محمد الوشيحي

حفلة تعارف

هما كلمتان فقط «لو» قالهما سمو رئيس الحكومة لانفض المولد و«مضى كلّ إلى غايته»، كلمتان فقط: «سأصعد المنصة»، لو قالهما لأصدرت «حدس» بيانا ناعما – تتنصل فيه من استجوابها – بعنوان: «صدّقتوا؟»، وستوضح في بيانها أنها كانت تتغشمر، والدستور لم يمنع الغشمرة. وإنْ أصر النائب جمعان الحربش على المضي قدما إلى آخر مدى فستعجز حدس عن توفير العدد المطلوب، وهو عشرة نواب، للتوقيع على كتاب «عدم إمكان التعاون مع رئيس الحكومة»، بل عن سبعة نواب، بل خمسة! وسيأخذ النائب عبد العزيز الشايجي طبّية، ولن يحضر الاستجواب الفضيحة، وليس أمام نواب حدس حينئذ سوى الإعلان للجميع أن الاستجواب كان للتعارف وتبادل الهدايا… «تهادوا تحابوا».

«حدس» كانت تنوي تضمين استجوابها قضية مصروفات ديوان سمو الرئيس لتحرج النائب أحمد المليفي – صاحب هذا الموضوع – والمؤيدين له، في عملية أشبه بالاستحواذ، لكن أبا أنس ذيب أمعط، ينام بعينين مفتوحتين، ولا يمكن أن تبيع المية في حارته، هذا إذا لم تمتلئ حارتك أنت بـ«تناكر» مياهه… المهم أن المليفي انتبه للحركة الذكية فصعّد الأمور، فاستجابت الحكومة لطلباته أو قل «لأوامره»، فأعلن رضاه التام عن إجراءات الحكومة، وهو بهذا يرسل رسالة مختصرة إلى حدس: «معلش، لن أوقع معكم على كتاب عدم إمكان التعاون مع رئيس الحكومة». ومع هذا ورغم ذاك ستستذبح حدس لاستغلال «ثغرة ديفرسوار / الجنسية»، وستضغط على نواب الخارج بشدة من خلال هذه الثغرة، لكنها لن تنجح كما أظن.

وتعالوا نحسبها حسبة بدو لنعرف من سيكتب اسمه مع حدس: أول الموقعين هو النائب الدكتور فيصل المسلم (ويبدو أنه هو الآخر يستعد لاستجواب سمو الرئيس بعد استجواب حدس، وسيتفادى أخطاء حدس، وأهمها – أي أهم الأخطاء – اعلان الاستجواب بعد سقوط مقترحها في البرلمان بتصويت ديمقراطي، فظهرت وكأنها ترفض الديمقراطية، والخطأ الثاني وهو الأهم أن الاستجواب لا يعني الآخرين، وإنما هو استجواب جاء انتقاما لمصالحها الخاصة كما يعتقد الناس)، وبالمناسبة، أظن أن حديث المسلم كـ«مؤيد» للاستجواب سيؤلم الحكومة أكثر من حديث المستجوبين أنفسهم! ونعود لنحسب، بالإضافة إلى المسلم سيوقّع النائب محمد هايف، وهو أمر ليس مؤكدا، وكذلك الحال بالنسبة لتوقيع النائب عبدالله البرغش… ومَن غير الثلاثة هؤلاء، هذا إذا كانوا ثلاثة أصلا؟

ولو أن، أكرر «لو»، و«لو» تفتح عمل الشيطان الله يخزيه، لو أن الرئيس قال كلمتيه «سأصعد المنصة»، لارتفعت الأصوات داخل حدس مطالبة بـ«التسوية السلمية»، ولاستعرضت الحكومة قواتها تحت أقواس النصر، سواء تقدمت حدس باستجوابها أم لم تتقدم به، ولنثرت النساء الورود على رؤوس اعضاء الحكومة، ولأعلنت الجيوش الأخرى المتحفزة للهجوم قبولها الهدنة… لكنها «لو» يا صاحبي.

سامي النصف

أودلف ورودولف

الاعلان في جريدة «النيويورك تايمز» عن وفاة الطبيب النازي في القاهرة بعد أن أمضى فيها أكثر من اربعة عقود متخفيا يعيد للاذهان قصة مؤسس النازية ونعني ادولف هتلر ونائبه رودولف هيس اشهر سجين سياسي في التاريخ والذي كانت تحرس سجنه الانفرادي طوال ما يقارب 50 عاما جيوش الدول الاربع العظمى في العالم.

ولد رودولف هيس في حي الابراهيمية في الاسكندرية لتاجر ألماني استقر وعاش بها ثم عاد لوطنه ليلتحق ابنه هيس بأرقى المدارس السويسرية، حيث امتاز بالتفوق الدراسي والذكاء الشديد، ثم انضم للجيش الالماني في الحرب العالمية الاولى وتعرف على هتلر ودخل معه السجن وعرفه على العالم والفيلسوف الالماني هاوسهوفر الذي سحر هتلر بفكره ونظرياته السياسية.

وتدعو افكار هاوسهوفر التي تأثر بها هتلر وضمها كتابه «كفاحي» الذي يقال ان هيس هو من قام بكتابته نظرا لثقافته العالية وضعف ثقافة هتلر الى ضرورة تفادي الحرب مع الانجليز، وكان هيس يؤمن كذلك بضرورة خلق محور للدول الانجلوسكسونية أي ألمانيا وبريطانيا وأميركا لمحاربة الشيوعية والعنصر السلافي في روسيا وشرق أوروبا بدلا من التحالف مع ايطاليا واليابان.

