محمد الوشيحي

بالألف والتاء يا غزة

مهما تظاهرنا بالاهتمام بما يجري في غزة، ومهما استغرقنا البكاء والنواح على القتلى، «نحن كذابون». وكلمة «كذابون» خبر مرفوع بالواو لأنها جمع مذكر سالم. لكن المشكلة أن من شروط جمع المذكر السالم في الصفة أن تكون «لمفرد مذكر عاقل»، فأين العاقل بيننا نحن العربان؟
جامعة الدول العربية التي غضبت وقرر أمينها عقد اجتماع «طارط» لوزراء الخارجية، هل هي المقصود بـ«المفرد المذكر العاقل»؟ أم حركة حماس التي أحرقت أهلها وأرضها بصواريخها الورقية؟ أم أن المفرد المذكر العاقل هو بقية الديدان الفلسطينية المسماة أحزاب، «فتحها» و«مقاومتها الشعبية» و«جهادها» إلى آخر الديدان التي تتغذى على دماء المساكين من أبناء جلدتها؟ لا عاقل اليوم، لذا يجب تغيير الكلمة لتصبح «كذابات»، لأننا كلنا جمع مؤنث سالم، شديد السلامة.
الفنانة لطيفة التونسية، وهي مؤنث، ألغت حفلاتها المقررة في ليلة رأس السنة، وقررت عدم الظهور في أي وسيلة إعلامية، لشعورها بالخجل والعار مما يحدث في غزة، فلماذا لا يقتدي عمرو موسى والوزراء بلطيفة؟ على الأقل كي لا تصرفنا رؤية وجوههم الكئيبة عن كآبة منظر القتلى والجرحى المتناثرين هنا وهناك في غزة؟
على أن إيران هي العاقل الوحيد في المشهد، فهي الأبرز على الساحة اليوم دون أن تريق قطرة دم واحدة، ولو بالخطأ. هي تتلاعب بحماس فتتلاعب حماس بالبسطاء فيتساقطون على الأرض فتنتفخ جيوب الحمساوية من التبرعات بملايين الدولارات، ويهتز أمن مصر وبقية الدول العربية بالمظاهرات الشعبية، ويلتزم القادة العرب الصمت، بينما يستهلك قادة إيران كميات هائلة من المايكروفونات والمناديل، فتخسر القيادات العربية شعوبها وترتفع أسهم إيران وقادتها لدى الشعوب العربية! تجارة مربحة، لا إيجار تتحمل قيمته إيران ولا حماس، ولا رواتب موظفين، ولا مواد مستهلكة. العملية رأس مالها مجرد دماء أطفال وشيوخ ونساء لا أحد يعرف أسماءهم. و«شو فيها لو تناثرت اشلاؤهم منشان الكظية»؟
وكل عام وإيران بخير والمايكروفونات تتكسر وحماس تجمع الملايين ودماء البسطاء تواصل النزيف… وابكي لوحدك يا غزة، فنحن كذابات.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *