فعاليته… وهو ترك المجال للمواطنين في حال تنظيم المسيرات والاعتصامات لأن يبدأوا برنامجهم، وينهوه، ويذهبوا إلى بيوتهم دون الحاجة إلى المواجهة العنيفة، ولا بأس بمراقبة الوضع بدءا بإصدار الإخطار، والتأكد من سلامة الجميع ميدانيا، كما من المهم التأكيد على عدم استخدام الأسلوب الاستفزازي الرخيص من أي طرف.

لقد شهدنا في أكثر من موقف، كيف أن بعض الضباط الأكفاء، المتمكنين والمقتدرين شخصيا ومهنيا، أشرفوا على الكثير من الفعاليات، فبدأت بسلام وانتهت بسلام، فما المانع في أن تكون هذه هي الصورة المثلى في مجتمع أصبح -على ما يبدو- لا يستغني عن المسيرات والاعتصامات، لكنه من دون شك، لا يريد العنف ولا التدمير ولا التحريق ولا الاعتداء على خلق الله.

ليس في البحرين مواطن تهمه مصلحة بلاده لا يؤمن بمبدأ الحوار، وعلى رغم أن مصطلح الحوار ينطلق في خطب الجمعة وفي التصريحات وفي الندوات، لكنه في حاجة إلى تفعيل حقيقي من جانب الدولة ومن جانب الرموز الدينية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وما من شك في أن تأكيد وزير الداخلية في لقائه مع أعضاء من كتلة الوفاق، على إمكانية التحاور مع من تهمهم مصلحة بلادهم، هو موقف الدولة، فمتى نرى نهاية لما تمر به بلادنا من ظرف شديد محزن موجع؟ حتى يتوقف داعمو العنف ومروجوه ومنفذوه ميدانيا، وتخرس طبول الحرب الوهمية؟

احمد الصراف

يقول وليد الرجيب

«.. عندما ندققق وننتبه نرى الاشياء بجمالها على حقيقتها، الأشياء التي نمر بها عابرين بشكل يومي، في حياتنا لا توجد دنيا واحدة ولكننا نختار، بوعي أو من دون وعي، دنيانا التي نعيش ونموت فيها، كم إنسانا على هذه الكرة الارضية يحرص على رؤية شروق الشمس وغروبها؟ كم واحدا فينا يعرف كل تفاصيل الشارع الذي يمر به يوميا، ولسنوات طويلة: اللافتات، الأشجار، الألوان، الأرصفة؟ نعيش لاهثين وكأننا نسعى للحاق بشيء أو الهروب من شيء، فلهاثنا دائم حتى آخر نفس نلفظه من صدورنا، ليأتي آخر العمر ونكتشف أننا لم نحقق شيئا..».
هذه فقرة من قصة «اليوم التالي لأمس» الرواية الجديدة للمبدع وليد الرجيب، التي وضع في صفحاتها الثلاثمائة خبرته كقاص وكاختصاصي نفسي، ونقل القارئ معه من فصل لآخر في رحلة ممتعة تروي قصة حب جميلة بين طرفين، طرفها الأول أرمل وحيد وطرفها الآخر زوجة حزينة. وعلى الرغم من البساطة الظاهرة للفكرة فإن الحوار والنهاية غير المتوقعة، والقالب الصعب الذي وضعت فيه قصة الحب جعلت من الصعب على أي كائن كان رفض العلاقة الجميلة، أو عدم الحرص على تكملته القراءة، حتى في مجتمع محافظ على درجة التزمت كمجتمعنا الذي يطغى الرياء على تصرفات الكثير من افراده!
رواية جميلة وجديرة بالقراءة، ويمكن الحصول عليها إلكترونيا من خلال موقع: www.arabicebook.com

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بكّير يا كويت

وفي لحظة مشهودة، أنهى الرعد والبرق مهمتيهما بنجاح وتراجعا إلى الخلف، واختفيا وبقي صدى صوتيهما «ألا هل بلغنا، اللهم فاشهد». وتقدمت الغيوم الصفوف، يد على ظهرها والأخرى على بطنها، تتمايل كتمايل الحامل، ثم تربّعت وأطلقت آهاتها، وهات أشوف…

