سامي النصف

المفهوم الخاطئ

ما يحدث هذه الأيام ليس وليد اللحظة بل هو تراكم سنوات طوال ارتكبت خلالها العديد من الحكومات المتعاقبة أخطاء جساما نسلط الضوء على البعض منها منعا لتكرارها وكي لا نرجع بعد أشهر قليلة لنفس الإشكالات والتأزمات السابقة التي كادت تطيح بأمن واستقرار البلد إلى الأبد، ومن تلك الأخطاء:

الاعتقاد الخاطئ بأن الممارسة السياسية «الصحيحة» تقتضي إرضاء طلبات جميع النواب ورغبات جميع المواطنين حتى لو تطلب الأمر القفز على القوانين المرعية والتجاوز على أملاك الدولة وأُعطي القانون بالتبعية إجازة قسرية لسنوات طوال وتحولت المخالفات الطارئة إلى حقوق دائمة يشعر الناس بالظلم الشديد متى ما أزيلت أو تمت محاربتها. الديموقراطية يقوم أساسها على الرأي والرأي الآخر وحوار مستمر لإقناع المواطنين بصحة مسار الحكومة أو مسار المعارضة، في الكويت تخلت الحكومات بالكامل عن مخاطبة الشارع الكويتي ومحاولة كسبه ومن ثم استسلم الشارع بكل فئاته للخطاب المؤجج والمحرض وأصبح مهيأ لمن يريد قيادته ضد السلطة والنظام. وتعمدت بعض الحكومات إبان تلك السنوات تقريب ومكافأة كل من يعاديها ويُشهّر بها وإبعاد من يصادقها أو يدافع عنها من أهل السياسة والإعلام فدفعت الأثمان باهظة عند الأزمات – وما أكثرها – حيث اصطف الجميع وأولهم حلفاؤها المفترضون ضدها. غياب الكوادر الذكية المؤهلة لدعم القرار الحكومي بحيث يعصم في مضمونه من الزلل والأخطاء الجسيمة، ومع تكرار تلك الأخطاء ضعفت هيبة الدولة وسهل على من يعاديها أو ينتقدها أن يستشهد بهذا المثال أو ذاك لإظهار ضعفها أو عدم جديتها. ولم تعمل الدولة شيئا في مجال التوعية السياسية للشباب ولم تتضمن المناهج المدرسية والبرامج الإعلامية شيئا يذكر في هذا الخصوص مما جعلهم أداة طيّعة يشكّلها من يريد لخدمة أغراضه ومآربه، والغريب أن كثيرا من عمليات التجنيد تلك تمت تحت سمع وبصر الحكومة، إذا لم نقل بدعمها، وفيما بعد تحولت جميع تلك الكوادر ضدها. وتم بقصد وحسن نية إضعاف الروح الوطنية الكويتية وتخذيل التيار الوطني الحقيقي المحب للكويت والسكوت عن خصومه ممن يروجون للولاءات البديلة بجميع ألوانها وأطيافها، وحوربت تحت سمع ونظر الحكومة حتى احتفالات وزارة التربية البريئة في الأعياد الوطنية وأُلغيت مناهج التربية الوطنية من المدارس.. والموضوع ذو شجون.

احمد الصراف

تسامح نجاد وتواضع القلاف

أحمد الصراف
habibi [email protected]

