سعيد محمد سعيد

لكي لا نفقد المنامة (1)

 

ليس هيّنا أن تقرأ تقريرا عالميا يصف بصورة سيئة مدينة أو قرية أو شبرا من بلادنا الغالية بما لا يقبله أي بحريني وبما لا يليق! فليس هناك (بني آدم) سليم الفطرة والانتماء، في أقصى الأرض وأدناها، يرضى بأن تكون بقعة من بلاده ضمن (مدن الخطايا) أو ما يشبه تلك المسميات المهولة من أوصاف… لكن ذلك لا يمنع من قراءة الواقع بتجرد، والاعتراف، إن استدعى الأمر، بوجود ممارسات سيئة وتهاون سيئ وإصرار على تدمير صورة المجتمع الأصيل، والاستعاضة عنه بآخر بديل مختلط الأعراق يمحي الأصالة.

«المنامة» عاصمة بلادنا أصيلة، بتاريخها وأهلها وعطائها على مرّ السنين… من الصعب أن نفقد المنامة… إن فقدنا المنامة، فقدنا هويتنا.

ذات يوم، جمعني لقاء بالحاج تقي محمد البحارنة، دار بشأن ما تتعرض له العاصمة المنامة من تضييع لهويتها، والحاج تقي، رجل أعمال وأديب ومثقف من مواليد المنامة في العام 1930، له مكانته الفكرية في البحرين والعالم العربي… فهو حين يقرع الجرس للتحذير من مغبة ضياع هوية هذه المدينة العتيدة، فإنه لا يتحدث من فراغ… وحين يطالب ويستحث النخوة الوطنية للعمل على إنقاذ المنامة، فهو يدرك جيدا ما يعني ضياع عاصمة بلادنا وطمس هويتها… في بيتين من الشعر، يجعلك البحارنة تشعر بالحزن على «منامتنا»:

أين الجوار وقد مضى

عنها الأشاوس «والنشامة»

واحتل ساحتها الأجانب

واستباحتها الرطانة

واقع حال «العاصمة» اليوم يثير القلق على هويتها، ويتطلب مبادرة حكومية وأهلية، تدفع باتجاه الحفاظ على هوية العاصمة من خلال طرح مشروع للحفاظ على ما تبقى من أصالة بحرينية بإحياء مرافق تصون هذه الهوية من خلال إحياء أشهر معالمها وبيوتها التراثية ومساجدها، تماما كما جرى مع مسجد مؤمن، لكي تبقى نابضة بأصالتها وهويتها البحرينية الشامخة.

لكن، ما الذي يجعل واحدا من أبناء البحرين، ومن عمق عاصمتها يقرع ذلك الجرس؟ لا بأس من أن نستمع إليه وهو يقول إيجازا للفكرة: «المنامة تغيرت اليوم… نعم تغيرت، وحين أذهب اليوم إلى فريق «المشبر» القريب من القلعة وفريق المخارقة، أشعر بالغربة لولا وجود مسجد مؤمن، وبقاء شخصين أو ثلاثة ممن أعرفهم هناك… لو لاهم سأشعر بأنني في بلد غريب… الجوار تغير واللهجات تغيرت، والأجانب كثروا… في السابق، ترى قلة من الناس الذين لا تعرفهم، أما اليوم، فقد تحولت بعض حواري المنامة كفريق الحطب وكانو مئة في المئة إلى حي أجنبي وهذه نقمة أصابت المنامة! والمنامة، كعاصمة، إذا لم تشهد حركة تنقذها من حالها فستخسر تاريخها، وهذا يتطلب تنفيذ مشروع للحفاظ على هويتها… في نظري يجب أن يكون في المنامة 20 مرفقا تبقى بمثابة معلم من معالم العاصمة، ومنها بيوت التجار أو العلماء أو المثقفين من كان لهم إسهام كبير في خدمة الوطن… بحيث تستقطب تلك المعالم الناس، من مواطنين ومقيمين وسواح، فالعاصمة مهددة، وهناك شوارع وطرقات يجب أن تبقى وإن كانت الطرقات ضيقة، فنحن اليوم في حاجة ماسة إلى إنقاذ عاصمتنا العزيزة.

وللحديث صلة..

