محمد الوشيحي

شيوخنا… آهين

يجب أن نُمعن النظر في بطاقة النائب علي الراشد المدنية أو أن نطابق بصماته لنتأكد من أن أحدا لم ينتحل شخصيته، فالأداء الذي نشاهده الآن ليس أداء علي الراشد الذي نعرفه من قبل! أمر غريب بصراحة، لكنه ليس أكثر غرابة من تذمر بعض الشيوخ من أداء الحكومة التي يقودها أبناء عمومتهم. وإذا كان شيوخنا يتذمرون من حكومة هم أساسها فماذا نفعل نحن؟ نتدحرج ثم نتشقلب أم ماذا؟

ومع هذا فالمطالبة بـ«شعبنة الوزارة»، أي المطالبة بأن يرأس الحكومة وزير من الشعب، في ظل هذه التيارات السياسية، هَبَل وخبال أولمبي، وانظروا إلى التيارات السياسية الموجودة على الساحة، واحمدوا الله بكرة وأصيلا على أن الحكومة يقودها الشيوخ.

هناك إجماع شامل وتوافق عام على أن حكومة الشيوخ «أهون» من حكومة يقودها أحد التيارات السياسية، والمقارنة هنا من باب «الأقل ضررا». ولو ترأس التجمع السلفي الحكومة لاستيقظ الشعب من نومه ليجد نفسه بلا دم بعدما شفطه النائب خالد السلطان باقتراحاته وهو في اتجاه القبلة. أما إذا تولى «التكتل الشعبي» رئاسة الحكومة فسيوزّع البنادق والرشاشات على أنصاره ويأمر الجيش بحراسة البنوك ومصافي النفط، ولن يبني لنا حتى «مقصفاً» أو كافتيريا، وستتوقف حركة السوق، وسيتطلب «محل دراريع» رخصة بي أو تي وقانونا من مجلس الأمة، ولكل دراعة قانون، فالمهم هو المحافظة على «أموال الشعب»، وخلال سنوات ستمتلئ الديرة بالعناكب، وستمتلئ خزائننا بالمال وسنموت نحن جوعا.

والتيار الثالث سيلغي الدستور وسيعتمد نظام «الولي الفقيه»، والرابع سيتجه بنا إلى الغرب ويسلم زمام أمورنا إلى رئيس الإخوان المسلمين في مصر، مهدي عاكف، أما صالح عاشور والمهري وآية الله علي البغلي ويقابلهم محمد هايف والطبطبائي فمَن يرأسْ منهم الحكومة فسيأخذ الفريق الثاني غنائم حرب.

أما نواب التكتل الوطني السابق، فسيستيقظ ثلاثة أرباع الشعب ليجد نفسه «بدون»، ولن يبقى «كويتيا» سوى خمسة وعشرين نفراً يكفون للعب «الكوت بو ستة»، والمغلوب تُسحب جنسيته! فيهم بلاء على الجناسي، الله يجيرك. أما بالنسبة للتحالف الوطني الديمقراطي فسيمنحون رئاسة الحكومة لامرأة، و«البلد الذي يحكمه مره ما فيه ثمرة»، وسيتظاهرون ضدها في ساحة الإرادة، فهم تيار يستيقظ وينام على المظاهرات.

كل تيار سياسي سيرأسنا سينفث سموم عقده في عروقنا… إذاً، حكومة الشيوخ هي الأقل ضررا، لكن السؤال الكبير هو: هل الشيوخ الوزراء حاليا هم أفضل خياركم يا شيوخنا؟ هل هذا حدكم؟ لا وجوه جديدة لديكم على دكة الاحتياط؟ خلاص؟

الديرة تنتّع – يا شيوخنا – وستتوقف عن الحركة قبل صلاة العصر، وكلما بحثنا عن ملعب آمن نتذمر فيه بعيدا عنكم وجدناكم هناك تحتلون المقصورة الرئيسية، وكلما قلنا: آه، قلتم: آهين والثالثة مجانا.

