سامي النصف

هل تحل القضية الفلسطينية؟!

للسيناتور جورج ميتشيل قول شهير هو أنه لا توجد مشكلة في التاريخ غير قابلة للحل، فالمشاكل يخلقها البشر والمشاكل يحلها البشر كذلك، وقد نجح ميتشيل في حل المشكلة الايرلندية الصعبة التي تتشابه في كثير من جوانبها مع القضية الفلسطينية حيث يعتقد الايرلنديون الكاثوليك بأن مشكلتهم ليست دينية أو مذهبية بل عرقية استيطانية حيث ان الايرلنديين البروتستانت هم مهاجرون قدموا من اسكتلندا واستوطنوا ارضهم بمساعدة الانجليز.

وبينما يؤمن هنري كيسنغر بطرق الحديد ساخنا اي ان طريق السلام كحال كامب ديڤيد يجب ان يمر عبر حروب تقنع الطرفين بفائدة السلام، يرى ميتشيل العكس من ذلك اي ضرورة ان يسود الهدوء ووقف اطلاق النار حتى يمكن للاطراف المعنية ان تركز على عملية السلام، ويشترك ميتشيل مع كيسنغر في الايمان بمبدأ «الخطوة خطوة» اي التدرج في حل المشاكل ومبدأ «اللي فات مات» اي عدم جدوى العودة للماضي أو لوم هذا الطرف أو ذاك.

ولا ارى شخصيا اختلافا كبيرا بين لجنة ميتشيل الحالية وجميع اللجان الملكية البريطانية التي زارت فلسطين منذ عام 1917 حيث كانت جميعها تسمع وجهة نظر واحدة من الطرف اليهودي ووجهات نظر عديدة ومتناقضة من الطرف الفلسطيني حيث كانت فلسطين منقسمة بين آل الحسيني وآل النشاشيبي وكانت المجموعة الاولى تزايد بالرفض واعلاء سقف المطالب على الثانية مما افشل عمل كل اللجان وكان بعضها متعاطفا بالفعل مع الجانب العربي كلجنة بيل عام 1937.

لقد تخلت امم الجبارين امثال الانجليز والالمان واهل اليابان عن خيار الحروب، لذا بودنا ان نترك كمسلمين وعرب وفلسطينيين ذلك الخيار المدمر الذي لم نفلح فيه ونتوجه لخيار السلام والتطبيع الحقيقي وألا نسمح لأحد بأن يزايد علينا في قضيتنا أو ندفع دماءنا رخيصة لحروب وكالة مع الآخرين.

ان جميع المشاكل العالقة قابلة للحل، فعلى الجانب العربي يمكن استبدال طلب عودة جميع اللاجئين وهو طلب استحالة بمشروع تعويضهم فكثير من دول العالم لديها مهاجرون ومغتربون بالملايين في الخارج وفلسطين لن تكون استثناء من ذلك، اما الاماكن المقدسة كالمسجد الاقصى وكنيسة القيامة وحائط المبكى فسيشرف عليها اهل كل ديانة على حدة، ويمكن للقدس الغربية بعد ذلك ان تصبح عاصمة لاسرائيل والشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية التي طال انتظارها.

آخر محطة:

يقول البعض لماذا نتنازل ونحن الطرف الاقوى في المعادلة العربية ـ الاسرائيلية؟ وقد يظهر الواقع العكس من ذلك حيث فشل العرب والمسلمون معهم في تغيير قانون المطبوعات في دولة صغيرة هي الدنمارك بينما استطاعت اسرائيل ان تجعل الدول الاوروبية الكبرى تتسابق لتغيير تشريعاتها لمنع رفع القضايا على القادة الاسرائيليين، ان تلك القوة الاسرائيلية يمكن ان تكون لنا لا علينا لو بدأنا للمرة الاولى نفكر في متلازمة «ربح لنا وربح لهم» بدلا من المعادلة المستحيلة، أي «كسب لنا وخسارة لهم». تسمى القضية الفلسطينية بـ «قضية الفرص الضائعة» ونرجو بحق ولأجل اجيال العرب القادمة ألا نضيع فرصة تحقيق السلام هذه المرة كونها قد تكون الاخيرة.