احمد الصراف

اختبر أولوياتك في الحياة

وضع سيغموند فرويد، عالم النفس الشهير، الاختبار الدقيق التالي لمعرفة أولويات كل واحد منا في الحياة. فلو افترضنا أن خمسة أمور تحدث في الوقت نفسه في بيتك، فكيف ستكون أولويات استجابتك لكل منها؟
أولا: الهاتف يرن.
ثانيا: هناك أحد ما يطرق الباب أو ينادي عليك.
ثالثا: طفلك يبكي بصوت مرتفع.
رابعا: قمت بنشر غسيلك في الخارج ليجف وبدأ المطر بالهطول.
خامسا: تركت حنفية الماء في المطبخ مفتوحة وبدأ الماء بالتسرب من الحوض.
والآن كيف ستكون استجابتك؟ وأي الأمور ستحظى باهتمامك أولا؟ وأيها ثانيا؟ وهكذا!! وطبقا لنظرية فرويد فإن اختياراتك ستحدد أولوياتك في الحياة.
وهنا أتمنى على القارئة أو القارئ التوقف عن قراءة بقية المقال وإحضار قلم وورقة ومحاولة مشاركة طرف آخر في الإجابة على أسئلة الأولويات، وتدوين ترتيبها من 1 إلى 5 من دون اهتمام بذكر السبب، فليس هذا هو هدف الاختبار!!
المهم أن تكون الإجابات صادقة وأمينة وليس فيها مجاملة، فالأم مثلا غير مجبرة على أن تبين صدق أمومتها باختيار الاستجابة لبكاء الطفل إن لم يكن ذلك حقا أول أولوياتها في تلك اللحظة. وطريقة ترتيب الأمور أعلاه تمثل حقيقة أولوياتك في الحياة.
وعليه فإن اختيار الاستجابة لرنين الهاتف يعني ان عملك له الأهمية الكبرى في حياتك وله الأولوية.
أما الاستجابة للطرق على الباب فإنها تعني أن للأصدقاء أهمية كبرى.
والاستجابة لصوت الطفل تعني أن الأولوية للعائلة قبل أي شيء آخر.
أما الجري لإنقاذ الغسيل من المطر فيعني أن المال في حياتك له الأهمية القصوى.
وأخيرا فإن الاستجابة أولا لوقف ماء الحنفية يعني الاهتمام بالحياة.
* * *
(نص مترجم بتصرف من الإنترنت).

أحمد الصراف

محمد الوشيحي


 قرر… فأصبح

خمس عشرة قناة فضائية محلية، ونحو ثلاثة برامج عن الانتخابات في كل قناة، أي خمسة وأربعون برنامجا عن الانتخابات تُعرض يوميا. والمصيبة ليست هنا، أبدا، فالتنافس جميل، المصيبة هي أن البعض استيقظ من نومه فوجد نفسه بلا عمل وهو في «عز الموسم»، وعن طريق الأصدقاء عرف أن القنوات تبحث عن معدين فقرر أن يصبح معدا للبرامج، وعرض خدماته على أصحاب القنوات، فاستقبلوه بالطبلة والمزمار، على اعتبار أن «معدي البرامج» عملة نادرة، وهكذا… «قرر فأصبح».

والمصور فجأة وفي غمضة عقل «قرر» فتحول إلى مخرج، والنجار قرر فأضحى مهندس ديكور بين نكسة وضحاها، والكاتب أصبح مذيعا، والمحرر معدا، و»تك تك تك يا ام سليمان، تك تك تك جوزك وين كان، تك تك تك كان في الحقلة، عم يقطف خوخ ورمان». والحمد لله أن أحدا لم يقرر أن يصبح فيروز.

وتعال شوف إعلامنا هذه الأيام واضحك حتى تنفقع أسنانك، تعال شوف أحد المذيعين وهو يتمنى أن ينجح المرشحون كلهم! الأخ لا يريد أن يُغضب أحدا. وتعال شوف مذيعا جلس على كرسيه، حفظه الله، (الدعاء بالحفظ للمذيع وليس للكرسي) من دون إعداد ولا تدريب ولا تخصص ولا موهبة، وبدأ بالكليشة الغبية «مشاهدينا الأعزاء»، ولا أدري متى نشأت المعزّة بينه وبين المشاهدين، قبل أن ينثر أسئلته الجوهرية على الضيف: هل هذه أول مرة ترشح نفسك فيها؟ فيرد الضيف: شلون أول مرة وأنا نائب سابق! فيحاول المذيع ترقيع الموقف: لا، أنا أقصد هذه السنة؟ فتخرج إجابة الضيف من بين ثنايا قهقهته مترنحة سكرى، ومن يلومه: «كم مرة تبيني أترشح؟»! فيكحّل المذيع مصيبته ويعميها: «ما شاء الله شكثركم، لخبطتونا». لخبط الله مصارينك مذيعنا العزيز.

