محمد الوشيحي


أيتها الخنازير المحترمة
… حلمك علينا

الله يرحم «إنفلونزا الطيور» برحمته. كان الطائر المصاب بالإنفلونزا ينقل عدواه إلى الإنسان وينتهي الأمر عند ذلك، فلا يمكن لإنسان أن ينقل انفلونزا الطيور إلى إنسان آخر، هو مرض يستخدم مرة واحدة ويُرمى بعد ذلك، تماما مثل موسى الحلاقة الزرقاء، وبعدئذٍ يبدأ طائر آخر بنقل المرض إلى إنسان آخر، وهكذا… وكان حل انفلونزا الطيور بسيطا، نوعا ما، بسم الله والله أكبر نعدم كل الطيور، ونقطة على السطر، وروح بيتكم، نوم الهناء.

الآن تتحدث القنوات الفضائية والوكالات والصحف العالمية عن انفلونزا الخنازير التي بدأت تنتشر في أميركا الجنوبية، ومنها ستنطلق رحلتها المكوكية لتشمل الكرة الأرضية، وماذا نتوقع من الخنازير غير النتانة والمرض. والمصيبة هنا أن الخنزير ابن الخنزير ينقل مرضه إلى الإنسان فينقل الإنسان مرضه إلى إنسان آخر، ولتقضي على المرض هذا لا يمكنك أن تستخدم طريقة الاعدام كما استعملتها في انفلونزا الطيور، والا فعليك ألا تكتفي بإعدام الخنازير وحدها، بل يجب أن يمتد الاعدام إلى الناس المصابين بالمرض، وهذا لن يحدث.

قطعا، لن يأتينا الخطر من الداخل، فالكويت لا خنازير فيها (بالمعنى الحرفي للخنازير)، الخطر من الأجانب المصابين بالمرض والقادمين إلينا من دولهم، ولا أدري كيف سيتم التعامل معهم، خصوصا الأميركان والانكليز والفرنسيين والألمان وكل من يحمل جنسية «ثقيلة» اعتدنا هنا التعامل معها بانحناءة طفيفة واحترام لم يصل بعد إلى تقبيل الكتف.

بارقة الأمل الوحيدة في الموضوع القاتم هذا، أن المعنيين والمسؤولين عن مكافحة المرض ومنع تسلله إلى البلاد هم قيادات وزارة الصحة وقيادات الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية والحيوانية، وهؤلاء وأولئك أثبتوا لنا المرة تلو الأخرى، أن الوزارات والمؤسسات الحكومية لا أمل فيها ولا رجاء. ولن نثق بقيادات هيئة الزراعة قبل أن تنجز مشروعها العظيم وتنهي مهمتها المستحيلة وتقوم بتشجير الطرق السريعة التي استنزفت منها حتى الآن أموالا لا حصر لها ونحو خمس عشرة سنة تم فيها تشجير طريق المطار بنجاح منقطع النصيب.

أيها الشعب الكويتي العظيم… «ما في الحمض أحد»، كل واحد يبتلش بنفسه. 

سامي النصف

لماذا استقالت الحكومات وحُلّت البرلمانات؟

كم مرة استمعنا جميعا من مخضرمي النواب ومن الخبراء الدستوريين لجملة «ان الاستجواب حق مطلق للنواب»، وكم مرة تساءل هؤلاء عن السبب في عدم وقوف رئيس الوزراء على المنصة ما دام الاستجواب حقا مطلقا خاصة انه كما يقولون لا يزيد عن سؤال برلماني مغلظ، فهل جميع تلك الاقاويل محقة وصادقة ام ان الامر على العكس من ذلك تماما؟

احكام المحكمة الدستورية الموقرة في تفسير نصوص الدستور نهائية وواجبة التطبيق، ومن ذلك حكمها الصادر في 9/10/2006 والذي اما انه يعلم به المخضرمون من نواب وكتاب ولا يصرحون به وتلك جريمة، واما انهم لا يعلمون وتلك جريمة أكبر، ويبدأ الحكم بالقول «لا يعقل ان يكون الاستجواب من غير ضوابط أو ان يكون حقا مطلقا لا يحوطه اي حد دستوري أو قانوني، وذلك تحت طائلة ان ينقلب هذا الحق الى ضده وفقدان صاحبه الحق فيه»، نذكّر بذلك من يدعي زيفا او جهلا أن الاستجواب حق مطلق للنائب لا ينازعه أحد فيه.

