احمد الصراف

إحنا اللي دهنا التراب

بشرنا وزير الداخلية بأن الجسور الحديدية التي قامت وزارته بتركيبها على الطرق السريعة والتي تتضمن شاشات عرض صغيرة سيستفاد منها بطريقة كاملة ومناسبة خلال شهر من تصريحه، وها قد مر أكثر من ثلاثة اشهر على ذلك التصريح، ولم يتغير شيء في تلك اللوحات غير اضافة اربعة ارقام لها تبين الوقت، وهذا آخر شيء يحتاجه سائق أي مركبة على الطرق السريعة بسبب تعدد وسائل معرفة الوقت لديه!! إن وزير الداخلية مطالب باجراء تحقيق عن الجهة التي أوصت بشراء هذه الجسور وتركيبها، والجهة التي وافقت عليها في نهاية الامر، علما بأن لا أحد من كبار ضباط وزارة الداخلية الذين سألتهم عن موضوع هذه الجسور يعلم شيئا عن الجهة الموردة او الغرض الحقيقي من وراء تركيب تلك الهياكل الحديدية الباهظة الثمن، ولا عن الجهة التي اقرت شراء نظام واجهزة الكمبيوتر الداعمة لها! ومن الواضح ان الملايين التي صرفت على شرائها قد ضاعت. كما أنها ستتعرض قريبا للخراب والتلف وسيلحقها الصدأ خلال فترة قصيرة، قبل أن نعرف الغرض من تركيبها، وهي الآن لا يستفاد منها في غير بيان السرعة القصوى المسموح بها على طريق ما، علما بأن على يمين كل جسر توجد لوحات معدنية لا يتجاوز ثمن الواحدة منها عشرين او ثلاثين دينارا، تقوم بأداء الغرض نفسه منذ سنوات من دون كمبيوتر أو تلف أو صيانة، وبالتالي لم يكن هناك أي داع اصلا لهذه الجسور الحديدية التي يذكرني وجودها صباح كل يوم بذلك العبقري الذي وافق قبل سنوات على طلاء المنحدرات الترابية التي تشكل الأكتاف الداعمة للجسور على الطرق السريعة بطلاء أخضر اللون لتبدو وكأنها مناطق مزروعة!! كما تذكرني تلك الجسور أيضا بمئات أشجار النخيل «البلاستيكية» البشعة الشكل واللون، التي قام «عبقري» آخر بالموافقة على زراعتها في كل أنحاء الكويت، والتي اختفت فجأة بعد أن تعرضت للتلف والخراب وبعد أن أضحكت العالم علينا، وبينت مدى سقم ذوقنا وسماجته، وبعد أن استفاد من وراء تركيبها من استفاد(!!)

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

علماء «الأمة»… مقابل مشايخ «الفتنة»

 

مع شديد الأسف، تتوارى أصوات علماء «الأمة» الأفاضل ذوي الحرص على استقرار المجتمع الإسلامي وتختفي، فيما تتصدر خطب وأقوال وهستيريا مشايخ «الفتنة»، وهم في الغالب (نكرات) ليس لهم ثقل في الأمة، حتى وإن ذكرنا من بينهم علما كبيرا أو علمين من لهم مكانة واحترام، لكنه لكنهما، أسقط أسقطا أنفسهما في براثن الفتنة والدعوات التحريضية التي لا تزال آثارها باقية وماثلة في العالم الإسلامي لسبب أن دعوة جاهلية أو خطبة رعناء أو لقاء في قناة فضائية أحدثت بين بعض أبناء الأمة ما أحدثت من خلاف وشقاق وعداء وكراهية.

والحال كذلك، لا يظهر على السطح إلا دعوات الفتنة، فتنتشر سريعا في كل مكان، ويعقبها حملات مؤيدة ومعارضة، فيما يندر أن تجد كلمة سواء من قبل علماء الأمة الأفاضل وقد احتوت كل هذا الهوس بالطائفية والتدمير والرغبة في رؤية الدماء والتناحر.

في أحد المراصد العربية المعنية بالاستفتاءات، طرحت قضية خطورة الخلاف السني الشيعي على السلم الاجتماعي في الدول العربية والإسلامية للنقاش، وشملت العينة المبحوثة 1775 مشاركا من مختلف المذاهب الإسلامية، ووفقا للاستفتاء، رأت نسبة 18.08 في المئة (المصوتون = 321) أن تصعيد الخلاف السني الشيعي وراءه مخابرات دولية مثل الموساد وغيرها، بينما نسبة مقدارها 49.07 في المئة (المصوتون = 871) أن الفكر التكفيري السلفي والمنهج المتشدد المتعصب وراء الفتنة الطائفية في العالم العربي والإسلامي، بينما ذكرت شريحة أخرى نسبتها 12.56 في المئة (المصوتون = 223) أن التطرف الشيعي في العبادات وممارسات الشعائر وطرحه للمسائل التاريخية هو الذي سبب الفتنة الطائفية بين المسلمين، وأشارت نسبة مقدارها 5.79 في المئة (المصوتون = 106) إلى أن الجهل في معرفة كل مذهب بالآخر هو وراء ظاهرة التعصب المذهبي، واعتبرت نسبة مقدارها 14.31 في المئة (المصوتون = 254) أن غياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحريات الدينية وراء ظهور التعصب المذهبي.

