سعيد محمد سعيد

برلمان 2010

 

إذا شاء الله سبحانه وتعالى، لنا ولجميع القراء الكرام، بل ولمملكة البحرين قيادة وحكومة وشعبا، أن نشهد تجربة الانتخابات البلدية والنيابية في العام 2010، مقاطعين ومشاركين… متفائلين بتقدم التجربة ومتشائمين… مطالبين بالتعديلات الدستورية وإعادة النظر في توزيع الدوائر وغير مطالبين… موالين ومعارضين… رجالا ونساء، فإن ثمة صورة متخيلة لدى الفقير لله، لن تكون أفضل من صورة ما نحن عليه الآن.

إن أعطانا الله وإياكم عمرا، سأذكركم بأن ذات الأداء وذات التركيبة البرلمانية، وربما ذات الوجوه، وذات الإشكالات والمصادمات والمشاحنات، وذات العلاقة بين الحكومة والنواب، ستكون هي هي في البرلمان المرتقب في العام 2010، اللهم إلا في حالة واحدة: أن يتحرر المواطن البحريني من قيد الخوف من اتخاذ قراره بنفسه، وبشجاعة الرافض لتكرار ذات الأخطاء، وأن يختار مرشحه مرشحته بنفسه من دون إملاءات انتخابية طائفية أو حزبية، أي أن يكون شجاعا في الاختيار الحر ثم التصويت الحر، داخل كبينة صغيرة لا يعلم عن قراره إلا الله سبحانه وتعالى وحده.

وهذا الأمر أيضا، لن يتم؟! فالعقل الجمعي، وقوة التأثير المحيطة السالبة للقرار الشخصي، والمستسلمة للتوجيه الجماعي وفقا للانتماء الطائفي والسياسي، ستقوى أكثر وأكثر، ولا عتب على الكتل الانتخابية في مختلف الدوائر، إن استسلمت لهكذا توجيه، ولا عتب أيضا، على الجمعيات السياسية إن واصلت عملها في كسب كل صوت تستطيع الوصول إليه، كرها أو طوعا، ولا عجب، فهذه هي قمة الاحتراف في الصراع الانتخابي، ليس في المجتمعات النامية ديمقراطيا، بل حتى العريقة منها.

وربما يكون للسيناريو مسار آخر وارد لا محالة، وهو بقاء كتل انتخابية على قرارها المقاطع للمشاركة، وتنضم إليها كتلة انتخابية أخرى كانت فاعلة في انتخابات 2006، ولن تكون كذلك في انتخابات 2010، وهم جموع من المواطنين الذين وجدوا في من انتخبوهم ليكونوا ممثلين لهم، خيبة أمل لا مثيل لها، وأداء يجدونه أكثر من سيئ، وتجربة طمحوا لأن تكون منطلقا لحياة ديمقراطية مميزة، فلم يجنوا منها سوى المزيد من الشروخ الطائفية، والمزيد من الصدام الاجتماعي المؤثر على استقرار المجتمع، والمزيد المزيد من التحزب اللامبالي بقضايا المواطنين الرئيسية، والمزيد من التطلع للمصالح الفئوية.

ومع ذلك، لن يكون لهذه الكتلة تأثير يذكر، وستسير الانتخابات بمشاركة كبيرة… هكذا أتوقع.

وعلى أية حال، وعلى رغم وجود آراء محدودة تجد في الممارسة البرلمانية في تجربتها الأولى سقفا لا بأس به من الأداء الجيد المؤسس لنضج أكبر مستقبلا، إلا أننا لو استطلعنا رأي السواد الأعظم من المواطنين، وفق استبيان ميداني، فمن دون شك، ستكون النسبة الأكبر للمعبرين عن خيبة أملهم واستيائهم من أداء البرلمان، على اعتبار أن ما تحقق من إيجابيات، إن وجدت، أقل بكثير من مستوى الطموح، وربما طغت السلبيات بقوة، وهذا ما بدا من خلال استبيان أجرته الزميلة (أخبار الخليج) والذي أعرب فيه 76 في المئة من المواطنين بشأن أداء المجلس النيابي في الدور الثاني من الفصل التشريعي الثاني، عن عدم اقتناعهم بأداء النواب في هذا الفصل، وقال 45 في المئة منهم إن الأداء لم يكن مرضيا أبدا، واعتبر31 في المئة أن الأداء كان مرضيا إلى حد ما لكنه ليس مقنعا. فيما اعتبر 51 في المئة أن البرلمان لم يرضِ طموحات الشعب منذ إنشائه وحتى الآن، ورأى 70 في المئة منهم أن الطائفية كانت السمة الغالبة على الاستجوابات، كما ذكر 38 في المئة أن الصراع بين الكتل النيابية كان كبيرا وجاء على حساب إنجازات البرلمانيين.

في حين رأى 87 في المئة من المواطنين أن التسييس لعب دوره في المجلس النيابي سواء بشكل كبير (45 في المئة)، أو بشكل محدود (42 في المئة)، وبنسبة مقاربة لـ(85 في المئة) رأى المبحوثون أن الطائفية لعبت هي الأخرى دورها في المجلس، بينما أوضح 15 في المئة فقط أنه لم يكن للطائفية وجود تحت قبة البرلمان.

من يراهن، على أن الناس ستشارك في انتخابات 2010، وستبقى الوجوه ذاتها أو تتغير قليلا، وسيبقى الحال على ما هو عليه، لكن إلى أين يلجأ المتضرر؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *