محمد الوشيحي

كلنا حدس

الحكومة لا تستطيع المشي مثل الناس، بل لا تستطيع أن تخطو خطوة واحدة دع عنك المشي. لماذا؟ لأن في رقبتها خيشة من المشاكل، وعلى كتفيها صندوق ثقيل من العُقد، وفي رجليها قيد حديدي من الخوف والارتباك، لا أراكم الله مكروها في عزيز! كلمة «بخ» واحدة يقولها أي من المارة كفيلة بتدخل المطافئ والإسعاف ونادي الساحل لإنقاذ الحكومة المغمى عليها.

حدس لم ترتكب جناية ولا جنحة عندما قررت استجواب سمو الرئيس. الجناية هي عدم احترام الدستور الذي يجيز استجوابه، رغم القسم على احترامه. هذه هي أم الجنايات. ولا أفهم كيف يخالف نواب السلف وهم المتدينون الزهاد القسم الذي أقسموه ويرفضون استجواب الرئيس، وهو قسم لو يعلمون عظيم، جزاهم الله خيرا.

والسلف تجمع سياسي على كفالة أحمد باقر وولي عهده خالد السلطان، يقودانه كما يقود شيوخ القبائل في إفريقيا قبائلهم، «لا رأي إلا رأينا، لا صوت فوق صوتنا»، بينما حدس تيار منظم له قوانين ولوائح. يرفض مبارك الدويلة الاستجواب ويرفض معه الدكتور محمد البصيري، ويرفض آخرون؟ على العين والرأس، اشربوا الشاي وانتظروا التصويت. وهنا الفرق.

«استجواب حدس ليس من أجل المصلحة الوطنية بل بسبب الداو، ولأجل تحسين سمعتها»، طيب، هذا يعني أنه استجواب سياسي قح، لا طائفية فيه. فما الذي يمنع الرئيس من صعود المنصة؟ وإذا كان النائب صالح عاشور، وهو أحد أكثر عشاق الوطن والوحدة الوطنية، يظن أن هناك اتفاقا سريا بين حدس والحكومة لحل البرلمان وتمرير الصفقات، فهذا يعني أن الحكومة ورئيسها وحدس خونة لا يؤتمنون، كما نفهم من كلامه، وبما أن عاشور لا سلطة له على حدس فليمارس سلطاته على «الخائن» الآخر، وهو الحكومة، وليعلن الآن احترامه للدستور، وسواء أعلن هو ذلك أم لم يعلنه فلن يجف ضرع عنزة تائهة.

طيب يا عاشور، حدس والحكومة لصوص وخونة كما تظن، فماذا عن النائب أحمد المليفي الذي يجلس واضعا رجلا على رجل وروزنامة العجيري في يده، ومع إشراقة كل شمس يقطع ورقة ويعد الأيام: عشرة تسعة ثمانية…؟ وماذا عن التكتل الشعبي الذي يكمن خلف الجبل يسن سيوفه ويسرج خيله استعدادا للحرب الكبرى التي سيعلنها إذا أقرت الحكومة ضخ المليارات لأصحاب الشركات؟ وماذا عن النائب فيصل المسلم وقضية «إعلام الرئيس»؟ المشكلة واحدة في كل الحالات يا عاشور: الرئيس لا يريد أن يحترم المادة (100) من الدستور، وأنتم تشجعونه على ذلك.

وقالها دميثير، ودميثير صادق، وما أوضح هذا الرجل وأجمله: «بطّوا الدمل يا حكومة». وما لم «تبط الحكومة الدمل» فستنهار الدولة أكثر من انهيارها هذا من أجل أن يستمر الرئيس في منصبه وديوانه! واليوم… كلنا حدس.

❊ ❊ ❊

قضية دخول الفلسطيني الخبيث جبريل الرجوب تختلف كليا عن قضية دخول باقر الفالي، فالفالي يمثل نفسه، وكان ممنوعا من دخول البلد من الأساس وحصل على استثناء للدخول، أي أن القانون تم كسره، بينما الرجوب يمثل اللجنة الأولمبية الفلسطينية، وهو غير ممنوع من دخول البلد، أي أن القانون لم يُكسر، وهو سيأتي للكويت لأن مقر المجلس الأولمبي الآسيوي فيها… هذه هي النقط والحروف، وحط النقط فوق الحروف خلنا نشوف خلنا نشوف، رحم الله طلال مداح.

سامي النصف

أمة انتحارية

أمران وددت لو يتم التطرق لهما في القمة الاقتصادية المقبلة في القاهرة نظرا لتأثيرهما السلبي على مشاريع التنمية العربية أولهما الحروب المتواصلة على الأرض العربية التي تهدم كل ما يبنى، وثانيهما الزيادة السكانية الرهيبة التي يعاني منها وطننا العربي الكبير والتي تجعله في عوز شديد للمال والحاجيات الأساسية.

نشرت جريدة «الخبر» المصرية نص الحوار الذي دار بين الوزير د.المصيلحي ومواطن لديه 13 ولدا ونصيبه من العيش رغيف وانه أرسل إليه 30 شكوى لم يرد عليها، وكانت إجابة الوزير الحكيم بسؤاله: «هل أنا جبت هؤلاء العيال أم أنت؟» وأضاف:كيف لنا ان نطور التعليم والصحة والإسكان وندعم قضايا التنمية ونقضي على الفقر ونحن لا نستطيع التحكم في نسلنا وعدد أولادنا؟

إن مشكلة زيادات السكان الكارثية تعاني منها أوطاننا العربية من الخليج الى المحيط واحدى المظالم التي تحدث ان من يكثرون النسل يستولون دون وجه حق على أموال شركائهم الآخرين في الأوطان، نظرا لتكفل الأموال العامة ـ لا أولياء الأمور ـ بعمليات تعليم هؤلاء المواليد الكثر ورعايتهم صحيا وسكنيا وتوظيفهم ثم الصرف عليهم في سجون الأحداث والكبار عند ارتكابهم الجرائم بسبب ضعف التربية.

ولتبيان حجم المشكلة في أكبر دولة عربية وهي مصر ولحقيقة انها الوحيدة التي تحتفظ بإحصائيات سكانية تمتد لأكثر من قرن ونصف قرن كنا قد ذكرنا في احد مقالاتنا السابقة ان عدد سكان مصر والدنمارك عام 1880 كان 5 ملايين لكل منهما وأصبحت مصر الآن 80 مليونا، بينما بقيت الدنمارك على 5 ملايين وسيتضاعف عدد سكان مصر على رقعة الأرض نفسها خلال الفترة الممتدة الى 2050 بينما تبقى الدنمارك على عدد السكان نفسه وهو أمر مشابه لأوضاع باقي الدول المتقدمة التي تتناقص أعداد شعوبها فتتحول من الثراء الحالي الى الثراء الفاحش مستقبلا بينما تتحول دولنا من الفقر الحالي الى الفقر المدقع مستقبلا.

قرأت قبل مدة كتابا مهما كتبه محمد علي علوبة باشا عام 1942 تحدث فيه باستفاضة عن كارثة التزايد السكاني آنذاك في مصر، حيث وضع جدول مقارنة تبين من خلاله ان نسبة المواليد من السكان عام 1937 كانت في مصر (44) لكل ألف وهي الأعلى في العالم، ثم الهند (34)، وألمانيا (18)، وأميركا (17)، وفرنسا (14)، كما أظهر ان عدد سكان بريطانيا وفرنسا كان 42 مليونا لكل منهما وعدد سكان مصر 16 مليونا إلا أن عدد مواليد مصر آنذاك كان 704 آلاف في العام الواحد، بينما لا يتجاوز عدد مواليد بريطانيا وفرنسا 600 ألف طفل.

آخر محطة:
أمل الأمة العربية الوحيد هو السلام والحد من القنبلة السكانية، وفي المقابل دمار وإفقار الأمة هو بالحروب والتكاثر السكاني، المؤسف ان أمتنا الانتحارية تعمل بجد للأخذ بالخيارين الأخيرين وتترك الخيارين الأوليين، قلة حكمة.

احمد الصراف

معجزة الجوائز والتفاح

تصاحب الأزمات المالية عادة زيادة كبيرة في عدد المحتالين وتنوع طرق احتيالهم، وتصاحب زيادتهم في الوقت نفسه زيادة في عدد السذج، أو حتى العقلاء، الطامعين في جني ربح سريع يمكنهم من الخروج من أزماتهم المالية التي تحتاج الى معجزة. وفي جميع الأحوال تبدو الغالبية العظمى على غير استعداد للتوقف والسؤال: هل هناك حقا من هو على استعداد لأن يعطي شيئا مقابل لا شيء؟ الجواب: لا كبيرة، وال «لا» هذه تشمل حتى المحسنين الحقيقيين، فهؤلاء إما يبحثون عن المردود النفسي الدنيوي أو الأجر الأخروي! فعدد من وقع في حبائل عمليات النصب النيجيرية والاسبانية لا شك كبير، وأقول ذلك من واقع ما كان ولا يزال يردني أسبوعيا، عبر البريد العادي والانترنت، من رسائل تحتاج الى درجة كافية من الغباء لتصديق مضامينها، ومع هذا لا يزال سوقها رائجاً، مما يعني أن هناك دائما من هو على استعداد لتصديق أي شيء، ولو كان حلما واهيا!
وعلى الرغم من براعة النيجيريين والاسبان في هذا النوع من النصب والاحتيال، فان دولا عديدة أخرى دخلت على الخط، وأصبح ما يرد منها أكثر حرفنة ودقة بحيث يصعب حتى على العاقل عدم تصديق ما يرد بها من عروض مغرية، ولكن الكثيرين لا يودون تصديق أنThere is no free lunch!
تسلمت في الأسبوع الماضي رسالة تحمل شعار الملكة اليزابيث وصادرة عن قصر باكنغهام تقول إن «مؤسسة الملكة الخيرية»، كدأبها كل عام، خصصت مبلغ 500 ألف جنيه إسترليني لتوزيعها على 28 جهة، منها 14 خيرية، وما يماثل ذلك العدد من الشخصيات المميزة في مجالها. وأنه تم اختياري لإنجازاتي الصحفية ولإسهاماتي في حقل «حقوق الإنسان»! وأن جهات «دبلوماسية» في الكويت هي التي رشحت اسمي لنيل الجائزة(!). وطلب مني مرسلو الكتاب تزويدهم برقم حسابي في فرع مصرف بريطاني محدد، وذكروا اسم الفرع الذي أتعامل معه وعنوانه الكامل!
أثار الكتاب فضولي، علىالرغم من ثقتي التامة بأن كل ما ورد فيه كذب بواح صراح نواح. بعد البحث الذي لم يستغرق طويلا، تبين لي أن هؤلاء النصابين والمحتالين قد وصلوا الى درجة عالية من الحرفية في النصب، حيث عرفوا بأنني كاتب صحفي وسبق لي أن سكنت في بريطانيا، وأن لي علاقات طيبة مع السفارة البريطانية، وأنني أتعامل مع فرع مصرف بريطاني محدد بالاسم، والأغرب من ذلك أنهم بذلوا جهدا في دراسة مقالاتي، واكتشفوا أنني سبق ان كتبت عن موضوع حقوق الإنسان، وهذا جهد لا يمكن أن يقوم به شخص بمفرده!
كدت أصدق، إلى درجة 1% محتويات الرسالة، وقررت الاتصال بالسفارة البريطانية لنفي ما خالجني من شك، ولكني لم أقدم على ذلك بعد قيامي بقسمة مبلغ الجائزة البالغ 500 ألف جنيه على 28 جهة فتبين أن نصيب كل فائز سيبلغ 14/ 857 17 جنيها إسترلينيا، وهذا مبلغ غريب لا يمكن تصديقه، ولا يمكن أن تتبرع به الملكة لشخص مثلي! وبالتالي شطبت الرسالة وذهبت الى فراشي، وعندما قمت صباح اليوم التالي من النوم، اكتشفت أنني لم أحلم بالجائزة، ولا بأنني ثري ولا بمراسم منحي الجائزة في قصر باكنغهام، لأنني ثري أصلا وسبق أن دخلت القصر كزائر، ولم أهتم بمقابلة الملكة، لأنها لا تصافح أحدا بغير قفاز يد، وهذا ما لا أستسيغه من أي سيدة!
ننصح الجميع بعدم الرد على هذه الرسائل أو تزويد مرسليها بأي معلومات أو الاتصال بهم هاتفيا أو حتى الرد على مكالماتهم الخارجية، لأن الاتصال بهم مكلف والرد على مكالماتهم مكلف أكثر لوجود اتفاق بينهم وبين شركات هاتف معينة على نسبة معينة من قيمة كل مكالمة، ولو كانت بضعة دولارات بسيطة، أو تحويل 20 دولاراً لتكملة المعاملة، فكل ما يطلبه هؤلاء هو القليل جدا من كل غافل لتكون حصيلتهم في نهاية اليوم كبيرة من عدد كبير من المغرر بهم.
نعود ونكرر انه ليس هناك من يدفع مقابل لاشيء، وليس هناك من يرغب في أن تثري «أنت» بالذات دون غيرك من سكان العالم، الذين سيصل عددهم الىسبعة مليارات إنسان خلال 10 سنوات. فمن باع «الترام» والأهرامات في مصر قبل 70 عاماً لا يزال قريبه يعيش بيننا، يحاول بيع الأمل نفسه لطامحين أو طامعين آخرين بثراء سريع!
وبهذه المناسبة أتذكر قصة رجل الأعمال المعروف الذي أجرت معه صحافية مقابلة وسألته عن الكيفية التي جمع بها ثروته، فقال لها انه كان فقيرا جدا وشعر في يوم ما بجوع شديد، ولم يكن يملك غير نصف دولار وقتها، فاشترى تفاحتين ولمعهما بفركهما بقميصه الرث وذهب الى حي المال وعرضهما أمام أحد المصارف وباعهما خلال وقت قصير بدولارين محققا 300 % ربحا. ثم ذهب واشترى ست تفاحات وفعل الشيء ذاته، وباعها بعشرين دولارا، واستمر على ذلك المنوال لفترة طويلة.. وفجأة مات والد زوجته المليونير فورث وزوجته ثروة كبيرة منه، ومن تلك الثروة كون امبراطوريته الحالية! وقال لها هل صدقت أن بيع التفاح كان سيجعل مني ذلك الرجل المعروف في الحي المالي الآن؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الزراعة في البحرين… الملف المهمل!