ولم يخف بعض الكتاب والباحثين، ومنهم الكاتب والباحث الجزائري باهي صالح، قلقهم من تنامي ظاهرة (الكراهية بين أبناء السنة والشيعة)، لكنهم يحصرون أسبابها في (فتنة) مروجي الطائفية من بعض من يطلق عليهم (علماء)، وغياب الدور الحقيقي للعلماء العاملين، فباهي صالح يشدد على أن مشايخ الحمق والهبل من الطّائفتين (الشّيعة والسّنة) يدقّون طبول حرب وشيكة بين الشّيعة والسّنة، يصبّون الزّيت والبنزين على النّار بتصريحاتهم الغبيّة، والعامّة من ورائهم يتحرّكون بالرّموت كنترول. مندفعون بلا وعي ولا عقل، إرادتهم توجّهها العاطفة الدّينيّة الجيّاشة، لا همّة لهم إلاّ في القتل والإفساد والأذى، عقولهم صادرها علماء دينهم فلم يعد لهم عليها سلطان، وبعزيمة تشحذها وتقوّيها الرّغبة في إحياء فريضة الجهاد ونيل إحدى الحسنيين… إمّا النّصر أو الاستشهاد يتواجه الفريقان على ساحات الوغى في بلدانهم وأوطانهم، وبذلك يكفي اللّه «إسرائيل» ومن ورائها أميركا شرّ القتال (انتهي الاقتباس).

لكن من أصدق الدعوات، تلك الدعوة التي وجهها حديثا العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله، وهي بمثابة نداء خص فيه علماء المسلمين من السنّة والشيعة، قال فيه إنه في غمرة الحوادث التي تعصف بالعالم الإسلامي، وفي ظلّ تصاعد الأزمات وتشكّل المحاور السياسية والطائفية والمذهبية داخل الأمة، وصولا إلى الاشتباك الأمني والسياسي والثقافي، والصراع على الأوهام تحت عناوين حماية هذه الجماعة أو تلك، أحببت أن أتوجه إلى علماء المسلمين من السنة والشيعة لأطلب منهم أن يتحملوا مسئوليتهم التاريخية أمام الأمة ومصيرها.

إذا، هي المسئولية التاريخية، التي يتجاهلها علماء الفتنة، وفي الوقت ذاته، نبحث في مجتمعاتنا الإسلامية عمن يحملها بصدق وإخلاص في العمل، فلا نرى إلا كهمل النعم، ما ينبئ بالمزيد من التناحر، إن بقي ورثة الأنبياء في منأى عن حمل أكبر مسئولية ملقاة على عاتقهم.

سامي النصف

الفرعية و«العانية»

أعلم علم اليقين ان كثيرا من الشيعة يصوتون لمرشحين سنة يرون كفاءتهم أو قد قاموا بمساعدتهم في السابق وانعكاسا لمفهوم الأسرة الواحدة الذي نعيشه جميعا، وأعلم يقينا ان كثيرا من السنة يصوتون كذلك لمرشحين شيعة لنفس الأسباب تماما، وكانت والدتي رحمها الله تصوت للمرشح أحمد لاري لإيمانها بكفاءته وخدمته لبلده ومنطقته، وأؤمن شخصيا بقدرات وكفاءة مرشحة كالدكتورة رولا دشتي لرؤاها الاقتصادية الصائبة في هذه الأوقات المالية الحرجة.

تلك الأمثلة التي تعكس الوحدة الوطنية بأجل صورها ستتهمش وتتكسر فيما لو تم إلغاء قانون تجريم الفرعيات، حيث لن يصوت أحد لمخرج فرعية للطائفة الأخرى، كذلك قد تمتد الفرعيات بعد ذلك لتصبح قبائل ضد حضر، وحضرا ضد قبائل في جميع الدوائر ولنا ان نتصور تبعات ذلك السيناريو المدمر الرهيب فيما لو سمح بفرعيات الأعراق والطوائف نتيجة لإلغاء القانون أو عدم الجدية في تطبيقه.

وقد تسبب نظام الدوائر الخمس ـ سامح الله من دعا له ولم يستمع لعشرات المقالات والمقابلات والنصائح التي كشفنا خلالها عن مساوئه وتأثيره السيئ على وحدتنا الوطنية ـ في انقسام البلد الى حضر وبدو وشيعة وسنة، ثم انقسم المقسم، فالحضر أصبحوا عبارة عن كذا وكذا جماعة والحال كذلك مع الشيعة، وامتد الانقسام لأبناء القبائل حيث بتنا نسمع للمرة الأولى بأن القبيلة تنقسم لهذا الفخذ وذاك وهي أمور لم نسمع بها قط ابان نظام الـ 25 دائرة الذي عمل به لمدة ربع قرن.

لقد أصبحنا في الكويت نشتهر بالغفلة وطلبنا لما يضرنا كما حدث مع دعاة الدوائر الخمس الذين تضرروا من تطبيقها، والحال كذلك مع دعاة الفرعيات التي أصبح ضررها كبيرا على القبائل حيث باتت تحرض الفخوذ على العمل ضد بعضها البعض، كما تفعل القبائل ضد بعضها الآخر، وتقتضي الحكمة ومصلحة الوطن العليا ان تعلن القبائل عن الغائها رسميا والتقيد بالقانون الذي يحظرها كما تم في السابق التسابق العاقل والحكيم بين شيوخ وأبناء القبائل الكرام على الغاء نظام «العانية» الذي أضر بأبناء القبائل.

