سامي النصف

كيف تتحول الكويت لمركز مالي؟!

حلم «كويت المركز المالي» يمكن له أن يتحول الى حقيقة جميلة قائمة متى ما تم تسليمه إلى أيد أمينة توصله الى بر الأمان وذلك عبر الاطلاع الشديد والاستعانة بالخبرة الدولية «الملائمة» وان يوكل أمره إلى من يبحث عن مصلحة الكويت لا مصلحته الخاصة.

والذي يريد الخبرة في أعمال النجارة لا يأتي بحداد بل بنجار، والحال كذلك مع مشروع كويت المركز المالي الواعد الذي يحتاج إلى الاطلاع على ما كتبه من نجحوا في تحويل بلدان عالمهم الثالث إلى مراكز مالية وسياحية يشهد لها العالم اجمع كحال «لي كوان» الذي كتبتُ فيما سبق عن كتابه الرائع «من العالم الثالث الى الأول» والطبيب وعضو البرلمان ورئيس الوزراء مهاتير محمد الذي سنستعين ضمن المقال الحالي ببعض ما كتبه في كتبه ومقالاته لعله يرسم لنا الطريق الأمثل للتحول للمركز المالي المنشود.

يقول مهاتير ضمن رؤيته لماليزيا 2020 ان أول الأمور التي قام بها لتنويع مصادر الدخل والابتعاد عن الاعتماد على المواد الخام هو فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب عبر إغرائهم بالمزايا والعطايا وتملكهم الكامل لشركاتهم والبعد عن فرض نظام الشراكة أو الضرائب الباهظة عليهم فالمهم في نظره ان يصنعوا ويصدروا ويحضروا العملات الصعبة وان يوفروا فرص عمل للشباب الماليزي، ويقول: كان مغريا أن نضع كثيرا من الضوابط والشروط عليهم إلا أن هذا الأمر كان سينفرهم ويتسبب في هربهم.

ويتحدث مهاتير عن أهمية وجود حكومة قوية لتشجيع عمليات التنمية فيقول نصا: «ستقلق الحكومة الضعيفة من إمكانية هزيمتها أمام المعارضة وستجد نفسها، دون ان تشعر، تركز على سياسة البقاء وليست التنمية الاقتصادية» ويبين ضرورة خروج الوزراء والموظفين الحكوميين إلى أماكن التنفيذ للتأكد بشكل مباشر من تنفيذ قرارات مجلس الوزراء الأسبوعية وقد تم إنشاء وحدة تطبيق (ICU) لإزالة العقبات أمام تنفيذ المشاريع وللتأكد من ان الاستثمار الأجنبي سيؤدي لنقل التكنولوجيا وعلوم الإدارة الحديثة للماليزيين وتحويلهم من طاقات خاملة الى منتجة.

ويستطرد مهاتير القول: «ان هناك رغبة دائمة للإنفاق الشديد في ماليزيا إلا أن الواجب هو التأكد من ان المشاريع المقامة هي مشاريع مدرة للأرباح ولا تستوجب الصرف عليها بشكل دائم» كما يشير إلى كيفية تعامله مع الأزمة الاقتصادية الكبرى التي اصابت ماليزيا وشرق آسيا عام 97 وكيف أسس 3 مؤسسات للتعامل مع (1) الديون المعدومة (2) الشركات المشارفة على الإفلاس (3) البنوك المتضررة من الأزمة الاقتصادية، كما يتطرق لكيفية التعامل الأمثل مع الخصخصة ومع النقابات المهنية والكتل السياسية المختلفة… الخ.

آخر محطة:
 كيف يمكن الحديث عن «كويت المركز المالي» ونحن نحارب المدارس الأجنبية بدلا من تشجيعها وهي من يخرج الكوادر المؤهلة للعمل مع الشركات الأجنبية ويلبي متطلباتها.