وقد وضع حكم المحكمة الدستورية 14 ضابطا للاستجواب لو جعلناها مسطرة للاستجوابات التي قدمت لسمو رئيس مجلس الوزراء، بل لاستجوابات العشرين سنة الماضية لما صمد واحد منها وهو ما يجعلنا نتساءل عن السبب الذي منع الحكومة من تحويل جميع تلك الاستجوابات للمحكمة الدستورية كي تبت فيها حسب حكمها السابق الصادر في عام 2006 وهو امر يدل على ضعف آليات دعم القرار الحكومي وقلة النصح الحكيم فيه.

فضمن ضوابط الاستجواب نجد انه ليس حقا مطلقا للنائب كما يشاع، بل «اذا أساء النائب حقه في الاستجواب فقد أحقيته به»، كما يرفض الحكم مقولة ان الاستجواب ما هو الا سؤال مغلظ بسيط لا ضرر منه، ويقول «يختلف الاستجواب عن السؤال البرلماني، حيث قد ينتج عنه طرح الثقة بالمستجوَب» كما يحذر الحكم التاريخي من ان «اللجوء المتكرر للاستجوابات يعد تضييعا لوقت المجلس وتعطيلا لأعمال الحكومة» كما ان في تكرار الاستجواب «خروجا عن مبدأ الرقابة الشعبية».

وفيما يخص من توجه اليه الاستجوابات هل هو رئيس الوزراء ام الوزراء، يصرح الحكم بالقول «لما كان اختصاص رئيس مجلس الوزراء يقتصر نطاقه على رئاسة مجلس الوزراء دون أن يتولى اي وزارة فإن المسؤولية السياسية – والاستجواب احد آلياتها – انما تقع بصفة أساسية على عاتق الوزراء فرادى» اما مسؤولية رئيس الوزراء فهي عن «المسائل التي لأهميتها كانت موضوع بحث مجلس الوزراء»، وواضح ان الاستجوابات التي وجهت للرئيس لم تكن بالضرورة مواضيع بحث مجلس الوزراء بل كانت امورا في الاغلب اختص بها الوزراء المعنيون.

ويسترسل الحكم في اكثر من موضع لمنع عمليات التجريح الشخصي ضمن الاستجواب مما يسقط كثيرا من نتائج الاستجوابات التي قدمت فيما لو عرضت على المحكمة الدستورية الموقرة، كونها تضمنت الكثير من التعدي الشخصي والاتهام الكيدي لمن وجهت اليه الاستجوابات، كما يرفض حكم المحكمة ان يكون الاستجواب مجرد تسجيل للنقاط السياسية (أغلب أو جميع استجواباتنا لتسجيل النقاط السياسية) و«اذا كان للنائب حقه الدستوري بالاستجواب فإن للغير حقوقا قد تكون أولى بالرعاية والاعتبار» انتهى.

آخر محطة:

تكمن أهمية ذلك الحكم التاريخي في انه وبعكس لوائح وتشريعات وأنظمة الدستور قد أتى لاحقا لها وبعد تجربة وممارسة 44 عاما لذا فهو أدنى للأخذ والاستشهاد به من النصوص القديمة. يمكن لهذا الحكم ان يخلق آليات تطبيق ضوابطه عبر تفعيل دور مكتب المجلس لضمان تقييد جميع الاستجوابات المستقبلية به. لو احيلت استجوابات السنوات الثلاث اللاحقة لصدور حكم المحكمة الدستورية اليها، لوفرنا استقالة الوزراء وحل البرلمانات.