على أن أسهل الأسئلة وأغباها (اثنان في واحد) هو: «ما رأيك في…؟»، ما رأيك في تدهور مؤسسات الدولة؟ ما رأيك في تردي الخدمات؟ ما رأيك في صراخ النواب؟ واسحب معي «ما رأيات» لا حصر لها ولا خصر، أسئلة يستطيع طرحها مذيع من أي جنسية، وصل للتو إلى الكويت، ولا يعرف شيئا عن شؤونها الداخلية… وتتوالى الـ»ما رأيات» هذه إلى أن ينتهي وقت البرنامج، و»نلقاكم غدا أعزاءنا المشاهدين»، ثم نفاجأ بعد انتهاء البرنامج وظهور أسماء فريق البرنامج بوجود أربعة معدين! هل كيف؟

يا سيدي، يرحم الله تخبيص الحكومة مقارنة بتخبيص بعض الفضائيات. نقول ما نقول بعدما ضاع سمين الإعلام بين قطعان الغث؛ الديكور غث، والإضاءة أغث، والتصوير وإلاخراج أغث من الغث، والإعداد والتقديم كارثة تمشي على غث. لطفك اللهم وعطفك، اغفر لنا جهلنا يا رب فقد كنا نظن أن انقطاع الكهرباء نقمة، فتبين لنا اليوم أنها نعمة ينقصها الشكر. اللهم اقطع عنا الكهرباء عاجلا غير آجل، اللهم واقطع عنا بعض الوجوه، اللهم – وأنت القادر – خفف عنا الغباء… آمين. 

سامي النصف

لماذا نقف هذا الموقف؟!

ما أسهل أن يتبنى المرء في هذه الأوقات الصعبة المواقف السهلة أو المرنة فيغمض عينيه كالنعامة عما يجري محاولا كسب الجميع في بلد يُنسى به المعروف في ستين ثانية ويتم تذكّر ما يعتقد أنه إساءة لستين عاما وضمن مجتمع كراهية يستجدي كثيرون الآخرين أن يعطوهم سببا واحدا لكراهيتهم والحقد عليهم.

في صباح مثل هذه الأيام من عام 75 أرسل المقبور صدام فريق تخريب واغتيال مكونا من أربعة من منضوي منظمة التحرير العربية فأطلقوا النار على احتفال في احدى كنائس عين الرمانة وتلاه مرور باص يحمل مسلحين فلسطينيين محتفلين مما اعتبر استفزازا للمشاعر فأطلقت النار عليه وكانت تلك الحادثة هي شرارة بدء الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 17 عاما ولم تبق بيتا دون قتيل أو معاق أو مفقود.

تلك الحادثة بذاتها ما كان لها ان تشعل الحرب الأهلية لولا ان الظروف كانت مهيأة بشكل مسبق لمثل تلك الحرب، فالمجتمعات الإنسانية تنقسم إلى نوعين الأول يسوده الهدوء والسلام الاجتماعي بين أفراده كحال مجتمعات الدول المتقدمة فيما هو أشبه بعمود حديد وصلب مغطى بالماء والثلج لا يهم بعد ذلك كم عود ثقاب (كحادث الباص) يرمى عليه حيث انه لن يشتعل قط.

النوع الثاني من المجتمعات هو ما يسوده عدم الاستقرار السياسي بشكل شبه دائم ويتم تحريض رعيته على السلطة بقصد كسر هيبتها، ثم تحريض الرعية على الرعية والطوائف على الطوائف والأعراق على الأعراق، والإقلال من شأن الوحدة الوطنية واستبدالها بألف ولاء وولاء فينتهي الحال بمجتمع أشبه بعمود خشب وقش مبلل إلى آخره بالوقود والبنزين ولا يحتاج إلا إلى عود ثقاب كي يشتعل وتحرق نيرانه الجميع.

ومما يستحق ذكره ان عواصم الدول الصغيرة في المنطقة آنذاك بدأت في الاحتراق والانقسام والتفتت فاشتعلت الأردن عام 70 بحرب بين الاخوة الاردنيين والفلسطينيين، ثم تلتها حرب في قبرص عام 72 بين أصحاب الأصول التركية واليونانية ولحقتهما لبنان عام 75 من حروب متعددة الأشكال والألوان.

وكانت كرة النار تتدحرج سريعا نحو الكويت لولا ان لحقها المغفور لهما الشيخان صباح السالم وجابر الأحمد فاتخذا مواقف حازمة أوقفت بعض بنود الدستور ومنعا عمليات التحريض والتقسيم ونجت الكويت من الدمار آنذاك دون أن تسفك قطرة دم واحدة أو يحاسب أو يعاقب أو يسجن أحد، وبعد هدوء الأحوال عاد العمل بالدستور كاملا غير منقوص وكان ذلك في عصر الحكمة والعقلانية والوطنية الكويتية المتجردة فلا تهديد ولا وعيد ولا ادعاءات بطولات فارغة ولا تنديد.