احمد الصراف

الشيخ «عبدالله» وعصا موسى

كان الزمان أواخر ستينات القرن الماضي. كنا صبية صغارا نعيش في الحي نفسه، نلعب كرة القدم معا نذهب إلى البحر القريب معا، وندرس في المدرسة الحكومية نفسها. كنا نتساوى جميعا في قدراتنا وأحلامنا وطموحاتنا، إلا «عبدالله»، فقد كان أكثرنا بساطة وتواضعا في فهمه ومقدرته على الاستيعاب، وبالتالي لم تكن له أي أحلام أو طموحات، أو حتى أمل في السفر إلى الخارج للتعلم في جامعات الغرب، فقد كان يخاف الغربة ويكره التغيير. كما كان لا يشاركنا اللعب كثيرا ولا يحب التنافس والتناحر الطفولي، وأكثر ميلا للصمت والانزواء والبقاء في المؤخرة، وهكذا عاش طيلة سني معرفتنا به.
سنوات قليلة مرت ووجدنا أنفسنا جميعا في الثانوية، إلا عبدالله، فقد اختار الدراسة في أحد المعاهد الدينية، فكرهه للحساب والتاريخ والجغرافيا والأحياء والفلسفة، كما أخبرنا وقتها، دفعه الى اختيار دراسة لا تحتاج الىجهد كبير، بل للقليل فقط من التركيز وحفظ العلوم الدينية والأحاديث، والتي لا يحتاج فهمها لجهد كبير!! وهكذا تفرقت بيننا السبل، وابتعد عبدالله عن «الشلة» وأصبح له أصدقاء جدد، ولكن كنا نراه في الحي أحيانا وفي المسجد أحيانا أخرى، ومع الوقت تغيرت هيئة عبدالله فقصر ثوبه قليلا وأصبح يطيل لحيته، ثم سافر إلى مصر لإكمال تعليمه.
خلال سنوات قليلة، أكمل غالبيتنا دراسته الجامعية خارج الكويت، وعدنا للوطن أطباء ومهندسين ومحامين، وتقلبنا في مختلف المناصب الحكومية. أما عبدالله فقد عاد بعدنا بسنة، أو ربما بسنتين، بعد أن أنهى دراسته الدينية في مصر، وتوقعنا أن تنتهي الحال به مدرسا لمادة الدين أو ربما اللغة العربية!
خلال سنوات قليلة من تخرجنا بدأت العراقيل والمشاكل تواجهنا الواحدة تلو الأخرى، وفترت العلاقة بيننا شيئا فشيئا، خصوصا بعد أن تركنا جميعا الوظيفة الحكومية، بسبب الروتين الحكومي البالي، واخترنا إما العمل الحر وإما التوظيف في القطاع الخاص، واختار البعض العودة للعيش في أميركا، ولكننا بصورة عامة لم ننجح بشكل مثير في حياتنا، إلا واحدا أو اثنين من الشلة، أما الباقي فقد قبلوا بـ « المقسوم».
الوضع مع عبدالله كان شيئا آخر، فخلال ثلاث سنوات من عودته بالشهادة الدينية العالية أصبح وجهه شبه مقرر علينا في الصحف اليومية، حيث لم تكن تخلو جريدة من صورة أو تصريح أو فتوى أو رأي له. تعين في البداية مدرسا في مدرسة ثانوية، وانتقل بعدها بعام واحد ليصبح مدرسا في كلية الشريعة، بعد أن نجح في الانضمام لأحد الأحزاب الدينية الكبيرة. كما أصبحت الألقاب الفخمة تسبق اسمه حيث أصبح فقيها تارة وشيخا تارة أخرى، وعرف بالواعظ والملاج والمفتي، ثم تطور الأمر وأصبح يلقب بالأستاذ الدكتور، وكان معروفا أيضا كخطيب وإمام مسجد. وعلى الرغم من أنه لم يكن يداوم في الكلية، فانه استمر في قبض راتبه، من دون عمل حقيقي. وأصبح عضوا في ثلاث لجان شرعية لمراقبة أعمال البنوك والمؤسسات المالية التي تتبع النظام اللاربوي. كما أصبح عضوا في لجنة استشارية لتطبيق الشريعة. واشتهر في مجال كتابة عقود القران، بسبب المبلغ الكبير الذي كان يصر على قبضه مقابل كل عقد، وكان المعاريس يتسابقون على طلبه لعقد قرانهم وأخذ الصور التذكارية معه. وارتفع نجمه عندما نجح، بدعم من حزبه الديني، في إقناع الحكومة بمساواة خريجي الشريعة بخريجي كليات الحقوق في الكثير من مجالات العمل. وأصبح اسم عبدالله، خلال سنوات قليلة، يظهر على العديد من المؤلفات الفقهية، ويشارك في مؤتمرات الوسطية ويدير اللجان الدينية وينشط في اللقاءات السياسية والندوات الانتخابية مناصرا هذا ومزكيا ذاك، ومشاركا في الوفود الخارجية، ومستضيفا الزائر منها. واستكتبته مؤسسة صحفية ليكتب فيها عمودا يوميا، وبأجر مغر. ثم تطور الأمر معه وفتح مركزا في منطقة بعيدة لعلاج مختلف الأمراض بالرقية الشرعية، وأصبح المركز مصدر دخل كبير له. كل هذا دفع الإذاعة الحكومية لأن تخصص له ساعة في الأسبوع ليلقي مواعظه على المستمعين ويجيب عن استفساراتهم. ولم يتخلف التلفزيون الرسمي عن الحفل حيث خصص له يوما آخر في الأسبوع للرد على فتاوى المشاهدين. وكان كل جمعة يلقي خطبة عصماء في أحد مساجد منطقة سكنية مرموقة. وأصبح عضوا في ثلاث جمعيات خيرية ومشرفا على أكثر من صندوق وقفي فيها.
ولو أخذنا بالاعتبار ما يتطلبه الاهتمام بمتطلبات زوجاته الثلاث وأولاده الثمانية، وما يستهلكه تأليف الكتب من جهد ووقت، وما يعنيه إلقاء المحاضرات والمواءمة بين متطلبات العمل في الإذاعة والتواجد في التلفزيون من وقت، وفوق هذا كتابة عمود يومي والتصدي للإفتاء والإمامة وحضور جلسات لجان البنوك والمصارف، لوجدنا أن عبدالله البسيط المتواضع القليل الاستيعاب والفهم الكاره للرياضيات والجغرافيا والأحياء والتاريخ، قد أصبح فجأة رجلا خارقا، أو سوبرمان، ولكننا لم نكن نعرف ذلك، والدليل أننا فشلنا جميعا، نحن خريجي المدارس البريطانية والفرنسية والأميركية، في تحقيق نصف، أو حتى ربع ما حققه عبدالله من نجاح مالي ومعنوي وسياسي واجتماعي في مجاله الديني! وهذا دفع أحدنا، في واحد من لقاءات الشلة النادرة، لأن يشك في أن عبدالله ربما يمتلك «عصا موسى» السحرية ليكون بإمكانه القيام بكل هذه المهام منفردا!
ملاحظة: علىالرغم من أن شخصية عبدالله من وحي الخيال فان ما يماثلها موجود بيننا بكثرة، وفكرة المقال تعود للقارئ الفاضل «جابر»!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

