مشكلته أنه لا يحب الجلوس في المقاهي ومشاهدة الناس كما يفعل أبوه، الذي هو أنا، ولذلك أجلسته على فخذي ورحنا، أنا وهو، نتابع قمة الدوحة على التلفزيون، ورحت أشرح له الأحداث: إسرائيل، وأنا أبوك، هي التي جلبت لنفسها المصائب، وهي التي أيقظت المارد من سباته وأخرجته من قمقمه، وأيام وستقرأ أخبار صراعات الورثة في الصحف بعد موت إسرائيل، يا ابني، لطفك يا لطيف.
أكملت حديثي الموجه لـ «بو عزوز» (ابني سعود الذي أصيب بنوبة غرور خبيثة بعدما أكمل عامه الأول قبل أيام): وهذا رئيس إيران، أحمدي نجاد، الذي دُعي للقمة هذه لأنه ينتمي لقبائل عدنان، يعني من ربع مبارك الديحاني، ونحن وأنا أبوك من قحطان، لا جدّ يربطنا به. وأحمدي نجاد، والظليمة شينة، هو أكثر من شتم إسرائيل وأحرق أعلامها، وهو من ضحى بالغالي والنفيس، والغالي هو حزب الله وحماس، والنفيس هو الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيون، وإيران تعطي بيمينها ما لا تعلم عنه شمالها. متابعة قراءة «بو عزوز»… حللها
اليوم: 18 يناير، 2009
إلا مصر
نحمد الله ان على سدة الرئاسة في مصر قيادة واعية حكيمة ممثلة بالرئيس الطيار محمد حسني مبارك، لا تخدع ولا تقبل الانجرار وراء قضايا الدغدغة والانفعال التي تهدف لتوريط الآخرين وإدخالهم في معارك وحروب تدمر مواردهم وتقتل شعوبهم ثم تقوم بالتشفي فيهم بعد ذلك كما حدث عام 67.
ففي 13 نوفمبر 66 قامت اسرائيل باعتداء مدروس على قرية «السموع» بالضفة الغربية قتلت خلاله 18 شخصا وجرحت 125 آخرين وهدمت 125 منزلا، وقد وصف ذلك الاعتداء من قبل الاعلام الثوري آنذاك بأنه أقوى وأكثر فظاعة من مذبحتي دير ياسين وكفر قاسم، وبدأت الخطوة الاولى في الطريق الطويل الذي انتهى بالنكسة الكبرى التي سميت بحرب الايام الستة.
وقد تلقفت الترويكا الثورية المزايدة الحاكمة آنذاك في دمشق ـ والتي أطاحت بها فيما بعد حركة التصحيح التي قادها الرئيس المحنك حافظ الاسد ـ والممثلة بـ «زعين، ماخوس، جديد»، اخبار ذلك الاعتداء لترفع عقيرتها بالصياح وعبارات التهديد والوعيد، ولتعلن بدء حركة التحرير الشعبية لفلسطين والتحول لـ«هانوي العرب» كما ادعت أن إسرائيل تحشد الألوية العسكرية على حدودها استعدادا لدخول دمشق، وقد ثبت فيما بعد عدم صدق تلك الادعاءات.
وقد تفاعلت القيادة الثورية المصرية آنذاك مع تلك الدعاوى الكاذبة في اغلبها دون تفحيص أو تمحيص فسقطت سريعا في الفخ المنصوب لها، وقد كشفت فيما بعد مذكرات القادة كمال حسن علي ومحمد فوزي وعبدالمحسن مرتجي وعبدالحميد الدغيدي وأنور القاضي وصلاح الحديدي، الكثير من اخطاء ردة الفعل السريعة تلك، وأظهرت الاثمان الباهظة لاستخدام العاطفة بدلا من العقل عند الازمات.
لذا فهل نذكّر من يوجه سهام نقده للرئيس حسني مبارك بدلا من توجيهها لمن سبب الإشكال بأن مصر وقيادتها قد حاربت اسرائيل 5 مرات (48، 56، 67، الاستنزاف، 73)، وهل يخبرنا هؤلاء عن عدد الحروب الحقيقية التي خاضوها لأجل القضية الفلسطينية بعيدا عن حروب الاذاعات والحناجر والطناجر والقنادر التي استجدت هذه الايام؟!
وقد عدنا فيما نسمعه ونراه لمعادلة ان من لا يملك المعاهدات مع اسرائيل يطالب بتمزيقها، ومن لايملك السفارات يطالب بتجميدها، ومن لا يملك النفط يطالب بقطعه، ومن لا يملك الحدود يطالب بالحرب والتضحية بآخر طفل وامرأة فلسطينية، وبأصدقاء كهؤلاء من يحتاج حقيقة للأعداء؟!
