محمد الوشيحي


الكوع…
مجرّم صحافياً

كي يُخرجنا من الجدية والكآبة المسيطرة علينا، كما ادعى، قال أحد الأصدقاء للموجودين في الديوانية: «هناك موقع إلكتروني يحدد للانسان متى سيموت إن هو أجاب عن الأسئلة بدقة، ولنبدأ بك يا بوسلمان»، فوافقت، فشرع يسأل وأنا أجيب، وجاءتني النتيجة: «مبروك، ستموت عن عمر يناهز 63 عاما، بالرفاء والبنين».

الأسئلة – للأمانة – كانت دقيقة وعلمية ومقنعة، وكل سؤال مكتوب بجانبه سبب طرحه. على سبيل المثال: اختر الاجابة الصحيحة، هل تتناول الفواكه بشكل يومي، أم شبه يومي، أم أحيانا، أم نادرا؟ ويأتيك الشرح بأن الفواكه تطيل العمر وتحافظ على الصحة وما إلى ذلك من تفسيرات علمية، وسؤال آخر: هل تعيش في المدينة أم في الريف؟ وسبب طرح السؤال هو أن سكان الريف أطول عمرا من سكان المدينة، وهكذا… لكن العباقرة الذين اختاروا الأسئلة نسوا أسئلة في غاية الأهمية: هل تعيش في دولة شعبها مفتت ومتشظٍّ، كل شظية فيه تحقد على الشظية الأخرى وتكمن لها في الظلام؟ لأن الشعوب المتشظية أقصر عمرا من الشعوب المحترمة، والشعب المتشظي يموت موتة كلب. وسؤال آخر: هل تعيش في دولة لا يعرف أحد مرشحي برلمانها كيف ينتقد النائب الأول لرئيس الحكومة؟ لأن نقد ضيف الله بورمية للشيخ جابر المبارك يقصف العمر قصفا عشوائيا، وكثير منا انتقد المبارك لكن ليس بهذه الصورة المحروقة. يا عمنا بورمية، في المرة المقبلة «خذ نَفَس» قبل أن تنتقد.

وسؤال آخر مهم: هل تكتب زاوية صحافية وتشعر أحيانا بأن جزءا يسيرا من القراء يقرأ بكوعه فلا يفهم؟ لأن المخ في الرأس لا في الكوع، أي والله، والشهود عندي أربعة. والسؤال الأخير الأهم: هل جحظت عيناك وفنجلتا على مصراعيهما وأنت تترحم على قراء الكوع بعدما اكتشفت أن أحد أجمل الكتاب وأوسعهم اطلاعا وثقافة استخدم كوعه في قراءة عمودك الصحافي قبل أن يطعنك – بكوعه أيضا – في الفقرة الثالثة من عمودك الفقري بتعليق أكوع؟ لأن الزميل الجميل سامي النصف فهم مقالتي السابقة «يالله بسرّاية» فهما كوعيا لا مثيل له، فعلق تعليقا عرفت بعده أنه أتعب كوعه بالتفكير.

بوعبد اللطيف يكتب في صفحة توزن بالذهب المعتّق. الله على الصفحة الأخيرة في جريدة «الأنباء»، وياااه على كتابها ما أجملهم، الشايجي والساير والنصف والزامل. هي صفحة تؤكل نيّة، ولا حاجة للملح معها ولا الفلفل. والصفحات الأخيرة نوعان: صفحة تأكلها وصفحة تأكل عليها. لكن يبدو أن «أبا العَبِد» – سامي النصف كما أحب أن أناديه – أراد أن يريح مخه لحظة قراءة مقالتي تلك، فوضعه على الصامت – «ميوت» – وامتشق كوعه، وهات يا قراءة، وهات يا تعليق يقتطع من العمر خمسا وأربعين سنة مما تعدون. حرام على كوعك يا رجل، أعد قراءة المقالة مرة أخرى، وكوعك كفاية. 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *