سامي النصف

أنا والدكتور

كنت قد انتقدت دعوة احد المسؤولين للشراء من البورصة، وقبلها كتبت منتقدا دعوة بعض المحللين الاقتصاديين ضمن البرنامج الصباحي في تلفزيون الكويت للشراء من البورصة آنذاك بحجة ان الأسعار متهاودة، ثم نقلت في مقال لاحق ما قاله اغنى رجل في العالم من ضرورة الدراسة قبل الشراء وتزكيته لأسهم قطاع «الاتصالات» وقد ألحقت ما قاله بتزكية شراء أسهم «زين السعودية» للاتصالات كونها تباع بسعر الاكتتاب وهو 10 ريالات.

كتب بعدنا دكتور علوم سياسية في الزميلة «السياسة» منتقدا نفس المسؤول الذي انتقدناه إلا انه وضع اسمنا معه (!) وكأننا قد زكينا ـ لا انتقدنا ـ ما قاله ذلك المسؤول، وقد ارسلنا إليه رسالة خاصة نطلب منه تحري الصدق فيما يكتب عبر العودة لمقالنا المنشور وقد تأملنا ان ينشر في وقت لاحق تصحيحا كما تقتضي الأعراف، إلا انه لم يفعل، لذا اضطررنا للكتابة والإيضاح.

وكان موقع «العربية.نت» قد التقى مع نهاية العام بكثير من المختصين الاقتصاديين في الخليج وخرج بمانشيت في 30/12 فحواه ان قطاع الاتصالات هو الملاذ الآمن لمن خسر في القطاعات الأخرى، كما نشرت مجلة «مال وأعمال» قائمة بأكبر 1000 شركة في الخليج في مرحلة ما بعد الكارثة ضمت الست الأوليات، منها 4 شركات اتصالات، كما ارتفع سعر «زين السعودية» من 10 ريالات الى ما يقارب 12 ريالا هذه الأيام اي حصد من استمع لما كتبناه ما يقارب 20% وهو ما يعادل ارباح الودائع للخمس سنوات المقبلة.

ونشرت جريدة «المصري اليوم» بتاريخ 2/2/2009 مقارنة تستحق الإشارة إليها، فقد طرح سهم الشركة المصرية للمحمول في فبراير 1998 بسعر اكتتاب 10 جنيهات واصبح سعره في 31/12/2008 (146) جنيها اي بزيادة 1361% ونزل في نفس التاريخ اي 1998 سهم شركة نصر للمنسوجات للاكتتاب بـ 102 جنيه واصبح سعره في 31/12/2008 لا يتجاوز 1.3 جنيه اي بانخفاض قدره 99%، فهل أصبنا أم أخطأنا فيما كتبنا؟!

وكتب نفس الزميل المختص في العلوم السياسية قبل يومين مقالا قال فيه ان من «المعروف» ان حكم الديموقراطيين في أميركا يتسم بالضعف في مجال السياسة الخارجية اي انه ليس ميالا لاستخدام القوة.. إلخ. اي ان الجمهوريين هم أصحاب القوة والحروب في الخارج والديموقراطيين هم اصحاب السلام والانكفاء الى الداخل.

حكم الجمهوريون في بداية القرن الماضي 3 دورات متتالية دون حرب وما ان وصل الديموقراطيون للحكم حتى ادخل الرئيس الديموقراطي ويلسون أميركا في الحرب الكونية الأولى رغم انها لا ناقة ولا جمل لها فيها، وتلى ذلك انتخاب 3 رؤساء جمهوريين دون حرب حتى وصل الديموقراطي روزفلت للحكم فأدخل اميركا في اتون الحرب الكونية الثانية عبر إعلانه الحرب على ألمانيا رغم ان اليابان هي من هاجمته، وكان الاتحاد السوفييتي قد اكتفى بحرب ألمانيا التي هاجمته دون محاربة اليابان حتى 3 أشهر من انتهاء الحرب في عام 1945.

وتلا روزفلت الرئيس الديموقراطي ترومان الذي ألقى بالقنبلة الذرية على اليابان ثم ادخل اميركا الحرب الكورية اعوام 1950-1953 والتي اوقفها الرئيس الجمهوري ايزنهاور، وبقيت اميركا دون حروب حتى وصل الرئيس الديموقراطي كنيدي الذي خطط لغزو كوبا ثم اوصل العالم لشفا حرب نووية عالمية ابان ازمة الصواريخ، تلاه الرئيس الديموقراطي جونسون الذي ادخل بلده في حرب ڤيتنام التي اطفأ نارها الرئيس الجمهوري نيكسون.

