محمد الوشيحي

النائب الفلِز

العمر يمشي والسنون تجري والشهور تتقافز والأيام تتطاير والحكومة لما تتشكل بعد. ليش؟ علم ذلك عند ربي والحكماء. والحكماء هم كل من يؤيد الحكومة ويتغزل في جسمها المترهل ويمتدح رقصتها المكسحة، بينما نحن المعارضين مجانين رسمي بختم وطابع، ونحن أصلا لسنا معارضين، نحن «معاً راضين» بأي شيء تعمله الحكومة، المهم أن تعمل شيئا، ووالله لنعلمن أنصارها – حينذاك – كيف يكون التصفيق والتهليل ورقص العرضة.
سابقا، كانت أسماء بورصة المرشحين لتولي المناصب الوزارية تظهر بعد اليوم الثالث من تكليف رئيس الوزراء بتشكيل حكومته، أو اليوم الرابع على أقصى تقدير. والآن مضت دهور ولم يتسرب شيء، سبحان الله. والحكومة مختفية خلف جدار الاستقالة، وهي مختفية أساسا وهي على رأس عملها، فما بالك بها بعد الاستقالة؟ ستتبخر بإذن الله، ولن تسمع لها تصريحا ولا بيانا يسد رمقك! كل واحد يسد رمقه بمعرفته. متابعة قراءة النائب الفلِز

سامي النصف

على اعتبار عام جديد

مع بداية كل عام تمتلئ الصحف بأخبار من يقومون بالتنبؤ بأحداث العام الجديد والحقيقة ان الفارق بين النجاح والفشل في الحياة يكمن في كثير من الاحيان في القدرة على التوقع «العلمي» الدقيق بما سيأتي وذلك عبر القراءة والربط المنطقي بين احداث الامس والحاضر والغد فثوب المستقبل تحاك خيوطه في نهاية المطاف من نسيج الحاضر ولا يأتي منفصلا عنه.

ندرة القراءة والاطلاع وقلة المشورة والاستماع كانتا سبب تباينا مع بعض الاحبة المنضوين للتيارات السياسية في اعتقادهم الجازم بالامس بأن تغيير الدوائر الانتخابية لم يقض على امراض اللعبة السياسية في الكويت من شراء اصوات وتفشي القبلية والعائلية والطائفية واعتقادنا بغير ذلك وان تطبيق القانون وتفعيله هما الحل وان من يدعون للتغيير فسيكونون اكبر المتضررين منه، وحدث ما حدث.

وابان الانبهار الشديد لبعض اقتصاديينا بما يجري في بعض دول الاقليم من مشاريع عمرانية ضخمة وتكرار طلبهم بتقليده تباينت معهم وكتبت في 12/7/2008 مقالا بعنوان «الانهيار الكبير» حذرت فيه من ظاهرة تحويل البترودولار الى مشاريع عمرانية لن تجد من يشتريها واستغربت ان دولنا قليلة السكان اصبحت تحوي «اكبر» الاسواق و«اطول» العمارات و«اضخم» المدن الترفيهية والفنادق في وقت يفترض ان تكون تلك المنشآت في البلدان شديدة الثراء كأوروبا وأميركا واليابان او وافرة السكان كالهند والصين واندونيسيا كما أتى نصا في المقال.

واستطردت بالقول اننا قد نشكر «يوما ما» بيروقراطيتنا العتيدة وازمات مجلس الامة المتكررة كونها حدّت دون قصد من قيام الكويت بمثل تلك المشاريع الضخمة عالية المخاطر ومن ثم منعنا خسارة ثلاثية كانت ستتم عبر دفع المليارات لانشاء تلك المشاريع ثم دفع مليارات لاحقة لصيانتها وتشغيلها ومليارات ثالثة «لانهيارها» انتهى، بالفعل هل لنا ان نتصور وضعنا الحالي فيما لو كنا قد قمنا بشكل مستعجل بتلك المشاريع الاسمنتية الضخمة التي أوصى بها وبقوة مختصونا وحدث الانهيار المالي.

