محمد الوشيحي

الشفط الشرعي

عندما كان الوزير أحمد باقر نائبا، كان يرتدي القميص رقم أربعة ويلعب في مركز الظهير القشاش ويقاتل ضد أي هجمة يشنها المطالبون بإسقاط فوائد القروض. كان يشتت الكرة، ويسقط على أرض الملعب، ويتمارض لإضاعة الوقت، وكنا نبكي كلما شاهدنا دموعه المتناثرة خوفا على المال العام. وفي آخر المتمة أطلق علينا فضيلته فتوى لا تصد ولا ترد بحرمة إسقاط القروض، فارتاع الناس. وكنا نصرخ بطول حبالنا الصوتية: «دعوا الدين جانبا وناقشونا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا»، فيرد فريقه: «تبا للعلمانيين، إذا حكى الشرع الكل يأكل…».

واليوم، ويا سبحان الخالق، يسعى التجمع السلفي زات نفسو إلى اسقاط فوائد القروض، ويصمت الظهير القشاش عن الكلام المباح، ويمتنع عن استفتاء المشايخ بشأن شرعية الأمر رغم فداحته، بل أكثر من ذلك، وكما علمنا، (وهنا هات أذنك وأنا أخوك) سيتولى هو بنفسه اقناع الحكومة بالموافقة على اسقاط فوائد قروض المواطنين لتحييد نواب المناطق الخارجية في مقابل دعم شركات الاستثمار، ولهذا تشاهدون الآن بعض نواب الخارج يتسابقون على التصريحات: «لا تنسوا قروض المواطنين»، قال يعني شاغلتهم المسألة.

الصوت ارتفع هذه الأيام بشأن حكاية «تسليك عدد من النواب» من أجل تمرير مشروع دعم الشركات الاستثمارية، والمبلغ المطروح الآن هو سبعة مليارات دينار، وهو مجرد «فتح الباب»، والرقم الحقيقي الذي يسعى إليه البعض يصل إلى الضعف تماما، أربعة عشر مليار دينار، وقد لا يتوقف قبل بلوغ الثلاثين مليار دينار! ويا للهول، على رأي يوسف وهبي، بينما لا تتجاوز فوائد قروض المواطنين مليارا وأربعة ملايين دينار. ولاحظ الفرق واشرب الشاي وتذكر مناف، وتذكر أن السلف أتقياء لا يأخذون شيئا إلا باليد اليمنى وفي اتجاه القبلة، وبسم الله والله أكبر.

وفي جلسة الشاي، حاول أن تطالع كشوفات الشركات الاستثمارية وأسماء ملاكها وحجم خسائرها لتعرف سبب حماسة فضيلة النائب المتدين خالد السلطان لاسقاط فوائد قروض المواطنين… افتح عينك يا صاحبي على أقصى اتساعها وراقب السلف هذه الأيام، وستهوى امرأة يا ولدي عيناها سبحان المعبود، فمها مرسوم كالعنقود، ضحكتها أنغام وورود… يا ولدي.

* * *

رائحة عطبة تعمي العيون هذه الأيام، تذكرنا بأيام حل المجلس بطريقة غير دستورية، وتذكرنا بديوانيات الاثنين التي تنشر جريدة «الجريدة» مسلسلا توثيقيا لأحداثها، وهو عمل جبار يستحق عليه الزملاء الشكر… ويبدو أن الصورة ذاتها ستتكرر كما تعتقد قارئة الفنجان السياسي، وسندخل النفق مرة أخرى، والمهم هنا أن نراقب مواقف الوزراء بعد الحل، مَن منهم سيستقيل ويقف إلى جانب الشعب ومن منهم سيبيعنا حرصا على مصالحه الشخصية. راقبوا وأمعنوا… لا قدر الله.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *