علي محمود خاجه

Comic Book

بأمانة، فقد أصبح ما أود أن أكتبه كل أسبوع للقرّاء الكرام صعبا للغاية، فلقد تحوّل كل شيء في هذه البلاد إلى Comic Book لا يمكن لعقل بشري أن يصدق بأنه واقعي ويحدث في هذا الزمان.

فقد بات من يطالب بحقوق الإنسان وتحقيق الحرية والمساواة عاصياً ومرتداً ويجب شنقه، ومن يطالب بالبهجة والسرور لأبناء الكويت منحلاً، لقد تحوّل كل شيء في الكويت إلى قصة هزلية لا يمكن لعقل أن يراها مصوّرة على أرض الواقع ما لم تكن هناك مؤثرات وخدع سينمائية لتصويرها.

هل يمكن لعقل أن يستوعب بأن هناك بلداً ما يسخر ممن يسعى إلى تطبيق قانون البلد؟ وهل يمكن لكائنٍ من كان أن يصدّق بأن «حدس» أصبح همّها الدفاع عن المال العام؟ وهل يمكن أن يتقبل فرد ما أن لصوص الناقلات هم من يتحدثون عن وجوب حماية الأموال العامة؟ من يصدّق أن من يطالب علانية بتبديد الأموال العامة كبورمية مثلاً بأن يكون سوبرمان قصة الكويت، وأن تكون حشود المؤيدين له أكثر من قوّات تحالف تحرير الكويت؟

من يصدّق أن إعلام الكويت الأول في المنطقة بات يمثله «بوعيدة» و«بوخرشد»؟ وأي عقل ذي خيال جامح ذلك الذي يتقبل أن يطمح الشارع الرياضي الكويتي إلى أن يحقق التعادل، فقط التعادل، مع فريق كان قد هزمه في السابق بثمانية أهداف نظيفة؟ وأي كويت هذه التي يُقسِم بعض أبنائها لمصلحة من طالب بخادمة كويتية تعمل في البيوت في فترة الغزو العراقي؟

كويت معركة الجهراء ضد التشدد الوهابي هي نفسها الكويت التي صوتت لهايف ليمثل الأمة الكويتية؟ كويت فاطمة حسين وأولى المبتعثات إلى الخارج هي نفس البلد الذي يعتدي فيه شباب على طالبات المعهد التجاري لعدم إعجابهم بلباس بعض الطالبات؟ كويت أسرار القبندي ووفاء العامر هي نفس الكويت التي تفرض قانوناً للباس المحتشم على شابات الكويت؟

كويت التعددية والحوار المذهبي الراقي هي نفس الكويت التي تجنّد داخليتها كلها لحماية الحسينيات في محرّم، خوفاً من أن يحدث شيء ما؟ كويت سعد الفرج وعبدالحسين عبدالرضا وحياة وسعاد هي نفس الكويت التي لا تملك مسرحا واحدا؟ كويت عوض دوخي وعايشة المرطة وعبدالكريم هي نفس الكويت التي تقام حفلاتها في صالة التزلج، هذا إن سمح لها النوّاب بإقامة الحفلات أصلا؟

الكويت التي يقطن ساكنوها على 6% من أراضيها فقط هي نفسها التي تمنح أبناءها أراضي بحجم 350 مترا مربعا بعد 15 عاما من زواجهم؟ كويت يوسف بن عيسى الجناعي عميد التعليم هي نفسها الكويت التي فيها جامعة حكومية واحدة في 2009؟

أي قصة هزلية سخيفة تلك التي جعلت كل الخيال واقعاً، مازلنا نعيشه ونشاهده أمام ناظرينا يوماً بعد يوم؟

سامي النصف

شهادات دون كفاءة أو ذكاء

لم يكن الشيخ مبارك أو الملك عبدالعزيز أو الآباء المؤسسون للكويت الحديثة من أصحاب الشهادات العليا التي يسبقها حرف الدال إلا أنهم كانوا كما يشهد التاريخ عظماء وحكماء وأذكياء ومنجزين، والمستغرب ان الكويت لم تتعرض لوابل من النكبات المتواصلة إلا عندما سلمت أمورها لأصحاب الشهادات التي لا يعلم أحد كيف تم الحصول عليها وممن لدى حامليها نرجسيات مرضية تؤمن بأن ما تراه هو الحق كله وما يراه الآخرون هو الباطل كله.

والكويت بلد صحراوي يقوم بقاؤه ووجوده على مداخيل النفط واستثمار الفوائض النقدية اللذين هما بمثابة الشرايين التي تغذي القلب بالدماء فإن توقفا توقفت القلوب وماتت الأوطان.

كانت لنا فيما سبق أحاديث عديدة مع مختصين كبار في شؤوننا النفطية ممن كانوا يعترضون بشدة على ما كنا نقوله ونكتبه من حتمية انخفاض أسعار النفط مع قرب وصول الديموقراطيين للحكم في أميركا وكانت حجتهم التي يرددونها دون تفكير ان الطلب من الصين والهند سيمنع انخفاض سعر البرميل سنتا واحدا عن 100 دولار وان الطريق المتاح هو الارتفاع والمزيد منه.

من جانب آخر مازلت أذكر دكاترة ومختصين في الاقتصاد كانوا يختلفون معنا كذلك فيما نقوله ونكتبه من خطأ ما يحصل في احدى دولنا الخليجية وحقيقة استحالة نجاح مثل تلك المشاريع «الكونكريتية» الضخمة التي لم تقم بها الدول المتقدمة شديدة الثراء، وافرة السكان معتدلة المناخ، ومازلت أذكر كلمات أحد دكاترة ومسؤولي الاقتــــصاد وهو يقــول لي معتـــرضا «ليتنا نعمل ولو جزءا مما عملته تلك الدولة».