لأول مرة أشاهد منظرا كهذا. السماء كانت غاضبة، تبكي بحرارةِ مَن فقدت ابنها الوحيد، أو كأنها أكلت لقمة سامة فوضعت أصبعها في فمها واستفرغت كل ما في جوفها. يا الله سيجف مخزون السماء بالتأكيد بعد هذا الصباح. كانت تنثر ماءها بانتقام وإسراف، وأظنها لن تجد ما يكفيها للطبخ، وستستجدي الجيران. الإسراف عواقبه وخيمة، وبعدما رفعت المظلات الرايات البيضاء… تسابقنا نحن المارة إلى الجدران طلباً للرحمة سباقَ حياة وموت، والتصق بعضُنا ببعض لشدة الزحام، وكأننا نتواصى بالثبات في وجه هذه الغاضبة العنيفة… لحظتذاك، حبكت معاي السوالف في عز المعمعة فالتفتّ إلى صاحبي وقلت: «سحقا لكم، لماذا أغضبتم السماء إلى هذا الحد أيها الفرنسيون الفسقة؟» فأجابني ضاحكا: «يا عمي حساسة كتير هالسماء، هيئتها جابت معها سماوات تانيين يساعدوها بكبّ المييّ»، قلت: «تفقد المحيطات يرحمني ويرحمك الله، يبدو أن أحدها ذهب في مشوار سريع إلى السماء وها هو يعود إلى موقعه على الأرض»، ووعدني ذلك، سيتفقد المحيطات وسيخبرني… وبعد نحو ساعة من الغضب المدرار، استقر المحيط في موقعه، واكتفت السماء بما فعلته بالأرض، فمسحت دموعها وأغلقت فمها الشاغر ولوّحت لنا سحبها بكفوف الوداع، فودّعناها بزفرات ارتياح صادقة: «بحفظ الله، ما تشوفين شر».

ما هالني، هو أن الشوارع لم تتوقف أبدا، وأن الحياة عادت إلى طبيعتها، للدرجة التي دفعتني إلى التساؤل؛ هل ما حدث قبل قليل كان حفلة تنكرية، أو كاميرا خفية، ويجب الآن أن نتبادل الضحك والأحضان بعدما عرفنا موقع الكاميرا؟. قلت لصاحبي: «لو عطست السماء عندنا في الكويت، عطست فقط، لعقدت الحكومة جلسة طارئة ولتوقفت الشوارع عن التنفس، ولتسابق شيوخ الفتاوى مئة متر حواجز «هذا غضب رباني بسبب ستار أكاديمي، لا بسبب سوبر ستار، لا بل هلا فبراير»، ولتقدم بعض تجارنا بعروضهم لحل المشكلة واستيراد شوارع لا تعمل، كما فعلوا في طوارئ الكهرباء… بينما تشرب شوارعكم كل هذه الكميات من الماء وهي جالسة في المقهى تواصل حديثها على الموبايل مع حبيبها، وكأن شيئا لم يكن!». فقال: «هون ما تعتل همّ خيّي»، ثم أشار إلى عقلة أصبعه «الكويت هالقدّ وفلوسكن يا ما شاء الله»، قلت: «هذا بلا أبوك يا توني».

قلت له ذلك وأنا أتخيل شوارعنا الغارقة، وأتخيل حكومتنا مجتمعة كالعادة، وتلفزيونها يبث الأغاني الوطنية، وقنواتها الخاصة تلقي باللوم في حضن «نواب التأزيم». هاهاها.

