محمد الوشيحي

سلط ملط

الدولة ترتدي قميص نوم شفافاً يكشف جميع مفاتنها، والجمهور المسطول مستمتع ومنشكح! جزء كبير من سكرتارية مديري مصافي النفط من المقيمات، وهنّ على اطلاع على تفاصيل التفاصيل النفطية، والنفط هو بابا وهو ماما بالنسبة للكويتيين، وهو المعيل الوحيد لنا، وإذا مات معيلنا فسنشحت على باب السيدة.

وجزء كبير من موظفي إدارات الجنسية والجوازات وتنفيذ الأحكام وإدارات أخرى مهمة جدا في وزارة الداخلية من المقيمين العرب، وملفاتنا أمامهم كالبوفيه المفتوح ينتقون منها ما لذ وطاب لعيون الأحباب! حتى وزارة الدفاع، جزء كبير من موظفيها الإداريين من المقيمين العرب، وهؤلاء يعرفون عن الضباط والأفراد كل ما يخطر وما لا يخطر على بالي وبالك، يعرفون كل شيء عن أسرة الضابط وأنواع أمراضها، وأين يسكن هذا الضابط، وأين سافر في هذا الصيف وذاك الشتاء، وعلى متن أي خطوط جوية. وهؤلاء المقيمون يدخلون المواقع العسكرية بصفة رسمية بحكم وظائفهم، ثم نقرأ اللوحات التحذيرية أمام المواقع «ممنوع الاقتراب والتصوير»! اقتراب مين وتصوير مين بعدما طارت الطيور بأخلاقها؟

وزارة الشؤون كذلك تفيض كأسها بالمقيمين، اشي أحمر على أزرق على أخضر على بمبي، وهؤلاء يعرفون عدد الأسر الكويتية التي تتقاضى معونات اجتماعية، وكم تتقاضى، ولماذا. وبعض سفاراتنا كذلك تمتلئ بالمقيمين، وبعض إدارات وزارة العدل يسيطر عليها المقيمون الذين يعرفون كل الجنح والجنايات وأسماء مرتكبيها وعوائلهم وفضائحهم، وغيرها وغيرها وغيرها من دهاليز وحواري الكويت وخطوطها السريعة.

وأنا هنا أتحدث عن الوظائف الإدارية لا التخصصات الفنية النادرة. ولو كانت الكويت تعاني نقصا في عدد الموظفين الإداريين لقبلنا العذر على مضض، لكن ديوان الخدمة المدنية يزدحم بالمواطنين المقيدين على كشف انتظار الوظائف. شوف العجب! يا سيدي نحن في دولة يخجل من عُرْيِها رواد شواطئ العراة، دولة تتمشى في الأسواق سلط ملط، ونحن شعب لا يهمنا أن يبطحنا الغريب أرضا، المهم هو أن يبطح بعضنا بعضا، وربع تباطحوا ما ذلوا، وأشهد بالله أن «ردانا» غير قابل للمساومة.

والمفارقة المضحكة أن المقيمين يكتمون الأسرار أكثر من الكوايتة أنفسهم! فالكوايتة شعب مخرخر، بدءا من الوزراء ومجلسهم -الذي تتسرب تفاصيله قبل أن ينفض- إلى أصغر موظف، إلا ما ندر.

ومجلس الوزراء هو مؤسسة لا تكر ولا تفر، ووجودها مثل عدمه، الخالق الناطق، وأظن أن عدمها أرحم. جربوا الحياة بلا حكومة، جربوا مثلا أن نرسل الوزراء كلهم على حسابنا «علاج بالخارج»، بعيد الشر، سوف لن ينقصكم شيء سوى قبعة ودشداشة الشيخ محمد الصباح -نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية- اللتين يرتديهما كل سنة مرة في مزرعة «عزايز». ولم يصعب عليّ حال أحد كما صعب عليّ حال هاتين المسكينتين، القبعة والدشداشة، ولو أنهما تحدثتا لصرختا طلبا للتقاعد بعد خدمة دامت أكثر من سبع وتسعين سنة، أي منذ أن كنت أنا في ثالثة متوسط، في مدرسة عبد الرحمن الدعيج وهو يرتديهما! ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء يا طويل العمر واعتقهما لوجه الله تكفى.