آخر محطة:
 كلفت حروب الرؤساء الديموقراطيين اميركا مئات آلاف القتلى بينما لم يزد ضحايا حرب تحرير الكويت عن 140 قتيلا ومثلها حرب تحرير العراق وان فقد بضعة آلاف في العمليات الانتحارية اللاحقة في العراق.

احمد الصراف

دموع في فويل (2/2)

يقول ليو ببيوتا إنه سئل مرة عن الكيفية التي يمكن بها جعل القراءة عادة محببة للكبار والصغار، لأن الكثير من الوقت يضيع من دون فائدة. وقال إن جوابه كان قصيرا وسهلا: ابدأ بقراءة الممتع والقصير والمثير والسهل اللغة من الروايات وأدب الرحلات والمغامرات، ولن تتخلى عن الكتاب بسهولة، ومع الوقت يصبح الأمر عادة يومية وجزءا من روتين الحياة. ويقول ببيوتا إنه تعود على القراءة منذ الصغر، وانه عادة ما يغرم بنسيان نفسه، وهو يقرأ ليصبح رفيق شخصيات الرواية التي يقرأها، يحب هذا ويكره ذاك، وينفعل مع الثالث، ويشارك الرابع أحزانه. ويعتقد أن غالبية الناس تتعامل مع القراءة بطريقة خاطئة من خلال إجبار نفسها على حبها، وهذا ما يجعلها في نهاية اليوم مكروهة. ويقول إنه يجب تغيير هذه النظرة واعتبار القراءة متعة قبل أن تكون أي شيء آخر، كما أنها أمر عظيم الأهمية ونافعة صحيا ومفيدة أكثر من آلاف الأنشطة الأخرى. ولكن هل القراءة أحسن من اللعب خارج البيت، أم أفضل من محادثة جيدة، أو من ممارسة رياضة ما، أو الرسم، أو تصفح الإنترنت، أو التمتع بالطبيعة أو الاستماع للموسيقى، أو ممارسة الرقص؟ لا يعتقد ببيوتا بصحة ذلك، فلكل نشاط فائدته ومتعته، إن كانت المتعة هي الهدف. ولكن القراءة قد تكون أكثر منفعة إن كانت بهدف تثقيف النفس وزيادة فرص النجاح في الحياة، وعلى أي حال القراءة ليست وسيلة لبلوغ هدف بل هي غاية في حد ذاتها لكونها متعة قصوى، وهكذا يجب أن ينظر اليها، فإن استفاد القارئ منها بشكل غير مباشر في المدرسة أو العمل أو الحياة فـ «زيادة الخير خيرين».
أما بالنسبة إلى تعويد الأطفال على القراءة، وما يشكله عزوفهم عنها من قلق لأسرهم، فيجب الا يكون هذا مدعاة للقلق، فما هو مهم هو أن نكون قدوة لهم في القراءة أمامهم ولهم، حتى وهم رضع، وربما قبل ذلك، وأن نجعل الأمر روتينا في وقت ومكان محددين، وأن نذهب مع أطفالنا الى المكتبة بين الحين والآخر، ونقرأ أمامهم ونجعلهم يشاركون في اختيار ما يناسبهم من الكتب. انتهى كلام ببيوتا.
المهم في رأيي الشخصي أن الوسيلة الوحيدة للتعلم بصورة جيدة هي القراءة المستمرة، فلا المدرسة ولا الجامعة ولا المسرح ولا السينما ولا التلفزيون مجتمعة يمكن أن تعطينا المعنى الحقيقي للمعرفة وللحياة، فلا يزال الكتاب، سواء التقليدي الذي يمسك باليد ويمكن تصفحه، أو ذلك المدون على الإنترنت، هو المصدر الأكبر للمعرفة، هكذا كان لآلاف السنين، وهكذا سيبقى لبعض الوقت. كما أن استمتاعنا أو شغفنا بأي رياضة أو هواية أو حضور مسرحية أو سماع مقطوعة عادة ما يكون أكبر متى ما دعمته القراءة في الحقل نفسه.

أحمد الصراف