لذا فما اعلنت بريطانيا الحرب على المانيا وعقدت المانيا معاهدة سلام مع روسيا حتى اختلت الامور عند هيس وقرر السفر سرا لبريطانيا للالتقاء باللورد هاميلتون صديق كل من هاوسهوفر وتشرشل لعقد اتفاق يوقف الحرب بين بلديهما تمهيدا لغزو روسيا المقرر له ان يبدأ بعد 10 ايام من زيارته كي يتم محو الشيوعية من العالم.

كانت معضلة هيس ان آخر علمه بقيادة الطائرات كانت قبل 20 عاما عندما كان في العشرينيات من عمره اضافة الى عدم قدرة الطائرة «شميت 100» على الوصول الى اسكوتلندا وهو امر تم حله عبر عملية تدريب سريعة له ساعدته عليها قدراته المتميزة ثم ازالته لمقعد مساعد الطيار ووضع خزان وقود احتياطي بدلا منه.

وصل هيس بطائرته ليلا فوق اسكوتلندا ولم يرغب في النزول بها حتى لا يكشف الانجليز سر صناعتها لذا قرر القفز بالبراشوت منها قبل تحطمها، وكانت المرة الاولى له لذا ارتطم بالارض ونقله المزارعون للمستشفى دون ان يعرفوا هويته ولم يعر تشرشل لوصول هيس اي اهمية وفضل عليه مشاهدة فيلم سينمائي ثم عومل كأسير حرب وحكم عليه بالمؤبد في محاكمات نورمبرغ ولم يسمح له بأن يتحدث مع احد طوال فترة سجنه حتى وفاته وقيل انه اخذ معه الى القبر أعظم اسرار تلك الحرب.

سعيد محمد سعيد

بين ولاء حي… وتمثيل حي!

 

يعتقد بعض إخواننا وأخواتنا في هذا البيت البحريني الأصيل، أن الولاء المطلق لبلادنا وقيادتنا السياسية يمنع (الموالي) من أن ينبس ببنت شفة معبرا عن ضيق أو رفض أو موجها انتقادا مهما بلغت درجة ذلك الانتقاد إلى الحكومة… فبمجرد انتقاد الحكومة، يصبح المنتقد صفويا مواليا للفرس والمجوس.

وعليه، فلابد من أن يكون صك الولاء الرسمي والأكيد، هو إغلاق الفم والعين والقلب، على كل ما هو ناقص وسيء، حتى تصبح عين الرضا عن كل عيب قريرة… وهذا ما لا أعتقد شخصيا أن القيادة السياسية، بل ولا أعتقد أن (شيوخ) البلد يرضون بمثل هذا التعريف المجوف الغبي الأخرق للولاء.

أن تكون بحرينيا، أيا كان انتماؤك المذهبي، فهذا يعني أن لك الحق في أن تدافع عن بلدك… آرائك… حقوقك… مستقبلك ومستقبل عيالك وعيال الديرة، ولا يعني جهرك بالكلام (خيانة)… ولا تعبيرك عن الولاء (تقية)… بل ولا أرى في أن من الفطرة السليمة أو الذوق أن ينتقد خفافيش الظلام في مواقع إلكترونية، يديرها ويدخلها ويجول ويصول فيها الصبية والصبيات ممن لم يبلغوا سن رشد (العقل ونضج والتفكير)… يسيئون إلى أحد النواب في الخفاء فقط لأنه وجه رسالة حقيقية أصيلة صريحة فاقعة لأعين المتربصين، إلى النائب الإيراني داريوش قنبري على (كلاكيت) شريعتمداري المكرر، والإسطوانة المكررة، والتي لا تنطلي إلا على طرفين: طرف غبي في إيران، وطرف آخر غبي في البحرين.

وعلى أي حال، ستتكرر تلك التصريحات، دون أن يكون لها من وجهة نظري أي تأثيرات على أمن البلدين وسياسة البلدين اللذين تربطهما اتفاقات وبروتوكولات لم يتم توقيعها اعتباطا! وستتكرر أيضا محاولات استغلال أي تصريح يأتي من (هناك)ليسقط على طائفة (هنا)…

ستتكرر الكثير من الظواهر الواضحة، والخفايا المتسترة فيما يحاك من أجل تحقيق مزيد من التفتيت في النسيج الداخلي للبلد، والذي نجح مع شديد الأسف إلى حد ما في تكوين صورة انطباعية مخادعة لدى الكثير من المواطنين في أن السلم الاجتماعي في خطر، وفي ظني، أن هناك دعوات و(صواريخ) كلامية تطلق من داخل بلادنا هي أكثر شدة وأقوى أثرا من تصريحات نواب إيرانيين أو كتاب أو إيرانيين أو حتى قادة إيرانيين… فتلك تتصدى لها الدولة، والدولة أيضا، هي التي يجب أن تتصدى بموقف صارم ضد الأصوات التي ما توقفت عن تفتيت أهل البحرين.

بالله عليكم أيهما أخطر: نائب يلقي الكلام على عواهنه ويحلم، أم (مواطن شريف كامل الولاء) يعيث في البلاد ألما وتفتيتا؟