علي محمود خاجه

لمن يهمه الأمر

المتطلبات العامة:

– أن يكون مسلما، على الرغم من أن الدستور لا يشترط ذلك.

– أن يصرّح ولا يحفظ أسرار الاجتماعات الوزارية… وأن يسرّب الأخبار للصحف ووسائل الإعلام.

– أن يتقدم لكي يكون عضوا في الوزارة دون تحديد الوزارة المطلوبة، فالطبيب ليس بالضرورة أن يكون وزيرا للصحة.

– أن يحدد المتقدم مذهبه العقائدي وعائلته وقبيلته في استمارة الطلب.

– لا يجب إطلاقا ذكر السيرة الذاتية للمتقدم أو المؤهلات العلمية فهي لا تؤثر في قبول الطلبات.

– أن يكون مهيأ لانسحاب الفريق الوزاري في أي لحظة من جلسات المجلس ودون أي أخطار مسبق.

– ألا يلجأ إلى القانون إطلاقا.

متطلبات خاصة:

وزير الداخلية: أن يطلب عون بعض أصحاب اللحى في تسيير شؤون الوزارة، خصوصا فيما يتعلق بصيانة الأخلاق، فالمجتمع الكويتي منحل أخلاقيا ويحتاج إلى «الخيازرين» لتأديبه.

وزير الخارجية: أن يطمئن الناس دائما بأن كل «شي» تمام.

وزير الأشغال: أن يوقع عقودا بملايين الدنانير، كي توضع علامات ضوئية في الشوارع تحدد سرعة السيارات، وأن تكون كل مناقصات الإنشاءات في الدولة حكرا على شركة واحدة فقط حتى إن تأخرت تلك الشركة في تسليم المشروعات ثلاثة أو أربعة أو خمسة أعوام إضافية.

وزير التربية: ألا يهتم بالتعليم وأن يكون حريصا على منع أي شخصية تركية (نور- لميس- مهند) وأي وجه جميل من الدخول إلى المدارس، وألا تكون له علاقة لا من قريب أو بعيد بالتعليم العالي، فهي مقتصرة على شخصية واحدة.

وزير الإعلام: ألا يعمل شيئا ويفوِّض هايف والطبطبائي بعمل كل شيء، فهم أهل اختصاص بالإعلام كما يعلم الجميع.

وزير الكهرباء: أن يحرص على صرف الملايين لحملة ترشيد وألا يهتم ببناء المحطات الكهربائية أبدا.

وزير النفط: ألا يخطط ولا يفكر ولا يعمل شيئا فكل مشاريعه ستلغى، لأن الصحيفة «أم جوتي» غير راضية عنه.

وزير المالية: أن يكرر طوال مدة وزارته أن المحفظة المليارية ستدخل البورصة غدا.

وزير التجارة: أن يحل مشاكل الغلاء كلها سواء غلاء الثياب أو الغذاء أو حتى العقار بأن يوزع المعكرونة.

** فمن يجد في نفسه المواصفات السابق ذكرها فليتقدم فورا ليصبح وزيرا في الوزارة الجديدة.

سامي النصف

فريق كرة قدم سياسي

اللعبة السياسية هي كاللعبة الرياضية، حيث يعلم على سبيل المثال رئيس الاتحاد الكويتي لكرة القدم المتواجد مع فريقه في مسقط انه لن يستطيع الفوز بالمباريات والتحديات الموجودة امامه فيما لو اعتمد المجاملة والمحاباة والمحاصصة في تشكيله للفريق وأبعد الاكفاء والمقتدرين.

فلكي تفوز بالمباريات ضد الفريق الآخر عليك ان تختار اكفأ اللاعبين واشدهم احترافا، ثم تحتاج لهم بعد ذلك مدربين واصحاب خطط استراتيجية وتكتيكية يعرفون كيف يتقدمون ومتى يتراجعون، وكيف يسجلون الاهداف في مرمى الخصم لا مرمى فريقهم وما اكثر من اعتادوا تسجيل الاهداف في مرمى فريقهم ضمن بعض فرقنا الحكومية السابقة.

