علي محمود خاجه

حسينية الأحمدي

قد يعتقد بعض المتابعين أن ما حدث هو واقعة طبيعية تحدث في أي زمان أو مكان، ولكني أراها بمنظور مختلف، ولكي تتضح الصورة للقارئ العزيز فسأبدأ بهذا التساؤل: كم عدد الحوادث التي تحصل في الكويت شهريا مشابهة لحادثة حسينية الأحمدي؟ بالطبع فإن الحوادث كثيرة ففي الأسابيع الأخيرة مثلا حدث حريق في إحدى المخيمات راح ضحيته سيدة كويتية وأحد أحفادها رحمهما الله، والكثير من حوادث الحريق أو انهيار المباني نتيجة للهدم الخاطئ وغيرها.

ولكن السؤال المهم هو كم عدد الحوادث المشابهة لحادثة حسينية الأحمدي التي سارع وزير الداخلية إلى موقعها كما فعل مع حادثة الحسينية؟ على حد علمي فإن الوزير يتابع الحالات عبر الهاتف هذا إن كانت تستحق المتابعة من رأس الهرم في وزارة الداخلية. إذن فما الذي يميز أنبوب الغاز في حسينية الأحمدي ليجعل الوزير الموقر يهب إليه مسرعا؟

أنا على يقين بأن فزعة الوزير الموقر كانت لسبب واحد لا شيء سواه، هو تخوفه من أن ما حدث في الحسينية هو نتيجة عمل إرهابي منظم وليس حادثا عاديا، وهنا تكمن المصيبة فعلا.

أن يكون لدى وزير معني بحماية الوضع الداخلي (وهو الأعلم بأوضاعنا الداخلية) هاجس قوي بأن هناك عملا إرهابيا من قبل طائفة مسلمة ضد طائفة مسلمة أخرى، فهذا ما يعني أن كيان المجتمع الكويتي في خطر شديد، وأن الشقاق في صفوف هذا المجتمع المسالم قد بلغت أوجها مهما حاولنا تلميع وتحسين الصورة بأننا صف واحد وفريق واحد. وهو ما كنّا نخشاه ونحذّر وحذّر قبلنا الكثيرون منه، لقد أعطينا الفرصة لأعداء الوحدة بأن يزرعوا الفتنة، ففي الأمس «ثوابت الأمة» واليوم نسمع عن «تجمع ثوابت الشيعة» ناهيك عن الرفاعي ومجموعته «وذكّر» وغيرها الكثير والكثير من المجاميع التي لا هم لديها سوى تخطيء الآخر.

أقولها بملء الفم إن ما يحدث اليوم من تفرقة وتدمير للوحدة هو برعاية حكومية متهاونة ومتساهلة مع جميع أطراف التفرقة، وهي تشاهد ما يجري إلى أن يقع ما لا يحمد عقباه.

لا يسعني إلا أن أقول رحمة الله على عبدالله السالم الذي كان سدّا منيعا لأي نفس يشعر به بالتفرقة وتقسيم المجتمع، ونتمنى، مع أننا لا نتوقع، أن يحذو ناصر المحمد حذو الأمير الراحل عبدالله السالم في درء الفتنة.

خارج نطاق التغطية:

جماعة «الإخوان المسلمين» التي تقود الاتحاد العام لطلبة التطبيقي قاموا بنسف جميع قواعد المنافسة الشريفة من خلال تغييرهم لوائح الانتخابات في الهيئة بشكل مضحك، وبتواطؤ واضح من إدارة الهيئة، ولا عزاء للديمقراطية لدى شباب الكويت.

سامي النصف

أهلا بالقادة

أهلا بالقادة العرب في مؤتمرهم الاقتصادي الأول في الكويت الذي هو بمنزلة وصفة أو روشتة جديدة للأمراض العربية المزمنة والخطيرة التي أثبتت التجربة المعيشة ان الروشتات السياسية لم تشفها من عللها بل زادت أمراضها سوءا حتى قاربت الأمة على الموت أو الفناء.

إن أمتنا العربية أمام مشروع «سايكس ـ بيكو» جديد، أطرافه هذه المرة ليسوا من خارج المنطقة بل يعملون من الداخل وتحت رايات براقة مدغدغة يرومون من خلالها تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم وأن نتحول مع بداية هذا القرن إلى رجل العالم المريض ـ كحال الدولة العثمانية بداية القرن الماضي ـ حتى يحل تقطيع أوصالنا وأوطاننا وتوزيعها كغنائم للطامعين.

ويمكن للقمة الحالية أن تكون البداية الصحيحة لنهضة الأمة وتقاربها وتوحدها على أسس اقتصادية سليمة، لذا فالانقسام المؤسف الحالي هو في حقيقته تباين على الأخذ إما بخيار الموت أو الحياة، التدمير أو التعمير، الحرب أو السلام، البقاء أو العدم، الأمن أو الخوف ولا ثالث بين تلك الخيارات المستحقة.

إن دولنا وشعـــوبنا أيــــها القادة هي الرابح الأكبر فيما لو اتفقتم على تفعيل القمم الاقتصادية وأولاها قمة الكويت ومتابعة قراراتها وتوصياتها، كما أن دولنا وشعوبنا هي الخاسر الأكبر فيما لو ابقينا على خلافاتنا الشديدة القائمة على معطى المزايدة ومن ثم تعريض أمننا القومي للخطر.

وضمن مخطط تدمير الأمة ما نلحظه من هجوم شرس على قياداتنا العاقلة وكأن هناك من يريد تحويل دولنا إلى مجموعة دببة أو قطيع أفيال ضخمة الأجساد لا عقل لها تتقاتل وتتطاحن طوال الوقت مما يهدد بقاءها ويتسبب في فنائها وانقراضها، ومن ذلك ما رأيناه من هجوم لا يليق بالرئيس العاقل محمود عباس وقبله الرئيس الحكيم فؤاد السنيورة على أمور لم يقرروها أو يقوموا بها.

إننا في حاجة ماسة لخارطة طريق عربية جديدة تخلق حالة سلام عامة في منطقة الشرق الأوسط الكبير وتشمل جميع الدول الأخرى الشريكة لنا في الجوار كي نحول عداءنا السياسي المتوارث معها إلى تعاون اقتصادي موجب يقوم على معادلة الربح لنا والربح لهم، ويمكن لقمة الكويت أن تكون البداية الحقيقية لمثل تلك الهجمة الاقتصادية التي ستمنع للأبد الحروب والمآسي وسفك الدماء وترسخ في المقابل أسس السلام كما جرى في أوروبا بعد الحرب الكونية الثانية.

آخر محطة:
انفردت أوروبا بحربين عالميتين، ونخشى أننا إذا لم نحقق السلام سريعا في منطقتنا أن تكون الحرب الثالثة من نصيبنا هذه المرة طال الزمن أو قصر.