مو إنتو اللي صفّيتوه؟

موقع الأمة الإلكتروني المميز نشر قبل أيام قليلة، ونقلاً عن جريدة «الطليعة» قصة حل نادي الاستقلال، هذا النادي الذي يعد منارة وطنية ساهمت في توعية وتثقيف المجتمع الكويتي في فترتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

وقد تزامنت هذه القصة مع قرار إعادة تشكيل مجلس إدارة الجمعية الثقافية الاجتماعية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

ولكي ننشط الذاكرة قليلا، ولتوضيح الصورة لمن لا يعلم فإن نادي الاستقلال قد تأسس في عام 1962 ومارس نشاطه الوطني على مر السنوات إلى عام 1976، وهو عام التعدي على الدستور من خلال حل مجلس الأمة حلا غير دستوري، فقد تم حل مجلس إدارة نادي الاستقلال، وتعيين مجلس إدارة مؤقت مكوّن من أشخاص لا يمتّون لمجلس الإدارة أو للجمعية العمومية للنادي بأي صلة، بعد أن رفض جميع أعضاء النادي، وهم أكثر من 500 عضو، أن يكونوا في مجلس الإدارة المشوّه أو المؤقت هذا.

واعتبرت الحكومة إصرار أعضاء نادي الاستقلال على الحضور إليه والمواظبة والمرابضة فيه استفزازا، مما جعلها لا تجد إلا أن تصدر قرارا بتصفية النادي دون غيره من الأندية، ولم تكتف بذلك بل قامت، وبطريقة قراقوشية، بحرق مكتبته، وتم تحويل مقره بطريقة أعتقد أنها متعمدة إلى ناد للمعاقين والموجود في حولي!!

بعد كل هذا التعسف والحقد الحكومي السابق على نادي الاستقلال نفاجأ بوزير «الشؤون» الحالي يصرّح لإحدى الصحف تعليقا على المطالبات بعودة نادي الاستقلال، بالتالي: «ليس له وجود منذ قرار حلّه، وليس له شخصية قائمة، ولا كيان قانونيا له».

بأمانة أجهل كيف لوزير لـ«الشؤون» وشخصية سياسية أن يصدر منها هذا الكلام غير المفهوم أو غير المنطقي أبدا، فعدم وجود النادي هو بسبب وزارة «الشؤون» نفسها التي صفّت نادي الاستقلال دون غيره، وشخصية النادي القائمة أوقفتها وزارة «الشؤون» وكيانه القانوني تم إلغاؤه من وزارة «الشؤون» التي يتولى مسؤوليتها حاليا بدر الدويلة؟

أي تعنت وضحك على الذقون هذا الذي يجعل حتى الساذج لا يصدّق ما يقوله بدر الدويلة، إن كنت يا بدر تسير وفق القانون فإن أول ما عليك فعله هو تصحيح كوارث من سبقك في الوزارة، ودمّر بتعمد وسبق إصرار ذلك الصرح الثقافي الذي يأسف جيلي على أنه لم يعاصره، بل سمع عنه فقط؟

أعيدوا لنا رائحة الماضي الاجتماعي الثقافي الجميل، أعيدوا لنا استقلال نادي الاستقلال.

خارج نطاق التغطية:

الأستاذ تركي الدخيل الإعلامي المعروف يقول إنه قرأ إحدى الفتاوى التي تحرّم أن تستخدم المرأة الابتسامات والضحكات على غرار «ههههه» في المنتديات والمواقع الإلكترونية، هل يمكن أن يتم تشويه ديننا أكثر؟ أم أن هذا هو أقصى حد؟!

سامي النصف

نادي الاستقلال

لم أكن سابقا منضما لنادي الاستقلال ولا اعتقد أنني سأكون بالضرورة عضوا فيه فيما لو تمت إعادة إشهاره، لذا أرى أنني أقرب للحياد والموضوعية في موضوعه.

أعتقد أن على الحكومة أن تسمح بعودة النشاط لنادي الاستقلال حفاظا على الحيدة والعدل والإنصاف تجاه القوى العاملة على الساحة السياسية الكويتية خاصة أنها تسمح في الوقت الحاضر لقوى تزمع استجوابها وإسقاطها بالعمل والحال كذلك مع القوى المتطرفة من جميع الألوان التي تستهدف زلزلة كيان الدولة والتي يمكن لتخندقها ان يحرق البلاد ويضر بالعباد.

إن على الحكومة أن تشجع توازن القوى في المجتمع وأن تدعم دعاة الدولة المدنية كما تدعم دعاة الدولة الدينية سواء بسواء حيث لا فائدة من الاستمرار في المسار الخاطئ السابق الذي يرجح كفة على كفة أو يدعم هذا التوجه ويعادي ذاك.

إن أدلجة ودروشة المجتمع الكويتي عبر السماح لتيار واحد بالعمل وتجنيد الأتباع لا يتماشى على الإطلاق مع التوجه الاستراتيجي الهادف لتحويل الكويت لمركز مالي عالمي حيث لن يتقاطر السياح والمستثمرون على بلد يسود الانغلاق أجواءه وتعادي قواه السياسية توجهاتهم الليبرالية.

إن على الحكومة أن تحزم أمرها سريعا فيما يخص مسألة نادي الاستقلال كي لا تخسر دعم ممثلي تيار سياسي كبير في البلد، كما ان عليها ان تدعم وتقوي التيار الوطني في البلد بعد أن ازدادت قوى الولاءات البديلة شراسة، كما ان عليها ألا تحسب تيار نادي الاستقلال على زيد أو عمرو من الناس ممن تسببوا في حله في المقام الأول كونهم لم يعودوا فاعلين على الساحة السياسية.

