محمد الوشيحي

يالله بسرّاية

مستانسة يا سلطة الحين؟ بعدما كانت فترة الانتخابات عيدا نلبس له الجديد، وبعدما كانت العَبرة تخنقنا إذا ما تصادفت ندوتان لاثنين من المرشحين المفوهين في ليلة واحدة، وبعدما كان يوم استجواب الوزير، أي وزير، يوما مشهودا، يُشار إليه بالرأس والرقبة، ويتصادم فيه الناس على بوابة البرلمان، وتترك كل ذات شغل شغلها، وتضع الديرة يدا على عينيها والأخرى على قلبها، كمن تنتظر نتائج الثانوية العامة، وبعدما كنا وكان وكانت، وصلنا إلى مرحلة نقول فيها للنائب الذي يعتزم استجواب وزير: «عيب عليك، شكبرك شعرضك حاط رأسك برأس وزير، ما عندك خوات تخاف عليهم»، بل إنّ استجواب رئيس الحكومة بشحمه وعظامه لم يعد خبرا يهم المستلقي على ظهره ليعتدل في جلسته.

إحباط ألماني مكفول من المصنع وبقطع غيار متوافرة في الأسواق يخيّم على الناس، إحباط دكر، احباط بشنب شامي يصل إلى الأذنين استطاعت السلطة ادخاله بيوتنا. وهو، بالمناسبة، الشيء الوحيد الذي استطاعت السلطة عمله على مدى عقود.

السلطة سعيدة بسيطرة هذا الألماني الخبيث، وتدرك أن الأمر لم يعد يتطلب أكثر من حلّين دستوريين آخرين للمجلس وسيكفر الناس بالديمقراطية ويملّون الانتخابات، وسيرجمون المرشحين بالحجارة رجما جما، وسينسى بعض المرشحين موعد الانتخابات، وسينجح حينئذ من يحصل على سبعة أصوات، هي أصوات أختيه الشقيقتين ونسيبه وجاره وثلاثة آخرين اشتراهم.

السلطة سعيدة بذلك وتعتبره انجازا صحح غلطة عبدالله السالم، وأعاد الأمور إلى غاباتها. السلطة تعلم أن النجاح والبطولة والصعوبة تكمن في التنمية والتطوير، لكن ذلك بعيد عن شواربها.

والآن ماذا نقول وقد جفت حلوقنا وبحّت أقلامنا؟ ماذا نقول بعدما أوصلنا أعداء الديمقراطية إلى هذه الحالة ونجحوا في إبكائنا؟ ليس لنا إلا الدعاء ونحن في موسم «السرّايات»، وهي لمن لا يتحدث الكويتية، نوع من العواصف الشرسة، سريعة الحركة، لا تنشط إلا في الجو الصحو كجو هذه الأيام. سنرفع أيدينا بالدعاء: «يالله بسرّاية سياسية شعبية تأتينا من هناك عاقدة حاجبيها، تعض طرف فستانها بأسنانها وتجري نحونا بأقصى سرعتها وهي تشتم وتلعن، تجري جري يتيمة رأت قاتل أبيها أمام عينيها، فتنسف خيامنا وتكسر الأعمدة، وتفضحنا، وتتطاير بسببها دواشقنا وتوانكي المياه وقدور مطابخنا… يالله بسرّاية شعبية مثل السراية التي أفشلت تنقيح الدستور، أو سراية دواوين الاثنين، أو سراية نبيها خمس. يالله بسراية أقوى من السرايات الثلاث تلك وأشرس»… أمّنوا خلفي فلا أمل لنا إلا بسرّاية تنبّهنا وترش الماء على وجوهنا وتنتقم للكويت منا. أمّنوا خلفي فقد جربنا السرايات الشعبية وجربتها معنا السلطة وأعداء الديمقراطية وعرفوا أن «الله حق». أمّنوا خلفي فالشعوب تربح الرهان دائما.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