احمد الصراف

تاريخ لجنة الأسلمة

في مقابلة تلفزيونية طريفة أجراها التلفزيون قبل سنوات مع السيد خالد المذكور، رئيس «اللجنة الاستشارية العليا للعمل على أسلمة القوانين وتطبيق الشريعة الإسلامية»، ذكر بأن اسم «لجنته» يتكون من عشر كلمات، وهذا يجعلها الأطول «تسمية» في الكويت، ويبدو أن طول الاسم جعلها طويلة العمر أيضا، فقد تأسست بتاريخ 2 ــ 12 ــ 1991، وعلى الرغم من مرور أكثر من 6000 يوم عمل عليها وعلى الرغم ايضا من عشرات ملايين الدنانير التي صرفت على رجالها وأعمالها! فإن شيئا مجديا، أو حتى نصف مجد، لم يتمخض عنه جبلها البيروقراطي الكبير الذي بنته حول نفسها.
تحتل اللجنة في منطقة مشرف أرضا كبيرة جدا، وقد أقيم عليها قبل سنوات مبنى فخم زادت تكاليفه على الخمسة ملايين. ويدير اللجنة منذ 18 عاما، من دون توقف أو كلل أو ملل، وفي مخالفة صريحة لقانون الخدمة المدنية، ان السيد خالد المذكور، وهو رجل دين عمل في الإفتاء والتدريس في كلية دينية في جامعة الكويت منذ عقود، قبل أن يتفرغ لرئاسة هذه اللجنة «طويلة العمر». ولم يمنع هذا التفرغ السيد المذكور من المشاركة في الكثير من اللجان «الشرعية الاستشارية» لعدد من المصارف والمؤسسات المالية، التي اكتشفنا فجأة إسلامية عملها، وبعد 1400 عام فقط من بدء الدعوة!! ويتقاضى السيد المذكور مقابل كل هذه الأعمال والمهام، وهذا من حقه، أجورا مجزية، ولكن اعتراضنا ينصب على استفراده بإدارة اللجنة العليا كل هذا الوقت من دون نتيجة حقيقية، وما يشكله وجوده في أكثر من لجنة استشارية لمؤسسات مالية ذات مصالح مالية متضاربة من شكوك في مدى حيادية عمل هذه اللجان «الشرعية» أصلا.
يعاون السيد المذكور في إدارة اللجنة الاستشارية العليا أعضاء آخرون عددهم ستة منهم عميد جامعة وكاتب صحفي يتكرر اسمه في الكثير من المؤسسات الإسلامية، وبعض المستشارين. وعلى الرغم من أن اللجنة العليا لم تتوصل بعد 6000 يوم عمل الى أي شيء يستحق الإشادة غير دراسات مضحكة عن تصوراتها لحل مشكلة المناخ(!) وكيفية القضاء على ظاهرة الأطباق اللاقطة للقنوات التلفزيونية(!!) وبعض الدراسات السطحية الأخرى التي وجدت طريقها لأدراج النسيان بسهولة، ولاشيء غير ذلك، فان أيا من أعضائها لم يتساءل يوما عن مدى حقه في قبض كل تلك الرواتب والمكافآت مقابل القيام بــ «لاشيء»! علما بأن عمل اللجنة ربما يكون أساسا مخالفا لبعض نصوص الدستور التي تحدد الكيفية التي تتم بها إعادة النظر في أي قانون، وليس بينها حتما قناة تأسيس لجنة استشارية عليا تستمر في عملها إلى الأبد لتحقيق لا شيء.
لقد سبق أن تطرقنا في أكثر من مقال لأعمال هذه اللجنة، ولا نزال نعتقد بأن جهودها أصبحت شبه منحصرة في الدفاع عن وجودها وتلميع صورتها عن طريق العلاقات العامة وشراء رضا المسؤولين عنها من أجل التغاضي عن وجودها غير المجدي لكي تستمر استفادة إدارتها اليومية من المزايا المالية والمعنوية التي تحصل عليها، فمعروف أن طاقمها الفني لا يعمل شيئا وعمله محصور ببعض القراءات وكتابة المذكرات التي لا يطلع عليها أي طرف. أما الطاقم الإداري فإن عمل غالبيته ينحصر في الحضور في التاسعة صباحا والمغادرة بعد أداء صلاة الظهر! وقد حاولت على مدى أسبوعين الاتصال بأي موظف كان في اللجنة عن طريق رقم البدالة 25376912 بعد الساعة 30 ــ 12 ظهرا من دون فائدة، فإذا كان موظف البدالة لا يداوم فما بالك بالآخرين؟ والغريب أن لجنة العلاقات العامة المناطة بها مهمة تلميع صورة اللجنة لدى من له علاقة ومن لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب بعملها، بعد دعوتهم لزيارة مبناها للإطلاع على «لا» منجزاتها، ومن ثم توديعها بمثل ما استقبلت به من ود وترحاب مع هدية قيمة يتجاوز ثمنها المئات، وهو ما سبق أن كتبنا عنه، لم يتبرع أحد فيها بنفي أو التعليق على ما ورد من اتهامات في مقال سابق والتي بقيت منذ ذلك اليوم معلقة على رؤوس من يعمل في اللجنة ومن ينتمي اليها!
إن مجلس الوزراء، وفي ظل جفاف السيولة التي تعانيها خزانة الدولة مطالب بإعادة النظر في هذه الهياكل الإدارية غير المنتجة، والتي لا يتوقع منها أن تنتج شيئا لأن وجودها برمته مخالف لدستور البلاد ولدور مجلس الأمة في التشريع وتعديل القوانين وتطويرها، سواء في هذا الاتجاه أو في غيره، وليس في الاتجاه الأوحد الذي توحي به تسمية اللجنة.
كما أن أصحاب الضمير في ما يشبه مجلس إدارة اللجنة، وما أكثرهم، مطالبون برفض ما يصرف لهم من مكافآت منذ سنوات من دون مقابل غير الحضور.

أحمد الصراف