محمد الوشيحي


 أح يمّه

الاعتراف لغير الله مذلة… أعترف بأن الحلقة التي استضفت فيها النائب السابق ناصر الدويلة في برنامجي الذي يعرضه تلفزيون الشاهد، هي واحدة من أجمل حلقاتي وأكثرها كوميديةً طوال عملي في التلفزيون وإدارة الحوارات، إذ حلّق أبوعلي وحلّقت معه في أفلاك ومدارات عالية، ولولا عناية الله لاصطدمنا بكوكب زحل، ولولا رحمة الرحمن لـ»تلاقطنا بالشوَش» وتبادلنا القصف بكل ما ثقل وزنه وخف ثمنه على طاولة الحوار وما جاورها ونحن نضحك.

أعترف أيضا بأنني لم أكن أتوقع موافقته على الظهور معي في البرنامج وأنا الذي نظمت فيه قصائد هجاء، كل قصيدة تزاحم سابقتها وتقول لها: «الزين عندي» بشكل شبه أسبوعي، وكان باطن كفي «يحكّني» إلى أن أكتب عن الدويلة فتتلاشى الحكة وترتاح كفي، ومع ذا، فوجئت بالزميل سعود العصفور يبلغني موافقة الدويلة على الظهور في البرنامج! يا للهول… مرحى… مرحى.

وأعترف كذلك أن الساسة في الكويت وضواحيها عودونا أن من ينتقدهم قد باء بغضب من الله وعداوة منهم، فالقضية قضية شخصية، أربعة في ستة، لذلك تجدهم «يمغمغون» كما يمغمغ الطفل الذي منعه والده من أكل الحلوى خوفا على أسنانه عندما يتصل بهم فريق الاعداد عارضا عليهم فكرة المشاركة في حلقة معي، بعكس الدويلة الذي صرخ فرحاً في الهاتف: «وين الوشيحي وينه؟ أنا أدوّره من زماااان»، وهو أقسم بعدما دخل مبنى التلفزيون أنه يكاد يغمى عليه لشدة الضحك كلما قرأ مقالاتي الهجومية على أدائه.

الدويلة ليس وحده من يثق بنفسه ويفصل السياسة عن الأمور الاجتماعية، فهناك آخرون أبرزهم النائب السابق خضير العنزي، الذي لم أكن أتوقع امتلاكه لهذا المستوى العالي من الثقة بالنفس وسعة الصدر.

وبشكل عام، يبدو أن جلود أغلب ساستنا من الحرير الكشميري الناعم، وهؤلاء يحتاجون إلى سبع وستين سنة ليخشوشنوا ويدركوا أن السياسة هي المنطقة المتاخمة للبراكين، وأن الشرر سيتطاير على ثيابهم بين لحظة وضحاها. فإن كنت –أيها السياسي- من جماعة «أح يمّه»، ودمعتك مسافة السكة، فاجلس في حضن ماما يحفظك الله وأقرئها منا السلام، فللسياسة رجالها الذين يرفع كلّ منهم شعار «أنا ولد أبوي»، وهم لخشونة جلودهم يشعرونك بأن التماسيح مترفة اعتادت زيارة عيادات الجلدية واستخدام «بودي لوشن». 

سامي النصف

قضايا نهاية الأسبوع

لدي قرابات وصداقات مع الكثير من أبناء القبائل الكرام ولم أجد ـ والله ـ أكثر كرما وأنفة وعزة وفزعة منهم، لذا فالقبائل وأبناؤها هم إضافة حقيقية وجميلة ضمن النسيج الكويتي، ما يجب ان ينتبه له بعض أبناء القبائل الكرام هو ضرورة ألا تستغل تلك الشمائل والمزايا الجميلة فيهم لخدمة اغراض خاصة لبعض المرشحين المدغدغين الذين يودون إثارة حنقهم على الدولة وتشريعاتها وعلى اخوانهم في الوطن لتحقيق المكاسب لهؤلاء المدغدغين دون ان يمانعوا في اظهارهم بمظهر المتجاوز على القوانين، صناديق الانتخابات قادمة، ونرجو أن تظهر أن شباب القبائل أكبر من أن يخدعوا أو تسهل دغدغتهم.

أثناء زيارتي لمدينة الخفجي السعودية وجدت أمرا جميلا وبسيطا لو أخذنا به لوفرنا الكثير من المتاعب والقلاقل التي تسبب فيها المدغدغون، في الخفجي تجد بالقرب من مساجد الكيربي لوحة واضحة مكتوبا عليها «مسجد مؤقت» وبالطبع ما ان يبنى المسجد الدائم حتى تتم إزالة ذلك المسجد دون مشاكل، وفي هذا السياق قرأت في احد المناشير التي وزعت بشكل واسع ان احدا لا يحتاج لرخصة لوضع مسجد من الشينكو أو الكيربي.

سألني الزميل المخضرم مبارك العمير ضمن برنامجه الشائق «بلا مونتاج» الذي يبث على قناة الشاهد عن سبب دفاعنا في بعض الاحيان عن وجهة نظر الحكومة، وكان الجواب انني شخصيا لا املك الشركات ولا اتعامل بالمناقصات الحكومية (بعكس كثير من قيادات المعارضة) كما انني لا ازور الوزراء في مكاتبهم او دواوينهم او حتى اتصل بهم ومن ثم لا مصلحة شخصية لي معهم، لذا فالدفاع احيانا سببه الوجيه هو الايمان بمبدأ لا تقوم ولا تحلق الديموقراطية دونه وهو «الرأي والرأي الآخر»، ففي الكويت يسمع المواطن للرأي المعارض من مئات النواب والكتاب ولا يسمع احد لرأي الحكومة في القضايا المطروحة، ولو قامت الحكومة مشكورة بشرح آرائها لما احتجنا انا وقلة من الزملاء لاتخاذ هذا الموقف الديموقراطي الاصيل.

في ظل تجربة واقعية اثبتت وجود استجوابات «فردية» يقصد منها الاثراء غير المشروع وتشويه وجه الديموقراطية حتى لو عارضها 49 نائبا آخرون، تضمن دستورنا العظيم في لائحته الداخلية المادة 135 التي تعطي المجلس حق تأجيل مثل تلك الاستجوابات الكيدية، للمدة التي يراها، احد المدافعين عن الدستور ومن أعطوه قدسية لم يطلبها الآباء المؤسسون اعلن انه يرغب في تعديل مادة واحدة من الدستور وهي تلك المادة التي تمنع العابثين والباحثين عن البطولات الزائفة من العبث بالدستور، وكفى تدميرا بالدستور والديموقراطية بحجة الحفاظ عليهما، فقد بدأنا نشك وبحق في الدوافع.

آخر محطة:
مع إغلاق باب الترشيح بدأ بعض المرشحين سحب اسمائهم في هذا الوقت المبكر، أموت وأعرف لماذا نزلوا منذ البداية؟!

احمد الصراف

مارامين سلامات

لا يوجد بيت أو شقة في الكويت من دون خادم من جنسية ما، وقد كان تاريخ عمل الخدم في أية دولة، مؤشراً على الأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو التعليمية في البلد الذي تستقدم منه العمالة المنزلية أو ما دونها، حيث إن العمالة المنزلية عادة ما تكون أكثر تعلما وفهما من العمالة الذكورية بالذات، البسيطة الإمكانيات!
ولو أخذنا الهند كمؤشر لوجدنا مدى التغير التعليمي والاقتصادي الذي طرأ على أوضاعها في الخمسين سنة الأخيرة، حيث أصبحت أقل تصديرا للعمالة المنزلية وأكثر تصديرا للخبرات النادرة!! وهنا بعض الملاحظات البسيطة التي يمكن باتباعها جعل حياة من يعملون لديك من الجنسية الفلبينية أكثر سعادة:
أولاً: يهتم الفلبيني كثيرا بعيد ميلاده، ولا يمكن تصور ما تعني مفاجأته بهدية بسيطة في ذلك اليوم، أو حتى تمني السعادة له. جرب ذلك وستجد مدى التأثير الايجابي لذلك عليهم.
ثانياً: يعشق الفلبيني الأول من مايو، يوم عيد العمال، أي يوم غد الجمعة، حاول ان تأخذه لشاطئ البحر وأن تدعوه لملامسة مياهه!!
ثالثا: لا يمانع الفلبيني في ان تكون قاسيا معه، مجادلا او حتى نابيا، ولكن تجنب رفع صوتك عليه، حيث يشعره ذلك بالهوان.
رابعا: ان تقول لهم شكرا بلغتهم يعني الكثير، وشكرا بالفلبيني، كما سبق وان ذكرنا في مقال سابق، كلمة عربية هي «سلامات» ويفضل ان تضاف قبلها كلمة «مارامين»، وتعني جزيلا او كثيرا.
خامسا: الفلبيني كثير الاحترام لغيره من كبار السن او المقام، ولكن لا يعني ذلك الطلب منهم الجلوس في المقعد الخلفي عند اخذهم لمكان ما، كما يفعل الكثيرون من المواطنين مع خدمهم!! فقيام المعزب بقيادة السيارة وجلوس الخادم في المقعد الخلفي منظر مضحك حقا، فالسيد هو الذي يجلس في الخلف، او على الاقل بجانب السائق، وكم هو جميل لو ساويناهم بانفسنا بين فترة واخرى، أليسوا هم الذين كثيرا ما يعدون الطعام لنا ويهتمون بصحة أبنائنا؟!
و«مارامين سلامات» لكم جميعا.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