 

على مدى عشرين سنة الماضية، تعرضت الأراضي الزراعية في البحرين إلى تدهور شديد بسبب تقلص المساحات المزروعة على رغم وجود قانون ينظم العمران فيما يسمى بالحزام الأخضر، أي الأراضي التي يمكن اعتبارها مصدرا للأمن الغذائي، لكن، والقطاع الزراعي لايزال يشهد تدهورا متزايدا، هل تملك الدولة، ممثلة في الشئون الزراعية بوزارة شئون البلديات والزراعة استراتيجية عمل واقعية لتحويل هذا القطاع المتدهور إلى قطاع منتج يمكن أن يسمى حقيقة «ثروة زراعية»؟

لنأخذ تجربة دولة الكويت الشقيقة، التي تمكنت من مواجهة التصحر ومحدودية الأراضي الزراعية المنتجة وفقا لطبيعتها الجغرافية الصحراوية من خلال خطة التنمية الزراعية المستدامة إلى تحويل مساحة تزيد على 12 ألف دونم بمنطقة الوفرة، إلى منطقة إنتاج زراعي تمثل نحو 26,5 في المئة من إجمالي مساحة الأراضي المزروعة بالخضراوات والمحاصيل فى الدولة، وبلغ عدد مزارع الوفرة قبل الغزو 634 دونما بمتوسط مساحة للمزرعة الواحدة تبلغ نحو 98 دونما، كما بلغت الأراضي المزروعة فى منطقة العبدلي نحو 26337 دونما تمثل 55,7 فى المئة من إجمالي مساحة الأراضي المزروعة.

وخلاف دولة الكويت، يمكن القول إن الخيارات المتاحة في بلادنا أكبر، على رغم مشكلات تملح التربة ونقص المياه الجوفية التي أوجدت لها المياه المعالجة بالأوزون حلا عمليا ناجحا، بالإضافة إلى ارتفاع كلفة الإنتاج من دون دعم من الدولة، وبحسب الباحث عبدالحميد عبدالغفار في دراسته: «البدائل المثلى للتشجير في البيئة المحلية»، فإن معدل التحصر العام في البحرين بلغ نحو 40 في المئة في العام 2003، وقد تباينت من منطقة لأخرى، فبينما بلغ في منطقة الحزام الأخضر نحو 60 في المئة، بلغت 98 في المئة في منطقة بوقوة، بينما لم تتعد 20 في المئة في منطقة باربار، لكن الحقيقة المؤسفة هي أن إجمالي المساحة الخضراء لا تتجاوز 6 في المئة من إجمالي مساحة البحرين، أي نحو 3800 هكتار فقط، منها 1483 هكتارا زراعات موسمية، و 1682 هكتارا زراعات دائمة.

وضع الزراعة المتدهور في البلاد لا يمكن أن يبقى «ملفا مهملا» ونحن نعيش في بلد أحوج ما يكون للأمن الغذائي، ولعل وزير شئون البلديات والزراعة جمعة الكعبي، يدرك ما تمثله أهمية الإنتاج الزراعي وإعادة تأهيل القطاع الزراعي في البلاد من خلال اهتمامه -كما يقول المسئولون في الوزارة والمزارعون أيضا- بفتح ملف هذا القطاع، ولعلها بارقة أمل في أن تتحرك الدولة لإحياء ثروتها الزراعية.