ومن الأقوال التي تحتاج الى تصحيح الادعاء بأن الغاء الفرعيات سيحرم القبائل من التمثيل داخل البرلمان، وفي ذلك القول عدم صحة اضافة الى طعنه في قدرات وكفاءات أبناء القبائل ممن يستطيعون تسويق أنفسهم وبرنامجهم الانتخابي بما يحصد لهم تأييد الجميع مما قد يخرج للقبيلة أكثر من أربعة نواب، وإن خرج ذات مرة عدد أقل فليس في الأمر نهاية العالم حيث سيخدم جميع النواب مناطقهم وبلدهم ولن يقصروا في نصرة المظلوم وإعادة الحقوق، ولا يستحق الغاء تجريم الفرعيات تحويل بلدنا الى صومال جديد لا يسود السلام والوئام أرجاءه.

آخر محطة:

الملاحظ ان هناك مرشحين من أبناء القبائل الكرام أصبحوا، رغم عدم دخولهم الفرعيات، مضموني النجاح وحصد المراكز الأولى وفي هذا مثال واضح لعدم الحاجة للفرعيات كوسيلة للوصول. رغم ان قانون تجريم الفرعيات يسمح بالتصفيات السياسية (لا الطائفية أو العرقية) إلا ان التوجهات السياسية في البلد لا تقوم به رغم ما يروج. حل اشكال الدوائر الخمس ليس بالتحول للدائرة الواحدة الكارثة غير المعمول بها في العالم أجمع ولا بالتغيير للدوائر الـ 10 المختلف عليها بل بالإيمان بالحكمة المعروفة القائلة: ان العودة عن الخطأ خير من التمادي فيه، ومن ثم العودة للدوائر الـ 25، ثم بعد انتهاء المدن الجديدة للدوائر الـ 30 مع زيادة النواب الى 60 نائبا كحال الديموقراطيات الأخرى التي تزيد عدد دوائرها تباعا ولا تنقصها.

احمد الصراف

مسجد الكندي حسن الشوا

يعيش حسن الشوا في كندا منذ سنوات عدة، حيث يدير عملاً تجارياً ناجحاً. كما ينشط حسن في محيط مسلمي كندا في منطقته، ويشرف على أعمال المسجد والمركز الإسلامي في مدينة بروسار Brossard القريبة من مونتريال في مقاطعة كويبك. وفي 20 مارس الماضي وصلت لحسن رسالة من عمدة المدينة السيد جان مارك بلتييه، يقول فيها: عزيزي السيد حسن الشوا. الموضوع: رسالة اعتذار لمدير المسجد. نرفق لك طيا رسالة تتعلق بالضرائب التي تم فرضها على المسجد للأعوام 2006، 2007، 2008 و2009، وحيث ان الوضع الضريبي للمسجد تغير عام 2008، وألغيت الضرائب عنه إلا أن ضريبة مواقف السيارات والمياه بقيت كما هي من دون الغاء. وعندما قمت بالبحث في الموضوع تبين لي أن الكنائس في منطقة بروسار لا تقوم بدفع أي ضرائب اطلاقاً، في الوقت الذي تحاسب فيه بلدية المدينة المسجد عن ضريبتي المواقف والماء. وتبين لي أيضاً ان الضريبتين استمر فرضهما بناء على قرار شخصي من مدير المدينة، الذي اعترف بعلمه التام بأن كنائس المنطقة لا تدفع شيئا للبلدية، وهذا شكل برأيي قضية تمييز واضحة.
بعد تدخلي المباشر مع المسؤولة عن الضرائب في بلدية المدينة وافقت هذه في النهاية على الغاء ما تم احتسابه على المسجد من ضرائب على المواقف والمياه، وهذا غرض رسالتنا هذه لكم.
كما نود افادتكم بأن تحرياتي ستستمر لكي أثبت بالدليل القاطع ان تصرف مدير مدينة بروسار اتسم بتحيز واضح ضد المسلمين والمسجد. يرجى، ان شئتم، ارسال رسالة الاعتذار هذه لمن ترغبون إعلامه بفحواها، وان عمدة مدينة بروسار يعلمكم من خلالها رفضه لأي أنواع التمييز ضد أي كان ولأي دين انتمى!
حدثت هذه الواقعة الحقيقية في مدينة كاثوليكية صرفة في كندا، اما عندنا فإن حكومتنا، ومجلس أمتنا البائس الآخر، لم يكتفيا بمنع غير المسلمين من بناء دور العبادة الخاصة بهم، بل ومنعا حتى مسلمي البهرة من اقامة مسجدهم!!
آه، أين نحن منك يا كندا، يا من منحت سكنا وأمانا وخبزا لمن فقد كل شيء في وطنه وبين أهله من دون منّة.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي


 ارتاحي… زِيَم

تريدون الصدق أم ابن عمه اللزم الطوفة على الطوفة؟ لولا الصحافة والإعلام لبقيت أنا في حال ترثي لها الأحوال، تمضغني الضبعة وتبصقني… كان اليوم الثالث والعشرون من كل شهر هو يوم عيدي السعيد ونحسي المجيد، واليوم هذا – لمن لا يتحدث لغة الفقر – هو يوم تسلم المعاشات، هو اليوم الوحيد الذي أبتسم فيه لتحلى الصورة، وهو اليوم الذي أدفع فيه إيجار منزلي وقسط سيارتي بعدما يهبر البنك قرضه الذي يعادل نصف راتبي، واليوم الذي أرتدي فيه بزتي العسكرية وأشد وثاق المسدس على وسطي، وأرتب النجوم على منكبيّ، وأتفقد جيبي فإذا هو صحراء جرداء لا نبات فيها ولا ماء.