حتى لا نفقد المنامة (4)

 

أرسل لي أحد أبناء عائلة (غزوان) قائمة تضم ما يزيد على 100 اسم من أسماء عوائل العاصمة المنامة الشهيرة من كل الطوائف والأعراق، ولكن أجمل ما في أمر تلك القائمة، أن هناك الكثير من أبناء تلك العوائل لا يزالون باقين فيها، وفي الوقت ذاته، وفقا لاتصالات بعضهم، فإنهم متمسكون بالبقاء فيها، على أن يكون لدى الدولة ممثلة في كل من مجلس بلدي العاصمة، ومحافظة العاصمة ووزارة شئون البلديات والزراعة ووزارة الثقافة والإعلام توجه حقيقي للحفاظ على هوية المنامة.

والسبل الى ذلك متاحة… حتى مع بقاء الوافدين في الأحياء التي أصبح فيها البحرينيون أقلية لا تكاد تذكر، فهناك مشروع بدأ به عضو المجلس النيابي النائب خليل المرزوق يصب في هذا الاتجاه، ويدعم مشروع التطوير الحضري للمنامة طبقا للمخططات والتباحث مع الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة بغرض توفير مختلف الخدمات الأساسية للمواطنين القاطنين بالعاصمة، وعلى صعيد مختلف ضواحيها طبعا، وتوفير الحلول الإسكانية والحفاظ على النسيج الاجتماعي والطابع العمراني الذي تأثر كثيرا هو الآخر على مدى السنوات العشرين الماضية، وهو ذاته المشروع المرتبط بالدراسة التي أعدتها وزارة شئون البلديات والزراعة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDB.

لماذا تعثر المشروع؟ أو لنقل: ما الذي أدى إلى تباطؤه؟ قبل سنوات، زار أحد الوزراء المعنيين المنامة، وبعد الزيارة الميدانية للكثير من الأحياء والمواقع، صدر قرار بتشكيل فريق عمل مشترك بين نواب وممثلي المنامة والمكتب الهندسي المشرف على مخططات العاصمة، ووزارة البلديات وبلدية المنامة بالشراكة مع المجلس البلدي والمؤسسات الأهلية لبحث خيارات تطوير وإعمار العاصمة، بل واستعراض مصادر وبدائل التمويل ولا سيما إننا علمنا أن جلالة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حريص على إنجاح الفكرة؟

يصر البعض، على أن لفت الأنظار إلى العاصمة المنامة والدعوة إلى الحفاظ على هويتها، ما هي إلا كلمة حق يراد بها باطل من أجل التنكيل بالعمال الوافدين من العرب وغير العرب، وهذه فكرة هامشية (مهمشة)أصلا ولا ترقى إلى النقاش، فالحفاظ على هوية بلادنا وتراثنا وتاريخنا أمر لا علاقة له قطع لقمة العيش التي هي من عطايا رب العالمين وليست من عطايا البشر… فما المانع في أن تعيش العوائل العربية والأجنبية في بعض أحياء المنامة أو المحرق أو مدينة عيسى؟ فنحن البحرينيون أهل خير ونعمة لا نحمل روحا عدائية لأي إنسان يطلب الرزق والحياة الكريمة له ولعياله… لكن لا نريد أن تصطبغ مدننا وقرانا بصبغة الكامبونات الأجنبية للعزاب الوافدين، وتقتطع من بلادنا قطعة عزيزة لتحل محلها أحياء هي طبق الأصل لبلدان وثقافات لا صلة لنا بها إلا عبر التواصل الإنساني… تتمشى في أروقة المنامة فتملأ رأسك رائحة الطعام الغريب، الموسيقى الغريبة…ا لكتابات واللافتات الآسيوية… والكثير الكثير من الغرباء المخيفين أحيانا حتى لأشد الرجال بأسا.