آخر محطة:
نتفهم تماما مبدأ عفا الله عما سلف وأن نغفر لمن وقف ضدنا إبان الاحتلال الغاشم، ما لا نفهمه أو نتقبله المحاولة الفجة لتزييف الحقائق أمام النشء الكويتي عبر الادعاء الكاذب بأن هذه المجموعة أو ذاك التوجه لم يفرح لأنيننا ويسعد لاحتلال بلدنا ويطرب حتى النخاع بسفك دمائنا، إذا ما استمر الحال فلن نتعجب لو قيل إن ما حدث في أغسطس 90 لم يكن إلا حلم ليلة صيف ولم يكن هناك احتلال ولا يحزنون.

احمد الصراف

فضيحة المعجم المفسر

ما الذي سيكون عليه رد فعلك ان اكتشفت ان مؤسسة حكومية مرموقة قامت بالمشاركة في تغطية نصف تكاليف ترجمة وطبع دليل هاتف من الإنكليزية الى العربية، ويحتوي على أسماء نصف مليون مشترك، وان مجموعة كبيرة من الأطباء، والوزراء السابقين، والأكاديميين وحملة شهادات علمية عليا وجيش صغير من الإداريين شاركوا جميعا في الترجمة؟ ستشعر حتما بخيبة أمل، فما الفائدة المرجوة من ترجمة مجموعة أسماء من لغة لأخرى، كترجمة اسم John WilliamMartin، ليصبح في النسخة العربية «جون وليم مارتين»؟ ولكن الغريب ان شيئا من هذا القبيل حصل في «مركز تعريب العلوم الطبية» التابع لمجلس وزراء الصحة العرب (أي لا أحد) عندما قام المشرفون عليه بالبدء في انجاز مشروع ضخم يتعلق بترجمة مئات آلاف المصطلحات الطبية الأجنبية والانكليزية بالذات، الى العربية، تحت اسم «المعجم المفسر للطب والعلوم الطبية»، من إعداد السيد يعقوب الشراح، الذي لا صلة له بالطب، واشراف الطبيب والوزير السابق عبدالرحمن العوضي، الذي لا أعتقد ان سنه ومشاغله التجارية ومساهماته في إدارة العديد من المؤسسات غير الربحية الأخرى، تسمح له بالتفرغ للإشراف على ترجمة هذا المعجم، الذي سيتضمن عند الانتهاء منه، ملايين الكلمات الانكليزية والعربية المترجمة.
صدر الجزء الأول من المعجم قبل أيام، وخصص للحرف A، ووصفه أحد أشهر وأكفأ أطباء الكويت، بعد الاطلاع عليه، أنه «كنز من المعلومات غير المفيدة»! فإذا كان غرض القائمين على المشروع الاستفادة المادية منه، والخروج بمجلدات ضخمة لغرض الإنتاج فقط، فالمشروع لا شك انه ناجح! وان كان الهدف منه علميا بحتاً، فقد أفادني الطبيب نفسه وزملاء له ممن استشرتهم، بأن قلة فقط «قد» تستفيد من هذا المعجم، ومن خارج الكويت حتما، ولكن ما صرف، وسيصرف على اخراجه من مبالغ طائلة، شارك في دفعها مركز تعريب الطب ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، لا تبرر الاستفادة المتواضعة المتوقعة من هذا المعجم الذي سيأخذ مكانه على أرفف العيادات الطبية من دون حراك!
بتصفح المعجم سنجد ان كلمة عبداللطيف ترجمت Abdulatif، وان ability ترجمت الى مقدرة، وان Araban ترجمت أرابان، وان Abrin ترجمت ابرين، وTube ترجمت أنبوب، وهكذا مع آلاف الكلمات الأخرى، اما Abdomen فقد ترجمت «بطن» مع وضع شرح بأن البطن هو الجزء الواقع بين الصدر والحوض! فهل يمتلك احد الثقة برأي أو تشخيص طبيب بحاجة لمعرفة ان Abdomen تعني بطن، وأنه «الجزء الواقع بين الصدر والحوض؟».
كما لجأ فريق الترجمة إلى استخدام كلمات عربية مثل «خيلي» و«إنفحي» و«زيغ» و«انتاني» كترجمة نهائية لكلمات ومصطلحات أجنبية، علما بأن هذه الكلمات، وآلافا غيرها تحتاج بذاتها إلى معجم آخر لتفسير معانيها‍‍‍‍‍‍‍‍!!
لا أدعي المعرفة، وقد أكون مخطئا، فلا يسندني في ما ذكرت غير آراء مجموعة من الأطباء الذين لا مصلحة لهم في نقد هذا المشروع والشك في أهداف القائمين عليه، ونتمنى أن نسمع ردا من مركز تعريب العلوم الطبية يوضح الأهداف الخفية أو السرية لهذا المشروع الضخم.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

قبل وقوع الكارثة … هدِّدوهما

والله لا أعلم من أين أبدأ الموضوع، فالأوراق المتناثرة على سطح ذاكرتي أكبر وأكثر من أن تحصرها مقالة… شوف يا صاحبي:

أثناء الحرب العراقية- الإيرانية غرقت باخرتان محملتان بالمواد الكيمياوية الخطرة – أكرر «محملتان بالمواد الكيمياوية الخطرة»، والمواد الكيمياوية الخطرة تختلف عن الفستق- في قاع الخليج العربي من ناحية الشمال بالقرب من جزيرة بوبيان. والمواد الكيمياوية الخطرة محفوظة في حاويات مُحكمة الإغلاق بطريقة لا تسمح بتسربها، لكن إلى فترة محدودة… تمام؟ تمام.