في الثالث والعشرين من كل شهر، وفي الدقيقة الأولى من بعد منتصف ليل الثاني والعشرين، أتقدم متلثما متبخترا متمخطرا إلى فرع البنك، فيأتيني صوت ماكينة السحب الآلي الأجش: «اهب يا وجهك، ما يمديهم يحطون معاشك جيتني تركض، تتلثم أو تتعرّى، أعرفك من بعيد، من مشيتك»، فأرد على الصوت بصوت أجش منه وأبش: «أنا ابن جلا وطلاّع الثنايا، متى أضع البطاقة تعرفيني، جيتك وجاك الموت يا تارك الصلاة»، وأمتشق البطاقة من غمدها، ولا دريد بن الصمّة وفرسان هوازن، وأطعن الماكينة في مقتل، أسفل الترقوّة، فإذا هي تئن وأنا بوسلمان، وتنقّ راتبي صاغرة فاغرةً فاها، وإذا بالفلوس في يدي تغمغم وتتمتم: «أرجوك ضع فاصلة بين (السلام عليكم) و(مع السلامة)، لا يجوز دمجهما هكذا». فأزجرها وأنهرها: «صه، ولا كلمة، ما عندنا فلوس تسولف تالي الليل».

ودارت بي الأيام، من تلكيعة إلى تلكيعة أنكى منها وألكع. الديون تتوالد كما الأرانب والقطط، خذ من هذا وسدد ذاك فيكبر الدين، وخذ من ذاك وسدد ذيّاك فيتضاعف الدين، ويا دارة دوري بينا، ضلك دوري بينا، تا ينسوا أساميهن وننسى أسامينا. فتضيق بي الأرض، فأمتطي صهوة الأدعم (كابريس موديل 92، مضى على سنة صنعه أحد عشر عاما، ليس في جسمه موضع إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح أو دعمة تويوتا، ولا نامت أعين الجبناء)، ولا سجائر في الجيب تعين على الحزن، ولا معلبات في الثلاجة تحمي ظهر أطفالي من غزوات الجوع، وأتجه إلى الوفرة، حيث معشوقتاي تنتظرانني على الموعد كالعادة، السماء والصحراء، فأستلقي على ظهري بعدما أشبك أصابعي خلف رأسي وأثني رجلا على الأخرى، وهات يا غناء بصوت عال لا يردده ورائي سوى الظلام والصدى والوحشة.

وذات ليلة وفراوية مقمرة، وبعد أن استلقيت وتشابكت أصابعي خلف رأسي، مرّ بي الحجاج بن يوسف الثقفي، الداهية الخبيث الفصيح، داء العراق ودواؤه، يغنّي مخاطبا فرسه: «هذا أوان الشدّ فاشتدي زِيَم»، فتسلّمت منه زمام المبادرة، واستدعيت شياطين شعري ومردة ابن داود، فأتتني تتمايل حبواً، ونثرت جواهر الأبجدية أمامي وبجانبها العقد، فصففت الجوهرة تلو الجوهرة، في قصيدة طويلة أنشدْتها مرة على لحن «المسحوب» ومرة على «الهجيني»: «يا كيف جاع الذيب في وسط الغنم، هل طاحت أسنانه ونابه من فمه؟ / وإلى متى والجوع له مثل الصنم، يتْعبّده ويحب كتفه واقْدمه؟ (قدمه)…».

وقبل أن تكتمل قصيدتي نهضت واقفا بعدما قررت اقتحام الإعلام بكتفي، وتقدمت باستقالتي من العسكرية واتجهت إلى شارع الصحافة مباشرة، لأجد نفسي وجها لوجه أمام خزائن الأرض، حي هالشّوف، وأضحيت الإعلامي الأعلى أجرا في الكويت خلال سنوات ثلاث، كما قيل لي، وازدحم منزلي بالهدايا من كل فج عميق، وتوالت الدعوات إلى الغداء والعشاء في منازل الكويت من المحيط إلى الخليج، وفاض درج مكتبي بالعروض المقدمة من الصحف والقنوات الفضائية… يااااالله، شوي شوي عليّ يا زِيَم تكفين، قلنا اشتدي لكن ليس إلى هذه الدرجة.

لن أتظاهر بالمسكنة كما اعتاد البعض لطرد عين الحسود، خصوصا بعدما بات دخلي الشهري أضعاف أضعاف دخل الوزير (اقصد الوزير الذي يعتمد على راتبه فقط)، وبعدما أدخلت ابني أغلى المدارس الأجنبية، وبعدما أهديت الأدعم (أهديته برفسة كريمة) واشتريت بدلا منه سيارتين موديل السنة في أسبوع واحد. والآن يمرني يوم الثالث والعشرين بملامح لا تختلف عن ملامح اليوم الذي قبله أو الذي يليه، وأمر على الديار، ديار ماكينة السحب الآلي، فأراها تضرب إحدى كفيها بالأخرى تارة وتلوّح بهما تارة، تلعن الحظ وتغني متهكّمة: «يا ناسينا يا ناسينا، من لقي شيكاته نسي بطاقاته، الله يرحم أيام ابن جلا ومتى أضع البطاقة تعرفيني»، فأتوقف وأحك رأسي متسائلا: «عفوا، هالوجه ما هو غريب عليّ، ذكريني بنفسج لو سمحتي يا حقيرة».