كما ستنعدم فائدة الاستعانة بأحسن اللاعبين اذا لم يتجانسوا ويلعبوا كفريق واحد بدلا من اللعب الاناني الفردي، او حتى قيام نصف الفريق بعرقلة نصفه الآخر في الملعب وامام المشاهدين، وقد حدث احيانا ان تآمر بعض اللاعبين مع الفريق الخصم ضد زملائهم في الفريق عبر تسريب الخطط والمناورات والتكتيكات طمعا في المكاسب الذاتية.

وضمن التكتيك الصحيح ان يحاول فريق كرة القدم السياسي ان يحوز رضا الجمهور ودعمه الا ان ذلك الهدف السامي يجب الا يتم على حساب حسن اداء اللاعبين او جودة اللعب، فالجمهور قد تعجبه احيانا بعض الألعاب الخارجة والعنيفة والغريبة التي قد تخسر الفريق المباراة وتتسبب بطرد بعض اللاعبين وعندها ينقلب عادة الجمهور على فريقه ولا يقبل حينها مقولة اننا لم نقم بتلك الحركات الا رغبة في ارضائك.

ولا شك في ان مستلزمات واستعدادات فريق ينوي الدخول في مباريات ضد فرق محلية صغيرة كما حدث لفريقنا خلال الـ 45 سنة الماضية، ستختلف بشكل كامل وجذري عما سيقوم به نفس الفريق فيما لو اخبر بأنه سيواجه هذه المرة تحديات بحجم متطلب الفوز على فرق البرازيل والمانيا والارجنتين وايطاليا، اللعب هو اللعب والملعب هو الملعب الا ان الفارق يكمن في حجم ونوع تحدي الماضي مقارنة بتحدي المستقبل.

ان الجمهور وممثليه من الاخوة اعضاء مجلس الامة قد شعروا هذه المرة بحجم التحديات المستقبلية واتفقوا في الاغلب على انهم غير راغبين في التدخل بتشكيل الفريق حتى لا يلاموا على اخفاقه او حتى على تداعيات ما قد يحدث مستقبلا، كما اعلنوا مشكورين انهم يودون الغاء المحاصصة التي تسببت في اشراك لاعبين دون المستوى تسببوا في انزال الهزائم في الماضي لذا لا داعي للعجلة هذه المرة فالمهم حسن التشكيل وجودة اللعب وقبلهما الفوز والاداء المميز للفريق فهذا ما سيرضي الجمهور وممثليه او يغضبهم.