إن النظر من جديد إلى «فرجان» المخارقة والحمام والحطب ورأس الرمان والحورة (الحدادة)، التي حظيت بزيارة واحد من كبار المسئولين قبل عام أو أكثر قليلا، تدعونا لنتساءل مجددا: «متى سيتم الالتفات إلى العاصمة؟ وكيف تنظر الجهات المسئولة إلى هوية المنامة وتراث المنامة وتاريخ المنامة وواقع المنامة…العاصمة؟».

سامي النصف

لأجل الكويت .. وسّعوا دائرة المحاسبة!

واضح بشكل جلي ان إظهار العين الحمراء وتفعيل القوانين قد آتى ثمره وردع بعض المرشحين من محاربي طواحين الهواء والمتعدين على مكانة وكرامة الأسرة الحاكمة وهو أمر جيد الا انه من الضروري ألا يكتفى به بل يجب ان توسّع دائرة المحاسبة ضد كل من يريد حرق الوطن لأجل تحقيق مطامعه الشخصية ومن ذلك:

يجب الاستدعاء والمحاسبة الشديدة لمن يحرض السنة على الشيعة والشيعة على السنة وأهل الحضر على القبائل والقبائل على أهل الحضر، ومن يهدد ويتوعد رجال الاقتصاد الوطني من تجار وغيرهم، ومن يثير الكراهية في المجتمع كحال ما نسمعه من أقوال لبعض المرشحين لا يسمح بها حتى في أرقى وأعرق المجتمعات الديموقراطية المعاصرة والقديمة.

وبنظرة سريعة لما يدور على الساحة الانتخابية نجد ان الدائرة الأولى تمثل وبحق أجلّ وأجمل صور الوحدة الوطنية فلا فرعيات ولا كلام طائفيا مدغدغا والحال كذلك مع الدائرتين الثانية والثالثة التي يختلط فيها الحضر والبدو والسنة والشيعة دون مشاكل بل ويصعب معرفة من صوّت لمن، حيث لا توجد عمليات تخندق عرقية او طائفية بل روح وطنية تعطي من تراه صالحا وتحجب صوتها عن الطالحين..

وتمثل الدائرة الانتخابية الرابعة حتى هذه اللحظة احد اشكالات الانتخابات الكويتية حيث يكثر فيها كلام التحريض المذهبي من بعض المرشحين (شيعة يهدمون مساجد السنة) والفئوي (اقوال بعض المرشحين بالتحريض على الدولة والحضر والتجار).. الخ، وقد استمعنا لصوت عاقل من المرشحة الفاضلة سلوى المطيري حثت فيه على التهدئة في الدائرة، وهو ما يفرض على المخضرمين من مرشحين ونواب سابقين قيادة الشباب لتعزيز مشروع الوحدة الوطنية بدلا من التحريض على الدولة وعلى الآخرين، فالكراسي الخضراء لا تسوى حقيقة ما يدفع من أثمان للوصول اليها.

الدائرة الخامسة اختلط فيها الحابل بالنابل فهناك فرعيات وهناك رافضون للفرعيات وهناك فرعيات مضادة والأفضل من هذا كله تطبيق القانون الذي ما وضع إلا لخدمة الجميع وان يترك كل شاب قبلي، حضري، سني، شيعي لا فرق، يرى في نفسه القدرة على العطاء والخدمة العامة ويترك الأمر في النهاية للناخبين كافة من نساء ورجال للاختيار الحر الشريف القائم على الكفاءة والأمانة والوطنية والقدرة على مساعدة الناس.

آخر محطة:

نرجو أن تكون الانتخابات الحالية رسالة واضحة من شباب وشابات كل المناطق تظهر حرصهم على الوحدة الوطنية والتصويت على معطى حب الكويت لا معطى الإثارة والعاطفة والدعاوى الكاذبة. حتى نكون منصفين وموضوعيين مع طريقة تعامل الدولة مع اختراق القوانين إبان الانتخابات نقول ان جميع القوانين توضع لشعوب تعلم ان تلك التشريعات وضعت لخدمتها، لذا تحرص على عدم مخالفتها او تشجيع من يثير العامة ضدها ولا يمكن للدول ان تطبق القوانين في وجه عمليات عصيان جماهيرية دون مسبب.