خلاص يا زِيَم، شددتِ بما يكفي ويفيض فارتاحي، وتعالي معي إلى معشوقتيّ الوفيّتين، السماء والصحراء، لتنضمي إلى الظلام والصدى والوحشة وترددوا خلفي، هذه المرة مع خالد الفيصل: «إلى صفالك زمانك علّ يا ظامي، واشرب قبل لا يحوس الطين صافيها».

أقول ذلك وأنا أدرس العروض المقدمة من أربع قنوات كويتية، وأضحك على ردة فعل صاحب إحدى القنوات أمس بعدما حددت له أجري، إذ قال: «ما تطلبه أكبر من رأسمال القناة بكبرها، نحن نريد منك أن تحرق الساحة السياسية لا أن تحرق جيوبنا»… هاهاها، والله يرحم أيام ابن جلا وعمامته. 

سامي النصف

صحارى وسواحل

لم يعد الخوف على مجتمعاتنا العربية والخليجية من أخطار الخارج، فالخطر الحقيقي أصبح منبعه هو انقسامات الداخل القائمة على معطيات الطبقية والفئوية والقبلية والطائفية وغيرها من فروقات طبيعية موجودة في كل مجتمعات الأرض دون ان يشكل هذا التلون الجميل مشكلة بل أصبح إضافة تفخر الدول والشعوب بها ولنا في انتخاب الرئيس باراك أوباما خير عظة وعبرة.

ومجتمعنا الكويتي حاله كحال أغلب مجتمعاتنا العربية الأخرى ينقسم إلى مواطنين من أصول قبلية وآخرين من أصول حضرية ولا إشكال في ذلك على الإطلاق حيث التزاوج قائم وأعلى المناصب متاحة للجميع فالانتماء القبلي ومثله الحضري هما جناحان يرفرف بهما الوطن إلى العلياء وقد أثبتت تجربة غزو عام 90 وأسماء الشهداء تسابق وتعاون الجميع لخدمة الوطن دون تفرقة.

لذا ولأجل تفاهم أفضل بين شرائح المجتمع الكويتي ومنعا لانشطار الداخل علينا أن ننظر بهدوء وروية لبعض ما يقال ويقلق ويضايق أو حتى يستفز هذا الطرف من ذاك كي يمكن حله والانتهاء منه دعما لوحدتنا الوطنية خاصة وقد عاش أهل الصحاري والسواحل يدا بيد خلال تاريخ الكويت الطويل ولم يحدث قط خلاف بينهم فما حدا ما بدا؟!

يضايق أصحاب الأصول القبلية وبحق ما يعتقدون انه نظرة تعال عليهم ولا أرى شخصيا ان هذا التصور محق بالضرورة، كما ليس من العدل أو المصلحة الوطنية الحديث المتكرر عن عمليات تجنيس هذه الحقبة أو تلك، فالجميع كويتيون في النهاية لا فارق إطلاقا بين قديمهم وحديثهم، ومثل ذلك تكرار قضية ازدواج الجنسية وكأن المقصود بها شريحة معينة من المجتمع علما بأنها مشكلة عامة تحتاج للتعامل معها بهدوء وروية.

بالمقابل يضايق الحضر كثيرا مقولة انكم سرقتم البلد في الماضي وحان دورنا لعدم صحته حيث ان الأغلبية المطلقة من الحضر وحتى من سكان الضاحية والشويخ هم من أسر متوسطة أو متواضعة الدخل لم يسرق أحد منهم قط ومن أثرى، وهم القلة القليلة، أثروا حالهم كحال بعض أبناء القبائل بجدهم وجهدهم وتجارتهم، كذلك يضايق الحضر الادعاء بمظلومية الآخرين كوسيلة لتبرير تخطيهم بالمراكز ويقولون ان الكويت عاملت أبناء القبائل الأفاضل بما لم تعاملهم به دولة أخرى قط وليس في هذا فضل أو منّة حيث ان الجميع سواسية في المواطنة وأمام القانون ولا داعي لخلق مشاكل من عدم.

ومن الأقوال المتكررة القول بأن الحضر استولوا على المناطق الصناعية والشاليهات والحقيقة ان عدد الشاليهات لا يزيد كما تدل الأرقام على ألفي شاليه اشتريت أراضيها في الأغلب من أبناء إحدى القبائل الكرام كما ان عدد القسائم الصناعية هي بالعشرات أو بالمئات بينما يتجاوز عدد الحضر إن جازت التسمية الأربعمائة ألف نسمة، أي ان المستفيدين من تلك الأمور لا يزيدون على 0.05% منهم تقابلها استفادة مماثلة من توزيع الحكومة للمزارع والجواخير والاسطبلات والمناحل، خلاصة القول ان الكويت معطاءة وكريمة وسخية مع الجميع دون تفرقة بين أبنائها المخلصين من حاضرة وبادية ولنشكر الله على النعم حتى تدوم لنا جميعا.

