ليس عصيّا أن يفهم البشر، كل البشر، أهداف نهضة الإمام الحسين(ع)… بعيدا عن صيحات الشرك وعبادة القبور وإثارة الفتنة وشتم الصحابة والتحريض ضد الدولة وضد الطائفة السنية الكريمة وجملة من الادعاءات المعلبة القديمة القديمة المجددة في (معلبات).
تصك آذان التاريخ وتأبى إلا أن تتجدد تلك المقولة العظيمة التي هي أساس نهضة الإمام الحسين (ع): «وإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي… أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».
تلك هي الغرسة اليانعة الخالدة للنهضة الحسينية، نمَت وتفرعت الى قائمة خالدة أيضا من المبادئ: التوحيد، المساواة، العدالة، مكافحة الفساد والظلم، حقوق الإنسان، وغيرها مما نعجز عن حصره في معركة لم تدم أكثر من 3 ساعات عسكريّا، واستمرت وستستمر الى أبد الآبدين إسلاميّا وإنسانيّا.. لتتساقط حولها مقولات صغيرة سخيفة من قبيل انعدام «فائدة» الأمة من هذه النهضة، أو من قبيل الصراع الطائفي البغيض الغائر في عقول ظلامية من قبيل أن من يحيي ذكرى استشهاد الحسين (ع) هم من قتله، فشيعته هم ممن دعوه ثم انقلبوا عليه وخانوه وأسلموه للسيوف والرماح، هو وأصحابه وأهل بيته، ثم هم يبكون ويلطمون عليه اليوم تكفيرا لفعلة أجدادهم الشنيعة، واذا كان هناك من يريد أن يريح قلبه، نقول له إن قتلة الإمام الحسين هم ألوف من المرتزقة، سواء كانوا سنة أم شيعة، حتى لو كان من بينهم جدي السادس والستين وثلاثمئة وألف، فلعنة الله على جدي!
كل ذلك لا يهم أيها الأعزاء، ما يهم هو أن نمتثل لمبادئ عاشوراء ونفتح أبواب العدالة على مصراعيها، في عصرنا هذا وفي زماننا الحاضر وفي بلادنا، ولتفتح المحاكم أبوابها وليأخذ القانون مجراه تجاه ما يأتي:
– إذا كان هناك من استغل ذكرى عاشوراء لتفريق المسلمين وللتعدي على معتقدات الناس واستخدم المنبر لشتم الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين، فليبادر أصحاب النخوة والحمية الغيارى على دينهم ومعتقداتهم في تقديم أولئك (المتجاوزون) الى المساءلة القانونية، كل ما عليهم هو أن يجمعوا الأدلة، والقرائن، ويعرضوها على القضاء، فليس صعبا الحصول على الأشرطة المسجلة والمتلفزة لخطباء الفتنة، من قبل من يدعي حرصه على الدين وعلى تراث الأمة، وليثبت أنه صادق فيما يقول ويتجه مباشرة الى المحاكم… أما إذا عجز أو أعدم الحيلة، فليخرس.
– عاشوراء الحسين (ع) ليست لتأليب المواطنين ضد بلادهم وضد قيادتهم، وليست لإشاعة روح العداء ضد الدولة أو ضد أية طائفة من الطوائف… إذا، سنكون مساندين لكل من يثبت بالدليل أن هناك من الخطباء من تمادى كثيرا وشحن الناس ضد بلادهم وقيادتهم، وبادر بتقديم دعاوى ضدهم، فهذه مسئولية، ومن ينكر كرم الدولة والقيادة في هذه الذكرى، وحرصها على تقديم التسهيلات، فلا يستحق أن يكون طرفا في إحياء الذكرى، فالوطن هو الذي احتضن هذا الإحياء.
وإن لم يكن لديه سوى الهرطقات والشحن المقصود، فليخرس أيضا.
– ينطبق الكلام على أولئك الذين تجاوزوا حدودهم كثيرا كثيرا كثيرا، مع أبناء الطائفة الجعفرية، فمن وصفهم بالكفار والروافض المجوس وبني صهيون، كما فعل ويفعل وسيفعل النائب الشيخ العالم العامل المتفاني لوطنه ولولاة الأمر جاسم السعيدي، أو كما فعل ويفعل وسيفعل من استضافته جهة رسمية – مع شديد الأسف – من دعاة وخطباء، لم يكن لديهم ما يوحدون الأمة به، ولو على الأقل بخطاب صادق عما يجري في قطاع غزة وفي سائر بلاد المسلمين، وصبوا جام غضبهم على طائفة واحدة وأوغروا صدور من حضر محاضراتهم بكلام لا نعتقد أن الدولة ترضى به، وإن رضيت، فما أشدها من كارثة!
من باب الاعتراف بالجميل والتقدير، لم تقصر الدولة إطلاقا في تسخير امكانيات وخدمات وتسهيلات لا يجحدها إلا ناقص عقل سواء لموسم هذا العام أم المواسم السابقة، والفضل لله ولقيادة البلاد، لكن أن يتم التغاضي عن الأفاعي التي تبث سموم الفرقة والطائفية والصراع المدمر للوطن، فالدولة وحدها تعرف كيف توقفهم عند حدهم.