محمد الوشيحي


أعيدوا النقطة
 يا هوه

والله العظيم لو أنك ارتديت بشتك وزيّنت صدرك بما لذ وطاب من الأوسمة ووقف خلفك مرافقوك من الحشم والخدم واستعنت بأجهزة الدولة كلها وأجهزة نوكيا فوقها، ثم وقفت أمام المصورين ليلتقطوا صوراً فوتوغرافية لك، لما استطعت أنت التقاط صورتك الحقيقية من الأرض إذا سقطت من أعين الناس، وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عفوا، دشيت عرض على المقالة، ومن يلومني بعدما سرقت حكومتنا نقطة من «كويت الريادة» وتركتها لنا «كويت الربادة»، وكنا حتى العام الماضي الأوائل عربيا على مستوى الحريات الصحافية بحسب المنظمات العالمية، وبعد القبض على الزميل المذيع بداح الهاجري سينخفس ترتيبنا أخفس الخافسين! يا أخي ملعون أسلاف المنظمات العالمية وتقييمها سواء وضعتنا على قمة الترتيب أو على سفحه، كيف سنقيّم نحن مستوى حرياتنا والسالفة صارت «كلمة والثانية تروح أمن الدولة»؟

وأمس اتصلت بشقيقي، أو «شكيكي» كما يقول «صديكي» الزميل سعد العجمي، الذي يحوّل القاف – بين جملة وضحاها – إلى كاف، فلا فضل عنده لحرف على حرف إلا بالضمة، وكلنا لآدم وآدم من تراب. المهم اتصلت بشكيكي فوجدت موبايله مغلكا، فلطمت وجهي خمس لطمات عجاف: «هل قبضوا عليه في أيام القبض المباركة أم ماذا؟».

حكومة «لو عثرت بغلة في العراق»، قطعت عنا الكهرباء، السنة تلو السنة، ومنا المرضى والشيوخ والنساء والأطفال، ولايزال كبارها في الحكومة على كراسيهم، لم يتزعزعوا قيد أنملة ولا عقربة، وتركت مستشفى جابر بحجر واحد لا أنيس له في الخلاء الخالي، وماتت مواطنة لعدم توافر سرير لها في مستشفيات دولة تقرض البحر مياها واليابسة رمالا، ولم تحل حكومتنا نفسها إلى أمن الدولة، كما فعل خليفة الخرافي، بل جثمت على أنفاس الكراسي وأنفاسنا بكل قواة عين.

حكومة «ضربني وبكى وسبقني واشتكى»، لم تقم مشروعا واحدا ينفع الناس ويمكث في الأرض، لكنها جرت جري وحوش البر لترضي وحوش البحر فأقرت «قانون الاستقرار»، ولولا «الاستقرار» لمرجحتنا زلازل الفقر. ولذلك ومن أجل ذلك سكتت تيارات «الرفاه السياسي» عن انتقادها والهجوم عليها، لأنها «استقرت بالاستقرار»، وكلما اهتزت «ستستقرها» الحكومة.

طيب آمنا بالله، خالد الطاحوس وضيف الله بورمية وخليفة الخرافي قالوا كلاما يستحق المحاسبة والاقتصاد، مع رفضنا للتعسف ضدهم، لكن ما ذنب بداح الهاجري ليحتجز في زنزانة؟ هل «البيع جملة»؟ ستقول إنها أوامر النيابة؟ ماشي، النائب العام والقضاء كله على العين والرأس، نحترم ونجل هذه السلطة، لكننا نتحدث عن ظروف الحجز، لماذا لم يُحتجز الهاجري في غرفة عادية فيها كرسي وتلفزيون ويُعطى الصحف والكتب والشاي والقهوة، بل والكابتشينو إذا أراد، على اعتبار أنه إنسان لا يمثل خطرا على أمن الدولة؟ أم أن القضية تعذيب وإرهاب؟ ستقول نحن أفضل من غيرنا، فلا سراديب مظلمة ولا قلع أظافر ولا حرق لأعضاء الجسم؟ وسأقول لك «صح لسانك لو أنك لم تقل ذلك»، وإن سحبتنا للمقارنة بعراق صدام فسنسحبك للمقارنة بـ»فنلندا هالونين»، وإذا كنت لا تحب الدول الاسكندنافية وبردها، فسنأخذك إلى اليهود أحفاد القردة، لتنظر ما الذي سيحدث لرئيس حكومتهم ووزير داخليته لو تعرض مواطن اسرائيلي أمه قردة (كما نزعم نحن أحفاد ملكة النحل) لهزّة كتف، هزة كتف فقط من قبل الحكومة.