احمد الصراف

سيناريو الخمسة ملايين مرة

يقف المواطن المسلم، والعربي بالذات، امام قنصلية، او سفارة دولة غربية، ضمن طابور طويل لأيام وأيام، احيانا تحت البرد واخرى تحت الحر والرطوبة والغبار، وتحفى قدمه وتتعطل اعماله ويعطش ويجوع وتبلى احذيته من الذهاب والاياب، وبعد انتظار قد يطول احيانا لسنوات، ان كان سعيد الحظ، يحظى بتأشيرة سفر إلى دولة غربية لا يعود بعدها إلى وطنه! وان لم يحصل على التأشيرة، فإنه غالبا ما سيمتطي ظهر باخرة غير صالحة حتى لنقل الدواب لتمخر به عباب البحر، وغالبا المتوسط، ليلقي به قبطانها على احد شواطئ اوروبا، او يودع داخل حاوية حديدية و«يشحن» إلى مدينة غربية وكأنه كومة قش او شحنة بصل ليصل منهك القوى، بلا حول ولا قوة، هذا ان لم يقض حتفه جوعا وارهاقا داخل صندوق حديدي مقفل على رصيف ميناء مهجور!
الذنب، حتى الآن، ليس ذنب هؤلاء المهاجرين التعساء الباحثين عن لقمة عيش كريمة، او الهاربين من سطوة حاكم جائر او الباحثين عن امل في ثراء سريع، فلا احد يود هجرة اهله وصحبه وخلانه ومسقط رأسه، ان لم يكن مجبرا على ذلك! فالذنب يقع على حكومات أغلبية دولنا التي لم تستطع تأمين العيش الكريم لمجاميع هائلة من مخرجات مختلف مستويات التعليم فيها التي لا تجد عملا، ولا سكنا ولا مستقبلا ولا املا في تكوين اسرة او البقاء على قيد الحياة!
موضوع هذا المقال لا يتعلق بالحكومات، على الرغم من عظم مسؤوليتها، بل بما يتحول إليه ذلك المهاجر، او طالب التأشيرة او المتسلل المسلم إلى أوروبا بعد دخولها واستقراره فيها، والزواج من احدى بناتها وتغطية رأسها بحجاب كثيف، حيث نجده يتحول من ذلك الشخص المسالم والهادئ والذي ربما كان على استعداد لتوقيع تعهد بتنصره او تهوده ان اتيحت له فرصة العيش في دولة اوروبية، نجده يتحول إلى انسان شرس في تعامله مع حكومة وطنه الجديد، كثير المطالب دائم الازعاج، ومشاكس إلى اقصى الحدود متى ما تعلق الامر بمعتقده، وكأن احدا سيسلبه منه ويحرمه من ممارسة طقوسه، وبالتالي نجده يسعى بشراسة إلى المطالبة ببناء دار عبادة او تخصيص مساحة لمقبرة، وغير ذلك من جل اهتمامات المهاجرين الجدد، الذين اصبحوا جزءا من الامراض التي اصبحت المجتمعات الغربية تعاني منها في السنوات الاخيرة، والذين اصبح تواجدهم في التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية اكثر منه في فصول دراسة لغة البلاد التي اختاروها وطنا، بعد ان لفظتهم اوطانهم!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

محمد الوشيحي


أيتها الخنازير المحترمة
… حلمك علينا

الله يرحم «إنفلونزا الطيور» برحمته. كان الطائر المصاب بالإنفلونزا ينقل عدواه إلى الإنسان وينتهي الأمر عند ذلك، فلا يمكن لإنسان أن ينقل انفلونزا الطيور إلى إنسان آخر، هو مرض يستخدم مرة واحدة ويُرمى بعد ذلك، تماما مثل موسى الحلاقة الزرقاء، وبعدئذٍ يبدأ طائر آخر بنقل المرض إلى إنسان آخر، وهكذا… وكان حل انفلونزا الطيور بسيطا، نوعا ما، بسم الله والله أكبر نعدم كل الطيور، ونقطة على السطر، وروح بيتكم، نوم الهناء.

الآن تتحدث القنوات الفضائية والوكالات والصحف العالمية عن انفلونزا الخنازير التي بدأت تنتشر في أميركا الجنوبية، ومنها ستنطلق رحلتها المكوكية لتشمل الكرة الأرضية، وماذا نتوقع من الخنازير غير النتانة والمرض. والمصيبة هنا أن الخنزير ابن الخنزير ينقل مرضه إلى الإنسان فينقل الإنسان مرضه إلى إنسان آخر، ولتقضي على المرض هذا لا يمكنك أن تستخدم طريقة الاعدام كما استعملتها في انفلونزا الطيور، والا فعليك ألا تكتفي بإعدام الخنازير وحدها، بل يجب أن يمتد الاعدام إلى الناس المصابين بالمرض، وهذا لن يحدث.