آخر محطة:
لنضع في أدمغتنا حقيقتين ثابتتين يجب أن نتفق عليهما جميعا أولاهما ان الكويت الآمنة المستقرة هي الأصل والباقي من ديموقراطية ودستور.. إلخ هو الفروع وليس من الحكمة والتعقل والذكاء بشيء أن نحرق الأصل بحجة المحافظة على الفروع التي ستضيع معه بالتبعية ولن يسعد أحد فيما لو أصبحنا صومال آخر به حرية وديموقراطية دون وطن، والحقيقة الثانية ان الديموقراطية والحرية والدستور هي أدوات ووسائل لتحقيق الأمن والرفاه والاستقرار وليست غاية بذاتها تحرق الأوطان لأجلها.

احمد الصراف

مؤامرة طارق حجي (2-2)

ولكن من هو طارق حجي؟ لا شك في أن غالبية شعوب المجتمعات العربية، وبالذات في موطنه مصر، لا تعرف من هو طارق حجي. حتى أنا الذي اعتبر نفسي قارئا نهما، وعلى اطلاع، لا بأس به، على ما ينشر على الإنترنت وفي منتديات الشبكة العنكبوتية ومواقعها الالكترونية، وما يبث من أفلام قصيرة على «ميمري واليوتيوب» وغيرهما، من خلال 130 رسالة تردني يوميا على بريدي، لم أسمع بطارق حجي إلا منذ أشهر قليلة ولم أشاهد له غير مقابلتين تلفزيونيتين، وبضعة مقالات… ولا شيء غير ذلك! وفجأة، وعن طريق الصدفة المركبة، وبدعوة من صديق كريم وسيدة أكثر كرما، دعيت للقاء طارق حجي، وإذ بي ألتقي ببحر من المعرفة الممزوجة والمعجونة والمدعوكة دعكا بثقافة صلبة تتعدى حدود بلداننا وثقافاتها الضحلة وأفكار أهلها الساذجة وآراء ومواقف «مثقفيها» المرائية! وهنا أزعم بأنني اعرف عددا لا بأس به من مثقفي مصر والكويت والسعودية والمغرب وتونس وفلسطين ولبنان وسوريا وبلاد المهجر.. الدائم، ولكن ما جعل طارق حجي مختلفا ليس كم مؤلفاته ولا بحر علمه وإحاطته بالكثير من العلوم النظرية والتطبيقية في أكثر من مجال، بحكم عمله الأكاديمي واشتغاله بقضايا مصادر الطاقة والسياسة والتعليم والإدارة، بل ما جعله مختلفا ذلك الكم من الصدق مع النفس الذي امتاز به والذي لطالما افتقدت ما يماثله لدى الكثير، إن لم يكن كل، من اولئك المثقفين الذين تقرأ سطورهم وكتابتهم الرائعة وتستمع لخطبهم وأحاديثهم الأكثر روعة، ولكن ما ان تقترب منهم اكثر وتتعرف عليهم عن كثب، وتطلع على الشخصي من آرائهم، حتى تفاجأ بذلك الفارق الكبير بين القول والفعل او الموقف، ومن هنا تأتي أهمية طارق حجي وخطورته في الوقت نفسه!
نعود الى نظرية المؤامرة لنقول إن هذا الأكاديمي والأستاذ الجامعي ورجل الأعمال والإداري الناجح الذي تمكن خلال السنوات الثلاثين الماضية من وضع وتأليف عشرات الكتب القيمة العظيمة الفائدة والمغزى، وباللغات العربية والانكليزية والفرنسية، والذي كتب أكثر من 1200 مقال في شتى المواضيع، والذي أجرت معه محطات تلفزيون عربية وعالمية عدة مقابلات مهمة ومثيرة، إلا أننا نادرا ما سمعنا به، وهنا مكمن الخطورة والداعي لوجود مؤامرة، ولو ان الفاعل غير معروف وليس من المهم وجوده! فمن يمتلك ما يمتلكه طارق حجي في مجتمعاتنا يجب ان يوضع على الرف، ويغطى وينسى ويحجر عليه، فقد تعودنا، في العقود الأربعة الأخيرة على الأقل، على العيش من دون عقليات نادرة، بعد ان اختفى مبدعونا إما تحت التراب او في السجون أو… المهجر! ومن بقي وقاوم واستمر من العقليات الحية والنادرة كان مصيره التجاهل، بعد أن استفحش الجهل بيننا، وأصبحت مجاميع شعوبنا لا ترى طارق حجي وأمثاله، وكأن طاقية سحرية تمنع رؤيتهم ورؤية أعمالهم الهادفة والاجتماعية والإصلاحية بغير كونها اعمالا مخربة وكافرة ومتطرفة!! وهذه الطاقية انتشر استخدامها مع اليوم الأول للانقلاب العسكري المصري في بداية الخمسينات واستفحل الاستخدام مع انهمار الأموال النفطية!
طارق حجي ظاهرة غير عادية تستحق الاحترام، ليس برفع اليد تحية له بل بتكريمه كمفكر وكاتب ليبرالي منفتح على مختلف الثقافات البشرية، ومؤمن بالإنسانية وبأن حقوق الإنسان، ومن صلبها إعلاء شأن المرأة، هي أهم منجزات العصر الحديث. فشكرا لمن أتاح لنا فرصة الالتقاء بك.
• ملاحظة: نظرا لاهتمامات طارق حجي الواسعة ومحاضراته الكثيرة في مجال مقارنة الأديان والتاريخ الديني واللاهوت المسيحي فقد أسست جامعة Toronto الكندية منحة دراسية للدراسات العليا
باسمه في هذه المجالات!

