ليس أبرد من فاروق الفيشاوي ولا أتفه إلا انتخابات البرلمان هذا العام. وأخشى على مَن يمتدح هذه الانتخابات أن يتصادق كفي مع خده، ويعزفان أجمل الألحان.
والبرلمان المقبل سيكون أشعث أغبر، رؤيته تقطع الخلف. ومَن يلوم الناس في اختيارهم وهم يعلمون أن نهج الحكومة وطريقة اختيار أعضائها لن يتغيرا، وأن الحكومة المقبلة ستكون كسابقاتها، ملابسها في غاية البهدلة والهرتلة، ولن يقبل الزواج بها إلا الأشعث ذاك وأمثاله.
يا سادة، الشعب لن يعتدل في جلسته ويغسل شعره وينتقي خيرة أبنائه للزواج من الحكومة ما لم يشاهد العروس تتمخطر في فستانها البنفسجي الأنيق، رائحة عطرها الزكية تعلن السيطرة على الأجواء، طموحها يشغل بال الشعراء، تستيقظ «من النجمة» لتسقي حديقة منزل أهلها قبل أن تذهب إلى الجامعة، ثم تعود وتعاتب الخادمة التي لم ترتب الورود في الصالة، فإذا لم تفعل «العروس» ذلك وبقيت في فراشها تتنقل ما بين المسلسلات التركية فلن يلتفت الشعب إليها وسـ»يقزرها» سهرات وصرمحة بين المطارات… بحسب العروس سيختار الشعب العريس، فإنْ «قدّمت» العروس السبت فسيمد الشعب كفه إليها بالأحد، وإن أعطته الأربعاء فسيطبع يوم الاثنين على جبهتها الكريمة.
صدقوني، الشعب –في الأغلب- لا يبالي للأسف ما لم يشعر أن الحكومة تبالي، والخيار لها هي، وها هو الشعب يغني لها قصيدة نزار قباني: «إني خيرتك فاختاري، ما بين الموت على صدري، أو فوق دفاتر أشعاري، لا توجد منطقة وسطى، ما بين الجنة والنارِ»، ثم يكمل الشعب: «قولي… انفعلي… انفجري، لا تقفي مثل المسمارِ، لا يمكن أن أبقى أبدا، كالقشة تحت الأمطارِ، مرهقة أنتِ وخائفة، وطويلٌ جدا مشواري»، الله الله الله عليك يا نزار كم تُسكرنا كلماتك العظيمة وهي تدور بيننا بلا أقداح، وليتها تُسكر الحكومة وهي جالسة والشموع حولها في شرفتها المطلة على مياه الخليج تتذكر ذنوبها، وليتها تتأثر فتبكي مثلنا على ما حدث لهذا الوطن اليتيم الذي بعثرت أمواله على ملذاتها.
نزار، ليت الكويت وقفت كما تقف حبيبتك، كالمسمار، كنا قَبِلْنا على مضض، فقضاء أخف من قضاء، ليتها فعلت ولم تقف منحنية كالعرجون الذليل، في منظر يبكي أبا جهل وأمية بن خلف. ويمينا بالله يا نزار، لو شعر الناس بصدق حكومتهم وشاهدوا تشكيلة وزراء مقنعة لوقفوا أمامها سدا منيعا ولا سد مأرب، يدافعون عنها بأنفسهم وأولادهم. ليتها تعلن لنا الآن قبل الغد توبتها ونيتها بدء صفحة جديدة ناصعة الانجاز.
واستأذنك يا نزار بإضافة بيت من عندي موجها إلى الحكومة: «قومي بل هبّي واقفة، وستجري كل الأنهارِ».