انتهت الحرب تلك، ثم احتل صدام الكويت، ثم تحررت الكويت في عام 91، أي قبل 18 سنة. ومنذ التحرير وأنصار البيئة في مشارق الأرض ومغاربها يصرخون بالصوت الحياني: «تخلصوا من باخرتي المواد الكيمياوية الخطرة يا كويتيين قبل أن تحل عليكم الكارثة» ولا مجيب. ومضت السنون تجري بسرعتها الأولمبية إلى أن بعثت إحدى الجهات الأميركية قبل سنوات بكتاب تحذيري إلى الكويت: «أجزاء حاويات الباخرة على وشك التآكل، ومن المرجح أن تتسرب المواد الكيمياوية الخطرة في عام 2010، وحينئذ ستموت الحياة البحرية كلها في الخليج العربي مدة ستين سنة على الأقل، وستحل الكارثة على الناس، فاحذروا»، فانتفضت حكومتنا وقررت حل المشكلة والتخلص من الباخرتين، وتدارست الموضوع بجدية، لكن بعض وكلاء الشركات الأميركية من التجار الكويتيين اختلفوا على المناقصة، واستخدم كلّ منهم نفوذه، ومن باب العدل أوقفت الحكومة المشروع، وأغلق النائب الأول لرئيس الحكومة رئيس المجلس الأعلى للبيئة الشيخ جابر المبارك الباب! والشيخ جابر المبارك، حفظه الله، رجل ديناميكي حيوي، والمشكلة التي يتطلب حلها خمسة أيام سيحاول حلها خلال أربع وثلاثين سنة مما تعدون، والعجلة من الندامة وأمر الله من سعة.

والعام الماضي، جاءت شركة أميركية متخصصة، وأبلغت حكومتنا أن الكارثة اقتربت مكشرة عن أنيابها، وأنه ليس أمامكم يا كويتيين سوى سنتين على الأكثر، و«الربع مصهينين وداقين الثقل والغنج»، تماما كما تفعل الشابة ذات الجمال الخيالي عندما يكثر عدد خطاطيبها، أو خُطّابها.

الحكومة، من سنة جدي، كانت قد أعلنت أن جزيرة بوبيان ستتحول إلى منطقة تجارية جاذبة للسياح والعوائل، ولأن الدنيا لا أمان لها، ولأن حكومتنا تتعامل مع قضايانا كما يتعامل الساحر مع جمهوره «قرّب قرّب بص بص تدخل حمامة من هنا تخرج كورة من هناك»، ستتحول بوبيان من منطقة جذب للسياح من هنا إلى منطقة هلاك و«برمودا» كويتية من هناك.

وهل تتذكر يا صاحبي العاصفة الغبارية التي خنقتنا وأعمت أعيننا قبل أيام؟ كان بإمكان الحكومة تخفيفها بنسبة 40 في المئة لو أنها نفذت دراسات الجدوى المكدسة على مكاتبها والتي تنصح بزراعة «بقعتين غباريتين» تقعان في الشمال الغربي للبلاد! وحكومة بهذه الرخاوة والمياعة تعجز عن زراعة بقعتين صغيرتين، كيف ستتصدى لأمر مثل إخلاء باخرتي المواد الكيمياوية الخطرة في قاع الخليج؟

نوابنا الكرام، يا معودين تصرفوا، هددوا سمو رئيس الحكومة أو نائبه الأول بالاستجواب وخلصونا قبل انفجار الكارثة، فالحكومة هذه لا تذعن إلا للتهديد. ومن أراد منكم الحصول على الوثائق فليهاتفني. ونحن نعلم بأن الأمر هذا، أقصد أمر الباخرتين، غير مهم للغوغائيين من الناس، لأنه لا يتحدث عن كربلاء و لا عن يزيد بن معاوية، ولذلك فلن نسمع صوت صاحب أكبر عدد من التصريحات الوطنية سعادة وكيل المراجع محمد باقر المهري، ولن نقرأ كتابات أنصار الولي الفقيه في الكويت لانشغالهم بعيد الثورة الخمينية، ولن يرتفع السجال بين النواب الوطنيين صالح عاشور ومحمد هايف ووليد الطبطبائي… ويبقى السؤال الأهم: ماذا حدث في معركة الجمل قبل نحو ألف وأربعمئة عام؟ وما دخل الفروانية والدسمة في الموضوع؟

سامي النصف

استجوابات ومحاسبة ونواب القروض

للدستور نصوص وللدستور روح، الاستجواب في روحه كما يتفق عليه الخبراء الدستوريون هو عبارة عن سؤال او اسئلة توجه للمسؤول المعني في قضية «محددة» فاذا لم يعجب النائب رد المسؤول أحاله ـ وبشكل محق ـ الى استجواب، الذي هو سؤال نيابي مغلظ يقصد منه البحث عن الحقيقة في امر ما.

فكيف يصح ـ ضمن المعادلة السابقة ـ ان يقدم استجواب للمسؤول ثم يعلن بعد ذلك ـ لا قبله ـ ممن قدموا الاستجواب انهم سيبحثون عن محاور له؟! لقد قلنا وكررنا ان الاستجوابات في العالم تقوم على القضية وان استجواباتنا تقوم على الهوية ومبدأ «ابيك، ابيك» وهي ثقافة سياسية مدمرة مستحدثة تفرغ دستورنا الرزين من محتواه وتجعله اداة رخيصة للمشاكسة بين السلطات، ارى ان الامر يحتاج لرأي المحكمة الدستورية في تلك الممارسة الخاطئة ـ ومعها الرأي ـ فيمن يعلن ويحدد موقفه من الاستجوابات قبل المداولة لا بعدها.