آخر محطة:

يقول لي سفير أميركي سابق محب للكويت، لم نعد نخشى عليكم من غزو خارجي بل مصيبتكم مما أسمعه يقال في بعض دواوينكم ومخيماتكم الانتخابية. نرجو أن يحجب صوتنا عمن يخدعنا ويدغدغ مشاعرنا بإثارة النعرات الفئوية والطائفية والقبلية حيث انها أصبحت السلعة الأرخص والأسهل للوصول للكراسي الخضراء على حساب تدمير وحدتنا الوطنية ومستقبل أبنائنا.

احمد الصراف

إكرام لحى الهيئات الشرعية

لا يشك غير المستفيدين من فكرة البنوك والشركات الإسلامية في أن الفكرة برمتها لا تعدو أن تكون طريقة كسب مميزة، ولا علاقة للدين والتدين بها لا من بعيد ولا من قريب. وسبق ان حذرنا منذ اكثر من 15 سنة، وفي أكثر من مناسبة ومقال، ولم نزل، من ان الفرق بين المؤسسات المصرفية التقليدية وتلك التي تسمى بالإسلامية شبه معدوم في غير مجال التسميات التي تطلق على التعاملات!! فهدف اي مصرف او شركة استثمارية هو تحقيق الربح لمالكيه، وهذا لا يتم بغير إضافة نسبة مئوية محددة إلى اي عملية مصرفية او تجارية تكون مقبولة من الطرف الآخر أو العميل! وهنا نرى ان نسبة الفائدة او الربح هي المحك والمعيار، وهذه ترتفع مع ارتفاع نسب الربح او الفائدة في السوق المحلي او العالمي وتنخفض مع انخفاضها، من دون وضع اي اعتبار لملاءة العميل المقترض، او ظروف السوق، او مبادئ التآزر والتآخي مع افراد المجتمع، او جنسية او دين المقترض ومدى حاجته للمال، فالنسبة المضافة تسمى هنا فائدة، ولدى المتعاملين بالشركة، المسماة باللاربوية، تسمى مرابحة، او اي شيء من هذا القبيل، وهي واحدة في كافة الأحوال ومتقاربة جدا. كما ان المصارف وكافة المؤسسات المالية، التي تطلق على نفسها تسمية «إسلامية»، تخلت في السنوات الاخيرة عن تحفظاتها السابقة برفض تحديد سعر فائدة محدد ومسبق على الوديعة، واصبحت الآن تتساهل كثيرا وتوافق على دفع فائدة محددة او الارتباط بدفع منذ اليوم الأول لوضع الوديعة لديها، وهذا التغيير الجذري في التعامل، الذي نسف سنوات طويلة من التحفظ والممانعة، لم يتطلب غير الايعاز للهيئة الشرعية، للبنك او الشركة، اصدار فتوى تجيز ذلك، مثلما اجاز رجال الدين انفسهم، بعد التحرير، قبول فوائد محددة سلفا على ودائعها، أو قروضها للحكومة، وبررتها في حينه بكونها «هدية من ولي الأمر»! وكل هذا لا يعدو ان يكون تلاعبا على الدين والمنطق والبشر السذج، ولا علاقة للدين والشرع بها.
كما سبق ان حذرنا من ان ربط التعامل التجاري، بكل تعقيداته، بالقضايا الدينية يتضمن محاذير عدة، ليس أقلها ربط نجاح الفكرة التجارية بنجاح الفكر الديني! فنجاح واحدة تعني تلقائيا نجاح أخرى، وفشل الاولى يعني كذلك فشل الثانية.
وقد حدث ما توقعناه، فقد تعرضت مؤسسات مصرفية ومالية إسلامية كبيرة، وفي دول عدة، لخسائر ضخمة قد تؤدي ببعضها لخسارة كامل رؤوس أموال حملة اسهمها ومقرضيها والمستثمرين معها. كما بيّنت الازمة المالية الاخيرة ان هذه المؤسسات، المسماة بالاسلامية، لا تتورع عن ارتكاب جميع انواع المخالفات والخروج علىجميع الاعراف التقليدية او الدينية، التي تدعي الالتزام بها، متى ما تخوفت من السقوط! وقد بيّنت البيانات المالية، التي نشرتها الصحف لبعض شركات الاستثمار، أنها لم تتورع عن الاقتراض من الغير بصورة مباشرة وبنسب فوائد فاحشة بلغت 13%. كما ارتبطت إداراتها بقروض محلية وخارجية في فترة كانت تعلم فيها جيدا انها لن تتمكن من سدادها! وهنا نتساءل من دون اي براءة او حسن ظن: اين تقوى وورع المشرفين على هذه المؤسسات؟ واين كان اعضاء اللجان او الهيئات الشرعية من هذه المعاملات؟ ام انها جاهزة فقط لقبض المقسوم واصدار الفتاوى على خاطر ولي الأمر؟ ولماذا لم يتكرموا برفض المشبوه من تلك المعاملات او حتى الاستقالة من تلك المؤسسات؟ ولو افترضنا ان من الممكن محاسبة مدققي حسابات تلك الشركات، فمن الذي سيحاسب أعضاء الهيئات الشرعية على سكوتهم حتى الآن على تصرفات إدارات الشركات التي ائتمنها المستثمرون والمودعون على أموالهم؟
أسئلة عديدة ستبقى دون جواب لاننا نعيش في مجتمع ينافق أفراده بعضهم بعضا، ولا يود أحد التجاوب عندما نضع اصبعنا على الجرح!!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

ليش مو واثق؟

كل تلك الأمثلة تدل على أن الرجل أو الزوج أو رئيس مجلس الإدارة لا يثق بمن معه سواء كان الأصدقاء أو الزوجة والأبناء أو بقية أعضاء مجلس الإدارة، وبالطبع فإن عدم الثقة هذه لن تنتج أي شيء صالح أبداً، فلا الأصدقاء سيكونون خير رفاق ولا الزوجة والأبناء سيكونون أسرة صالحة، ولا الشركة ستسير بنجاح وتفوق.