أحمد الصراف

سامي النصف

سنوات الغضب والغفلة والغباء

ثقافة الغضب والشتم والتطاول والتي آخرها ما قاله احد المرشحين الزاعقين المدغدغين بحق احد الوزراء الحكماء الصامتين ليست وليدة اليوم، بل يملك حقوقها الفكرية كاملة احد النواب المخضرمين الذي مازال يلعب في ساحة الديموقراطية الكويتية بشكل عبثي، مطالبا بالتحول للدائرة الواحدة الكوارثية بعد ان احالنا لدمار الدوائر الخمس الذي نعيشه.

فقد استنّ وخلق ذلك النائب السابق المخضرم ثقافة الغضب والتشكيك والصوت العالي التي توارثها حواريوه، فلا تراه متكلما قط داخل البرلمان او خارجه بل صارخا رغم ان الديموقراطية في اساسها وصلبها هي لعبة تقوم على الحوار الهادئ وافتراض حسن النوايا والقبول بالرأي والرأي الآخر دون زعل او غضب كما هو حال ديموقراطيات الدول المتقدمة، ومعروف ان ذلك النائب الفاضل لا يتكلم او يسلم على مخالفيه بالرأي، ولا حول ولا قوة الا بالله.

وضمن فهمه الخاطئ للديموقراطية عدم تقبله للهزيمة او نتائج الانتخابات التي تجرى داخل او خارج القبة البرلمانية ومعها التشكيك في كل مشروع تطرحه الدولة وعرقلته ثم التساؤل بعد ذلك، وبراءة الاطفال في عينيه، عن سبب توقف عمليات التنمية (!‍‍) في البلد، ومما اشتهر عنه اطلاق «العلوقات» غير الدقيقة او اللائقة على المشاريع الكبرى، فهذا مشروع «حيتان»، وذاك مشروع «بوق ولا تخاف»، والارض العامة هي العرض الذي يجب الا يفرط فيه كأن تؤجره الدولة لمن يريد اقامة المشاريع المفيدة للمواطنين عليه.

لقد تسبب نهج الارهاب والارعاب الفكري هذا في تحويل الحياة في بلدنا الى جحيم لا يطاق يجعل المواطنين والوافدين يفرون مع اي عطلة تعلن.

لقد شغلتنا تلك الديكتاتورية المستترة عن محاولة ايجاد بدائل لمداخيل النفط وعوائد الاستثمار مما يهدد بان نصبح مدنا ترابية تذروها الرياح مع انتهاء حقبة النفط كحال مدن الذهب الاميركية الشهيرة، لذا على الشعب الكويتي في هذه الفترة التاريخية الحرجة ان يعلي صوته فوق اصوات الساسة الغاضبين المزايدين المفرقين وان يسألهم قبل ان يحجب صوته عنهم: ما الذي استفدناه حقا مما فعلتموه في الماضي وتفعلونه هذه الايام عدا تحويل ايامنا الحلوة الى مأتم وبلدنا الى ساحة حرب وضرب؟!

آخر محطة: أقر بان اعلم الناس بمقاصد الكاتب هو الكاتب نفسه وان كان بعض الكتّاب كحال صاحب القلم الرشيق والانيق الرفيق محمد الوشيحي لا يعشق الهبوط بطائرة مقاله على مدرج القارئ بشكل بسيط ومباشر بل يقوم قبل ذلك وبمهارة الطيار البارع بالتشريق والتغريب والصعود والنزول والدخول بشجاعة في الزوابع والخروج منها للسرايات، لذا عليه الا يعجب ان اسأت وغيري فهم مقاصده «الخيرة» من طلب مرور سراية عاتية علينا في الكويت، فقد اختلط كُوعي كقارئ وراكب ببُوعه كطيار وكاتب من كثرة التشقلب والتقلب و.. فنان يا كابتن!