شيوخنا، أنتم خيارنا الوحيد، فأين خياركم؟

سامي النصف

نطق

«نطق» هو الخطاب التاريخي الذي كتبه في شهر كامل وألقاه في ستة ايام «15 ـ 20 اكتوبر 1927» الغازي مصطفى كمال اتاتورك الملقب بـ «ذئب الاناضول» و«بطل غاليبولي» و«بطل الدردنيل» و«بطل السخاريا» و«بطل معارك طباق قلعة» و«محرر القفقاس» وهي المعارك العظمى التي هزم خلالها اتاتورك جيوش الانجليز والفرنسيين والايطاليين واليونانيين مجتمعين ومتفرقين، واخرجهم من بلاده ومنع تحقيق حلم الرئيس اليوناني فنريلوس باستقطاع الاناضول وارجاع اسطنبول لحظيرة الكنيسة الشرقية واعادة تسميتها بـ «القسطنطينية».

وضمن الخطاب يروي اتاتورك سبب الغائه للخلافة في 3/3/1924 حيث يذكر ان السلطان وحيد الدين الملقب بمحمد السادس قد سلم البلاد راضيا للقوى الاجنبية خوفا منه على عرشه واصبح منضما لجمعية محبي الانجليز التي كانت تطالب بحماية انجليزية دائمة للبلاد مقابل الجمعية الاخرى التي تطالب بالانتداب الاميركي، ويستشهد بخروج السلطان وحيد الدين بحماية البوارج الانجليزية لمستقره في سان ريمو بعد الثورة عليه.

ويبدي اتاتورك رفضه لما نقله له مكتوبا الشيخ راسخ أفندي من خطابات لكبار علماء مسلمي الهند والبلاد العربية من دعوته لابقاء الخلافة وتعيينه ـ أي اتاتورك ـ خليفة للمسلمين، ويبرر سبب الرفض بان من كتبوا اليه هم في النهاية رعايا دول اخرى لها ملوك وحكومات فكيف يدينون بالولاء له لا لحكامهم وبلدانهم؟! ويضيف: ماذا لو قبلت بتلك الفكرة وضحيت بأرواح ملايين الاتراك لتحرير تلك البلدان من المحتلين ثم قررت شعوبها بعد تلك التضحيات ان ينفصلوا عن دولة الخلافة فهل سنحارب مرة اخرى لمنعها بالقوة؟!

ويقول ردا على طلب جنرالات الثورة البلشفية منه المساعدة انه ارسل لهم ردا فحواه أنه لا يعتقد ان هناك دولا ظالمة ودولا مظلومة ودولا مستعمرة ودولا تستعمر بل هناك فقط شعوب ضعيفة تقبل الذل والخنوع وشعوب قوية ترفضهما واننا كأتراك من الشعوب التي لا تقبل الظلم وهذه هي رسالتنا لاخواننا في الاسلام والانسانية كي يقتدوا بما فعلناه بدلا من طلب مساعدتنا لتحرير انفسهم فنحن دعاة سلم لا حرب في الداخل والخارج ما لم نُظلَم.

وبعكس ما يعتقد لم تكن معاهدة سايكس ـ بيكو التي عقدت سرا في عام 1916 محصورة في اقتسام الجزء العربي من الدولة العثمانية بين بلدين هما انجلترا وفرنسا بل كان هناك طرف ثالث لها هو قيصر روسيا الذي تم وعده باستقطاع وضم اراضي الاناضول واسطنبول له وقد فضح «تروتسكي» تلك الوثائق بعد قيام الثورة البلشفية عام 1917 وحلت اليونان محل روسيا في تلك الاطماع.

آخر محطة:

1 – هزت انتصارات الغازي مصطفى كمال وجدان العرب والمسلمين كافة فانهالت برقيات التهنئة والتمجيد على مكتبه من ايران وافغانستان والهند ومصر والعراق وليبيا وامارة شرق الاردن وسورية والحجاز ودول شمال افريقيا ومن ضمنها قصيدة امير الشعراء احمد شوقي الرائعة التي مطلعها:

الله اكبر كم في الفتح من عجب يا خالد الترك جدد خالد العرب

2 – يذكر مصطفى كمال ضمن خطاب «نطق» انه قرر ان يتضمن الدستور التركي الذي احال الحكم الفردي للسلطان الى حكم مجلس منتخب من الشعب وجود مادة ثانية تنص على ان دين الدولة هو الاسلام مع احترام المعتقدات الاخرى.