* * *

بدءاً من اليوم سيتغير بريدي الإلكتروني من «الياهو» المجاني ابن المجاني، إلى بريد «الجريدة» الإلكتروني المدفوع الأجر، كما هو واضح في أعلى المقالة.

سامي النصف

أميركا بين أعدائها وأصدقائها

الدول كالافراد يعرف مسارها وشخصيتها من أصدقائها كما يعرف من اعدائها، فإن صادقت الاشرار وعادت الخيرين كانت دولة شيطانية شريرة، وان صادقت الخيرين وعادت وحاربت الاشرار من طغاة وقتلة وارهابيين كانت دون شك خيرة يفخر بها تاريخنا الانساني.

طبقا للمعادلة المنطقية السابقة يمكن لنا تقييم الولايات المتحدة التي قامت في بدايات القرن الماضي بالتصدي لمحور الشر المكون من الاباديين هتلر وموسوليني والطغمة العسكرية الحاكمة في اليابان ممن ساموا شعوب الدول التي ابتليت باحتلالهم البغيض العذاب وارسلوهم لافران الغاز وخنادق القتل الجماعي، ومع نهاية الحرب الكونية الثانية أنشأت الولايات المتحدة منظومة حقوق الانسان وتصفية الاستعمار للدفاع عن شعوب العالم المستضعفة.

وفي المرحلة اللاحقة تصدت أميركا للطاغية ستالين ولمحور الشر الذي يمثله كما ارسلت جنودها لتحرير كوريا الجنوبية من غزو الطاغية كيم ايل سونغ وساهمت في ازدهارها وقد اثبتت السنون صحة ذلك المسار عبر ما نراه من مجاعات تجتاح كوريا الشمالية بسبب نظامها القمعي الابادي الذي يزمع هذه الايام تسليم سدة الحكم وعرش الجماجم لحفيد الطاغية الاول بعد ان سلمه لابنه.

كما تصدت الولايات المتحدة لقوى الاستعمار القديم الاوروبية فوقفت ضد بريطانيا وفرنسا ابان حرب السويس مما عجل بانحسار ذلك الاستعمار واستقلال الدول التي يحتلونها وواصلت أميركا دعمها الفاعل لشعوب العالم المستضعفة فشجعت ثورات الاتحاد السوفييتي وافغانستان ودول اوروبا الشرقية حتى حصلت على استقلالها والحال كذلك مع الشعوب التي حكمتها منظومات عسكرية قمعية موالية للغرب فشهدنا تساقط تلك الانظمة في ايران والسودان والفلبين وبنما وزائير وتاهيتي وغيرها بدعم من الولايات المتحدة إعلاما وأجهزة.

وشهدنا في منطقتنا تصدي الولايات المتحدة للانظمة القمعية كحال صدام وامثاله فبعضهم سقط والباقي سيسقط ويهزم في القادم من الايام كما تصدت في الوقت ذاته للجماعات الارهابية التي تخدع السذج والمغفلين وتتسبب في قتل الابرياء من شيوخ واطفال ونساء كمنظمات القاعدة وحزب الله وحماس والزرقاوي ومقتدى الصدر ومن دار في فلكهم التدميري وقد تصدت قبلهم لمنظمة شبيهة بهم هي الخمير الحمر الكمبودية التي يحاكم قادتها هذه الايام على جرائمهم.

وبالمقابل لأميركا اصدقاء يتشاركون جميعا في انهم رواد الرفاه والازدهار والتنمية في العالم كدول غرب اوروبا وشرق آسيا ودول الخليج ومصر والمغرب والاردن والبرازيل وتركيا والارجنتين والهند والصين الجديدة مما يظهر بشكل قاطع ان أميركا سلم لمن يهتم برفاه وتنمية شعبه وهي حرب ضارية على الطغاة والقمعيين، وتلك هي شمس الحقيقة التي لا تغطيها اكاذيب وتخرصات غوبلزات العصر امثال هيكل وعطوان والمسفر والبكري وغيرهم من ايتام صدام واطفال كوبونات النفط العراقي المغرية.

آخر محطة:
ورث كاسترو الحكم لأخيه ليكمل مسار تدمير بلده، ويزور ويزيف هذه الايام الطاغية الفنزويلي شاڤيز الانتخابات ليكتم انفاس شعبه للابد، كما اظهرت الانباء الموثوقة استيلاء بعض القادة الثوريين في المنطقة ممن يدعون التواضع والتدين على مئات المليارات من ثروات شعوبهم خلال الخمس سنوات الماضية، ولا عزاء بعد ذلك للاغبياء.

سعيد محمد سعيد

هؤلاء البشر… «ملائكة» البحرين

 

تعجب أشد العجب، حينما تستمع إلى قصة من أغرب القصص عن مواطن أو مواطنة أو أسرة بحرينية تعيش وكأنها في مكان ناءٍ معزول عن حياتنا اليومية!على رغم أن بلادنا صغيرة ويعرف الناس بعضهم بعضا، لكنك حين تستمع إلى قصة من تلك القصص، يخيل إليك وكأنما هناك بشر لهم عالمهم الخاص، ومقدرتهم النادرة على تحدي الظروف.

لكن على أية حال، فإن تلك القصص، وعلى رغم ندرتها، إلا أن فيها عِبَر كثيرة، ودروس عظيمة المعاني، من المفيد أن يعرفها الناس، وخصوصا من يمرون في ظروف مشابهة، فلدينا هنا قصة سيدة بحرينية توفي زوجها لتواجهها بعد وفاته ظروفا معيشية صعبة، لكنه الإيمان بالله سبحانه وتعالى والتسلح بالإرادة القوية لتخطي الأوقات العصيبة… فحمل مسئولية الأسرة المكونة من ستة أبناء لم تكن سهلة إطلاقا، فيما كان الموقف الأصعب والأقسي هو اكتشاف إصابة الأم بنوع من أشد أنواع سرطان الثدي، ليبدأ فصل جديد من المعاناة، لكن الأسرة التي آلمها ما حل بالأم الحبيبة، تعلقت برحمة الله سبحانه وتعالى، وكان القرار الأصعب هو إجراء العملية للوالدة لاستئصال الثدي في ظل ظروف مادية صعبة بعد وفاة الوالد وتسديد ما عليه من ديون… اجتمع الأبناء والبنات حول الأم يشدون من أزرها وتشد من أزرهم حتى جاء موعد إجراء العملية التي تمت بنجاح ولله الحمد، وعلى رغم الظروف الصعبة التي عاشتها الأسرة بسبب صعوبة حال الأم الصحية، والمعاناة والألم طيلة علاج الأم بالعلاج الكيماوي لأشهر طويلة، إلا أن رحمة الله شملت الأسرة وحلت المعجزة الإلهية بشفاء الأم من المرض، وكانت الصورة الأجمل هي التفاف الأهل والجيران والمعارف حول الأسرة.

الأمر الملفت، أن تلك المواطنة تسلحت بطاقة من الصبر والتحمل كانت لها العون في تجاوز الكثير من المحن، وعلى رغم أنها مرت ببعض المراحل التي كادت تحطم معنوياتها ومنها تعرضها في شبابها لمرض جلدي نادر غيّر بشرتها، ولم تنفع معه العلاجات المكلفة، إلا أنها رضيت بنصيبها، وكانت قلقة من أن يؤثر المرض على علاقتها بزوجها طيلة وجوده على قيد الحياة، وهو الذي وقف معها وشد أزرها، كما أنها تأثرت بطبيعة الحال لنظرة المجتمع لها نتيجة إصابتها بالمرض، لكن ذلك لم يؤثر على اندماجها بشكل طبيعي في ممارسة حياتها الطبيعية، وكانت تواصل الدور الاجتماعي في المشاركة مع أهل القرية في الأفراح والأتراح على رغم عدم تقبل البعض لها.

هذه المواطنة، تمكنت من تربية أبنائها خير تربية على رغم ما واجهته في حياتها، وعلى رغم ظروفها المعيشية الصعبة، إلا أنها لم تهتز يوما حتى لا تتأثر أسرتها، وهدفها أن تواصل كفاحها من أجل أبنائها.

هذا الصنف من البشر، هم «ملائكة» البحرين الطيبة… يكافحون من أجل أن يقدموا للمجتمع أفرادا يعرفون معنى العطاء، مهما قست عليهم الظروف