سامي النصف

من أضاع هيبة السلطة؟

كم من جرائم ترتكب بحق المواطن والمواطنين من قبل الزاعقين والصارخين والمدغدغين للوصول للكراسي الخضراء لتكوين الثروات الضخمة غير المشروعة كما جرى لبعض من سبقهم من النواب حتى وصل الأمر للتهديد بالجموع لإعلان العصيان ومقاومة رجال الأمن وقابل ذلك تهديد مضاد بإنزال مجاميع أخرى حتى بتنا وكأننا على شفا حرب أهلية والعياذ بالله علما بأن أول قسم يقسمه المرشح حال فوزه هو «بالحفاظ على قوانين الدولة» لا التحريض عليها.

لا تقاد الدول والمجتمعات بالحكمة والإقناع فقط بل تساس الناس بهيبة السلطة، كذلك فعندما خالف الداعية الديني ديڤيد كورش القوانين في ولاية تكساس الأميركية دخلت عليه القوات الخاصة الأميركية وقُتل خلال المداهمة 54 من الرجال والنساء و22 من الأطفال، كما تم حرق لبنان في أبريل 1975 لتستمر حربها الأهلية 15 عاما، عندما تم تحييد الجيش وقوى الأمن وتم رفض نزولهم للمناطق المتوترة بهذه الحجة أو تلك واحترق لبنان الأخضر وقتل مئات الألوف نتيجة ذلك.

لكسر هيبة الدولة في بلدنا وتطاول الجميع عليها أسباب عدة منها:

خروج الخلاف بين أفراد الأسرة الحاكمة للعلن وإدخالهم للآخرين في نزاعاتهم بدلا من اللجوء لكبارهم بسرية مطلقة وضمن الغرف المغلقة، مما أثر على هيبتهم وهيبة السلطة في البلد. عدم عمل الحكومات المتعاقبة على كسب ود الشارع الكويتي ومن ثم تركه لمن يدغدغ مشاعره ويحرضه على السلطة والنظام وهو ما أصبح تقليدا انتخابيا متوارثا يمارس بأجلّ صورة في المخيمات الانتخابية توازيا مع سكوت الحكومات على تهجم الأعضاء عليها دون ردود وهو صمت غير حكيم على الإطلاق. اعتقاد بعض النواب الخاطئ بأن إعادة الانتخاب لا تتم إلا عبر شتم الحكومة والتقليل من شأنها واتهامها بكل الموبقات، متناسين أن هيبة السلطة أمر نحتاجه جميعا للحفاظ على السلام الاجتماعي في البلد. الدور السالب للإعلام الذي أصبح ينقل كل شتيمة وكل نقيصة توجه للحكومة وللسلطة على مبدأ أن ناقل الكفر ليس بكافر، والحقيقة أنه في مثل تلك الأمور يصبح ناقل الكفر هو الكافر الأول، حيث إن التصريحات الخارجة الضارة لا ضرر منها ما لم تنقلها وسائل الإعلام. الأحكام القضائية المجاملة التي تقوم على مبدأ «البراءة للجميع، المذنب قبل البريء» حيث تفشت أحكام البراءة أو الغرامة البسيطة أو عقوبات مع وقف التنفيذ دون النظر لأضرار مثل تلك الأحكام المتهاودة على أمن المجتمع السياسي والاجتماعي. ناخبون ومواطنون استبدلوا مقولة «من خدعنا بالله خُدعنا به» بمقولة: «من خدعنا بشتم النظام والتحريض عليه» خُدعنا به وصوتنا له بالأيدي والأرجل حتى لو كان نصابا وأفاقا كبيرا.

