احمد الصراف

مايكل هارت وبل غيتس

كتب مايكل هارت في عام 1978 بحثه الشهير A ranking of the 100 most Influential persons inhistory او المائة شخصية الاكثر تأثيرا في التاريخ، الذي جاء في اكثر من 560 صفحة من القطع الكبير وتضمن سير 100 شخصية تاريخية وكما غريبا وطريفا ومفيدا من المعلومات عن شعوب العالم. وسبق ان قام الكاتب المصري انيس منصور بترجمة الكتاب قبل سنوات، ولكن بصورة غير امينة، ووضع اسمه على الغلاف من دون الاشارة الى اسم كاتبه الحقيقي، وقام بتشويه عنوانه ليجعله “اعظم مائة شخصية في التاريخ”، والفرق واضح بين “الاعظم” و”الاكثر تأثيرا”! فقد لا يكون للشخص أي تاثير مباشر على حياتنا، ولكن هذا لا يجعله اقل عظمة في الوقت نفسه، والعكس صحيح.
يتصدر اسم النبي محمد بن عبدالله (ص) شخصيات الكتاب لكونه الاكثر تأثيرا، وبصورة مباشرة على حياة المسلمين. ولا ينازعه في المكانة احد، فما كان يقوم بأدائه من فروض دينية وما كان يأمر باتباعه، او ينهى عنه، منذ 1400 عام او يزيد، لا يزال، والى حد كبير، يؤدى بالطريقة نفسها.
وجاء اسحاق نيوتن في المرتبة الثانية لتأثيره الهائل والمباشر على حياة البشر من منتصف القرن السابع عشر وحتى اليوم والى قرون عدة مقبلة. فنيوتن،ولاسباب عدة، يعتبر اعظم عالم عرفته البشرية، ومكتشفاته تعتبر حجر الاساس لكثير من المخترعات التي ننعم بها اليوم. ووضع المؤلف السيد المسيح في المرتبة الثالثة تأثيرا، علما بان مايكل هارت مسيحي اميركي، كما ان مسيحيي العالم يفوق عددهم اتباع أي ديانة اخرى، ولكن البحث لم يوضع على اساس الاكثر اتباعا او قوة او سطوة بل “تأثيرا”، والتأثير المباشر لحياة المسيح وكلامه ووصاياه لا يقارن بتأثير من سبقه من شخصيات الكتاب التاريخية، وربما يعود ذلك الى قصر حياته وقلة افعاله واقواله بالتالي.
ثم يأتي بوذا وكونفشيوس والقديس بولس والصيني “تسالون”، مخترع الورق، ومن بعده جوهان غوتنبرغ مخترع الطباعة، وكريستوفر كولمبوس تباعا، ومن ثم ألبرت اينشتاين في المرتبة العاشرة، الى ان نصل الى الشخصية 51 وهي لعمر بن الخطاب، لنكتشف، حسب القواعد التي وضع البحث على اساسها، ان لا احد غيره وقبله النبي قدما من منطقتنا، وكان له ذلك التأثير الهائل على حياة البشر.
تضمنت القائمة شخصيات مؤثرة اخرى كـ “لويس باستور”، اعظم علماء الطب ومكتشف علم الجراثيم (البسترة). والكسندر غراهام بيل، مخترع التلفون، وكوبرنيكوس، وجيمس وات، مخترع الآلة البخارية التي مهد اختراعها للثورة الصناعية، وماكيافيللي، والكسندر فليمنغ مكتشف البنسلين، والاخوة رايت في الطيران، وعالم الكيمياء “لافوازييه” والنفس “سيجمون فرويد”، وتوماس اديسون، المتعدد الاختراعات والمنجزات، والايطالي “ماركوني” مخترع الراديو، وغيرهم الكثير. وربما يكون الهولندي وليام مورتون اقلهم شهرة واكثرهم نفعا للبشرية، فقد كان له دور كبير في تطوير استخدام التخدير في العمليات الجراحية، الامر الذي خفف من آلام مئات ملايين البشر، خاصة ان اكتشافه جاء قبل حربين عالميتين خلفتا اكثر من مائة مليون جريح!