إن الأمر المرعب والمخيف وقد تقلصت الموارد وقارب الضرع على الجفاف ولم نعد في وضع يسمح بأخطاء فادحة مرة أخرى، ان أمثال هؤلاء من أصحاب الشهادات والتسميات دون ذكاء أو حكمة أو كفاءة مازالوا في مواقعهم ومن ثم فالكويت مقبلة على سقطات وكوارث مستقبلية بشكل حتمي ولن تسلم الجرة في كل مرة، فمن «طافت» عليه القضايا الكبرى سالفة الذكر «سيطوف» عليه بالقطع ما هو أقل منها.

آخر محطة:
شكوى محقة من صديق يطالب فيها بأن يتوقف رؤساء الأندية الرياضية والاتحادات عن الجلوس على مقاعد اللاعبين ثم النزول بعد ذلك للملاعب للاختلاف مع الحكام وتعطيل اللعب، حقا هل رأى أحد مثل هذه الظاهرة الفريدة في أي دولة من دول العالم الأخرى؟!

احمد الصراف

مسيحيو فلسطين.. و«حماس»

مقالي عن مسيحيي الشرق أثار شجون الكثيرين، وخاصة من خلال تعليقات القراء في «القبس» وعلى موقع «شفاف الشرق الأوسط» المميز. وقد أرسلت سيدة فلسطينية رسالة حزينة قالت فيها ان مسيحيي فلسطين لم يقصروا يوما في العمل الوطني، بكل أشكاله. ولكنهم، ومنذ فترة، وهم يعانون من «حماس»، حتى قبل ان تصل الى السلطة. فهي تهدد وجودهم وتطالبهم بارتداء الحجاب، ولو بطريقة غير مباشرة، ولكن باستفزاز.
وتجرأ البعض من رجالها وطالبنا بالتحول الى الإسلام. كما ان المسيحي الفلسطيني يعامل كمواطن من درجة أدنى، وأحياناً تقوم «حماس» بالحد من حرية تحركهم. وتقول انهم تألموا كثيرا عندما شاهدوا الوفود العربية الأخيرة تتوجه الى «حماس» والمساعدات للمسلمين والمطالبات جميعها لإنقاذ حياة الشيخ المسلم والطفل المسلم والمرأة المسلمة، وكأن لا أحد غيرهم هناك، أو كأن قنابل اسرائيل تفرق بين الفلسطينيين المسلم والمسيحي!
وهذا صحيح، فحماس وجمهرة مؤيديها في العالم العربي، لا يعترفون بمن لا ينتمي الى خطهم السياسي من المسلمين، فكيف نتوقع منها اللطف بمسيحيي فلسطين الذين سيكونون أول ضحايا تسلمهم السلطة المطلقة، ان حكموا كل فلسطين يوما؟! وما اقترفوه من اجرام بحق «اخوتهم واشقائهم» من مؤيدي «فتح» فور تسلمهم السلطة في غزة قبل أشهر قليلة، خير دليل!
ويقول الزميل عبدالرحمن النجار في مقال له ان مسلسل ضحك الأحزاب الدينية في الكويت وغيرها على الذقون مستمر، فسفر مجموعة من نواب هذه الأحزاب الى دمشق لتهنئة زعامة «حماس» بالنصر، يصب في هذا الاتجاه. فهؤلاء هم الذين سبق ان روجوا لمعجزات الأفغان في حربهم مع الروس وانتصاراتهم الوهمية، وكيف أن روائح الطيب كانت تنبعث من جثث قتلى المجاهدين، وعكس ذلك من جثث خصومهم من الروس الكفار!
وفي تعليق آخر، أرسله صديق من مسيحيي العراق، ومن عقولها الكبيرة، التي فضلت الهجرة الى الغرب، أن من الأفضل كثيرا لمسيحيي الشرق مغادرة أوطانهم، فما عانوه حتى الآن على أيدي متخلفي المسلمين وغلاتهم يكفي! فالكثير من الخراب والقتل والتشريد قد حل بهم وبأملاكهم وبقياداتهم الدينية، وأن هناك جهات فعالة تسعى الى دفعهم للهجرة طيبا أو قسرا.
ويستطرد قائلا إن هذه الطريقة في التعامل مع المسيحي الشرقي، والعربي بالذات، ستكون لها ردات فعل قوية مستقبلا من أميركا والاتحاد الاوروبي. وان أوضاع المهاجرين المسلمين في الغرب ستكون محل تساؤل قريبا هناك، ولا يستبعد ان يتخذ الغرب اجراء ما ضد مسلمي دولهم، قد يكون بينها خيار إعادة الكثيرين منهم الى أوطانهم الأصلية، ان استمرت عمليات تهجير مسيحيي الشرق من بيوتهم وقراهم ومدنهم، كما هو حاصل في عدد من دول الشرق الأوسط العربية وغيرها وباكستان. فالمواطن الغربي ليس غبيا ولن يستمر تسامحه إلى الأبد!
***
ملاحظة: قبض على عراقي، بعد معركة تحرير الكويت عام 1991 وهو يجمع الأموال من أجل أميركا، وعندما أصبح أمام صدام وسأله عن تصرفه، قال: سيدي، والله أميركا كسرت خاطري، قلت أجمع لها تبرعات، فاذا احنا المنتصرين هيجي حالتنا، اشلون حالتها وهي المنهزمة؟!

أحمد الصراف