بالتأكيد ستغرق الكويت في شبر ماء، أو عطسة سماء. فحكومة تحارب الفرعيات، أو تدّعي ذلك، على اعتبار أن اختيار القادة يجب ألا يرتبط بصلة القرابة، ثم تختار (الحكومة) ستة من وزرائها من أسرة واحدة، الأسرة الحاكمة، بالتأكيد ستغرق وستغرقنا معها. ولا أدري هل يظن الشيوخ أنهم يحبون أبناء عمومتهم أكثر مما نحب نحن أبناء عمومتنا. يجوز. ثم تختار بعد ذلك أحمد باقر (هذا الوزير، لو مات لا قدر الله بعد عمر طويل، لأغلقت الحكومة أبوابها ولباعت أثاثها مستعملا)، ثم تختار بعد باقر عبدالهادي الصالح ليقوم بتوزيع كتيبات فضل صيام عاشوراء، أو قصة معركة الجمل، وتختار عبدالواحد العوضي الذي سيدخل الحكومة مرتديا قفازاته حتى لا تبقى بصماته على الباب، وقس على ذلك يا صاحبي… بالتأكيد ستغرق الكويت، وستبقى كذلك لأنها «صغيرة» في عيني حكومتها، و«بكّير بعدك يا صغيرة، بكّير تتصيري كبيرة، بكّير بعدك ع الغيرة، بكّير».

 

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

وبدأ التسونامي الاقتصادي تدميره

بينما نحن مشغولون بأزماتنا السياسية وانتخاباتنا النيابية ومعاركنا الإعلامية والكلامية بدأ يجتاح الكويت تسونامي اقتصادي مدمر لم نشهد له مثيلا في تاريخنا، ستسقط مقدمته الشركات المساهمة بمختلف أنواعها، ثم يتعداها الى البنوك التي اقرضتها ومنها الى كينونة البلد ومواطنيه حيث سيتسبب تفعيل قانون ضمان الودائع في تسييل جميع أصولنا وبيعها بأبخس الأثمان لدفع أثمانها للمودعين ما يعني التدمير الكامل لاقتصادنا وتوقف الدولة على الأرجح عن دفع الرواتب والأجور في المستقبل.

وإذا كنا نفهم ونتفهم ان تربح أو تخسر هذه الشركة أو تلك مليونا أو خمسة ملايين دينار، إلا أننا لا نستطيع ان نستوعب أرقام خسائر مجنونة كأن تخسر شركة مواد بناء ما يقارب المائة مليون دولار في حقبة كان فيها الطلب على أشده على تلك المواد، فمن أين أتت الخسائر؟ وأين ذهبت الأموال؟

ويردد بعض الساسة والأكاديميين والإعلاميين كالببغاء ان إنقاذ الشركات والبنوك في الشرق والغرب تم لأنها تدفع الضرائب (!) ونحن لا ضرائب عندنا، متناسين ان ما دفع للاستحواذ على شركات العقار والتأمين والبنوك الاستثمارية الغربية لا يمكن ان يسترد من خلال الضرائب حتى بعد ألف عام، فخطط الإنقاذ قد فعّلت كي لا تكبر كرة ثلج الأزمة الاقتصادية وتدمر كل شيء أمامها.

انّ جعل دفع الضرائب مقياسا للإنقاذ الاقتصادي من عدمه في بلدنا يعني الا ننقذ الافراد كذلك، حيث ان المواطن الأميركي والأوروبي والآسيوي يقوم بدفع الضرائب التي لا يدفعها المواطن الكويتي فهل يعني هذا تركه لمصيره كحال تركنا للشركات المساهمة والبنوك؟!

ان كبار الخبراء والمستشارين في العالم يحذّرون من تداعيات أزمتي شركات الاستثمار في الكويت وشركات العقار في دبي ومازالت دولة الامارات تعمل جاهدة لحل اشكالها العقاري بينما يكتفي البعض الجاهل لدينا في الكويت باختزال ذلك التسونامي في أنه مشكلة 10 أفراد لا غير يراد إنقاذهم وتعجز الكلمات بعد ذلك عن الرد على تلك الافتراءات.

ان على الدولة ان تتحرك بسرعة بعد ان تأخرت كثيرا في ضخ الأموال والسيولة اللازمة للسوق وتلك المبالغ لن يعرف مقدارها حتى تبدأ خطوات العلاج الأولى، وهذا ما حدث تماما في الغرب حيث ضخت الأموال ثم ضخ المزيد منها حتى ان بعض دولهم تقوم هذه الأيام بضخ الأموال للمرة الخامسة في السوق لعل وعسى أن يتوقف التسونامي ويقل تضخم كرة الثلج الاقتصادية وتداعياتها الرهيبة.