ألقى الرئيس الايراني أحمدي نجاد كلمة في مؤتمر «ديربان 2» الذي عقد في جنيف لمناقشة مكافحة العنصرية. وقد انسحبت جميع وفود الدول الأوروبية من المؤتمر فور قيام الرئيس نجاد بإلقاء كلمته، كما امتنعت وفود أميركا وكندا وغيرها عن الحضور لشعورهم بأن نجاد سيتطرق لاسرائيل ويصفها بالنظام العنصري، ولم يخيب الرئيس الايراني توقعاتهم.
قد يكون النظام الاسرائيلي عنصريا، وقد بدر عنه خلال السنوات الستين الماضية الكثير الذي يشي بذلك، ولكن ربما، اكرر ربما، تكون الحقيقة غير ذلك الى حد ما. ولكن هل ايران دولة خالية من العنصرية اصلاً لكي تتصدى هي بالذات لمهمة نقد عنصرية اسرائيل؟ وهنا نركز على ايران، لكي لا نتوسع في السؤال عن اوضاع بقية الدول الاسلامية والعربية الاخرى، فالحقيقة ان هناك الكثير من الدلائل التي تبين ان نظام الملالي في ايران يمارس نوعا من العنصرية ضد الكثير من مواطنيه من اتباع الاقليات غير الفارسية الأصل او الشيعية، سواء من الاكراد او العرب وغيرهم. كما يمارس النظام الكثير من التفرقة ضد مواطنيه من اليهود والبهائيين والمجوس من خلال تحديد تنقلاتهم ومراقبة افعالهم ومضايقتهم دينيا، كما يطالب اصحاب المحال التجارية من اليهود والمسيحيين بوضع ملصقات «عنصرية» على ابواب محالهم التجارية تبين اصول اصحابها، كنوع من التحذير من التعامل معهم. كما لا يمكن انكار المحاباة التي ينالها الفارسي الاصل الشيعي المذهب، الذي يشكل 80% من الشعب الايراني، مقارنة بالبقية، علما بأن الدستور الايراني الذي وضعه آية الله الخميني في منتصف الثمانينات، لا يزال يحظر على غير المنتمين الى المذهب الشيعي الاثني عشري تقلد منصب رئاسة الجمهورية، رغم هامشية المنصب في ظل هيمنة المرشد الاعلى للجمهورية عليه. فقصر تقلد المنصب على اتباع مذهب محدد يتضمن تفرقة واضحة لا تسمح لمن يمارسها بتوجيه الانتقاد الى الدول الاخرى. ومعروف ايضا ان النظام الاصولي في ايران يتخذ موقفا شديد العدائية من المثليين، ولقي الكثير من سيئي الحظ هؤلاء حتفهم في ظروف غامضة، ولم تحرك السلطات اصبعا للدفاع او حتى السؤال عنهم!
قد تكون اسرائيل عنصرية، ولكن هل ايران هي الاكثر احقية وجدارة بالتصدي لعنصريتها؟ نقول ذلك ونؤكد أننا لسنا هنا في معرض الدفاع عن اسرائيل، التي تعاملت، ومنذ 1948، مع «مواطنيها» العرب من مسلمين ومسيحيين، بطريقة يفتقدها ربما المصري في مصر والمغربي في المغرب والتونسي في تونس وحتى الكويتي في الكويت. فكيف تكون اسرائيل عنصرية ولا نكون نحن عنصريين؟ هل تنظر شعوب غالبية الدول الاسلامية مثلا، وعلى رأسها ايران وغلاة متديني دول الخليج، الى شعوب العالم نظرة متسامحة؟ وهل نعتبر، نحن العرب المسلمون، الهندوس والبوذيين والمجوس مثلا مساوين لنا انسانيا؟وهل نعتقد جميعا بحق هؤلاء في ممارسة معتقداتهم كيفما شاؤوا؟
الا نستحي من وصف الآخرين بالعنصرية ونحن الأكثر سوءا في هذا المجال؟!
***
• ملاحظة: السيد حسين القلاف النائب السابق، ربما يكون النائب الوحيد في تاريخ الديموقراطيات الذي طالب، وهو نائب، بحل البرلمان بطريقة «غير دستورية»، وكان بإمكانه الاستقالة، ولكنه لم يفعل، بل عاد ورشح نفسه لانتخابات البرلمان نفسه الذي طالب بحله نهائيا!! كما لم تمنعه مكانته الدينية وما يتوقع منه كرجل دين من تواضع، من مطالبة جماعته باستقباله في قاعة التشريفات لدى عودته من الخارج، كدعاية انتخابية(!!)