وكنا قبل ذلك قد تباينا كذلك مع خبرائنا النفطيين ممن اشاعوا وصدقوا مقولتهم بان الطلب الصيني والهندي المتزايد على النفط سيمنع هبوط سعره عن 100 دولار، كما رفضنا الفكرة المجنونة التي روج لها بعضهم بانشاء انابيب نفطية تنقل نفطنا الى بحر العرب تحسبا لاغلاق مضائق هرمز التي قلنا في حينها انها لن تغلق كونها تمتد لاكثر من 55كم وليست كقناة السويس التي لا يزيد عرضها على مئات الامتار حتى لو اغلقت فلن يتعدى الامر الا سويعات او اياما قليلة لفتحها.

تبعا لما سبق نقول ودون حاجة لكثير من الشطارة والذكاء والاطلاع ان عام 2009 سيكون اسوأ بكثير من عام 2008 اقتصاديا وامنيا وسياسيا وضمن محيطنا المحلي والاقليمي والعالمي، فالازمة الاقتصادية التي اصابت الربع الاخير من العام الماضي ستمتد تداعياتها لجل العام الحالي حيث ستفلس الشركات وتتفشى البطالة ويهتز الأمن وتتكرر الازمات السياسية، والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
 أمنية قلبية بالشفاء العاجل للزميل خليفة علي الخليفة رئيس تحرير «الوطن» وما تشوف شر يا بوعلي.

احمد الصراف

مع شينهم قواة عينهم!

في قصة من التراث أن «جحا» استعار آنية من جاره ثم اعادها إليه بعد ايام ومعها ملعقة، فسأله الجار عنها فقال ان آنيته ولدت ملعقة.
تكررت قصة الاستعارة والولادة مع اكثر من جار فسمع الحي بذلك فأصبحوا يأتون بأوانيهم إلى بيت جحا لتتوالد فيه، وعندما تجمع كم كبير منها في بيته ابقاها مدة طويلة رافضا اعادتها إلى أصحابها، وبعد زيادة الضغط عليه أخبرهم بأنها ماتت!! فتساءلوا باستغراب: وهل تموت الأواني المعدنية؟ فرد قائلا: نعم، إذا صدقتم انها تلد؟