قطعا، لن يأتينا الخطر من الداخل، فالكويت لا خنازير فيها (بالمعنى الحرفي للخنازير)، الخطر من الأجانب المصابين بالمرض والقادمين إلينا من دولهم، ولا أدري كيف سيتم التعامل معهم، خصوصا الأميركان والانكليز والفرنسيين والألمان وكل من يحمل جنسية «ثقيلة» اعتدنا هنا التعامل معها بانحناءة طفيفة واحترام لم يصل بعد إلى تقبيل الكتف.

بارقة الأمل الوحيدة في الموضوع القاتم هذا، أن المعنيين والمسؤولين عن مكافحة المرض ومنع تسلله إلى البلاد هم قيادات وزارة الصحة وقيادات الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية والحيوانية، وهؤلاء وأولئك أثبتوا لنا المرة تلو الأخرى، أن الوزارات والمؤسسات الحكومية لا أمل فيها ولا رجاء. ولن نثق بقيادات هيئة الزراعة قبل أن تنجز مشروعها العظيم وتنهي مهمتها المستحيلة وتقوم بتشجير الطرق السريعة التي استنزفت منها حتى الآن أموالا لا حصر لها ونحو خمس عشرة سنة تم فيها تشجير طريق المطار بنجاح منقطع النصيب.

أيها الشعب الكويتي العظيم… «ما في الحمض أحد»، كل واحد يبتلش بنفسه. 

سامي النصف

لماذا استقالت الحكومات وحُلّت البرلمانات؟

كم مرة استمعنا جميعا من مخضرمي النواب ومن الخبراء الدستوريين لجملة «ان الاستجواب حق مطلق للنواب»، وكم مرة تساءل هؤلاء عن السبب في عدم وقوف رئيس الوزراء على المنصة ما دام الاستجواب حقا مطلقا خاصة انه كما يقولون لا يزيد عن سؤال برلماني مغلظ، فهل جميع تلك الاقاويل محقة وصادقة ام ان الامر على العكس من ذلك تماما؟

احكام المحكمة الدستورية الموقرة في تفسير نصوص الدستور نهائية وواجبة التطبيق، ومن ذلك حكمها الصادر في 9/10/2006 والذي اما انه يعلم به المخضرمون من نواب وكتاب ولا يصرحون به وتلك جريمة، واما انهم لا يعلمون وتلك جريمة أكبر، ويبدأ الحكم بالقول «لا يعقل ان يكون الاستجواب من غير ضوابط أو ان يكون حقا مطلقا لا يحوطه اي حد دستوري أو قانوني، وذلك تحت طائلة ان ينقلب هذا الحق الى ضده وفقدان صاحبه الحق فيه»، نذكّر بذلك من يدعي زيفا او جهلا أن الاستجواب حق مطلق للنائب لا ينازعه أحد فيه.

وقد وضع حكم المحكمة الدستورية 14 ضابطا للاستجواب لو جعلناها مسطرة للاستجوابات التي قدمت لسمو رئيس مجلس الوزراء، بل لاستجوابات العشرين سنة الماضية لما صمد واحد منها وهو ما يجعلنا نتساءل عن السبب الذي منع الحكومة من تحويل جميع تلك الاستجوابات للمحكمة الدستورية كي تبت فيها حسب حكمها السابق الصادر في عام 2006 وهو امر يدل على ضعف آليات دعم القرار الحكومي وقلة النصح الحكيم فيه.

فضمن ضوابط الاستجواب نجد انه ليس حقا مطلقا للنائب كما يشاع، بل «اذا أساء النائب حقه في الاستجواب فقد أحقيته به»، كما يرفض الحكم مقولة ان الاستجواب ما هو الا سؤال مغلظ بسيط لا ضرر منه، ويقول «يختلف الاستجواب عن السؤال البرلماني، حيث قد ينتج عنه طرح الثقة بالمستجوَب» كما يحذر الحكم التاريخي من ان «اللجوء المتكرر للاستجوابات يعد تضييعا لوقت المجلس وتعطيلا لأعمال الحكومة» كما ان في تكرار الاستجواب «خروجا عن مبدأ الرقابة الشعبية».