آخر محطة:
بعض مرشحي الصياح والزعيق يسكنون الڤلل والبيوت الفارهة المبنية من الكونكريت والطابوق، والاسمنت، إلا أنهم يرضون لبيوت الله أن تكون مبنية من الشينكو الصدئ والكيربي المتهالك، يقول تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) فهل يقصد رب العزة والإجلال أن يتزين عباده المسلمون عند زيارتهم المساجد ويتركوا بيوته بعيدة عن الزينة؟!

احمد الصراف

.. وأنا أيضاً ضد الفالي و.. غيره!!

أعلن النائب السابق صالح عاشور ان قضية السيد محمد الفالي الذي تم تقديم استجواب لرئيس الحكومة المستقيلة لسماحه بدخوله البلاد، تعتبر مثالا صارخا على غياب روح المسؤولية والوطنية، وان القضية تأجيج للطائفية. وانه سيوجه دعوة للسيد الفالي للعودة وزيارة الكويت !! وما ان صدر هذا التصريح عن النائب السابق حتى تتالت التصريحات المستنكرة والمعارضة من مناوئيه، تحت مختلف الحجج والمبررات. وبالرغم من عدم اتفاقنا، من ناحية المبدأ على الاقل، مع مطالب هؤلاء الكتاب او النواب السابقين المتعلقة بمنع الفالي من دخول الكويت، بسبب رداءة الاسباب التي برروا بها تلك المعارضة، الا اننا نجد انفسنا في الوقت نفسه مجبرين على معارضة عودة الفالي، ولكن من منطلقات مختلفة تماما.
دعونا نوضح اولا ان الفالي لم يخالف قوانين البلاد ولم يرتكب جرما، وله ما للآخرين من حق في دخول البلاد ومغادرتها، ضمن الفترة المحددة، هذا ان رأت الاجهزة الامنية ان لا شيء يمنع دخوله. ومن المهم ايضا التوضيح ان لكل جماعة الحق في دعوة من تجد فائدة اجتماعية او ثقافية في وجوده بيننا!! ولكننا نجد ان مبدأ العدالة غير متوافر هنا في طريقة التعامل مع رجال الدين الممثلين لمختلف الفرق والطوائف الدينية. ففي الوقت الذي نجد فيه ان دخول الفالي للبلاد يحتاج لموافقات امنية عديدة قد تصل لمجلس الوزراء، نجد في الوقت نفسه ان رجال دين آخرين، من السعودية والبحرين بالذات، ومن هم في مثل مقام الفالي مهنيا، لا يحتاجون لغير ان يستقلوا مركباتهم والانطلاق بها للكويت، ليجتمعوا بمن يشاؤون ويؤججوا صدور من احبوا من خلال موعظة جميلة احيانا وطائفية في احيان اكثر، وليعودوا الى بلدانهم في اليوم التالي، وكأن شيئا لم يكن، وصفحات صحفنا لا تكاد تخلو يوما من صور هؤلاء واخبارهم. الخلاصة: لقد استمعت للعديد من مواعظ السيد الفالي وخطبه. كما سمعت عشرات المواعظ التي القاها رجال دين آخرون زاروا الكويت بدعوة او قدموا لها بمحض ارادتهم، ولم يكن صعبا ملاحظة كم التكفير والتسفيه الذي تضمنته غالبية تلك الخطب في حق الطرف الآخر، وكيف حول هؤلاء الكويت ساحة لصراعاتهم، ولتصفية حساباتهم. وغني عن القول ان منع هؤلاء من القدوم للبلاد والتحدث في اي ندوة او اجتماع ديني، لن ينتج منه اي ضرر او خسارة لاي طرف، غير المستفيدين من التأجيج الطائفي ولاي طرف انتمى. فما بين رجال الدين داخل الكويت من تنافس وتناحر كاف ٍلابقاء نار الطائفية مشتعلة لسنوات طويلة، وبالتالي لسنا بحاجة لان نضيف اليها عوامل خارجية تؤججها اكثر!! نقول ذلك فهل يقرأ حكماء الحكومة حكمنا؟

أحمد الصراف
habibi [email protected]