فوزنا – في المباراة قبل الماضية على البحرين – ليس فوزا، هذه جنحة سرقة يعاقب عليها القانون بالحبس ثلاث سنوات. اللعب كله كان في منتصف ملعبنا ومنطقة جزائنا، وكأن البحرينيين نصبوا خيامهم في مرابعنا.
أحد عشر لاعبا كويتيا توزعوا المسؤوليات حسب التساهيل، جزء يبكي وينحب وجزء يولول ويصرخ ولا أجدع ندّابة من ندابات البصرة الفاضلات. الهدف سجلناه من ضربة ثابتة، وعينك ما تشوف إلا الانجحار الشديد، خطة الضبّ، أدخل جسمك كله في الجحر وارفع ذيلك قليلا يرحمنا ويرحمك الله. متابعة قراءة دعوا الضبان في جحورها
اليوم: 11 يناير، 2009
حتى نحصد البطولات الرياضية
زرت قبل أيام عمان الهادئة والجميلة، بدعوة من هيئة سوق المال العمانية لتقديم محاضرة حول دور الصحافة في تشجيع الوعي الاستثماري، وقد تزامنت تلك الزيارة التي سنكتب عنها لاحقا مع بدء فعاليات دورة الخليج التي بودنا ان تتوسع مستقبلا وتمزج الرياضة بالاقتصاد والفن والثقافة عبر خلق مهرجانات تسويق وسياحة وحفلات غنائية وعروض مسرحية وندوات ثقافية وفكرية وشعرية تتزامن مع إقامة تلك الدورات بحيث لا تقتصر الزيارة على جمهور شبابي يشاهد المباراة لمدة ساعتين ويرحل، بل تصبح فرصة لزيارة آلاف العائلات والرجال للتسوق وغيره.
أكتب المقال قبل مباراتنا مع العراق وبالطبع بعد مباراتنا مع البحرين واعتقد ان فريقنا من أفضل الفرق الا ان هناك اسبابا متكررة منذ سنوات تمنعه من حصد البطولات منها الإعداد النفسي السالب والخاطئ للاعبين، حيث ينصح عادة المختصون النفسيون الآباء وقادة الفرق الرياضية والعسكرية ومديري الشركات بالعمل بما يسمى «التحفيز الموجب» اي تكرار مقولة «انكم قادرون على الفوز والنصر وحيازة البطولة.. الخ».
لدينا نقوم دائما بالعكس من ذلك، حيث يتم تكرار المقولات المحبطة منذ البدء مثل «انتم جايين للمشاركة لا للفوز» و«نحن نرشح الفريق المنافس للفوز بالمباراة والبطولة» و«الحكام راح يستقصدونكم ليخسروكم» وقد اثبتت مثل تلك التصريحات انها تقتل روح الطموح وتجعل اللاعبين محضرين بشكل مسبق للهزيمة وواضح ان مثل تلك التصريحات تطلق في العادة لحماية الجهاز الفني حتى يقال «ما قلنا لكم اننا لن نفوز» ورغم تكرار خسارتنا للمباريات والبطولات عبر السنين فمازلنا نعيد ونكرر ذلك التحفيز السالب بدلا من الموجب.
وهناك إشكالية فنية متكررة منذ عقود كذلك، ولا نرى مثلها لدى الفرق الدولية وحتى لدى الفرق الخليجية والعربية المتكررة الفوز بالبطولات، وهي ان فريقنا ما ان يحرز هدفا على الفريق الخصم بسبب خطة جميلة يلعب بها، حتى ينكمش على نفسه ويقوم بلعب دفاعي ممل ويتساقط خلاله اللاعبون ويكثرون الاحتجاج على الحكام دون مبرر، ومما يدل على غباء تلك الخطة العقيمة ان عملية التعادل مع البحرين كانت ستساهم في إخراجنا من البطولة ومع ذلك اكتفينا بهدف واحد وكان بإمكان البحرين ان تعوضه في اي دقيقة من دقائق المباراة الاخيرة.
وقد قرأت في إحدى الصفحات الرياضية تصريحات للجهاز الفني حول مبررات اللعب غير المرضي امام البحرين بعد تسجيل الهدف اليتيم قيل ضمنه ان السبب هو الشحن النفسي الذي خلقته جماهيرنا الرياضية (!) وهو عذر اقبح من ذنب وكأن المطلوب ألا تشجع جماهيرنا فريقنا، بل وكأن الفرق الأخرى في هذه البطولة وخارجها لا تملك جماهير بالملايين تقف خلفها دون ان يلومها احد على سوء الأداء.
وقد تابعنا مباراة السعودية واليمن ـ ومثلها مباراتا عمان والبحرين مع العراق ـ ولم نشهد تراجع الفريق السعودي للخلف بعد تسجيله هدفه الأول كحال فريقنا، كما شاهدنا مدرب الفريق ناصر الجوهر يجلس بهدوء ويسجل الملاحظات طوال المباراة، بينما تظهر صور مدربنا وهو شديد الانفعال والحركة دون تدوين اي ملاحظات وهو ما يمهد لتكرار نفس الأخطاء، لذا بودنا كجماهير ان نتعظ مما جرى وان نتجنب اللعب الدفاعي بعد تسجيل الاهداف، ومثل ذلك ترشيح الفرق الاخرى للفوز بالمباريات والبطولة كونها تؤدي لنتائج عكسية.
آخر محطة:
(1) يروي الإعلامي الإماراتي محمد الجوكر ذكرياته في ملحق صحيفة «الشبيبة» العمانية حول الدورة الرابعة في قطر فيقول ان كابتن الفريق العراقي آنذاك مجبل فرطوس أسرّ له بأن الرئيس احمد حسن البكر اتصل ليلا باللاعبين ليبلغهم بتخصيص ڤلل لهم ان فازوا على الكويت وقد اتت تلك المكالمة بأثر عكسي، حيث لم ينم اللاعبون طوال الليل من الفرحة وهو ما جعلهم يخسرون المباراة امام الكويت (2)4 بسبب الارهاق!
(2) تقوم الصحف الخليجية بخلق ملحق رياضي منفصل لدورة الخليج، كما لاحظت انها تملأ لوبيات الفنادق والمراكز الإعلامية بنسخات من تلك الملاحق والصحف.
شارع «بني أمية»!
أعلم أن في هذا الموضوع تشعيب غريب، وقد تذهب بعض أفكاره غربا وتذهب الأخرى شرقا، لكن في نهاية المطاف، سنقف عند نتيجة واحدة هي (خلاصة) هذا التشعيب، وسيكون -قطعا- لكل منا رأيه.
سأبدأ بقصة، تحوي مشهدين، فقد كنت ذات مرة ضمن وفد من الإعلاميين العرب والأجانب في رحلة عمل بإحدى الدول العربية… وبينما كنا نقطع طريقا صحراويا طويلا في الحافلة، كان بالقرب مني اثنين من الزملاء المسيحيين، أحدهم كاثوليكي والآخر أرثوذكسي، وبحسب فهمي المتواضع، فقد كانا يناقشان قضية الخلاف في الكنيسة، وأي طائفة أفضل… نقاشهما كان هادئا للغاية، وكانا يكرران عبارة: «لنا رب واحد… إيمان واحد… معمودية واحدة».
في ختام النقاش قال أحدهما: «أنت كالشجرة المثمرة، تهدي الطعام للضيوف»، وقال الآخر: «كن كالنهر، أينما يجري تنبض الحياة»… هكذا كانت العبارات كما أتذكر.
في استراحة بالطريق، كان الشرر يتطاير من أعين اثنين من المسلمين كانا ضمن الوفد وكنت أجلس على الطاولة ذاتها التي يجلسان عليها، أحدهما سني متشدد والآخر شيعي متشدد أيضا… غرق الاثنان في كتب التاريخ، وفي تبادل عبارت التكفير والرفض والنصب… انتهى النقاش بلعنات نارية أيضا: «لعنة الله عليك يا رافضي يا كافر… لعنة الله عليك أنت يا وهابي يا ناصبي».