وفيما يخص من توجه اليه الاستجوابات هل هو رئيس الوزراء ام الوزراء، يصرح الحكم بالقول «لما كان اختصاص رئيس مجلس الوزراء يقتصر نطاقه على رئاسة مجلس الوزراء دون أن يتولى اي وزارة فإن المسؤولية السياسية – والاستجواب احد آلياتها – انما تقع بصفة أساسية على عاتق الوزراء فرادى» اما مسؤولية رئيس الوزراء فهي عن «المسائل التي لأهميتها كانت موضوع بحث مجلس الوزراء»، وواضح ان الاستجوابات التي وجهت للرئيس لم تكن بالضرورة مواضيع بحث مجلس الوزراء بل كانت امورا في الاغلب اختص بها الوزراء المعنيون.

ويسترسل الحكم في اكثر من موضع لمنع عمليات التجريح الشخصي ضمن الاستجواب مما يسقط كثيرا من نتائج الاستجوابات التي قدمت فيما لو عرضت على المحكمة الدستورية الموقرة، كونها تضمنت الكثير من التعدي الشخصي والاتهام الكيدي لمن وجهت اليه الاستجوابات، كما يرفض حكم المحكمة ان يكون الاستجواب مجرد تسجيل للنقاط السياسية (أغلب أو جميع استجواباتنا لتسجيل النقاط السياسية) و«اذا كان للنائب حقه الدستوري بالاستجواب فإن للغير حقوقا قد تكون أولى بالرعاية والاعتبار» انتهى.

آخر محطة:

تكمن أهمية ذلك الحكم التاريخي في انه وبعكس لوائح وتشريعات وأنظمة الدستور قد أتى لاحقا لها وبعد تجربة وممارسة 44 عاما لذا فهو أدنى للأخذ والاستشهاد به من النصوص القديمة. يمكن لهذا الحكم ان يخلق آليات تطبيق ضوابطه عبر تفعيل دور مكتب المجلس لضمان تقييد جميع الاستجوابات المستقبلية به. لو احيلت استجوابات السنوات الثلاث اللاحقة لصدور حكم المحكمة الدستورية اليها، لوفرنا استقالة الوزراء وحل البرلمانات.

احمد الصراف

وعّاظ سلاطين المال

بيّن الانهيار المالي والافلاس الأخلاقي الذي طال كثير من المؤسسات المالية التي تتلحف برداء الدين، مدى هشاشة وضعف كياناتها وأجهزتها الرقابية، وانها، على الأقل، لا تقل ضعفا عن غيرها من المؤسسات الأخرى، على الرغم من الهالة والقدسية اللتين طالما حاولت اسباغهما على أعمالها، والوقار الذي كثيرا ما تمسحت به بإعلانها الدائم عن وجود هيئات شرعية تشارك في مراقبة أعمالها، وادعائها بالتسابق على «توظيف أكبر العقول» الفقهية لعضوية لجانها الدينية! وقد بيّن تحقيق مميز نشرته «القبس» في 23/3/2008 (من إعداد رزان عدنان)، الفوضى العارمة التي تعيشها الهيئات الشرعية في عملها بسبب عدم وضوح حدود سلطاتها، وغياب التشريعات التي تحدد أطر عملها، وتحدد مسؤولياتها، فعمل أعضاء هذه اللجان في المصارف والمؤسسات المالية بنظام المكافأة يجعل ولاء هؤلاء أمرا مشكوكا فيه، ولا يدفعهم إلى أي ابتكار بسبب عدم التفرغ.
كما أظهر التحقيق المميز أن هناك تفاوتاً كبيراً بين مكافآت أعضاء هذه اللجان، التي لا يخضع عملها لأي معايير، والتي غالبا ما يتم تحديد مكافآت أعضائها من خلال اسم العضو وشهرته، فظهوره الدائم على التلفزيون مثلا، مع قلة الفهم، تزيد من أجره مقارنة بمن هو أكثر علما واطلاعا منه، ولكنه قليل الشهرة والظهور.
كما أوضح التحقيق، وعززت ذلك تصريحات صحفية لأعضاء سابقين في «لجان شرعية»، أن بعض أعضاء هذه اللجان يصدرون فتاوى بحجم المكافأة الموعودة، فأي إيمان وتقوى هذا الذي يجعل هؤلاء يربطون فتاواهم بقدر ما يدفع لهم؟ كما وجد التحقيق أن نسبة من أعضاء هذه اللجان يمارسون عملهم من دون شهادات معترف بها! وهنا نختلف مع التقرير في ذلك، ففي ظل غياب قانون ينظم ويحدد مؤهلات عضو الهيئة الشرعية، فإن لهذه المؤسسات المالية تعيين من تشاء في لجانها، ولو كان مدرس جغرافيا، أو ضابط شرطة! كما أن هؤلاء الأعضاء غير ملزمين أصلا بالحضور والعمل لساعات محددة، وما عليهم سوى البصم على ما يقره البعض منهم وإعطاء الموافقات على الهاتف!
في ضوء هذه الحقائق الدامغة، التي تبين مدى هشاشة هذه الهيئات، والمصير المخيف الذي ينتظر كثيرا من الشركات المالية والعقارية والتأمينية التكافلية التي تعمل بالنظم المسماة بالإسلامية، فإن الحكومة ملزمة بإصدار تشريع ينظم عملها، أو يلغيها بصورة كاملة، فليس في الفكر الديني شيء يسمى بهيئة رقابة شرعية، ووجودها المكثف في جميع الشركات والمؤسسات المالية لم يمنعها من الوقوع في الخطيئة والخطأ، وخلقها من العدم كان بغرض تنفيع البعض من جهة، وإزالة المسؤولية عن عاتق مجالس إدارات هذه المؤسسات المالية، ووضعها على عاتق من لا مسؤولية عليه!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سامي النصف