واجهتني قبل سنة مشكلة تعلقت بحاجتي الماسة إلى مساحة تخزينية في الشويخ أو الري، وارتفاع ايجار المعروض منها إلى خمسة دنانير في الشهر للمتر الواحد، وهو مبلغ غير مجد تجاريا بأي مقياس. سمع مقيم هندي بمشكلتي فاقترح عليّ تأجير مخازن في الصليبية، وفي منطقة زرائب الماشية بالذات، وبعشرين في المائة من الايجار الساند في السوق. وقال إن المخازن جيدة ومجهزة بجميع التسهيلات، ولا خوف من التخزين فيها، على الرغم من مخالفتها للقانون، بحجة ان صاحب المزرعة «شيخ»، ولن يجرؤ احد بالتالي على الاقتراب من المنطقة التي تحولت إلى مخازن عامرة!!
راودتني النفس كثيرا في قبول العرض، فالفرق بين الايجارين، بالنسبة للمساحة التي كنت احتاج اليها كان بحدود 180 ألف دينار لسنة واحدة فقط، وهو مبلغ كبير ان كانت الحاجة إلى سنتين، ولكن الحرص الذي تعلمته من اصدقائي «النيادة»، والرغبة في الالتزام بالقانون تغلبا بسرعة على الطمع في تحقيق ارباح كبيرة، وقمت بالتالي بتدبير اموري بشراء مخزن كبير مقابل مبلغ اكبر، ولم اندم قط على قراري ذلك!!
تذكرت قصة جحا ومشكلتي مع التخزين وانا اقرأ تفاصيل مقابلة «القبس» مع مجموعة من التجار، المستأجرين، لمساحات في مزرعة العوالي في منطقة الصليبية: وعن مشكلتهم المتمثلة في قيام صاحب الحيازة الزراعية بهدم المخازن عليهم من دون اعطائهم مهلة كافية، حسب ادعائهم، بعد ان ضغطت لجنة ازالة التعديات على املاك الدولة عليه وهددت بسحب الجاخور او الزريبة منه ان لم يقم بإعادتها إلى وضعها السابق!!
وقد رفض هؤلاء المستأجرون في بداية المقابلة مع القبس الاقرار بارتكابهم أي مخالفات تستحق قيام صاحب المزرعة بإزالة المباني، بحجة أنهم استأجروها منه كأرض فضاء وبموجب عقود «رسمية» وموافقات خطية.. منه!! ولا ادري ما الذي يعنونه بــ«عقود رسمية»!! فعقد الايجار موقع بين طرفي العلاقة، ولا علاقة له بالرسمية اصلا! ثم عاد هؤلاء واقروا بأن مخالفاتهم تمت بعلم وتصريح صاحب الحيازة! وهذا ايضا كلام غير مقبول فصاحب الحيازة صاحب مصلحة، وليس جهة رسمية تمنح وتمنع. وقالوا ان الكويت «دولة قانون ومؤسسات يحترمها الجميع!!» وهذا كلام جميل، ولا علاقة له بالمشكلة اصلا، فلماذا لم يقوموا هم في المقام الأول باحترام المؤسسات والقانون والاستئجار في مناطق مخصصة كزرائب؟ أما مطالبتهم «جمعية حقوق الانسان» بالتدخل، فعجيبة حقا، فهل قاموا قبلها باللجوء إلى القضاء ولم ينالوا مرادهم مثلا؟ وهل يعتقدون أن ساحته ليست المكان المناسب لحل القضية؟ وماذا عن الوفر الذي حققوه في الايجار بين ما دفعه من كان في وضعي وبين ما دفعوه من فتات لصاحب الحيازة الزراعية؟ الا يكفي هذا الفرق لتغطية تكلفة نقل بضائعهم في الوقت المناسب إلى مخزن آخر مخصص للتخزين وليس كزريبة أو مزرعة؟! وكيف صدقوا أن هناك مخازن تؤجر بدينار للمتر، والسعر السائد في السوق هو أكثر من أربعة دنانير، وعندما اقتربت جرافات الإزالة منهم لم يصدقوا أنها ستقوم بهدم مخازنهم على رؤوسهم؟ هل نسوا أن الأواني التي تلد تموت ايضا؟
إن تصرف هؤلاء المستأجرين، ولا يلامون عليه وحدهم، ماهو إلا عينة من دولة التسيب التي عشناها لسنوات، ولانزال نعيشها في قطاعات كثيرة، والتي جعلت من مثلها أمرا مقبولا وربما حان الوقت لكي نكون أكثر عقلانية في تصرفاتنا.

ملاحظة: صرح الشيخ «أحمد الخليفة»، وهو مدير إدارة حساسة في وزارة الداخلية، وله دور نشط ومهم في حمايتنا وأبنائنا من خطر المخدرات، بأن «رجاله» ستناط بهم في عطلة رأس السنة مهمة مراقبة الإسطبلات والمخيمات والشقق المشبوهة ومداهمة أي حفلات صاخبة، وسيتم «إبعاد الأجنبي» المتورط ومعاقبة المواطن!
نتمنى ان يكون كلام الشيخ أحمد للاستهلاك المحلي فقط، وألا أحد تم إبعاده من قبل رجاله! فأي كلام غير ذلك يعني نسف كل ما نقوله ونعتقده ونشعر به من أننا نعيش في دولة عصرية لها حكومة ومجلس نيابي وقضاء وصحافة حرة، وفيها قانون عقوبات يحدد كل جريمة وطريقة عقاب مرتكبها!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

صناعة الفتنة… حيث المقام مناسبا!

 

لم تكن الصورة تكاملت لدي شخصيا، وربما الحالة ذاتها مع الكثير من أهل البلد، حينما تساءلت بيني وبين نفسي: «لماذا يتضاعف نشاط مثيري الفتنة في بلادنا كلما مر بنا ظرف؟ هل انعكست الصورة التي كنا نخزنها في ذاكرتنا منقولة عن الآباء والأجداد الذين كانوا يتصدون بقلب واحد وصف واحد للفتنة حال بروز رأسها؟ أم أن الموروث ذاته كان مكذوبا ومزيفا؟ وإذا كان المنقول سليما صادقا، وهذا هو المؤكد قطعا، هل كان الآباء والأجداد أكثر وعيا وعلما وإدراكا وأخلاقا ووطنية وامتثالا لتعليمات الدين الإسلامي العظيمة، أكثر من أبناء اليوم؟».