احمد الصراف

بقالة إنكليزية وحذاء كويتي

أوردت وكالات الانباء ان صاحب بقالة صغيرة في احد احياء انكلترا ترك متجره مفتوحا من دون اي عامل في ثاني ايام الاحتفال بأعياد الكريسماس، كما ترك لوحة اخبر بها زبائن المحل بأنه وعماله سيتركون المتجر مفتوحا، ليذهبوا في الاعياد مع اسرهم، وان بامكانهم اخذ ما هم بحاجة إليه من مواد، ووضع ثمنها في صندوق «أمانة» خاص، وتمنى للجميع اعيادا سعيدة.
وعند عودة صاحب المحل في اليوم التالي وجد مبلغ 187 جنيها في الصندوق، كما وجد رسائل شكر عدة من بعض الزبائن، وهذا ما ادخل الكثير من السرور الى قلبه.
لا يمكن طبعا تخيل ما كان سيحدث لمتجر هذا الرجل لو كان وسط لندن مثلا، حيث يقطن «الربع» او لو كان في احدى مناطق الكويت، ولن نذهب بعيدا الى مدينة في بنغلادش! فثقافة الامانة والشرف لا تعرفها مجتمعاتنا الا في حال ارتباط الامانة بالحفاظ على «سلامة» اعضاء محددة من اجسادنا، اما الشرف فمفهومه الوحيد لدينا لا يحتاج الى تعريف لسخافته.
كما ان تصرف صاحب المتجر النبيل الذي تلمس بطريقة مميزة حاجة زبائنه لما يبيع في ساعات الليل المتأخرة، ووضع مصلحتهم فوق خوفه من ان يسرق، لا يمكن الا ان يوصف بقمة التحضر في التصرف، ولا يمكن وصف زبائنه الذين دفعوا كاملا ثمن ما اخذوه من البقالة، بأنهم اقل حضارة من تصرفه، وهذا حقا ما نفقده في مجتمعاتنا التي سيطرت عليها ثقافة «نحن الفرقة الناجية»!
ذكرني هذا الخبر الجميل حقا بتجربة مماثلة مررت بها قبل 20 سنة تقريبا، عندما اضطررت واسرتي للمكوث في فندق على احد الطرق السريعة في اميركا، وتبين لنا ان الفندق يدار خلال العطل، وبعد ساعات العمل الاعتيادية، من غير موظف، وما على الراغبين في المكوث فيه، الا رفع سماعة الهاتف الوحيد الموجود في الصالة الصغيرة لكي يرد عليهم جهاز تسجيل، مرحبا وطالبا ادخال رقم بطاقة الائتمان ليرد عليك الجهاز نفسه بعد لحظات برقم سري يمكن عن طريقه فتح باب الصالة المؤدية الى غرف الفندق والى غرفتك او الغرف التي حجزتها، لتتمّ تسوية الامر مع الادارة في صباح اليوم التالي.
فوجئت وزوجتي بوجود بقالة صغيرة في الدور الارضي من الفندق تحتوي على كل ما قد يحتاجه القاطن فيه من صابون غسل والواح شوكولاتة واجبان وخبز وغير ذلك الكثير، ولم يكن هناك من يبيع، وكل ما كان علينا القيام به هو اخذ ما نريد ومن ثم وضع ثمنها نقدا في فتحة صندوق حديدي، وتسجيل رقم غرفتنا وتفاصيل المواد التي قمنا بأخذها من المحل على ورقة ووضعها في الصندوق نفسه لتتم محاسبتنا عليه في اليوم التالي!
اثار اسلوب التعامل دهشتي، وتبادلت وزوجتي النظرات لهذه الامانة واحترام الآخر، وكيف ان تصرفهم الحضاري اسعفنا في تلك الساعة المتأخرة من الليل بسبب حاجتنا الى أشياء كثيرة، وقد لاحظ اصغر ابنائنا «دهشتنا» فتساءل قائلا: لماذا تتعجبوا من ذلك، انه امر عادي! وايده بقية اخوته في ذلك، وقد شكل رأيهم صدمة «حضارية» لي ولوالدتهم، وتبيّنت الفرق بين طريقة تفكير اولئك الذين تلقوا الجزء الاساسي من تعليمهم في المدارس الحديثة، والغربية بالذات، وبين التعليم في مدارسنا ومجتمعاتنا التقليدية، فمنظر البقالة الصغيرة من غير بائع كان عاديا بالنسبة إليهم، وعكس ذلك بالنسبة إلينا، وربما لو كنا مكان اصحاب الفندق لما اقدمنا على فعل ما فعلوه بسبب مفهوم الامانة في ثقافتنا المشككة عادة في نوايا الآخر!

***
ملاحظة: يبدو ان لارتباط الحذاء في مجتمعاتنا بمفهوم القذارة سبباً «وجيهاً» ولم يأت بالتالي من فراغ! فقذارة الحذاء، الفعلية والرمزية، تكونت عبر السنين، بسبب ملامسته لأرضية المرحاض «القذرة جدا»، بمفهومنا الشرقي، ولو كانت الحمامات، سواء في بيوت من انطلقت منهم او من اظهروها، او بيوت الآخرين، نظيفة براقة معالجة بمختلف المعقمات والمنظفات، لكانت احذيتهم نظيفة ايضا، ولما كانت رمزا او اداة لاهانة الآخر، فمن يرفع حذاءه في وجه الآخر، او يضربه به، فإنه يعلن على الملأ، بصورة غير مباشرة بأن مرحاض بيته، او المراحيض التي يرتادها، قذرة جدا!

أحمد الصراف