أعيدوا إلينا النقطة، قبل أن تصيبنا النقطة… وفي ختام حفلنا الكريم لا يسعني إلا ان أستذكر ما قاله الزميل في هذه الصحيفة، الشاعر المتمرد أحمد مطر في واحدة من أعظم قصائده: «ستعود أوطاني إلى أوطانها، إن عاد إنساناً بها الإنسان». 

سامي النصف

توزيع ثروة هيكل

محمد حسنين هيكل هو المنظّر الاول للفكرة التدميرية القائلة بتوزيع ثروات شعوب الخليج على الآخرين، وقد روج هيكل لتلك الفكرة المدغدغة المجنونة ابان احتلال الكويت دعما لصدام، وقد أشرت في مقال سابق لكتاب «البحث عن هيكل» للباحث مرسي النويش الذي أثبت أن من يطالب بتوزيع ثروات الآخرين لم يتبرع قط بقرش واحد من ثروته الضخمة لأقربائه وأهل قريته «البسوسة»!

ذكرت مجلة «المصور» المصرية في عددها الاخير أن هيكل يتسلم سنويا 5 ملايين دولار (30 مليون جنيه) من إحدى المحطات الاخبارية الخليجية لقاء حفنة الاكاذيب والمعلومات الزائفة التي يرويها كل أسبوع والتي تستهدف تحريض الشعوب العربية على أنظمتها كي تعم الفوضى وينتشر القتل وتمنع شعوبنا العربية من التقدم.

ويملك هيكل عن طريق ابنائه حسن وأحمد وشقيق زوجته محمود تيمور شركة للاوراق المالية، وهي من أكبر شركات التداول في الشرق الاوسط وتبلغ أرباحها مليارات الجنيهات كل عام ومثلها شركة استثمارية ربحت قبل مدة 700 مليون دولار (3.3 مليارات جنيه) من بيع حصتها من الاسهم في الشركة المصرية للاسمدة لشركة إماراتية، وجميع نشاطات شركات هيكل الاقتصادية لا انتاج أو فائدة مضافة لها على الاقتصاد المصري، بل ساهم البعض منها في توريط آلاف البسطاء والفقراء في صفقات خاسرة تسببت في ضياع مدخراتهم.

واتهم د.عماد أبوغازي في مقال نشر له على صفحات جريدة الدستور المصرية هيكل بسرقة الارشيف المصري مستغلا موقعه ومنصبه السابق كمستشار وكوزير للاعلام، مطالبا اياه برد وتسليم تلك الوثائق التي يستشهد بها ضمن برنامجه التلفزيوني للدولة المصرية كونه لا يملك حق الاحتفاظ بها.

وكان المؤرخ العراقي الشهير البروفيسور سيار الجميل قد أرسل إحدى طالباته وهي د.سحر ماضي للتحقق من دعوى هيكل بأنه التقى العالم الشهير اينشتاين قبل وفاته، وقد سافرت الدكتورة الى النمسا ثم التقت بهيكل في القاهرة دون ان تخبره عن بحثها وسألته عن ذلك اللقاء الفريد وعما كان يلبسه اينشتاين وكيفية تدخينه لغليونه، وما اذا كان أعسر أم يستخدم يده اليمنى وتفاصيل مكتب العالم الذي تم فيه اللقاء المفترض، وقد ثبت لها بشكل قاطع أن هيكل يكذب حتى النخاع وفي ذلك تكرار لأكاذيبه حول نقله لوقائع حرب العلمين من الجبهة والتي اكتشف بعدها أنه كان يحصل عليها من جلوسه في مخفر شرطة الزيتونة الذي كان يعج بالجنود الانجليز السكارى ابان حجزهم للصباح.

ويذكر الباحث المصري وليد خليفة كيفية دخول هيكل لعالم الصحافة، ففور صدور قرار وزير الشؤون عبدالحميد حقي بالغاء البغاء الرسمي بسبب تفشي الامراض بعد انتهاء الحرب الكونية الثانية كلف فيليب حنين سكرتير تحرير جريدة «الايجبشن غازيت» الصحافي الشاب هيكل بأولى مهامه وهي لقاء بنات الليل واظهار موقفهن واعتراضهن على ذلك القرار المجحف بحقهن وتحمس هيكل لذلك الموضوع، ومازال متأثرا ببدايته تلك.

