ان هدف اسرائيل الاستراتيجي من حربيها على جنوب لبنان وقطاع غزة هو التخلص من المنظمات التي خطفت جنودها او اطلقت عليها الصواريخ.
والحقيقة هي ان اسرائيل تعلم قبل غيرها استحالة قيام جيش نظامي بتصفية منظومة شعبية لا وجه لها حيث لم تستطع الولايات المتحدة بقوتها وجبروتها ومئات الآلاف من جنودها، وعبر سنوات طوال، القضاء على الفيتكونغ في ڤيتنام او تنظيم القاعدة وحركة طالبان في العراق وافغانستان.
الهدف الاستراتيجي لاسرائيل هو تدمير البنى الاساسية من بشر وحجر لدى اعدائها كي يصرفوا جل مواردهم البشرية والاقتصادية لاعمار ما هدم، ثم تدميره مرة اخرى فور انتهاء تعميره باستخدامه كأهداف لتجارب الاسلحة الحديثة وللتخلص من الذخائر الحية قبل انتهاء مدة صلاحيتها.
لم يترك الاستعمار الارض العربية الا بسبب قيام الانظمة الثورية بمحاربته في الخمسينيات والستينيات.
والحقيقة ان الدول الاستعمارية قررت فور انتهاء الحرب الكونية الثانية الانسحاب سلميا من المستعمرات كونها لم تعد مجدية اقتصاديا مع التزايد الديموغرافي الكبير لشعوب الدول المستعمرة لذا تم اعطاء الهند – جوهرة التاج البريطاني – استقلالها دون طلقة رصاص واحدة ولم يعد هناك سبب للبقاء العسكري في الشرق الاوسط لحماية الطريق الى الهند فبدأت عمليات الانسحاب من فلسطين والعراق ومصر، وفيما بعد انسحبت بريطانيا العظمى من دول الخليج الثرية دون ثورة او جعجعة مما يعني ان جميع الحروب والثورات والارواح التي قامت او فُقدت تحت راية محاربة الاستعمار في الخمسينيات والستينيات كانت جهدا ضائعا ودعاوى زائفة لا فائدة منها.
اصابت حركة التحرر الوطني بمحاربتها مشروع حلف بغداد ومشروع ايزنهاور.
والحقيقة هي كذلك ابعد ما تكون عن ذلك حيث لم يستغل العرب رعب الولايات المتحدة الشديد من الشيوعية والاتحاد السوڤييتي (المستعمر الاول للشعوب) كحال دول اوروبا الغربية وشرق آسيا ممن استفادوا من الدعم الاميركي لاقتصادياتهم وفتح اسواقها لمنتجاتهم وتأمينهم عسكريا ومنع غزو اراضيهم عبر مشاريع الاحلاف العسكرية معهم، ولو قبلنا الانضمام لحلف بغداد كما اقترح داهية العراق والعرب نوري السعيد ومعه كميل شمعون ولم نستمع لنصائح ضباط صغار لا خبرة سياسية لديهم لمنعنا تعديات اسرائيل على دولنا واحتلال اراضينا وتعدي بعضنا على بعض ولمنعنا كذلك حروب 56 وحرب اليمن وحرب 67 والاستنزاف و73 وغزو لبنان 78 و82 و2006 وحرب احتلال الكويت 90 وتحريرها 91 وتحرير العراق 2003، ولوفرنا اموال تلك الحروب واستخدمناها في التنمية.
سبب تأميم قناة السويس عام 1956 هو تمويل بناء السد العالي بعد سحب البنك الدولي والولايات المتحدة عرض تمويله بسبب صفقة الاسلحة التشيكية (الروسية).
والحقيقة ان الاتحاد السوڤييتي تقدم منذ اللحظة الاولى لسحب العرض بتقديم عرض اكثر سخاء وبفوائد اقل لكسب موضع قدم في المنطقة الا ان رغبة العسكر الحاكمين في القاهرة آنذاك في تحقيق اي انتصار بعد خسارتهم السودان دون تقدير للعواقب هي ما تسبب في التأميم والحرب التي تلته والتي جعلت السد العالي الاعلى كلفة في العالم رغم انه لا يأتي ضمن السدود العشرة الاعلى او الاكثر تخزينا للمياه والتي بنيت دون حروب، ودون تأميم لقناة اغلقت بسبب تلك الحروب لما يقارب عشر سنوات في وقت كانت ستعود فيه دون حرب لمصر خلال 12 عاما.
ساهمت حركة التحرر العربية في القضاء على التخلف في اليمن.
والحقيقة ابعد ما تكون عن ذلك فالانقلاب لم يتم على حكم الامام الرجعي احمد، بل على حكم ابنه الشاب المتنور الامير البدر الداعم للعصرنة وحتى لمشاريع الوحدة العربية، ولو لم يحدث انقلاب العسكر لكانت اليمن تحت حكمه شديدة التطور والرفاه فيما هو اقرب لما حدث في امارة ابوظبي او سلطنة عمان من تصحيح الاشقاء او الابناء للمسار الخاطئ لمن حكم قبلهم ولكانت اليمن قد تحولت لليمن السعيد دون ضرب او حرب او تضييع للموارد والارواح.
آخر محطة:
نحتاج لزيارات جديدة لتاريخنا المعاصر بعد ان سادت الاكاذيب صفحات كتبه واخفيت حقائقه المرة عن الشعوب، ومن لا يتعلم من هزائمه واخطاء ماضيه فالارجح او الاكيد انه سيعيد تكرارها.