في البحرين، لدينا صورتان إحداهما مزيفة والأخرى حقيقية… المزيفة هي تلك التي يدعي أصحابها أنهم يعيشون في بيت واحد على رغم الخلافات المذهبية، لكنهما يكذبان! ففي الظهر يطعن كل منهما في الآخر، وأمام بعضهما بعضا يمثلان المحبة! لكن الصورة الحقيقية، هي تلك التي لا تقوم على الإدعاءات والافتراءات، بين سني وشيعي، بل ولا تجد لها مكانا في حياتهم اليومية، لكن مع شديد الأسف، فإن الصورة المزيفة الأولى هي التي يحاول المزيفون إظهارها للعلن.
وبودي هنا أن أنتقد أولئك الذي يفاخرون بمشاركة أبناء الطائفة السنية في ذكرى عاشوراء الحسين (ع)، لكن لا يتوانى الجهلة منهم عن إطلاق اسم «شارع بني أمية» على الطريق الذي اعتاد أبناء الطائفة السنية الكريمة الجلوس فيه على مسار العزاء في المنامة… لا أقول إن كل أبناء الطائفة الجعفرية يستخدمون هذه التسمية، ولكن هناك الكثير من الجهلة والمغفلين من لايزال يطلق تلك التسمية… بالله عليكم، كيف تصفونهم بهذا الوصف لتضعوهم في دائرة اللعن وهم يشاركون معكم في إحياء هذه الذكرى العظيمة؟ ولماذا التشكيك في نواياهم أصلا؟.
آن لمثل هذه التسميات السيئة، وغيرها الكثير ممن يستخدمه المتشددون من الطائفتين أن تلغى من لغة (البيت البحريني) لأنها ببساطة لا تعكس الخلق الإسلامي القويم.
سأعود الآن الى مأتم بن زبر، يوم التاسع من المحرم، ولا أخفي القول إن الخطيب الشيخ عبدالمحسن الجمري، استطاع أن يكسب الكثير من أبناء الطائفة السنية الكريمة لحضور محاضراته بخطابه المعتدل العميق الغني، وهناك جلس بعضهم ممن أعرفهم شخصيا ليستمع إلى خطابه الإسلامي الجميل، رافضا كل الممارسات التفتيتية والطائفية، ومحذرا من تساهل الدولة مع مثيري الفتنة، والشيخ عبدالمحسن، الذي شاهده وسمعه الكثير في تلفزيون البحرين ضمن الاحتفالات بالعيد الوطني المجيد وذكرى جلوس جلالة الملك وهو ينطق بالمعاني الوطنية المتأصلة في نفوس البحرينيين لوطنهم، لم يجد مانعا من إعادة التأكيد، في خطبته يوم التاسع من المحرم، على انتماء البحرينيين لهذا الوطن، لكنه طالب الدولة بإزالة آثار «التقرير المثير» من قلوب الكثير من المواطنين لأنه سبب لهم ألما موجعا.
سألني بعضهم: «لماذا كررت في مقالاتك الأخيرة عبارة: «شرعية العائلة الحاكمة»؟ هل لحاجة في نفس يعقوب؟»، وأنا أجيبهم بالقول مكررا على شرعية الحكم الخليفي، وأنني لا أريد شيئا ولله الحمد والمنة، لكنني سأبقى مطالبا ومناديا مع الأصوات الشريفة التي تطالب بالحقوق التي كفلها الدستور وكفلها المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل بالطرق السلمية لأنني (بحريني)… لا بالدعوات الهوجاء العنترية التي يستغلها أول ما يستغلها أولئك الذين يسعون لضرب الحركة المطلبية المشروعة.
وأخيرا، شارع «بني أمية» ليس موجودا على خريطة البحرين… شارع «الإمام الحسين (ع)»… هو الذي يسر الناظرين… دينيا ووطنيا وأخلاقيا و… رسميا.