رئيس مجلس الوزراء المستقيل ناصر المحمد، وبعد أن عطّل البلد لأيام وأسابيع لكي يختار وزارته بعناية وحرص على أنهم هم القادرون على قيادة البلد وإخراجه من مأزق التوقف، أعلن وبكل صراحة بأنه لا يثق بأي وزير من وزارته المستقيلة، ففور قبول الاستقالة وتكليفها بتصريف العاجل من الأمور، قرر رئيس الوزراء إيقاف جميع التعيينات الوظيفية في القطاعات كافة التابعة للحكومة لمدة شهرين، خوفاً من أن تكون هناك أي تعيينات لأغراض انتخابية.

القارئ للخبر بداية قد يرحب بخطوة إيقاف التعيينات الحكومية، أملاً في أن تكون هناك عدالة قدر المستطاع في الانتخابات، والبعد عن التأثيرات غير النزيهة على الناخب، لكن واقع الأمر للأسف يثبت بأن هذا القرار لا يمكن تفسيره إلا بأمر واحد وهو أن رئيس الوزراء لا يثق في وزرائه ولا يختلف أبداً عن ذلك الرجل في أول المقال وأصدقائه، ولا عن الزوج ولا عن رئيس مجلس الإدارة. وهو أمر من الممكن إضافته للائحة الطويلة من الأسباب التي تثبت عدم قدرة ناصر المحمد على إدارة السلطة التنفيذية.

لقد توقفت التعيينات لمدة شهرين، وفي حالة كحالة الكويت أخيراً، بمعنى أن تقام الانتخابات كل سنة فإن هذا يعني إيقاف التعيينات أربعة أشهر في كل عام، وهي المصيبة التي قد ترفع مستوى البطالة بشكل أكبر وقد تحبط الكثير من الشباب حديثي التخرج وتقتل آمالهم وطموحاتهم.

خارج نطاق التغطية:

الكثير من المتجاوزين للسرعة القانونية في الطرق لا يهدئون السرعة إلا عند كاميرات الطرق… وما إن يتجاوزونها حتى يعود عداد السرعة إلى ما فوق الـ120 كم/ساعة، وهو ما يعني أن الكاميرات لا تفعل شيئا سوى كسر رتم الطريق والتسبب في الزحام دون رادع حقيقي يغير من الواقع شيئاً.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

التحذير من الانهيار الاقتصادي الكبير

في ديموقراطيات الدول الاخرى يرسم المختصون في الاحزاب الكبرى السياسات الاقتصادية والتعليمية والصحية للبلاد، وتعكس بعد ذلك تصريحات النواب تلك السياسات المرسومة لهم، وفي ديموقراطية «حارة كل من ايدو الو» التي نعيشها اصبح كل نائب وحتى كل مرشح، حتى لو لم يحمل الا الشهادة الابتدائية ولم يقرأ قط ورقة في حياته، مفتيا واخصائيا كبيرا في كل الأمور.

فيفقعنا كل صباح ذلك النائب السابق أو المرشح الحالي بتصريح اقتصادي خطير يحار في تفسيره ادم سميث وكارل ماركس معا، وفي الظهيرة يتململ العالم اينشتاين صاحب النظرية النسبية في قبره مما يسمعه منه من تقييم لتقنية المفاعلات النووية في المنطقة، أما في المساء والسهرة فيتفرغ المحروس حفظه الله لتصريحات عميقة حول التنمية والبيئة والبنى الاساسية وكيفية معالجة اشكالية ثقب الاوزون وأي من الخيوط انفع لرقعه.

وفي الدول المتقدمة تصبح قصص نجاح الشركات الكبرى ومدرائها أمرا يقتدى به ولا يفرح احد قط بفشل أو اخفاق هذه الشركة أو تلك، وتصنف عادة بعض الشركات الرئيسية بـ «انها اكبر من ان يسمح لها بالفشل أو السقوط»، اما في بلد الحقد والحسد فلا ينظر قط بإعجاب لكبار الاقتصاديين والمنجزين في كافة المجالات، بل نرى الحبور والسرور لتعثر شركات كبرى مثل جلوبل والدار وغيرهما مما يعمل لديها آلاف الكويتيين والوافدين، ولا حول ولا قوة الا بالله.

يدعي البعض ان الشركات المساهمة العامة لا تقدم شيئا للاقتصاد المحلي بعكس الشركات الاجنبية التي تدفع الضرائب، والحقيقة كالعادة هي أبعد ما يكون عن ذلك القول، فشركاتنا المساهمة التي يملكها للعلم مئات آلاف المواطنين الكويتيين، لا رؤساء مجالس اداراتها، تدفع 3 ضرائب لا واحدة للبلد: اولاها ضريبة مؤسسة التقدم العلمي، وثانيتها ضريبة الزكاة للفقراء والمحتاجين، والضريبة الثالثة هي تحملها لكافة تكاليف ومصاريف مشروع دعم العمالة الوطنية، وكفى افتراء على تلك الشركات.