اعادة الثقة بالوزير احمد العبدالله امر جيد ولكن ماذا عن بقية من ظلموا في موجة استجوابات الهوية والاستقصاء الظالم امثال الشيخ علي الجراح ود.معصومة المبارك والنوري والسنعوسي والصبيح… الخ ومعهم رئيس الكويتية طلال المبارك الذي كان جل ذنبه انه لا يجامل في الحق ولا يضعف امام ضغوط النواب كما اثبتت الأيام صحة موقفه من تحديث اسطول «الكويتية» الذي يتحمل مسؤولية إلقائه ـ للعلم ـ الوزير المعني آنذاك لا نواب مجلس الامة.

نبارك للكويت اختيار السيد عبدالعزيز العدساني رئيسا لديوان المحاسبة كونه يمثل امتدادا جميلا للراحل الكبير براك المرزوق، نرجو أن نرى قريبا وفي عهد «ابو يوسف» منح رجال الديوان حق احالة المخالفات الجسيمة الى النيابة العامة وان يتم التعامل بجدية تامة مع المخالفات المرصودة من قبل الديوان وان توقف في المقابل العلاقة «المحرمة» بين بعض موظفي الديوان وبعض النواب حيث يأمر الاخير فينفذ الاول ويتم رصد مخالفات مصطنعة بقصد خلق ارضية صالحة لاستجوابات يستقصد من خلالها الأكفاء والمصلحون.

اتى في حكم المحكمة الدستورية أنه لا يجوز رصد مخالفات على وزير ما في مرحلة ما قبل تعيينه، بالقياس هل يجوز لديوان المحاسبة ان يتضمن تقريره لعام 2009، على سبيل المثال، مخالفات حدثت في وزارة ما عام 2000 او في السبعينيات؟ تقرير مثل هذا يدين الديوان قبل ان يدين الوزارة كونه هو الذي سكت عليه طوال هذه السنوات، كما ان اخراجه في هذا الوقت يعني استهداف المسؤول الجديد في قضايا حدثت قبل توليه المسؤولية، نرجو ان يتضمن تقرير الديوان سنة التقرير فقط والا يتعداها الا في قضايا كبرى ولأسباب واضحة.

يطالب البعض بأن يفصح النواب الذين لهم مصلحة في مشروع دعم الشركات، وهو مطلب محق، وان كان علينا ان نحدد تلك المصلحة، اي هل تعني من يملك سهما واحدا في احدى الشركات؟ ولكن ماذا عن المستفيدين من قانون شراء القروض والفائدة هنا اوضح واجل واكثر تكسبا؟ حيث كيف يصح لنائب او نواب ان يروّجوا لإسقاط القروض وهم من كبار المستفيدين من ذلك المقترح الذي لا يراد له ان يختص بالمعسرين وضعاف الحال بل ان يستباح المال العام عبر شراء قروض «المقتدرين» وبعض النواب بالطبع على رأسهم؟

آخر محطة:
 لماذا لا يعلن نواب القروض عن رغبتهم في عدم الاستفادة الشخصية من مشروع اسقاط القروض كي يعلم الناخبون ان كانوا يستهدفون افادة المقترضين أم افادة الذات؟ او ماذا عن المقترضين الجدد بعد اسقاط القروض؟ هل ستشترى قروضهم طبقا لمبدأ المساواة الدستوري ام سيميز ضدهم؟

احمد الصراف

دعوة إلى قتل 330 ألف أميركي (2 ــ 2)

مقال الأمس تعلق بما قاله «دكتور استرالي» عن الأميركيين، والآن دعونا نقرأ ما قاله «دكتور كويتي» في محاضرة عامة:
«.. أربعة أرطال من «الأنثراكس»، أربعة أرطال من جنطة هلكبرها، يشيلها واحد «فدائي» ويدخلها من أنفاق «مكسيكو» الى الولايات المتحدة، كفيلة بقتل 330 ألف أميركي في ساعة واحدة، اذا أتقن نثرها على الوعاء السكاني هناك (!) مرعبة هذه الفكرة، يعني 11 سبتمبر تطلع «سلاطة» عند هذا الموضوع (ضحك من الجمهور)، صح وإلا لأ؟ وما في داعي طيارات و«شكبانات» ومواعيد ومؤامرات وتوقيتات. واحد عنده من «البسالة» اللي يدخل مع 4 أرطال من الانثراكس والى حديقة «البيت الأبيض» ويكت عليهم النون (أي الانثراكس) ويقوم «ييبب»، وتصير المسألة طماشة…»!

ورد الكلام اعلاه في محاضرة عامة وتم تسجيلها على شريط انتشر على الانترنت وأصبح امام سمع وبصر العالم اجمع، وكانت المحاضرة بعنوان «العرب قبل وبعد الحرب على غزة»، وقائل هذا الكلام هو المواطن الكويتي السيد عبدالله النفيسي، الاكاديمي والنائب السابق، الذي تم تقديمه في المحاضرة لكونه «مفكرا عربيا ودكتورا»!
كان يمكن اعتبار المحاضرة نوعا من التحذير، لعقلاء اميركا والعالم لما يمكن ان يحدث في حال وقوع مثل هذا السلاح المدمر بيد مجموعة «مجرمة»، ولكنه كان ابعد ما يكون عن ذلك فإمارات النشوة والسرور التي كانت بادية على المحاضر، والمفردات والاوصاف التي استخدمها، والكيفية التي وصف بها طريقة قتل اكثر من 330 ألف اميركي خلال ساعة واحدة، كل ذلك لا يمكن وصفه وتلخيصه بكلمات قليلة، بل يتطلب الامر مشاهدة شريط المقابلة على الرابط التالي لمعرفة حقيقة مشاعر المحاضر ونواياه:
http://switch3.castup.net/cunet/gm.asp?ClipMedialD=3387815&ak=null