سعيد محمد سعيد

في شأن «مساءلة» حملات الحج

 

يبدو اجتماع اللجنة العليا لشئون الحج والعمرة برئاسة وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة يوم الأحد الماضي، غريبا ومباغتا! وفي ذات الوقت، منصفا إلى حد كبير… بل سار الاجتماع على ما يبدو في المسار المعتدل الذي لا يستطيع أحد أن يعترض عليه لمجرد الاعتراض… فالمقصر أخذ جزاءه، والمتميز حصل شهادة تميز نظير ما سعى إليه من «سمعة» قبل كل شيء.

وحسب علمي، فهذه السنة الأولى التي تحصل فيها 29 حملة على تقدير (امتياز)، و12 حملة على تقدير جيد جدا، ونالت حملتان تقدير (جيد)، ولو لم تحصل الحملتان اللتان تم شطبهما على حقوقهما القانونية في توضيح موقفيهما وتقديم خطابات مكتوبة للجنة، لقلنا أن اللجنة لم تنصفهما ولم تعطهما الفرصة للدفاع… لكن هذا حدث بالفعل وهو أمر تستحق عليه اللجنة الإشادة والتقدير، فالركن المهم في عمل اللجنة هم حجاج البحرين، وكذلك حملات الحج، وكلا الطرفين لهما حقوقهما على الدولة في توفير التسهيلات والإمكانات الميسرة لأداء فريضة الحج براحة وأمان ويسر، فلا أحد يرضى بما تعرض له الكثير من الحجاج من تعب ومشقة بسبب سوء مستوى هذه الحملة أو تلك، ولا يمكن ترك الأمور هكذا بلا محاسبة ولا مراقبة ولا إجراء يردع المخالفين.

في السنوات الأخيرة، ولنحصرها في حدود خمس سنوات مضت، كانت الشكاوى ترد إلى الصحافة من الحجيج – ليس بعد انتهاء موسم الحج فحسب – بل أثناء الموسم، فكانت الاتصالات ترد إلى الصحافة من حجاج واجهوا ما لم يكن في الحسبان من ظروف وعناء وترك في العراء وهروب لمسئول حملة ومواقف كثيرة شديدة الوقع، حتى أن الكثير من الحجاج كانوا إلى وقت قريب ينتظرون ما سيتخذ من إجراءات ضد الحملات المخالفة.

أضف إلى ذلك، أن مسئولي بعثة البحرين للحج كانوا يتلقون الشكاوى والملاحظات ويعدون بمتابعتها واتخاذ الإجراءات بعد عرض التقارير على اللجنة العليا لشئون الحج والعمرة، وليس في الأمر كيدا لأحد، فالمصاعب التي واجهت الكثير من الحجاج خلال الموسم الماضي ومواسم أخرى سبقت كانت كفيلة بتطبيق المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم (36)لعام 1976 بتنظيم شئون الحج والعمرة والتي تقضي بالتحقيق في كل ما يقع مع مقاولي الحج من مخالفات، وتحدد الجزاءات المترتبة على هذه المخالفات.

وبما أن اللجنة العليا منحت – مشكورة – مهلة للحجاج لتقديم أي شكاوى تتعلق بالخدمات المقدمة من قبل الحملات، فمن حق الحجاج أن يتعرفوا على ما تم اتخاذه من خطوات، فجاء اجتماع اللجنة لا ليحاسب المقصرين فقط، بل لمكافأة الحملات المتميزة التي لها كل الحق في هذه المكافأة، وهذا الأسلوب يمثل ضمانة مهمة لعدم تكرار المخالفات في المستقبل فقد عانى الحجاج من سوء إدارة بعض الحملات حتى أن بعضهم وجد نفسه بالعراء في الصحراء تارة، ومن دون سكن في مكة تارة أخرى، وإن كانت بعض المخالفات ستتكرر، فإن تطبيق الإجراءات المنصوصة في القانون من دون تمييز، سيحد من التجاوزات، مع الاعتبار إلى ضرورة التزام الحجاج أنفسهم بالتعليمات الصادرة من اللجنة قبل كل موسم حج.