ويصل المؤلف لاستنتاجات غاية في الاهمية، حيث بين ان غالبية شخصيات الكتاب قدموا من اوروبا، وان البريطانيين منهم كانوا الاكثر مساهمة في الحضارة الانسانية من أي امة اخرى. وان خمسة من الـ 18 بريطانيا قدموا من اسكتلندا، واسماء هؤلاء الخمسة وردت في النصف الاول من الكتاب. ولو علمنا بان نسبة الاسكتلنديين من بين سكان الكرة الارضية لا تتعدى واحدا على ثمانية (ثمن) في المائة فقط لعلمنا مقدار ما تركز في اسكتلندا من مواهب وخبرات.
كما يلاحظ ان نسبة كبيرة من شخصيات الكتاب برزت بين القرنين السادس والثالث قبل ميلاد المسيح! ثم تبعت ذلك فترة من السكون والخمود امتدت لفترة 1800 سنة تقريبا، أي حتى القرن الخامس عشر الميلادي، عندما تهيأت ظروف افضل للتقدم والاختراع والاكتشاف.
ويقول المؤلف ان كتب التاريخ تخصص صفحات أكثر للقادة السياسيين،ولكنه يعتقد ان التقدم العلمي كان له الدور الاكبر في تشكيل عالمنا.
وتبين من البحث ان 19% من شخصيات الكتاب لم يتزوجوا، كما ان 26% منهم لم ينجبوا، حسب ما توافر للمؤلف من معلومات.
كما بين البحث ان جميع شخصيات الكتاب كانوا شديدي الذكاء، ومن الحاصلين على تعليم عال، اما غالبية غير المتعلمين منهم فقد كانوا من القادة العسكريين.
وبين البحث حقيقة غريبة هي ان 10% من شخصيات الكتاب كانوا يعانون داء النقرس، علما بان النسبة العالمية للمصابين بهذا المرض اقل من ذلك بكثير، وهو امر جدير بالدراسة. لا شك ان المؤلف وضع كتابه في مرحلة اعتقد فيها، من منظوره الخاص، ان من كتب عنهم يمثلون الشخصيات الاكثر تأثيرا في تاريخ البشرية. ولا شك ان البعض يختلف معه في الترتيب الذي اتبعه، او في اهلية البعض منهم ليكونوا ضمن المائة الاكثر تأثيرا اصلا. وربما يكون هذا حافزا لباحثين آخرين لكتابة ما يتفق وآراءهم.
واخيرا، لو كان المؤلف لا يزال على قيد الحياة لما تردد في ادخال شخصيات مؤثرة جديدة على الكتاب. ففي الثلاثين سنة الاخيرة فرضت شخصيات عالمية، كـ”بل غيتس”، رئيس مايكروسوفت وستيف جوبس مؤسس “ابل”، نفسيهما على الساحة العالمية.
***
ملاحظة: تزامناً مع بدء احتفالات رأس السنة, اعلن المتشدد مبارك البذالي عن تدشين جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال إن نشاطها سيبدأ من “الصليبخات” ومراقبة تصرفات “الخادمات المتبرجات” فيها.
وحذر البذالي من اقامة حفلات مختلطة او احتساء الخمور في رأس السنة. وقال ان من يرغب في مثل تلك الممارسات فليخرج من الكويت. وأكد ان عمل جمعيته لا يتعارض مع عمل وزارة الداخلية وانما هو مكمل لها في المحافظة على القيم والاخلاق.
ونحن في هذه الزاوية نشد على يد البذالي ونتمنى له التوفيق، ونرحب به وليا لأمرنا، فله وحده الحق في بقائنا في الكويت أو الخروج منها.

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *