محمد الوشيحي


 أح يمّه

الاعتراف لغير الله مذلة… أعترف بأن الحلقة التي استضفت فيها النائب السابق ناصر الدويلة في برنامجي الذي يعرضه تلفزيون الشاهد، هي واحدة من أجمل حلقاتي وأكثرها كوميديةً طوال عملي في التلفزيون وإدارة الحوارات، إذ حلّق أبوعلي وحلّقت معه في أفلاك ومدارات عالية، ولولا عناية الله لاصطدمنا بكوكب زحل، ولولا رحمة الرحمن لـ»تلاقطنا بالشوَش» وتبادلنا القصف بكل ما ثقل وزنه وخف ثمنه على طاولة الحوار وما جاورها ونحن نضحك.

أعترف أيضا بأنني لم أكن أتوقع موافقته على الظهور معي في البرنامج وأنا الذي نظمت فيه قصائد هجاء، كل قصيدة تزاحم سابقتها وتقول لها: «الزين عندي» بشكل شبه أسبوعي، وكان باطن كفي «يحكّني» إلى أن أكتب عن الدويلة فتتلاشى الحكة وترتاح كفي، ومع ذا، فوجئت بالزميل سعود العصفور يبلغني موافقة الدويلة على الظهور في البرنامج! يا للهول… مرحى… مرحى.

وأعترف كذلك أن الساسة في الكويت وضواحيها عودونا أن من ينتقدهم قد باء بغضب من الله وعداوة منهم، فالقضية قضية شخصية، أربعة في ستة، لذلك تجدهم «يمغمغون» كما يمغمغ الطفل الذي منعه والده من أكل الحلوى خوفا على أسنانه عندما يتصل بهم فريق الاعداد عارضا عليهم فكرة المشاركة في حلقة معي، بعكس الدويلة الذي صرخ فرحاً في الهاتف: «وين الوشيحي وينه؟ أنا أدوّره من زماااان»، وهو أقسم بعدما دخل مبنى التلفزيون أنه يكاد يغمى عليه لشدة الضحك كلما قرأ مقالاتي الهجومية على أدائه.

الدويلة ليس وحده من يثق بنفسه ويفصل السياسة عن الأمور الاجتماعية، فهناك آخرون أبرزهم النائب السابق خضير العنزي، الذي لم أكن أتوقع امتلاكه لهذا المستوى العالي من الثقة بالنفس وسعة الصدر.

وبشكل عام، يبدو أن جلود أغلب ساستنا من الحرير الكشميري الناعم، وهؤلاء يحتاجون إلى سبع وستين سنة ليخشوشنوا ويدركوا أن السياسة هي المنطقة المتاخمة للبراكين، وأن الشرر سيتطاير على ثيابهم بين لحظة وضحاها. فإن كنت –أيها السياسي- من جماعة «أح يمّه»، ودمعتك مسافة السكة، فاجلس في حضن ماما يحفظك الله وأقرئها منا السلام، فللسياسة رجالها الذين يرفع كلّ منهم شعار «أنا ولد أبوي»، وهم لخشونة جلودهم يشعرونك بأن التماسيح مترفة اعتادت زيارة عيادات الجلدية واستخدام «بودي لوشن». 

سامي النصف

قضايا نهاية الأسبوع

لدي قرابات وصداقات مع الكثير من أبناء القبائل الكرام ولم أجد ـ والله ـ أكثر كرما وأنفة وعزة وفزعة منهم، لذا فالقبائل وأبناؤها هم إضافة حقيقية وجميلة ضمن النسيج الكويتي، ما يجب ان ينتبه له بعض أبناء القبائل الكرام هو ضرورة ألا تستغل تلك الشمائل والمزايا الجميلة فيهم لخدمة اغراض خاصة لبعض المرشحين المدغدغين الذين يودون إثارة حنقهم على الدولة وتشريعاتها وعلى اخوانهم في الوطن لتحقيق المكاسب لهؤلاء المدغدغين دون ان يمانعوا في اظهارهم بمظهر المتجاوز على القوانين، صناديق الانتخابات قادمة، ونرجو أن تظهر أن شباب القبائل أكبر من أن يخدعوا أو تسهل دغدغتهم.

أثناء زيارتي لمدينة الخفجي السعودية وجدت أمرا جميلا وبسيطا لو أخذنا به لوفرنا الكثير من المتاعب والقلاقل التي تسبب فيها المدغدغون، في الخفجي تجد بالقرب من مساجد الكيربي لوحة واضحة مكتوبا عليها «مسجد مؤقت» وبالطبع ما ان يبنى المسجد الدائم حتى تتم إزالة ذلك المسجد دون مشاكل، وفي هذا السياق قرأت في احد المناشير التي وزعت بشكل واسع ان احدا لا يحتاج لرخصة لوضع مسجد من الشينكو أو الكيربي.

سألني الزميل المخضرم مبارك العمير ضمن برنامجه الشائق «بلا مونتاج» الذي يبث على قناة الشاهد عن سبب دفاعنا في بعض الاحيان عن وجهة نظر الحكومة، وكان الجواب انني شخصيا لا املك الشركات ولا اتعامل بالمناقصات الحكومية (بعكس كثير من قيادات المعارضة) كما انني لا ازور الوزراء في مكاتبهم او دواوينهم او حتى اتصل بهم ومن ثم لا مصلحة شخصية لي معهم، لذا فالدفاع احيانا سببه الوجيه هو الايمان بمبدأ لا تقوم ولا تحلق الديموقراطية دونه وهو «الرأي والرأي الآخر»، ففي الكويت يسمع المواطن للرأي المعارض من مئات النواب والكتاب ولا يسمع احد لرأي الحكومة في القضايا المطروحة، ولو قامت الحكومة مشكورة بشرح آرائها لما احتجنا انا وقلة من الزملاء لاتخاذ هذا الموقف الديموقراطي الاصيل.

في ظل تجربة واقعية اثبتت وجود استجوابات «فردية» يقصد منها الاثراء غير المشروع وتشويه وجه الديموقراطية حتى لو عارضها 49 نائبا آخرون، تضمن دستورنا العظيم في لائحته الداخلية المادة 135 التي تعطي المجلس حق تأجيل مثل تلك الاستجوابات الكيدية، للمدة التي يراها، احد المدافعين عن الدستور ومن أعطوه قدسية لم يطلبها الآباء المؤسسون اعلن انه يرغب في تعديل مادة واحدة من الدستور وهي تلك المادة التي تمنع العابثين والباحثين عن البطولات الزائفة من العبث بالدستور، وكفى تدميرا بالدستور والديموقراطية بحجة الحفاظ عليهما، فقد بدأنا نشك وبحق في الدوافع.

آخر محطة:
مع إغلاق باب الترشيح بدأ بعض المرشحين سحب اسمائهم في هذا الوقت المبكر، أموت وأعرف لماذا نزلوا منذ البداية؟!

احمد الصراف

مارامين سلامات

لا يوجد بيت أو شقة في الكويت من دون خادم من جنسية ما، وقد كان تاريخ عمل الخدم في أية دولة، مؤشراً على الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو التعليمية في البلد الذي تستقدم منه العمالة المنزلية أو ما دونها، حيث إن العمالة المنزلية عادة ما تكون أكثر تعلما وفهما من العمالة الذكورية بالذات، البسيطة الإمكانيات!
ولو أخذنا الهند كمؤشر لوجدنا مدى التغير التعليمي والاقتصادي الذي طرأ على أوضاعها في الخمسين سنة الأخيرة، حيث أصبحت أقل تصديرا للعمالة المنزلية وأكثر تصديرا للخبرات النادرة!! وهنا بعض الملاحظات البسيطة التي يمكن باتباعها جعل حياة من يعملون لديك من الجنسية الفلبينية أكثر سعادة:
أولاً: يهتم الفلبيني كثيرا بعيد ميلاده، ولا يمكن تصور ما تعني مفاجأته بهدية بسيطة في ذلك اليوم، أو حتى تمني السعادة له. جرب ذلك وستجد مدى التأثير الايجابي لذلك عليهم.
ثانياً: يعشق الفلبيني الأول من مايو، يوم عيد العمال، أي يوم غد الجمعة، حاول ان تأخذه لشاطئ البحر وأن تدعوه لملامسة مياهه!!
ثالثا: لا يمانع الفلبيني في ان تكون قاسيا معه، مجادلا او حتى نابيا، ولكن تجنب رفع صوتك عليه، حيث يشعره ذلك بالهوان.
رابعا: ان تقول لهم شكرا بلغتهم يعني الكثير، وشكرا بالفلبيني، كما سبق وان ذكرنا في مقال سابق، كلمة عربية هي «سلامات» ويفضل ان تضاف قبلها كلمة «مارامين»، وتعني جزيلا او كثيرا.
خامسا: الفلبيني كثير الاحترام لغيره من كبار السن او المقام، ولكن لا يعني ذلك الطلب منهم الجلوس في المقعد الخلفي عند اخذهم لمكان ما، كما يفعل الكثيرون من المواطنين مع خدمهم!! فقيام المعزب بقيادة السيارة وجلوس الخادم في المقعد الخلفي منظر مضحك حقا، فالسيد هو الذي يجلس في الخلف، او على الاقل بجانب السائق، وكم هو جميل لو ساويناهم بانفسنا بين فترة واخرى، أليسوا هم الذين كثيرا ما يعدون الطعام لنا ويهتمون بصحة أبنائنا؟!
و«مارامين سلامات» لكم جميعا.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

حتى لا نفقد المنامة (4)

 

أرسل لي أحد أبناء عائلة (غزوان) قائمة تضم ما يزيد على 100 اسم من أسماء عوائل العاصمة المنامة الشهيرة من كل الطوائف والأعراق، ولكن أجمل ما في أمر تلك القائمة، أن هناك الكثير من أبناء تلك العوائل لا يزالون باقين فيها، وفي الوقت ذاته، وفقا لاتصالات بعضهم، فإنهم متمسكون بالبقاء فيها، على أن يكون لدى الدولة ممثلة في كل من مجلس بلدي العاصمة، ومحافظة العاصمة ووزارة شئون البلديات والزراعة ووزارة الثقافة والإعلام توجه حقيقي للحفاظ على هوية المنامة.

والسبل الى ذلك متاحة… حتى مع بقاء الوافدين في الأحياء التي أصبح فيها البحرينيون أقلية لا تكاد تذكر، فهناك مشروع بدأ به عضو المجلس النيابي النائب خليل المرزوق يصب في هذا الاتجاه، ويدعم مشروع التطوير الحضري للمنامة طبقا للمخططات والتباحث مع الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة بغرض توفير مختلف الخدمات الأساسية للمواطنين القاطنين بالعاصمة، وعلى صعيد مختلف ضواحيها طبعا، وتوفير الحلول الإسكانية والحفاظ على النسيج الاجتماعي والطابع العمراني الذي تأثر كثيرا هو الآخر على مدى السنوات العشرين الماضية، وهو ذاته المشروع المرتبط بالدراسة التي أعدتها وزارة شئون البلديات والزراعة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDB.

لماذا تعثر المشروع؟ أو لنقل: ما الذي أدى إلى تباطؤه؟ قبل سنوات، زار أحد الوزراء المعنيين المنامة، وبعد الزيارة الميدانية للكثير من الأحياء والمواقع، صدر قرار بتشكيل فريق عمل مشترك بين نواب وممثلي المنامة والمكتب الهندسي المشرف على مخططات العاصمة، ووزارة البلديات وبلدية المنامة بالشراكة مع المجلس البلدي والمؤسسات الأهلية لبحث خيارات تطوير وإعمار العاصمة، بل واستعراض مصادر وبدائل التمويل ولا سيما إننا علمنا أن جلالة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حريص على إنجاح الفكرة؟

يصر البعض، على أن لفت الأنظار إلى العاصمة المنامة والدعوة إلى الحفاظ على هويتها، ما هي إلا كلمة حق يراد بها باطل من أجل التنكيل بالعمال الوافدين من العرب وغير العرب، وهذه فكرة هامشية (مهمشة)أصلا ولا ترقى إلى النقاش، فالحفاظ على هوية بلادنا وتراثنا وتاريخنا أمر لا علاقة له قطع لقمة العيش التي هي من عطايا رب العالمين وليست من عطايا البشر… فما المانع في أن تعيش العوائل العربية والأجنبية في بعض أحياء المنامة أو المحرق أو مدينة عيسى؟ فنحن البحرينيون أهل خير ونعمة لا نحمل روحا عدائية لأي إنسان يطلب الرزق والحياة الكريمة له ولعياله… لكن لا نريد أن تصطبغ مدننا وقرانا بصبغة الكامبونات الأجنبية للعزاب الوافدين، وتقتطع من بلادنا قطعة عزيزة لتحل محلها أحياء هي طبق الأصل لبلدان وثقافات لا صلة لنا بها إلا عبر التواصل الإنساني… تتمشى في أروقة المنامة فتملأ رأسك رائحة الطعام الغريب، الموسيقى الغريبة…ا لكتابات واللافتات الآسيوية… والكثير الكثير من الغرباء المخيفين أحيانا حتى لأشد الرجال بأسا.

إن النظر من جديد إلى «فرجان» المخارقة والحمام والحطب ورأس الرمان والحورة (الحدادة)، التي حظيت بزيارة واحد من كبار المسئولين قبل عام أو أكثر قليلا، تدعونا لنتساءل مجددا: «متى سيتم الالتفات إلى العاصمة؟ وكيف تنظر الجهات المسئولة إلى هوية المنامة وتراث المنامة وتاريخ المنامة وواقع المنامة…العاصمة؟».