احمد الصراف

مؤامرة طارق حجي (2/1)

الاعتقاد السائد في الشارع العربي، والشرق اوسطي بالذات، ان هناك مؤامرة اميركية صهيونية مستمرة ضد العرب. ويشارك غالبية «مثقفي ومتعلمي» المجتمعات العربية، رجل الشارع أفكاره هذه.
ونحن لا نكتفي هنا بعدم مشاركتهم هذا الهاجس او الهم المسيطر على العقول، بل نستغرب حقا عدم وجود تلك المؤامرة! فكم التخلف والعجز الذي نعيشه يجب ان يشجع ايا كان على حياكة المؤامرات ضدنا! ولكن يبدو ان امراضنا تعمل بشكل سلبي لتحذير الآخرين من الاقتراب منا.
ولو افترضنا جدلا وجود ما يمكن تسميته بالمؤامرة، فهي ستحاك حتما ضد الدول النفطية بهدف الحصول على حصة من فوائضها المالية بأقل كلفة وعناء، وبخلاف ذلك لا يمكن تخيل وجود مؤامرة ضد تونس او المغرب ومصر والسودان والاردن، فهذه ومعها بقية الدول العربية الاخرى، لا تشكل شيئا في ميزان القوى العالمي، لا ثقافيا ولا عسكريا ولا فنيا ولا فكريا ولا اي شيء. كما لا يمثل وجودها تهديدا على القوى المتهمة بحياكة المؤامرات، خصوصا انها دول استهلاكية كبيرة الشهية لكل ما ينتجه العالم الصناعي، شرقيا كان أو غربيا! والدليل على سخافة نظرية المؤامرة ان ايا من الدول المتهمة بحياكة المؤامرات لم تمنعنا يوما من تغيير مناهجنا الدراسية التافهة القائمة على اساليب الحفظ والبصم. كما لم يحثنا اي طرف على عدم الاهتمام بانشاء المعاهد والجامعات العلمية، او الاهتمام بالكليات الهندسية بقدر اهتمامنا نفسه بالكليات والمعاهد الدينية. كما ان الاستعمار والصهيونية العالمية واذنابهما لم تفرض علينا يوما مقاتلة بعضنا بعضا سياسيا ومذهبيا، ولم توعز لنا بصرف اموالنا، على قلتها، على شراء سلاح بدلا من الاهتمام بصحة مواطنينا! ولا ادري من الذي منعنا من ترجمة عشرات آلاف الكتب الرائعة التي تخرجها ارقى مطابع الغرب شهريا، والتي تتلاقفها الايدي في العالم اجمع غير اعتقاداتنا البالية بان الشر والفساد يكمنان فيها، وان الخير هو ما بين ايدينا وما بين ارجلنا! كيف يمكن ان نصدق ان الجامعات الدينية في بعض بلداننا يفوق عددها الجامعات العلمية؟ وان نكون الوحيدين في العالم في هذه الظاهرة المخيفة، فهل ضاع الدين من غير جامعات على مدى 14 قرنا؟ وكم ضيعت الجزائر وليبيا والسودان ودول الخليج من عوائد نفطية هائلة على التافه من الامور من دون ان تخصص ولو نسبا بسيطة للنهوض من الحفر التي اخترنا المكوث فيها؟ كيف يمكن ان نصدق ان الكويت، كمثال، وبعد أكثر من 60 عاما على انتاج النفط، ليس لديها غير جامعة واحدة، مع شديد تخلفها، ولم تسمح للجامعات الخاصة بالتواجد فيها الا منذ سنوات قليلة فقط؟! ما الذي تخصصه 21 دولة عربية مثلا للبحث العلمي؟ الجواب لا شيء، ويصبح الامر اكثر مأساوية عندما نعرف المبالغ الطائلة التي تخصصها تلك التي نصر على تسميتها «الدولة المسخ» على البحث العلمي والترجمة والتأليف والصحة والتعليم!
مع كل هذه المقدمة الطويلة النافية لــ«نظرية المؤامرة»، فانني اكاد اشك في وجود مؤامرة، ولكن هذه المرة من الداخل، للتعتيم على طارق حجي (!!) وهذا هو موضوع مقال الغد.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي


الكوع…
مجرّم صحافياً

كي يُخرجنا من الجدية والكآبة المسيطرة علينا، كما ادعى، قال أحد الأصدقاء للموجودين في الديوانية: «هناك موقع إلكتروني يحدد للانسان متى سيموت إن هو أجاب عن الأسئلة بدقة، ولنبدأ بك يا بوسلمان»، فوافقت، فشرع يسأل وأنا أجيب، وجاءتني النتيجة: «مبروك، ستموت عن عمر يناهز 63 عاما، بالرفاء والبنين».

الأسئلة – للأمانة – كانت دقيقة وعلمية ومقنعة، وكل سؤال مكتوب بجانبه سبب طرحه. على سبيل المثال: اختر الاجابة الصحيحة، هل تتناول الفواكه بشكل يومي، أم شبه يومي، أم أحيانا، أم نادرا؟ ويأتيك الشرح بأن الفواكه تطيل العمر وتحافظ على الصحة وما إلى ذلك من تفسيرات علمية، وسؤال آخر: هل تعيش في المدينة أم في الريف؟ وسبب طرح السؤال هو أن سكان الريف أطول عمرا من سكان المدينة، وهكذا… لكن العباقرة الذين اختاروا الأسئلة نسوا أسئلة في غاية الأهمية: هل تعيش في دولة شعبها مفتت ومتشظٍّ، كل شظية فيه تحقد على الشظية الأخرى وتكمن لها في الظلام؟ لأن الشعوب المتشظية أقصر عمرا من الشعوب المحترمة، والشعب المتشظي يموت موتة كلب. وسؤال آخر: هل تعيش في دولة لا يعرف أحد مرشحي برلمانها كيف ينتقد النائب الأول لرئيس الحكومة؟ لأن نقد ضيف الله بورمية للشيخ جابر المبارك يقصف العمر قصفا عشوائيا، وكثير منا انتقد المبارك لكن ليس بهذه الصورة المحروقة. يا عمنا بورمية، في المرة المقبلة «خذ نَفَس» قبل أن تنتقد.

وسؤال آخر مهم: هل تكتب زاوية صحافية وتشعر أحيانا بأن جزءا يسيرا من القراء يقرأ بكوعه فلا يفهم؟ لأن المخ في الرأس لا في الكوع، أي والله، والشهود عندي أربعة. والسؤال الأخير الأهم: هل جحظت عيناك وفنجلتا على مصراعيهما وأنت تترحم على قراء الكوع بعدما اكتشفت أن أحد أجمل الكتاب وأوسعهم اطلاعا وثقافة استخدم كوعه في قراءة عمودك الصحافي قبل أن يطعنك – بكوعه أيضا – في الفقرة الثالثة من عمودك الفقري بتعليق أكوع؟ لأن الزميل الجميل سامي النصف فهم مقالتي السابقة «يالله بسرّاية» فهما كوعيا لا مثيل له، فعلق تعليقا عرفت بعده أنه أتعب كوعه بالتفكير.

بوعبد اللطيف يكتب في صفحة توزن بالذهب المعتّق. الله على الصفحة الأخيرة في جريدة «الأنباء»، وياااه على كتابها ما أجملهم، الشايجي والساير والنصف والزامل. هي صفحة تؤكل نيّة، ولا حاجة للملح معها ولا الفلفل. والصفحات الأخيرة نوعان: صفحة تأكلها وصفحة تأكل عليها. لكن يبدو أن «أبا العَبِد» – سامي النصف كما أحب أن أناديه – أراد أن يريح مخه لحظة قراءة مقالتي تلك، فوضعه على الصامت – «ميوت» – وامتشق كوعه، وهات يا قراءة، وهات يا تعليق يقتطع من العمر خمسا وأربعين سنة مما تعدون. حرام على كوعك يا رجل، أعد قراءة المقالة مرة أخرى، وكوعك كفاية. 

سامي النصف

هبوا للدفاع عن وطنكم ومستقبلكم

يا أهل الكويت من حاضرة وبادية، سُنة وشيعة، لقد طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، وتهادى عشاق الكراسي الخضراء في دغدغتهم لمشاعركم وتحريضكم على بلدكم وتخريبهم لأسس السلام الاجتماعي فيه وهدمهم لمبادئ الوحدة الوطنية وادعائهم البطولات الفارغة والجعجعات الكلامية الدالة على السفه والحمق وقلة العقل ومعها التعدي على الآخرين دون سبب أو داع.

فهل لنا أن نعرف الفائدة المرتجاة والمكسب المتوخى من محاولة كسر هيبة السلطة التي ما كسرت في البلاد الأخرى إلا وعمت الفوضى وانتشر القتل والنحر والتفجير والتدمير بين أبناء الوطن الواحد؟! وهل من مصلحة ترتجى من تحريض أبناء القبائل الكرام على النظام أو على إخوتهم من أهل الحاضرة أو بالمثل تحريض الحاضرة على البادية والسُنة على الشيعة والشيعة على السُنة كما نرى ونسمع في عمليات التسخين للحملات الانتخابية التي لم تبدأ بعد، وقانا الله شرور الفتن المصاحبة لها.

إننا لانزال مجتمعات رخوة طرية فهل ننتظر حتى يشعل البعض النيران في أوطاننا فنصبح كحال لبنان الأمس وعراق اليوم وصومال الغد وما بعد الغد، أم علينا بالمقابل أن نبدأ جميعا، وبعيدا عن المجاملة القاتلة، برفض ولفظ من يريد تحويل بلدنا إلى ساحة قتال بائسة خدمة لمصالحه الخاصة وطمعا في الوصول للكراسي الخضراء لتكوين الثروات الخاصة كحال من سبقه؟!