آخر محطة:
يتهم هيكل دول الاعتدال العربية بمعاداة ايران ـ وليس العكس ـ وينسى ان النظام الثوري الذي كان يدعمه هو أول من اختلق المشاكل مع ايران التي كانت ترتبط بعلاقة نسب وود مع مصر الملكية.

سعيد محمد سعيد

لكي لا نفقد المنامة (2)

 

ليس مستغربا أبدا أن يبادر عدد من أهالي المنامة، أو لنقل من (خالص أهلها) الذين لا يستطيعون مفارقتها أبدا، من العوائل والأفراد الذين لا يزالون يعيشون هناك، ويستعرضوا فصولا محزنة من المشاعر على ما آل إليه حال المنامة… إنهم بذلك يكتبون وثيقة ولاء وانتماء للبحرين، لا مثيل له، وخصوصا أنهم أهل العاصمة، الذين ينظرون إلى الحكومة بنظرة المواطن الذي يريد أن يرى في العاصمة، ما يدل على أنها بحرينية… من وسطها… من عمقها ومن قديم أحيائها وما تبقى لإحيائه منها.

ولأنني في هذه السلسلة، أردت أن أتناول حقيقة أوضاع العاصمة لأثير أفكار المسئولين تجاه (التغريب القسري) الذي تعيشه المنامة، فلا ريب في أننا نحتاج الى الأرقام، وليكن، فوفقا للبيانات الإحصائية الصادرة ضمن التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2001، فإن عدد سكان العاصمة بلغ 163 ألفا و696 نسمة، يبلغ البحرينيون 55 ألفا و230 نسمة، فيما يبلغ عدد الأجانب 108 آلاف و466 نسمة، وحسب تقديرات مجلس بلدي العاصمة، فإن عدد سكان العاصمة حتى العام الماضي 2008 بلغ 175 ألف نسمة، لكن حتى العام 2011، سيصل تعداد سكان المنامة إلى 181 ألف و361 نسمة، منهم 61 ألفا و191 من البحرينيين، و120 ألفا و170 نسمة من غير البحرينيين، ويبدو واضحا أن البحرينيين في «عاصمة البلد» لن يتجاوزوا (غيرهم) مهما كان.

تبلغ مساحة العاصمة 27 ألفا و48 كيلومترا مربعا، أما وحداتها السكنية (وفقا لتعداد 2001) فبلغت 34 ألفا و210، وكثافتها السكانية تستوعب 5582 فردا لكل كيلو متر مربع.

في شهر يونيو/ حزيران من العام الماضي 2008، أعددت تقريرا بشأن أوضاع العاصمة، وأجريت مقارنة أعيدها هنا بين العاصمة المنامة (كمدينة)، وبين المحافظة الشمالية كأكبر محافظة من ناحية الكثافة السكانية، فإن البشر يتكدسون في المنامة بشكل لا يمكن إغفاله، فمساحة المحافظة الشمالية بالكيلومترات المربعة تبلع 253 ألفا و31 كيلومترا مربعا، ويبلغ تعداد سكانها حسب العام 2001 قرابة 193 ألفا و78- نسمة، ونسبة البحرينيين تبلغ 81.4 في المئة، فيما نسبة غير البحرينيين تصل الى 18.5 في المئة، وعدد الأسر البحرينية يبلغ 23 ألفا و99 عائلة، أما غير البحرينية فتصل الى 3705، ويبلغ عدد قراها 42 قرية ومدينة، وعدد مجمعاتها 146 مجمعا، ومع كل مواصفات المحافظة الشمالية، فإن العاصمة ستحمل تعداد سكان مقارب، في مساحة أصغر وأصغر بكثير… فرق بين مدينة ومحافظة!

هذه الأرقام الهائلة، لاشك في أنها ستؤثر على الهوية الوطنية والثقافة والتراثية لعاصمتنا، والمهم من ذلك، أن نتساءل ونحصل على إجابة: «لماذا لم نجد تحركا من جانب الدولة للحفاظ على هوية العاصمة من الاندثار القسري، وخصوصا بالنسبة للأحياء القديمة في وسط المنامة، ومنها الفاضل والمخارقة، والصفافير، والحمام، والحطب ومشبر وكانو، وصولا إلى النعيم، أليست هويتها البحرينية مهددة وسط غزو وافد رهيب…؟»

الوضع صعب ومتشعب، والإجابة صعبة، لكن سنتناول المزيد مستقبلا.