كلما جلسنا على الرصيف نسترد انفاسنا الغائبة ونمسح عرقنا بعد رحلة غباء طويلة، صرخ في وجوهنا البعض: «ليس الآن»، وعلى رأس هؤلاء الصارخين سعادة الوكيل محمد باقر المهري.
بوصلة سعادة الوكيل لا تحوي سوى اتجاه واحد، الشرق، ولا شيء سوى الشرق. والشرق حرْق. وإن بدأ يظهر «اتجاه الشمال» في بوصلته في الآونة الأخيرة، لكنه شمال يتيم يعيش مع أمه الشرقية. وسعادة الوكيل سيربطنا من أعناقنا وسيستخدم كل حروف وأدوات الجر ليجرنا بها باتجاه مؤشر بوصلته. حيث السادة هناك، ونحن العبيد، ويجب أن نتشرف بأن نكون عبيدهم. وهو الوكيل في الكويت، ونحن الطلبة، وسيصحبنا الوكيل للناظر ليضربنا أمامه.
ويوم السبت، أمس، قرأت في إحدى الصحف تصريحا لسعادة الوكيل هاجم فيه «المتزمتين» وطالب بعودة الفالي، والفالي هو الذي أثبت أن في الكويت براكين قابلة للانفجار، بعكس ما يدّعيه علماء الجيولوجيا، وهو داعية إيراني طيب سريرة، خطبته تقود إلى الصرقعة والطرقعة مباشرة، وإلى الاقتتال الطائفي على مراحل، بالتقسيط المريح، ومن دون كفيل، فقط أحضر بطاقتك المدنية وتعال لتقتل أخاك، شعاره كما أراه «ما أجمل التقتيل في الشوارع، والكبدة والكوارع». متابعة قراءة الكويت تتجه حرقا
اليوم: 25 يناير، 2009
شيء من السياسة والاقتصاد
أغمض عينيك للحظة وتصور ما كان سيحدث لو أن صدام مازال على سدة الحكم في بغداد وهو من قام بالدخول على الكويت مرة ثانية وعاث في البلاد والعباد خرابا ودمارا، ثم تناقلت وكالات الأنباء صور مبانينا المهدمة وأطفالنا القتلى ونسائنا الأرامل وأمهاتنا الثكالى أي إعادة لما حدث عام 90 فهل سيرق قلب الآخرين هذه المرة على مصابنا ودمارنا أم سنجد هناك من سيلوم ـ كالعادة ـ الضحية ويترك الجلاد؟!
وأغمض عينيك للحظة وتصور ما كان سيحدث لو أن منظمة حماس كانت من يتولى السلطة بالضفة الغربية الهادئة الهانئة وأن أبو مازن ومنظومة فتح من كان يحكم غزة وهم بالتالي من اطلق الصواريخ دون حساب لرد الفعل الإسرائيلي وما نتج عن ذلك من تدمير القطاع للمرة الثالثة خلال 3 سنوات (حرب خطف الجندي، حرب طرد الأشقاء والحرب الحالية) وما كانت ستقوله قيادات بعض الدول والمنظمات والأقلام المؤدلجة في محيطنا العربي والإسلامي من أن في ذلك إلقاء للنفس بالتهلكة المحرمة شرعا، وان قيادة السلطة لم تعد مؤتمنة على أرواح الشعب الفلسطيني أو على إدارة القطاع وأن أموال البناء يجب أن تذهب لمن عمّر وحقن دماء المسلمين (أي حماس الحاكمة في الضفة) لا من دمر وتسبب في ازهاق الأرواح (أي بالطبع سلطة أبو مازن الحاكمة في غزة).
وأغمض عينيك وعُد بذاكرتك لعام 90 وتذكر هل رأيت من بعض ساستنا ونوابنا وكتابنا ولو جزءا قليلا من تحركهم الفاعل الحالي ونشاطهم السياسي إبان محنتنا الكبرى واحتلال ارضنا أو حتى إبان تهديد صدام المتواصل لنا أعوام 91 – 2003؟! ثم استمر في قدح ذاكرتك وتذكر هل شاهدت بعض إعلاميينا المؤدلجين والمفوهين من أصحاب البرامج التلفزيونية والندوات مدفوعة الثمن في الأسواق العامة وهم يتصدون ولو لمرة واحدة لفيلق الإعلام الصدامي؟!
