والله العظيم لو أنك ارتديت بشتك وزيّنت صدرك بما لذ وطاب من الأوسمة ووقف خلفك مرافقوك من الحشم والخدم واستعنت بأجهزة الدولة كلها وأجهزة نوكيا فوقها، ثم وقفت أمام المصورين ليلتقطوا صوراً فوتوغرافية لك، لما استطعت أنت التقاط صورتك الحقيقية من الأرض إذا سقطت من أعين الناس، وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عفوا، دشيت عرض على المقالة، ومن يلومني بعدما سرقت حكومتنا نقطة من «كويت الريادة» وتركتها لنا «كويت الربادة»، وكنا حتى العام الماضي الأوائل عربيا على مستوى الحريات الصحافية بحسب المنظمات العالمية، وبعد القبض على الزميل المذيع بداح الهاجري سينخفس ترتيبنا أخفس الخافسين! يا أخي ملعون أسلاف المنظمات العالمية وتقييمها سواء وضعتنا على قمة الترتيب أو على سفحه، كيف سنقيّم نحن مستوى حرياتنا والسالفة صارت «كلمة والثانية تروح أمن الدولة»؟
وأمس اتصلت بشقيقي، أو «شكيكي» كما يقول «صديكي» الزميل سعد العجمي، الذي يحوّل القاف – بين جملة وضحاها – إلى كاف، فلا فضل عنده لحرف على حرف إلا بالضمة، وكلنا لآدم وآدم من تراب. المهم اتصلت بشكيكي فوجدت موبايله مغلكا، فلطمت وجهي خمس لطمات عجاف: «هل قبضوا عليه في أيام القبض المباركة أم ماذا؟».
حكومة «لو عثرت بغلة في العراق»، قطعت عنا الكهرباء، السنة تلو السنة، ومنا المرضى والشيوخ والنساء والأطفال، ولايزال كبارها في الحكومة على كراسيهم، لم يتزعزعوا قيد أنملة ولا عقربة، وتركت مستشفى جابر بحجر واحد لا أنيس له في الخلاء الخالي، وماتت مواطنة لعدم توافر سرير لها في مستشفيات دولة تقرض البحر مياها واليابسة رمالا، ولم تحل حكومتنا نفسها إلى أمن الدولة، كما فعل خليفة الخرافي، بل جثمت على أنفاس الكراسي وأنفاسنا بكل قواة عين.
حكومة «ضربني وبكى وسبقني واشتكى»، لم تقم مشروعا واحدا ينفع الناس ويمكث في الأرض، لكنها جرت جري وحوش البر لترضي وحوش البحر فأقرت «قانون الاستقرار»، ولولا «الاستقرار» لمرجحتنا زلازل الفقر. ولذلك ومن أجل ذلك سكتت تيارات «الرفاه السياسي» عن انتقادها والهجوم عليها، لأنها «استقرت بالاستقرار»، وكلما اهتزت «ستستقرها» الحكومة.
طيب آمنا بالله، خالد الطاحوس وضيف الله بورمية وخليفة الخرافي قالوا كلاما يستحق المحاسبة والاقتصاد، مع رفضنا للتعسف ضدهم، لكن ما ذنب بداح الهاجري ليحتجز في زنزانة؟ هل «البيع جملة»؟ ستقول إنها أوامر النيابة؟ ماشي، النائب العام والقضاء كله على العين والرأس، نحترم ونجل هذه السلطة، لكننا نتحدث عن ظروف الحجز، لماذا لم يُحتجز الهاجري في غرفة عادية فيها كرسي وتلفزيون ويُعطى الصحف والكتب والشاي والقهوة، بل والكابتشينو إذا أراد، على اعتبار أنه إنسان لا يمثل خطرا على أمن الدولة؟ أم أن القضية تعذيب وإرهاب؟ ستقول نحن أفضل من غيرنا، فلا سراديب مظلمة ولا قلع أظافر ولا حرق لأعضاء الجسم؟ وسأقول لك «صح لسانك لو أنك لم تقل ذلك»، وإن سحبتنا للمقارنة بعراق صدام فسنسحبك للمقارنة بـ»فنلندا هالونين»، وإذا كنت لا تحب الدول الاسكندنافية وبردها، فسنأخذك إلى اليهود أحفاد القردة، لتنظر ما الذي سيحدث لرئيس حكومتهم ووزير داخليته لو تعرض مواطن اسرائيلي أمه قردة (كما نزعم نحن أحفاد ملكة النحل) لهزّة كتف، هزة كتف فقط من قبل الحكومة.
أعيدوا إلينا النقطة، قبل أن تصيبنا النقطة… وفي ختام حفلنا الكريم لا يسعني إلا ان أستذكر ما قاله الزميل في هذه الصحيفة، الشاعر المتمرد أحمد مطر في واحدة من أعظم قصائده: «ستعود أوطاني إلى أوطانها، إن عاد إنساناً بها الإنسان».