احمد الصراف

وعّاظ سلاطين المال

بيّن الانهيار المالي والافلاس الأخلاقي الذي طال كثير من المؤسسات المالية التي تتلحف برداء الدين، مدى هشاشة وضعف كياناتها وأجهزتها الرقابية، وانها، على الأقل، لا تقل ضعفا عن غيرها من المؤسسات الأخرى، على الرغم من الهالة والقدسية اللتين طالما حاولت اسباغهما على أعمالها، والوقار الذي كثيرا ما تمسحت به بإعلانها الدائم عن وجود هيئات شرعية تشارك في مراقبة أعمالها، وادعائها بالتسابق على «توظيف أكبر العقول» الفقهية لعضوية لجانها الدينية! وقد بيّن تحقيق مميز نشرته «القبس» في 23/3/2008 (من إعداد رزان عدنان)، الفوضى العارمة التي تعيشها الهيئات الشرعية في عملها بسبب عدم وضوح حدود سلطاتها، وغياب التشريعات التي تحدد أطر عملها، وتحدد مسؤولياتها، فعمل أعضاء هذه اللجان في المصارف والمؤسسات المالية بنظام المكافأة يجعل ولاء هؤلاء أمرا مشكوكا فيه، ولا يدفعهم إلى أي ابتكار بسبب عدم التفرغ.
كما أظهر التحقيق المميز أن هناك تفاوتاً كبيراً بين مكافآت أعضاء هذه اللجان، التي لا يخضع عملها لأي معايير، والتي غالبا ما يتم تحديد مكافآت أعضائها من خلال اسم العضو وشهرته، فظهوره الدائم على التلفزيون مثلا، مع قلة الفهم، تزيد من أجره مقارنة بمن هو أكثر علما واطلاعا منه، ولكنه قليل الشهرة والظهور.
كما أوضح التحقيق، وعززت ذلك تصريحات صحفية لأعضاء سابقين في «لجان شرعية»، أن بعض أعضاء هذه اللجان يصدرون فتاوى بحجم المكافأة الموعودة، فأي إيمان وتقوى هذا الذي يجعل هؤلاء يربطون فتاواهم بقدر ما يدفع لهم؟ كما وجد التحقيق أن نسبة من أعضاء هذه اللجان يمارسون عملهم من دون شهادات معترف بها! وهنا نختلف مع التقرير في ذلك، ففي ظل غياب قانون ينظم ويحدد مؤهلات عضو الهيئة الشرعية، فإن لهذه المؤسسات المالية تعيين من تشاء في لجانها، ولو كان مدرس جغرافيا، أو ضابط شرطة! كما أن هؤلاء الأعضاء غير ملزمين أصلا بالحضور والعمل لساعات محددة، وما عليهم سوى البصم على ما يقره البعض منهم وإعطاء الموافقات على الهاتف!
في ضوء هذه الحقائق الدامغة، التي تبين مدى هشاشة هذه الهيئات، والمصير المخيف الذي ينتظر كثيرا من الشركات المالية والعقارية والتأمينية التكافلية التي تعمل بالنظم المسماة بالإسلامية، فإن الحكومة ملزمة بإصدار تشريع ينظم عملها، أو يلغيها بصورة كاملة، فليس في الفكر الديني شيء يسمى بهيئة رقابة شرعية، ووجودها المكثف في جميع الشركات والمؤسسات المالية لم يمنعها من الوقوع في الخطيئة والخطأ، وخلقها من العدم كان بغرض تنفيع البعض من جهة، وإزالة المسؤولية عن عاتق مجالس إدارات هذه المؤسسات المالية، ووضعها على عاتق من لا مسؤولية عليه!

أحمد الصراف
habibi [email protected]