لاأدري كيف يمكن ان نطلق وصف او لقب «فدائي» و«باسل» على من يقبل على نفسه تهريب 4 ارطال من مادة «الانثراكس» الى داخل اميركا، ونثرها على الاميركيين، الذين سبق ان تحدثنا عنهم في مقال الامس، وقتل 330 ألفا منهم في ساعة واحدة؟ وكيف يمكن ان نبرر للعالم ان من سيقوم بذلك العمل سـ «ييبب» بعدها، اي سيرفع صوته بالزغردة والصلاة على النبي وآله، فور قتله 330 ألف نفس بشرية بريئة، سيكون بينها حتما آلاف العرب والمسلمين؟
وكيف يمكن ان نجيب عن سؤالنا عن مواقف ومشاعر الرعاع منا اذا كان هذا «منطق مفكرينا»؟
والأهم من كل ذلك ما الذي سنجنيه، عرب ومسلمين، او غير ذلك من بشر وحجر وبقر، لو قام مهموس ديني او مجنون بتطبيق كلام هذا «المفكر العظيم» بحذافيره؟ هل سيصبح العالم اكثر عدلا وسلاما مثلا، وينتشر الخير فيه، ام ستكون تلك اولى علامات ظهور المهدي المنتظر، عندما تمتلئ الارض جورا وظلما؟ وما الذي ستكون عليه ردة فعل حكومة الولايات المتحدة وشعبها، ان قتلنا منهم 330 ألف نفس بريئة في ساعة واحدة؟ هل سنتمكن بعدها من استعادة فلسطين من الاسرائيليين والجزر من الايرانيين والاسكندرون من الاتراك والاندلس من الاسبان؟ وما فائدة كل ذلك ان تساقطت على رؤوسنا القنابل النووية وخربت ما هو صالح في دولنا، على قلته؟ وهل ماتت المشاعر والاحاسيس فينا بحيث اصبحنا لا نكترث لموت 330 ألف نفس اميركية بريئة في ساعة واحدة، وقد يكون بينهم اهل واصدقاء خلص لنا، فقط لان حكومة تلك الدولة ساعدت من هو عدو لنا، وكأننا لم نكن اعداء انفسنا لمئات السنين؟
آه ايها المنطق وايها العقل ما أجملكما وما أندر وجودكما!

أحمد الصراف

احمد الصراف

دعوة لقتل 330 ألف أميركي (1/2)

نشر إعلان، في صورة خبر، في صحيفة باكستانية قبل فترة قصيرة تعلق بقيام مواطن هناك برصد جائزة لكل من يقتل اميركيا، اي اميركي! اثار خبر رصد الجائزة حفيظة طبيب اسنان استرالي، فكتب في اليوم التالي تعليقا عليه ونشر التعليق في الصحف الاسترالية، حاول فيه تعريف من هو الاميركي المطلوب قتله، لتسهيل مهمة الطامحين، او الطامعين، في الحصول على الجائزة في التعرف عليه!
يقول الطبيب ان الاميركي هو الانكليزي والفرنسي والايطالي والايرلندي والالماني والاسباني والبولندي والروسي واليوناني، وهو حتما كندي ومكسيكي وافريقي وهندي وصيني وياباني ومن كوريا،واستراليا، وايران، والدول العربية قاطبة، وباكستان، وحتى افغانستان، كما قد يكون الاميركي من قبائل الكومانشي، او الشيروكي، او الاوسغي، او البلاك فوت، او النافاهو او الاباشي والسيمينولي، او اي من قبائل اميركا الاخرى، وقد يكون الاميركي مسيحيا، وقد يكون يهوديا، بوذيا، او مسلما، والحقيقة ان هناك مسلمين في اميركا اكثر مما هناك في افغانستان، والفرق انهم في اميركا احرار في اتباع ما شاؤوا من معتقدات دينية، فمواطنو اميركا احرار حتى في اختيار عدم اتباع اي عقيدة دينية، فهذا الامر بين كل فرد وربه، وهو مسؤول امامه وليس امام حكومته، او عصبة من الاشرار الذين يدعون تمثيل الحكومة او الرب.
الاميركي هو الذي يعيش في اكثر المناطق ازدهارا على مر التاريخ، وجذور ذلك الازدهار تراها في وثيقة اعلان الاستقلال التي تعترف بحق كل فرد في ان يسعى جاهدا لان يكون سعيدا.
اميركا كانت دائمة كريمة مع الآخرين، فهي التي ساعدت تقريبا كل دول العالم وقت الحاجة، ولم تطلب من اي منها دفع مقابل ما منحته، فعندما احتل الاتحاد السوفيتي افغانستان قبل 20 عاما، قامت اميركا بتقديم العون للافغان للتخلص من محتليهم، واستعادة وطنهم، وحتى ساعة وقوع احداث الحادي عشر من سبتمبر كانت اميركا المانح الاكبر لفقراء افغانستان.
كما ان الاميركيين يرحبون دائما بالاحسن، في اي مجال كان، الافضل في المنتجات والافضل في الروايات والدراسات، والافضل في الموسيقى، والافضل في الاطعمة، والافضل في الخدمات، كما انهم يرحبون في الوقت نفسه بالاقل جودة وحظا.
يعتبر «تمثال الحرية» الرمز الوطني لاميركا، وهو الذي يرحب بالقادمين إليها من المتعبين والفقراء والمحرومين والبؤساء الذين لفظتهم بلادهم ليجدوا انفسهم على شواطئها، وهؤلاء في الحقيقة هم الذين بنوا اميركا، وكان بعض هؤلاء من العاملين في برجي التجارة العالمي في صباح يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 ساعين لحياة افضل لاسرهم، ويقال انهم انتموا لاكثر من 30 جنسية وثقافة ودين ولغة، ويشمل ذلك حتى لغات الدول التي قدم منها الارهابيون الذين فجروا البرجين.
وعليه، يمكن ان تجرب، ايها الطامع في الجائزة، ان تقتل اميركيا، اذا كان لا بد من القيام بذلك، ولكن لا تنس ان هتلر حاول ذلك من قبل، كما حاول الجنرال توجو الياباني، وستالين وماوتسي تونغ، وعدد آخر من المتعطشين للدماء من طغاة العالم، ولكن إن فعلت ذلك ونجحت في القيام بقتل اميركي، فانت في الحقيقة تقتل نفسك، فالاميركيون ليسوا بشرا محددين من منطقة محددة، بل هم الذين تتمثل بهم الروح الانسانية المحبة للحرية، أينما كانوا.
وكما ان خطأ طبيب لا يلغي الطب فإن السياسة السيئة لرئيس اميركي، أو أكثر، لا تلغي روعة أميركا وعظمتها.
* * *
• ملاحظة: نهنئ أنفسنا وكل المحبين الفرحين بعيد فالنتاين!!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