لكن، ربما يتساءل طرف، ما الذي دفع بتلك التساؤلات لعقلك أصلا؟

وهو سؤال يستحق الإجابة، ولا بأس من القول أن ما نشهده، منذ انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل، من ممارسات فتنوية وطائفية وكيدية، لا يتوافق أبدا مع منطلقات المشروع الإصلاحي الذي تأسس على هدف واحد: مصلحة البحرين وأهل البحرين، حاضرا ومستقبلا… وتحت هذا الهدف، تندرج العشرات من الأهداف الفرعية التي -إن لم أكن مخطئا أو حالما- ليس من ضمنها تفتيت المجتمع وتحقيق غلبة فريق أو طائفة أو عيّنة، على فريق أو طائفة أو عينة أخرى من المواطنين!

وحتى أكمل موضوع الدعوات الفتنوية لتدمير طائفة بعينها الذي طرحته في هذه الزاوية يوم الخميس الماضي تحت عنوان :»الويل لنا»، أسوق استدراكا مهما، وهو أن خلاف طائفة مع الدولة، وفقا لمطالب كفلها الدستور، ومنحها المشروع الإصلاحي فرصة الانطلاق بمساحة أرحب، والمناداة بتلك المطالب، ما هو إلا حراك ديمقراطي طبيعي، مع إعادة التأكيد على رفض الأساليب العنيفة واستخدام الوسائل التخريبية والتأليب ضد الدولة ودعوات (الموت) والويل والشتائم والتحريض ضد أبناء الشعب… أقول إن ذلك الخلاف، يأخذ صفة الاستيعاب في حدود الدولة ومؤسساتها التشريعية والمدنية من خلال فتح قنوات الحوار، وإلا ستبقى أصوات الفتنة الدافعة في اتجاه نسف الولاء وربطه بإيران والمطامع الصفوية التاريخية من جهة، والأنشطة اللاسلمية المهددة للاستقرار والأمن الاجتماعي ماضية في مسارها الخاطئ، تغذيها تصريحات ومقالات وخطب ومنشورات ومواقف يعتقد أصحابها، كل أصحابها، أنهم على الحق ومن هم دونهم على باطل وضلال.

إلا أنني، حصرت نفسي في تلك التساؤلات السابقة الذكر، تماما كما حصر غيري بها، مع أنها مغلوطة كاذبة، ولا تثبت ولاء الموالين، ولا خيانة المعارضين، لأنها هي الأخرى محصورة في أشخاص بعينهم، وخطباء بعينهم، وناشطين بعينهم، وصحف بعينها، وكتّاب مقالات محدودين، ومنتديات إلكترونية مشهود لها بالنوايا السيئة مسبقا… لكن مع شديد الأسف، تصبح تلك الأطراف وكأنها الطرف الأوحد، لأنه لا توجد في الطرف الآخر، مبادرات من شخصيات وقيادات تحمل مشروعا وطنيا حقيقيا للخروج من الأزمة والأزمات المتتالية التي تمر بها بلادنا، ولا توجد، مع شديد الأسف أيضا، مبادرات من الدولة لتشجيع هذا المسار باعتباره المسار القادر على إخراجنا مما نحن فيه بالتحاور.

التحاور هنا يصبح معدوما لأن صناع الفتنة، أيا كان تصنيفهم وفقا للأطراف (بعينها) المذكورة أعلاه، عملت على ألا يكون (للحوار) مكان، ومع ذلك، هل يجب أن تعيش الدولة (عقدة) أولئك؟ فإنها إن رغبت في ذلك، فلن تنتهي تلك الملفات أبدا وربما تعقدت مستقبلا إلى درجة لا يرتضيها أحد، وإن رغبت -أي الدولة- في الحوار فإنها الطرف الأقوى والأجدر، على أن يكون لديها حسن ظن في أن أبناءها لا يوالون غيرها، ولا يرتضون بديلا لها في حكم أو في شرعية، ومن جهة أخرى، تبدي كل الأطراف، وعلى الأخص المعارضة والناشطين، أنهم يعملون لصالح البحرين فقط… دون هذا وذاك، فيا ليل… ما أطولك