آخر محطة:
آخر ما يحتاجه البلد هذه الأيام هو حناجر تصدح وتصرخ ضد مشروع الإنقاذ الاقتصادي كوسيلة للوصول للكراسي الخضراء على حساب تدمير الوطن.

احمد الصراف

الرصيف الشاهد على التدهور الخلقي

أسلك يوميا الدائري الخامس في طريقي الى المكتب، وقبل سنة تقريبا بدأت وزارة الاشغال، مشكورة وممنونة، أو هكذا ظننت، بإجراء صيانة شاملة على حاجز الكونكريت الذي يقع في منتصف اتجاهي الطريق السريع، وقد لاحظت في حينه بطء العمل وسوء المصنعية وقمت بإبلاغ الوزير الصديق موسى الصراف بذلك، ولكن نظام الاسئلة البرلمانية وركاكة نظام الاستجوابات لم يتركا له، او لغيره من الوزراء الجيدين فرصة الانتباه الى مثل هذه الامور.. الصغيرة!
ما ان انتهت اعمال الصيانة، وربما اثناءها، حتى بدأت تنعكس قيم المواطنين والوافدين واخلاقهم وطريقة تربيتهم ونظرتهم إلى الآخر على اطراف رصيف منتصف الطريق الذي انقلب خلال اشهر قليلة الى لوحة سريالية في كل مائة متر منه او اقل، وذلك من قبل مجموعة لا بأس بها من سائقي المركبات المصرين على معانقة الرصيف وترك الوان سياراتهم البهيجة عليه، مع نثر بعض من قطع الغيار هنا وهناك.. تبركا، مع اصرار البعض على تهشيم جزء من الرصيف وتركه شاهدا للتاريخ ليدل على مدى رعونة البعض، واهمال وتخلف ادارة المرور التي تصر على السماح لكل من هب ودب بقيادة مركبة حتى ولو كان، او كانت، لا تعرف التفريق بين حرف الألف وعود الكبريت، دع عنك المنقبات ومستخدمي الهواتف النقالة!
ولو غضضنا النظر عن اعتداءات البعض على هذا الرصيف الذي يبلغ ارتفاعه اكثر من متر وطوله يتجاوز العشرة كيلومترات والذي لا يخلو جزء منه من ضربة مركبة او حادث انزلاق او تهشيم حافلة، لوجدنا انه يمثل، بوضعه الحالي، عنوانا صارخا لحال الفساد التي تعم دولتنا «الفتية، واللي غيرها ما نبي»! فعلى الرغم من مرور اقل من عام على انتهاء صيانة الحاجز الاوسط، فان مظاهر الشيخوخة المبكرة والعجز بدآ يظهران عليه، حيث تكاثرت فيه الشروخ وتهدمت اجزاء كبيرة منه وتساقطت القشرة الاسمنتية التي طليت به لتغطية عيوبه الكثيرة!
فإذا كان من قام بأعمال صيانة ذلك الرصيف لم يعبأ بانكشاف امره، والطريق يمر عليه سنويا اكثر من 5 ملايين سائق مركبة، فكيف الحال اذن مع المقاولين الذين يعملون في الغرف المغلقة او تحت الارض؟
وهذا يقودنا الى أمرين: الاول يتعلق بأهمية الصيانة المستمرة والمستدامة، فلا يكفي بناء العمارات وتشييد المصانع ورصف الطرق ان لم يواكب كل ذلك نظام صيانة معتمد، فأعمال الصيانة الجارية على أغلبية مرافق الدولة تخضع للمصادفة وتوافر الميزانية، واهواء المسؤول ورغباته.
والامر الآخر يتعلق بضرورة محاسبة من اشرف ونفذ وراقب اعمال صيانة رصيف الدائري الخامس، فحبر الشيك الذي دفع له لايزال طريا لم ينشف!
نتمنى على وكيل الاشغال القيام بشيء ما في هذا الصدد.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

برلمان 2010

 

إذا شاء الله سبحانه وتعالى، لنا ولجميع القراء الكرام، بل ولمملكة البحرين قيادة وحكومة وشعبا، أن نشهد تجربة الانتخابات البلدية والنيابية في العام 2010، مقاطعين ومشاركين… متفائلين بتقدم التجربة ومتشائمين… مطالبين بالتعديلات الدستورية وإعادة النظر في توزيع الدوائر وغير مطالبين… موالين ومعارضين… رجالا ونساء، فإن ثمة صورة متخيلة لدى الفقير لله، لن تكون أفضل من صورة ما نحن عليه الآن.

إن أعطانا الله وإياكم عمرا، سأذكركم بأن ذات الأداء وذات التركيبة البرلمانية، وربما ذات الوجوه، وذات الإشكالات والمصادمات والمشاحنات، وذات العلاقة بين الحكومة والنواب، ستكون هي هي في البرلمان المرتقب في العام 2010، اللهم إلا في حالة واحدة: أن يتحرر المواطن البحريني من قيد الخوف من اتخاذ قراره بنفسه، وبشجاعة الرافض لتكرار ذات الأخطاء، وأن يختار مرشحه مرشحته بنفسه من دون إملاءات انتخابية طائفية أو حزبية، أي أن يكون شجاعا في الاختيار الحر ثم التصويت الحر، داخل كبينة صغيرة لا يعلم عن قراره إلا الله سبحانه وتعالى وحده.

وهذا الأمر أيضا، لن يتم؟! فالعقل الجمعي، وقوة التأثير المحيطة السالبة للقرار الشخصي، والمستسلمة للتوجيه الجماعي وفقا للانتماء الطائفي والسياسي، ستقوى أكثر وأكثر، ولا عتب على الكتل الانتخابية في مختلف الدوائر، إن استسلمت لهكذا توجيه، ولا عتب أيضا، على الجمعيات السياسية إن واصلت عملها في كسب كل صوت تستطيع الوصول إليه، كرها أو طوعا، ولا عجب، فهذه هي قمة الاحتراف في الصراع الانتخابي، ليس في المجتمعات النامية ديمقراطيا، بل حتى العريقة منها.

وربما يكون للسيناريو مسار آخر وارد لا محالة، وهو بقاء كتل انتخابية على قرارها المقاطع للمشاركة، وتنضم إليها كتلة انتخابية أخرى كانت فاعلة في انتخابات 2006، ولن تكون كذلك في انتخابات 2010، وهم جموع من المواطنين الذين وجدوا في من انتخبوهم ليكونوا ممثلين لهم، خيبة أمل لا مثيل لها، وأداء يجدونه أكثر من سيئ، وتجربة طمحوا لأن تكون منطلقا لحياة ديمقراطية مميزة، فلم يجنوا منها سوى المزيد من الشروخ الطائفية، والمزيد من الصدام الاجتماعي المؤثر على استقرار المجتمع، والمزيد المزيد من التحزب اللامبالي بقضايا المواطنين الرئيسية، والمزيد من التطلع للمصالح الفئوية.

ومع ذلك، لن يكون لهذه الكتلة تأثير يذكر، وستسير الانتخابات بمشاركة كبيرة… هكذا أتوقع.

وعلى أية حال، وعلى رغم وجود آراء محدودة تجد في الممارسة البرلمانية في تجربتها الأولى سقفا لا بأس به من الأداء الجيد المؤسس لنضج أكبر مستقبلا، إلا أننا لو استطلعنا رأي السواد الأعظم من المواطنين، وفق استبيان ميداني، فمن دون شك، ستكون النسبة الأكبر للمعبرين عن خيبة أملهم واستيائهم من أداء البرلمان، على اعتبار أن ما تحقق من إيجابيات، إن وجدت، أقل بكثير من مستوى الطموح، وربما طغت السلبيات بقوة، وهذا ما بدا من خلال استبيان أجرته الزميلة (أخبار الخليج) والذي أعرب فيه 76 في المئة من المواطنين بشأن أداء المجلس النيابي في الدور الثاني من الفصل التشريعي الثاني، عن عدم اقتناعهم بأداء النواب في هذا الفصل، وقال 45 في المئة منهم إن الأداء لم يكن مرضيا أبدا، واعتبر31 في المئة أن الأداء كان مرضيا إلى حد ما لكنه ليس مقنعا. فيما اعتبر 51 في المئة أن البرلمان لم يرضِ طموحات الشعب منذ إنشائه وحتى الآن، ورأى 70 في المئة منهم أن الطائفية كانت السمة الغالبة على الاستجوابات، كما ذكر 38 في المئة أن الصراع بين الكتل النيابية كان كبيرا وجاء على حساب إنجازات البرلمانيين.