وقد تمخضت قمة العشرين عن تخصيص مبالغ جاوزت المليار مليار دولار جديدة (تريليونا) لضخها في الاسواق المالية في محاولة اخرى لوقف كرة الثلج المتدحرجة ولإعادة الثقة بالاقتصاد المحلي والعالمي.

والواجب علينا بعد اقرار مشروع الاستقرار المالي ان يترك لمحافظ البنك المركزي والفريق الاقتصادي المختص مرونة الحركة، فلا احد يعلم بشكل مسبق حجم المبالغ اللازمة لايقاف التدهور ولنضع جميعا ثقتنا بكبار المختصين كحال الدول الاخرى، لا بيد من لا يعون تبعات مزايداتهم الانتخابية على أمن البلد والتي ستجعل ثمن وصولهم للكراسي الخضراء الاغلى في العالم كونه سينتج عنه تدمير للوطن.

آخر محطة:

بدأنا نصدق بالفعل ان بعض المزايدات التي سبق ان ساهمت في وقف عملية التنمية في البلد والتي تروم هذه الايام وقف مشروع الاستقرار الاقتصادي بهدف تدمير البلد، ليست مصادفة على الاطلاق، بل هي مواقف مدفوعة الثمن من قبل بعض الجهات المستفيدة من خراب الكويت وتخلفها. حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له، لا احد يصدق في هذه الاوقات العصيبة ان يحقق البعض نسب أرباح تبلغ عشرات الآلاف في المائـة (!)، والسر سهل وبسيط ويمكن لجميع الشركات الاخرى ان تقتدي به في غياب الرقابة، وملخصه استدخال اصول يملكها اعضاء مجلس ادارة الشركة المعنية بأثمان مضاعفة آلاف المرات، فما يساوي مليونا يسجل سعره بمئات الملايين، وهكذا، ولا عزاء للمصداقية في البلد.

احمد الصراف

فأرة سانتا باربارا والأشغال

تمتاز المجتمعات الغربية بأمور كثيرة تفتخر بها، وما يجعلها فريدة حالة الشعور بالإنسانية التي تطغى على تصرفات الفرد الغربي العادي في أي مجتمع كان، فطريقة تعاملهم بشكل عام مع الآخرين ومع الحيوانات والبيئة تتطلب منا تعلم الشيء الكثير منها.
في احد شوارع سانتا باربارا في ولاية كاليفورنيا، اعتاد المارة مشاهدة مواطن متشرد من ملتحفي السماء ليلاً ومتخذي الطريق بيتا، اعتادوا مشاهدته مع كلب وقطة وفأر يجرها خلفه، ولكن بوضعية غير اعتيادية، فقد نجح هذا الانسان، الذي اختار العيش بحرية من دون قيود ولا بيت أو سيارة أو زوجة وأبناء وضرائب وفواتير كهرباء وماء وغاز وتأمين، في خلق إلفة بين هؤلاء الأعداء التاريخيين وجعلها تعيش مع بعضها بعضا، فالفأر يجلس طوال الوقت على ظهر القطة التي تجلس بدورها بكسل واضح على ظهر الكلب، الذي اختار وصاحبه السير في طرقات المدينة، مسترقين نظر المارة المعجبين برؤية ذلك المنظر الفريد، طالبين من صاحبها التقاط الصور الفريدة لها ومعها مقابل دولارات بسيطة، والغريب ان أياً من الحيوانات الثلاثة لا تخاف من لمسها أو حملها واللعب معها.
الفيلم القصير والممتع عن هذه المجموعة الفريدة، الذي قام عمدة مدينة سانتا باربارا بتصويره ووضعه على «اليوتيوب» يستحق المشاهدة، ويمكن ذلك على الرابط التالي من دون تغيير في الحروف: www.youtube.com/v/D85yrlgA4NK
في جانب آخر، وعبر المحيط، دان كبير قضاة بريطانيا اللورد «وول» وسائل الاعلام البريطانية لقيامها بإطلاق تسمية «جريمة شرف» على الحالات التي تقتل فيها فتاة أو امرأة لمخالفتها عادات وتقاليد ذويها أو أقاربها!! ودعا اللورد «وول» الى الوقف الفوري لاستخدام هذه التسمية المضللة التي لا علاقة لها، حسب قوله، بالشرف على الاطلاق، مشددا على ان حقوق الانسان والحفاظ على مثله ومبادئه اهم من قضايا ومواضيع الشرف، وبالأخص شرف العائلة، وقد جاء هذا الهجوم غير العادي مع ازدياد عدد جرائم القتل في بريطانيا على خلفيات عائلية خاصة بين الجاليات المسلمة.
يذكر ان جرائم عدة ترتكب سنويا في الكثير من الدول الاسلامية، وبالذات باكستان، وفي عدد من الدول العربية، والأردن بالذات، التي تتساهل قوانينها مع هذا النوع من الجرائم، وقد تبين في حالات كثيرة وبعد الفحص الطبي، ان الفتاة التي اتهمت بتلويث شرف العائلة بريئة ولا ذنب لها.

أحمد الصراف