ثم افتح عينيك وعقلك وتساءل هل كان اختفاؤهم المشين والمريب عن الدفاع عما يفترض أن يكون وطنهم هو لعدم إيمانهم بالوطن والوطنية، خاصة أن بعضهم لم يخجل ضمن حروب «الوكالة» التي شنها علينا من القول ان ولاءنا لا يتعدى الأرض الممتدة من العبدلي حتى السالمي والنويصيب ناسيا متناسيا أن الولاء لغير حدود الوطن يعتبر في نظر الشعوب والشرائع «خيانة عظمى»، أم أن السبب الحقيقي هو أن الدفاع ضد فيلق الإعلام الصدامي هو جهد مجاني بينما تدر عليهم برامجهم الفضائية والاسواقية المال الوفير الذي يدخرونه لصرفه على حفلات الزواج الأسطورية للأبناء كحال ذلك القيادي الفلسطيني القابع في دمشق؟!
وضمن فوائد فتح الأعين والعقول معرفة أن احدى نتائج الأزمة الحالية هي بدء آلاف الشركات إعادة النظر في مواقع تمركزها في منطقة الشرق الأوسط وإذا كنا أذكياء (ولسنا كذلك) فسنستغل هذه الفرصة التاريخية كي نعرض عليهم كويت المركز المالي الآمنة سياسيا واقتصاديا كبديل مناسب لما هجروه بدلا من ذهابهم للدول الأجنبية، إن الحل بأيدينا متى ما أوقفنا عمليات الشحن السياسي (الماسخة) واهتممنا بقضايا الاقتصاد المفيدة ضمن ثقافة مرحلة ما بعد القمة الاقتصادية في الكويت.
وضعنا في الكويت أشبه بأب يبكي بحسرة وألم على أبنائه الذين يتضورون من العطش والجوع وفي يده اليمنى أكياس خبز وطعام لا يستطيع حملها من ثقلها وفي يده اليسرى أكياس أخرى مليئة بقناني المياه العذبة الباردة، الحكومة لديها الأموال الكفيلة بإعادة الحياة للاقتصاد الكويتي، إلا أنها تمتنع عن ذلك خوفا من غضبة هذا النائب أو ذاك الذي لن يحاسبه التاريخ فيما لو انهار الاقتصاد وأفلست الشركات وأصدرنا شهادة وفاة لحلم كويت المركز المالي بل سيحاسبها.
آخر محطة:
هل أكل الطير لسان الفريق الذي تم تشكيله للتعامل مع الأزمة التي تحولت الى كارثة وفي طريقها للتحول لانهيار كامل للاقتصاد الكويتي؟! لقد قلنا منذ البدء اننا لا نملك الخبرات المحلية القادرة على التعامل مع الأزمة الحالية وبودنا أن نحضر هذه المرة خبراء من كل الجنسيات للتعامل معها وعلى رأسهم كبير الاقتصاديين إبراهيم دبدوب.
الصراع مع الداخلية
ليس خافيا ذلك المَدّ والجَزْر، بين الجمعيات السياسية المنتمية الى خط «المعارضة» وعدد من النواب، وتحديدا كتلة الوفاق الوطني الإسلامية، وفئة من الناشطين الحقوقيين وثلاث صحف يومية بعينها، وعدد من كتابها، وبين وزارة الداخلية…
ذلك المَد يشتد ويصل ذروته في حال وقوع اضطرابات أمنية ومواجهات، أو في حال الكشف عن تفاصيل مخططات أو أعمال مضرة بالأمن الوطني، فتصدر البيانات والتصريحات الصحافية، وتكتب المقالات والأعمدة الصريحة، وتعقد الندوات واللقاءات والمؤتمرات الصحافية، من الجهتين، أما الجَزر، فهو على شحه، لكنه يظهر من خلال لقاءات بعض النواب وممثلي الصحافة مع معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وكبار المسئولين في الوزارة للتباحث في (الحدث)، أو استقبال أهالي معتقلين ومحاميهم للاعتراض على إجراء ما، ولعل الجانب المهم، والذي يغفل عنه الكثيرون، هو استقبال تظلمات المواطنين في مكتب المفتش العام العميد إبراهيم حبيب الغيث، وهو يدير هذا الجهاز (المهم للغاية) والذي يتبع مكتب وزير الداخلية مباشرة، وفي وسع أيِّ مواطن أو مقيم تعرَّض للظلم أو انتهاك الحقوق أن يتقدم بشكواه، ويصر على متابعتها.
وعلى أي حال، لابد من إعادة التأكيد على أنه ليس مقبولا الإضرار بأمن الوطن والمواطن، وفي الوقت ذاته، لا يمكن القبول بانتهاك حقوق أي مواطن أو تعريضه لأيِّ شكل من أشكال القمع والتعذيب والإهانة والاعتقال التعسفي والحرمان من الحقوق التي كفلها له الدستور، وكما طرحنا مرارا في هذه الزاوية، من أن افتعال الاضطرابات الأمنية وأعمال الحرق والتخريب وتعريض الأرواح والممتلكات والقيام بالأنشطة المنافية للقانون والمخالفة لأسس المطالبة السلمية والتغرير بالشباب ودعوات (الموت) البغيضة التي لا تستقيم مع المطالب السلمية المشروعة هو من الأمور المرفوضة رفضا قطعيا، رفضنا في المقابل، أية إجراءات أو ممارسات تصادر حقوق الناس وتحرمهم حريتهم، وتشكك في انتمائهم الوطني وتضعهم في خانة (الخيانة).
لكن لابد من القول، إن هذا الوضع، أي العلاقة بين وزارة الداخلية ومخالفيها من مؤسسات مجتمع مدني وصحافة وناشطين ونواب، لا يمكن أن تجده في الكثير من الدول وخصوصا العربية والإسلامية منها! فعلى رغم اشتداد المواقف في كثير من الأحيان بين النواب والناشطين السياسيين والكتاب الصحافيين وبين الوزارة، فإن قناة اللقاء والتباحث ليست معدومة… حتى مع معالي الوزير شخصيا… وإذا كانت هناك أخطاء وتجاوزات تخالف الدستور والأنظمة، توجد في المقابل وسائل قانونية لابد للأفراد والمؤسسات المدنية أن تفعلها في تعاملها مع وزارة الداخلية، فليس مجديا رفع الأصوات هنا وهناك عن وقوع تجاوزات وانتهاكات من دون أن يتقدم ذلك المواطن الذي تعرَّض لتلك الانتهاكات بقوة، إلى مكاتب المسئولين بالوزارة، ويطالب باستعادة حقه كاملا، وليس مجديا رفع المثل القائل: «إذا كان خصمك القاضي، فمن تقاضي؟».
على رغم اختلاف وجهات النظر بيننا كصحافيين وبين المسئولين الأمنيين في شأن معالجة الأوضاع في البلاد، لكن لا يمكن إغفال الجوانب الإيجابية التي شهدتها الوزارة منذ تولي الشيخ راشد بن عبدالله مسئوليتها، فليس أمرا هيّنا إدانة 23 شخصا من منتسبي الوزارة في شكاوى مختلفة لتجاوزهم لواجباتهم ومساسهم بحقوق الإنسان، وإن من بعض الأحكام الصادرة الحبس، كما يتم إعلام أصحاب الشأن بكل التفاصيل كما أعلن رئيس دائرة الشئون القانونية بالوزارة العقيد محمد راشد بوحمود.
ختاما، وهو لبُّ الحديث قطعا، أودُّ أن أتقدم بالشكر الجزيل – نيابة عن بعض المواطنين – الى المفتش العام على تعاطيه الإيجابي مع القضايا التي أوصلتها إلى مكتبه وحظيت بالاهتمام، وإلى القائم بأعمال مدير عام مديرية شرطة المحافظة الشمالية على سعة صدره وحرصه على استقبال المواطنين المتضررين شخصيا… فمثل هؤلاء المسئولين الأمنيين يشعروننا بأن القنوات مفتوحة ومجدية، وهنيئا لمعالي وزير الداخلية مثل هؤلاء وغيرهم، فهُو، وهُم، من يتحملنا إن شددنا عليهم حينا، وإن توجهنا إلى مكاتبهم حاملين هموم الناس حينا آخر…
شكرا لكل المخلصين