إن على المسؤولين في البلد أن يصبحوا القدوة الحسنة للمواطنين في كيفية التعامل مع الشتامين والمتأزمين والمتعدين على الآخرين عبر ردعهم وزجرهم بآليات القانون من حجز وزجر ورفع القضايا عليهم، لا استقبالهم بالابتسامات والأحضان وقبول وساطاتهم التي لا تقبل من الآخرين، وفي هذا السياق لا نعلم كيف يستسيغ البعض القول إن زيدا قد أخطأ ثم التعجب بعد ذلك من حجزه أو إحالته للتحقيق، حاله في هذا المنطق العقيم والسقيم حال من يقول إننا نعلم أن عمراً قد قتل أو ارتكب جريمة، إلا أننا نتساءل عن سبب محاكمته؟! بئس المنطق.

آخر محطة: من يدعي أن قلبه قد هلع أو حنّ على مواطن أراد إشعال النار في البلد فليهلع قلبه قبل ذلك على وطن كريم متسامح يضمنا جميعا وسنفقده مرة أخرى ما لم نقدم مصالحه العامة على مصالحنا الخاصة.

احمد الصراف

أين أنت أيها القاضي الحريتي؟

كتبت عشر مقالات تقريباً عن مركز الوسطية وأمينه السابق عصام البشير، وعن المستفيدين من وجوده من كبار قياديي وزارة الأوقاف. لكن لم يقم أحد بالرد علينا، على الرغم من تضمن تلك المقالات اتهامات صريحة بالاثراء غير المشروع من مركز الوسطية «العالمي»! وكنت اعتقد أن في الأمر ترفعاً، إلى أن وجه النائب السابق رجا حجيلان، حامل الشهادات الجامعية الأميركية، سؤالاً الى وزير الأوقاف عن «مركز الوسطية»، وتبين من اجابة الوزير، ان رئيس المركز الاخونجي والعضو في مكتب الحزب الحاكم في السودان، عصام البشير، قد استلم أكثر من 700 ألف دولار كمكافآت ورواتب خلال 30 شهراً قضاها على رأس المركز ولجانه! كما تبين من الاجابة ان شهادة الدكتوراه التي كان يدعي «البشير» حملها، والتي على أساسها منح ذلك المرتب الضخم، غير معترف بها (!!!)، وهنا تبين لنا أن سكوت كبار قياديي الوزارة لم يكن ترفعا، بل خوفا من تأجيج المسألة واثارة الموضوع، وفضلوا بالتالي التزام عدم الرد علينا، لعل وعسى، ولكن يقظة الوزير العادل حسين الحريتي كانت لهم بالمرصاد!! ولا عزاء لكل الذين دافعوا عن موقف المركز الهلامي وصحة توظيف عصام البشير!
من جهة أخرى، فوجئنا بأن مشروع «علماء المستقبل»، أحد المشاريع الغريبة والوهمية التي انبثقت عن مركز الوسطية، لايزال حياً يرزق «ويلبط»، وان السيد مطلق القراوي لا يزال يشرف على أعماله!! وهذا المشروع، لمن لا يعلم، يهدف الى تدريب مجموعة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عاماً، وبعضهم من أبناء كبار العاملين في الوزارة، ليكونوا، خلال ثلاث سنوات فقط، علماء ربانيين يجمعون، حسب قول الوكيل، بين أصالة المنهج والتراث والوعي بمتطلبات العصر «اقبض»!!
وأعرب القراوي في حفل أقيم لهؤلاء «العلماء الربانيين»، الذين يبلغ متوسط أعمارهم العشرين عاما، أعلن عن سعادته بالقائمين على البرنامج، وهم في غالبيتهم من المنتمين لاخوان مصر، لما قدموه من إنجازات علمية (!!) وسلمهم جوائز قيمة لجميل أعمالهم (!!) وفي ختام ذلك الحفل ألقى الشيخ أحمد الفقيه، أحد المشرفين العظام على برنامج التدريب، كلمة قال فيها بالحرف الواحد «.. ان علماء فيما مضى (هكذا) لم يدخلوا جامعات ولم يحصلوا على شهادات، وان الله أنار بصيرتهم، لأنهم طالبو علم (!!)».
أين أنت أيها القاضي الفاضل حسين الحريتي من هذا الظلم للعلم، والهدر للمال العام؟
للاطلاع على تفاصيل أكثر وصور «العلماء الربانيين» انظر «السياسة» (عدد 2 – 4).

أحمد الصراف