ولماذا ندفع الأموال إذن؟!

المال العام ملكنا جميعا ونحن ندفعه على سبيل المثال لوزارة الكهرباء كي يتم توفير الطاقة لبيوتنا، والحال كذلك مع كل وزارة ومؤسسة اخرى، ولا يصح عقلا ومنطقا ان تطلب جهة حكومية توفير ميزانية لها كل عام من المال العام اذا لم توفر الخدمة المطلوبة منها، فأمر كهذا يوجب تعليق الميزانية ومنع الصرف حتى توفر المقابل لتلك الاموال.

يدفع المال العام مئات ملايين الدنانير كل عام كميزانية لمجلس الامة الذي يفترض ان يتفرغ للتشريع وتوفير القوانين التي تدعم عمليات التنمية، ويعزز الرقابة المالية التي تضمن لنا الشفافية المطلقة فيما يخص صرف الاموال وحفظها لاجيالنا المقبلة، وإذا لم يقم المجلس بهذين الامرين الحيويين جاز لنا ان نطالب ـ حاله كحال اي وزارة اخرى ـ بألا يصرف فلس واحد له.

واضح ان تلك البديهة والحقيقة الاساسية تخفى بالكامل عن العقول الصغيرة لبعض المرشحين ممن نجدهم هذه الايام يهددون ويتوعدون باستمرارية التأزيم في مجلس الامة المقبل حالنا كحال السنوات الثلاث الماضية التي مرت بها فصول تشريعية كاملة دون انجاز واحد يذكر، وقد حان الوقت لوقفة جادة من الشعب تجاه بعض ممثليه خاصة من يوعدوننا بأننا لن نحصل على شيء مقابل ما يصرف على السلطة التشريعية من اموال.

ومما يزيد الطين بلة ان المجلس الذي يفترض ان يكون المحارب الاول للفساد المالي قد تحول بذاته لبؤرة فساد ضخمة يدخلها من لا يملك شروى نقير ليخرج منها امامنا جميعا وقد اصبح من اصحاب الملايين التي نهبت وسلبت من المال العام، اننا بحاجة ملحة للجنة قيم تحاسب وتطهر المجلس من المسيئين للعملية الديموقراطية.

كما قام المجلس في السابق بأدوار تشريعية معاكسة فبدلا من سن التشريعات التي تشجع عمليات الاستثمار وتزيد من فرص العمل للشباب تم العكس من ذلك تماما عبر تشريعات مثل قوانين الـ B.O.T»» الجديدة «بوق ولا تخاف» التي اوقفت جميع تلك المشاريع وقضت على فرص العمل التي تضمنتها وتسببت في رحيل المليارات للدول القريبة والبعيدة، ويهدد نفس المرشحين هذه الايام بعدم اقرار مشروع الاستقرار الاقتصادي او تضمينه شروطا تعجيزية مما سيدمر اقتصادنا الوطني بالكامل.

آخر محطة:
سيروي التاريخ ذات يوم ان ما سمي بالديموقراطية الكويتية قد دمر بالكامل اعمال وميزانيات وزارات ومؤسسات الدولة عبر منهاجية الدغدغة والتأزيم والشعبوية، ولا حول ولا قوة الا بالله.