آخر محطة:
تعقيبا على قرار وقف التطبيع كوسيلة «لوقف» العدوان الاسرائيلي المتكرر على الجيران، يرى بعض قادة حركات السلام في اسرائيل أن العكس هو الصحيح، حيث ان التطبيع ـ برأيهم ـ هو ما سيمنع الصقور في بلدهم من شن الحروب بين فترة وأخرى، حيث ستخلق العلاقات المتبادلة بين الشعوب مصالح مشتركة لا يمكن التفريط فيها، كما ستجعل الرأي العام الاسرائيلي يختار الحكومات المسالمة لا المحاربة.
ضوابط الخطاب الديني
ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي يسعى فيها وكيل وزارة الشئون الإسلامية فريد المفتاح للنهوض بمشروع إسلامي وسطي من خير العمل على تنقية الخطاب الديني من الأمور ذات النتائج السلبية العكسية، ولاسيما تلك المتشددة التي تثير الضغائن والأحقاد والعداوات والفتن بين أهل البلد.
ليست المرة الأولى، فالمعروف أن الشيخ المفتاح، كان ولايزال صاحب خطاب ديني، ثقافي، اجتماعي، إنساني، فكري معتدل، حتى قبل أن يتولى مسئولية هذا المنصب الحساس في وزارة حساسة، ولن تكون الأخيرة باعتبار أنه ما من مناسبة سانحة إلا ومضى الشيخ المفتاح ينشر مبادئ مشروع الخطاب الديني المعتدل… في المؤتمرات والملتقيات والاجتماعات بل وحتى في كلمته في الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج والمولد النبوي.
لكن كل ذلك سيذهب سدى؟
مع شديد الأسف… لا مشروع الشيخ المفتاح سينجح، ولا الضوابط ستفيد، ولا مشروع تحت مسمى «الخطاب الديني الوسطي» سينجح، بل الذي سينجح من دون أدنى شك هو الخطاب التحريضي التفتيتي، وهو خطاب يبدو أن أصحابه لهم (دلال) خاص لا ندري من الذي يدللهم ويدلعهم كل هذا الدلع!
لن تنجح مثل هذه الخطوات، وكلامي هذا ليس إثارة للتشاؤم، ولكن لأن البلد في حاجة إلى تطبيق القانون على الجميع… المشكلة ليست في إصدار التشريعات والقوانين، إنما في تطبيقها على كل من يثبت عليه تجاوز القانون.
لننظر خلال السنوات العشر الماضية، سنرى أن هناك من ساهم في تأجيج الوضع في البلاد من خلال خطبه الطائفية، ومع ذلك، وقلتها سابقا، فعل ويفعل وسيفعل، يستمر في الخطابة، وستكون الخطب التفتيتية المقبلة أشد وطأة، ولا يهمنا من ذلك كله إلا أن يتم تطبيق القانون… ليس على طائفة بعينها، ولا على خطباء بعينهم، بل ليكن أولئك الذين يكررون مقولة: «نحن أبناء الدليل، أينما مال نميل»، يستخدمون هذا الدليل في إثبات التهم على من يتهجم على الدولة وعلى الناس… لا بأس في ذلك، إن كان الناس سواسية أمام القانون.
ضوابط الخطاب الديني التي أقرتها وزارة العدل والشئون الإسلامية، مشكورة، ليست سوى صيغة من الصيغ التي اعتدنا عليها في بلادنا، وهي صيغة الكلام أو الحبر على الورق، وكلاهما يذهب أدراج الرياح، ثم لو نظرنا إلى المشكلة من الأساس، لن نجد أن الخطاب الديني المتعصب هو السائد… أبدا، فأهل البحرين، من الطائفتين الكريمتين، لا يرتضون أصلا أن يخطب فيهم من هو ليس أهلا للخطاب ولاحترام عقول الناس، ولكن القلة القليلة الشاذة من الخطباء، ومن يقال عنهم «علماء أفاضل»… قلة قليلة، لكنها تفعل فعلها الكريه المسموم.
ومع ذلك، لو لاحظتم أيها الأعزاء، لوجدتم أن عددهم تناقص نوعا ما! فقد كان هناك، إذا عدنا إلى قبل خمس سنوات مثلا، ثلاثة يصنفون على أنهم من أشد الخطباء إثارة للفتنة، تناقص العدد إلى واحد صامد مدعوم قوي لا يشق لها غبار، لا أعتقد أن الضوابط لوحدها ستفيد… تطبيق الضوابط بقانونيتها هو المفيد.
وإلا أصبح حال ما يسمى «ضوابط الخطاب الديني» حالها حال ما سمعنا عنه قبل سنوات… «ضوابط منع الكتب الطائفية»…
«فلا رضت برجيلها ولا خذت سيدعلي»!