في حين رأى 87 في المئة من المواطنين أن التسييس لعب دوره في المجلس النيابي سواء بشكل كبير (45 في المئة)، أو بشكل محدود (42 في المئة)، وبنسبة مقاربة لـ(85 في المئة) رأى المبحوثون أن الطائفية لعبت هي الأخرى دورها في المجلس، بينما أوضح 15 في المئة فقط أنه لم يكن للطائفية وجود تحت قبة البرلمان.

من يراهن، على أن الناس ستشارك في انتخابات 2010، وستبقى الوجوه ذاتها أو تتغير قليلا، وسيبقى الحال على ما هو عليه، لكن إلى أين يلجأ المتضرر؟

سامي النصف

خيارات المرحلة المقبلة

في خضم ما يدور في الدواوين وعبر رسائل SMS من سيناريوهات المرحلة المقبلة نرى ان هناك على الأرجح 3 سيناريوهات محتملة الحدوث يأمل الجميع ان تخرجنا في النهاية من نفق الأزمات السياسية المتلاحقة التي عطلت البلاد وأوقفت مصالح العباد.

السيناريو الأول هو ان يتولى سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد رئاسة مجلس الوزراء ومعروف ان الشيخ نواف يحظى بشعبية كبيرة بين المواطنين ولدى أفراد الأسرة الحاكمة كي يتم بذلك تحصين موقع رئاسة الوزراء من عمليات الاستجواب الهادفة لزعزعة وضعضعة هيبة السلطة لأهداف لا تروم مصلحة الكويت.

وخيار الدمج ان تم يجب ان توازيه حلول ناجعة للآليات التي سببت المشاكل السياسية في البلد وعلى رأسها سوء استخدام أداة الاستجواب، حيث قد يرجعنا بعض النواب بعد الدمج لما هو شبيه بما تم قبل عامين من استهداف اغلب الوزراء بالاستجوابات الكيدية المتلاحقة، اننا بحاجة للجنة من حكماء وخبراء كويتيين تنظر في العمل لإرجاع الاستجواب لأهدافه الخيرة وترشيد استخدامه عبر تمريره على مكتب المجلس ووضع حد أدنى لعدد النواب الذين يتقدمون به.

السيناريو الثاني هو قبول الشيخ ناصر المحمد بالعودة لتشكيل وزارة جديدة وهو امر يجب ان يصاحبه ما أتى في الفقرة السابقة، اضافة الى الحاجة لخلق قواعد جديدة للعبة السياسية من قبل الحكومة واختيار اللاعبين المناسبين لتلك الحقبة، فالعودة للنهج السابق تعني بكل بساطة العودة لنفس معاناة الماضي.

السيناريو الثالث في حال تعذر العمل بالسيناريوهين الأولين لأسباب قاهرة هو ان يتم تكليف احد افراد الاسرة الحاكمة برئاسة الوزارة دون الالتزام بالاستمرارية والديمومة، بل تحدد المدة بمقدار التوفيق والإنجاز، ومن ثم سيكون هناك تدوير بين حين وآخر للرئاسة، ما سيقضي على دعاوى الحاجة لشعبية الوزارة ويعطي فرصة لعدد اكبر من افراد الاسرة الحاكمة لإظهار قدراتهم.

آخر محطة:
سمعنا في أحد الدواوين كلاماً يستحق الوقوف عنده، حيث تم التساؤل عمن يقف خلف الأزمات المتواصلة في البلد ومعارضة القوانين الهادفة لإنقاذ اقتصاده وقبلها خلق تشريعات طفّشت رؤوس أمواله، ومما قيل ان الأمر ليس صدفة او جهلاً بل وراء الاكمة ما وراءها.