كل من يعتقد، فردا كان او جمعية أو حكومة، أن الجمعيات الدينية المسيسة لن تتدخل في الانتخابات ماديا ودعم مرشحين معينين، لا شك واهم. وكل من يعتقد أن من الممكن مراقبة أموال الجمعيات الخيرية ومنعها من الصرف على الحملات الانتخابية للمنتمين اليها واهم ايضا، وكل من يعتقد أن من الممكن السيطرة على هذه الجمعيات ومراقبة أعمالها ووضع سجلاتها قيد المراقبة ومصروفاتها قيد التدقيق، واهم ايضا وايضا، فلا حل بغير الغاء كيانات وتراخيص جميع هذه الجمعيات الدينية ومصادرة أرصدتها وتحويلها الى بيت الزكاة، فوجودها طيلة العقود الأربعة الماضية كان أحد أهم اسباب الاحتقان السياسي الذي طالما عانينا منه الكثير، وهي السبب وراء التطرف الطائفي الذي اصاب شرائح كبيرة من المجتمع وقسمها الىفئات متناحرة، ولا ننسى ما أثير عن دور هذه الجمعيات في تمويل الإرهاب في الداخل والخارج، وما سرق من أموالها وقضايا الفساد العديدة التي تورطت بها طوال عقود، اما ما ورد على لسان السيد أحمد الصانع، المراقب في وزارة الشؤون الاجتماعية، من أن الوزارة بالمرصاد لأي محاولة لاستغلال المال الخيري سياسيا، فلا يعدو ان يكون نوعا من الإلهاء والتهدئة، ولكنه بعيد عن الواقع، فالوزارة بكل مستوياتها على علم تام وأكيد أنها اعجز من ان تراقب هذه الجمعيات الممتدة أخطبوطيا، خاصة ان مائة منها على الأقل غير مرخصة ولا تتبع أي جهة، والحكومة لا تزال تغض النظر عن قيامها علنا بجمع التبرعات، فكيف يمكن أن تكون الوزارة بـ«المرصاد» لجهة لا تعترف حتى بوجودها؟ ولو افترضنا أن الحكومة نجحت في الأيام المقبلة في كشف عمليات تم فيها استخدام أموال الجمعيات والمبرات في دعم مرشحين معينين، فإنها أعجز من أن تتخذ أي إجراء بحقها، فقد سبق أن حذرت وزارة الشؤون وهددت بالويل والثبور أي جمعية تخالف تعليماتها في ما يتعلق بطرق جمع الأموال، وقد خالفت الكثير منها في عيد الأضحى الماضي وتصرفت بأموالها على هواها، ورصدت الوزارة المخالفات ودونتها في محاضر وأدرجتها ضمن كشوف ولكن سرعان ما وجدت تلك التقارير الدامغة طريقها للحفظ، وربما لسلال القمامة!!
إن الكويت مقبلة على انتخابات نيابية جديدة، وقد تكون بالنسبة للكثيرين الأخيرة التي يؤمَل منها أي خير، وبالتالي من المهم أخذ الحذر فيها، وبذل ما أمكن من جهد، حكومي وشعبي، لمراقبة هذه الجمعيات والمبرات الدينية المسيسة والمتطرفة، والى أي جهة أو مذهب انتمت، ومنعها من استخدام أموالها سياسيا، كما من المهم الاستفادة من التشرذم الحالي الذي تعانيه الأحزاب الدينية ومحاولة الدفع بأكبر عدد من المرشحين الوطنيين للوصول الى البرلمان، وهذا ما نسعى اليه وعدد من المهتمين بالشأن العام، ولا هدف ولا مأرب لنا غير خدمة الوطن وجعله جميلا مع الجميع ومتسامحا مع الآخر، ومحبا للعالم.
•••
• ملاحظة: وردتنا رسالة هاتف صريحة من «زكاة سلوى» هاتف 65122422 هذا نصها: ساهم بمسح دمعة اليتيم وكن رفيق النبي في الجنة، اكفل يتيما بعشرة دنانير سنويا (!!) ونترك التعليق لكم، والقرار للسيد أحمد الصانع، لكي لا تذهب تلك الأموال لمسح دمعة «مرشح»!
أحمد الصراف