حفلة تعارف

هما كلمتان فقط «لو» قالهما سمو رئيس الحكومة لانفض المولد و«مضى كلّ إلى غايته»، كلمتان فقط: «سأصعد المنصة»، لو قالهما لأصدرت «حدس» بيانا ناعما – تتنصل فيه من استجوابها – بعنوان: «صدّقتوا؟»، وستوضح في بيانها أنها كانت تتغشمر، والدستور لم يمنع الغشمرة. وإنْ أصر النائب جمعان الحربش على المضي قدما إلى آخر مدى فستعجز حدس عن توفير العدد المطلوب، وهو عشرة نواب، للتوقيع على كتاب «عدم إمكان التعاون مع رئيس الحكومة»، بل عن سبعة نواب، بل خمسة! وسيأخذ النائب عبد العزيز الشايجي طبّية، ولن يحضر الاستجواب الفضيحة، وليس أمام نواب حدس حينئذ سوى الإعلان للجميع أن الاستجواب كان للتعارف وتبادل الهدايا… «تهادوا تحابوا».

«حدس» كانت تنوي تضمين استجوابها قضية مصروفات ديوان سمو الرئيس لتحرج النائب أحمد المليفي – صاحب هذا الموضوع – والمؤيدين له، في عملية أشبه بالاستحواذ، لكن أبا أنس ذيب أمعط، ينام بعينين مفتوحتين، ولا يمكن أن تبيع المية في حارته، هذا إذا لم تمتلئ حارتك أنت بـ«تناكر» مياهه… المهم أن المليفي انتبه للحركة الذكية فصعّد الأمور، فاستجابت الحكومة لطلباته أو قل «لأوامره»، فأعلن رضاه التام عن إجراءات الحكومة، وهو بهذا يرسل رسالة مختصرة إلى حدس: «معلش، لن أوقع معكم على كتاب عدم إمكان التعاون مع رئيس الحكومة». ومع هذا ورغم ذاك ستستذبح حدس لاستغلال «ثغرة ديفرسوار / الجنسية»، وستضغط على نواب الخارج بشدة من خلال هذه الثغرة، لكنها لن تنجح كما أظن.

وتعالوا نحسبها حسبة بدو لنعرف من سيكتب اسمه مع حدس: أول الموقعين هو النائب الدكتور فيصل المسلم (ويبدو أنه هو الآخر يستعد لاستجواب سمو الرئيس بعد استجواب حدس، وسيتفادى أخطاء حدس، وأهمها – أي أهم الأخطاء – اعلان الاستجواب بعد سقوط مقترحها في البرلمان بتصويت ديمقراطي، فظهرت وكأنها ترفض الديمقراطية، والخطأ الثاني وهو الأهم أن الاستجواب لا يعني الآخرين، وإنما هو استجواب جاء انتقاما لمصالحها الخاصة كما يعتقد الناس)، وبالمناسبة، أظن أن حديث المسلم كـ«مؤيد» للاستجواب سيؤلم الحكومة أكثر من حديث المستجوبين أنفسهم! ونعود لنحسب، بالإضافة إلى المسلم سيوقّع النائب محمد هايف، وهو أمر ليس مؤكدا، وكذلك الحال بالنسبة لتوقيع النائب عبدالله البرغش… ومَن غير الثلاثة هؤلاء، هذا إذا كانوا ثلاثة أصلا؟

ولو أن، أكرر «لو»، و«لو» تفتح عمل الشيطان الله يخزيه، لو أن الرئيس قال كلمتيه «سأصعد المنصة»، لارتفعت الأصوات داخل حدس مطالبة بـ«التسوية السلمية»، ولاستعرضت الحكومة قواتها تحت أقواس النصر، سواء تقدمت حدس باستجوابها أم لم تتقدم به، ولنثرت النساء الورود على رؤوس اعضاء الحكومة، ولأعلنت الجيوش الأخرى المتحفزة للهجوم قبولها الهدنة… لكنها «لو» يا صاحبي.