ليس صحيحا، بل وليس ما يعقله العاقل أن ننكر وجود تحشيد منظم واضح في الساحة المحلية، سياسيا ودينيا واجتماعيا، والمهم من ذلك، والأكثر حساسية… طائفيا! لكن، من الواجب القول إن ذلك التحشيد، ولربما هذا من سوء طالع منظميه ومحركيه، لا يلبث أن يتلاشى ويختفي ويفشل.
باختصار، وكأن المجتمع البحريني «الأصيل» يريد أن يؤكد للمحشدين، سواء كانوا من المسيسين أو المتسيسين من الطائفتين، أو الطائفيين من المذهبين، أو العابثين في مقدرات البلاد من الفريقين… أقول يريد أن يؤكد للمحشدين، أن ما يفعلونه ما هو إلا شبيه بالألعاب النارية (وخصوصا التي أجريت هذا العام)… سويعة، وينتهي الأمر ولا يبقى له أثر، وأبلغ تشبيه لأنشطة التحشيد في البحرين هو تلك الألعاب النارية التي أجريت في المحافظة الوسطى هذا العام، وجمعت الناس والأجناس من كل حدب وصوب، لتستمر لمدة لم تتجاوز الخمس دقائق فقط، فيما بقي الآلاف في الجهات الأربع، لا يعلمون من الأمر شيئا… وحينما ملّوا الانتظار، رحلوا وعلامات الاستفهام تدور حول رؤوسهم!
وليسمح لي القارئ الكريم أن أكرر ما أقوله دائما، وهو أننا لا نرغب في استخدام مفردات مثل: «الفريقين… الطائفتين… المذهبين»، لكننا -عنوة – ندور في فلك ذلك الشحن الذي لا يكاد يتوقف من طرف حتى يشعله طرف آخر! والكل يتفنن… بعض صغار الكتاب وكبارهم يتفننون… مشايخ وخطباء ما عرفوا الحق من الباطل يتفننون… معلمون ومعلمات يتفننون… ناشطون سياسيون، بل قل جمعيات برمتها تتفنن…والغريب أن الدولة صامتة تجاه أي حركة تحشيد! اللهم باستثناء بعض الخطوات الخجولة تحدث لتطييب النفوس… ثم ما تلبت تلك النفوس أن تشحن من جديد!
صور التحشيد الطائفي التي يشهدها مجتمعنا اليوم خطيرة إلى درجة أنها توغر الصدور وتزرع الحقد بين الناس، والأغرب من ذلك أنك تجد مواطنا متعكر المزاج بسبب معلومة أو قصة أو خطبة (طائفية)أو تصريح صحافي… والمصادر متنوعة ومتعددة: منها بعض النواب ومنها بعض المسئولين ومنها بعض الخطباء، لكن يبدو واضحا أن بعض الصحافيين أولا وبعض الخطباء أو المحسوبين على التيار الديني ثانيا هما سبب تردي الأوضاع!
قلنا أن ذلك التحشيد يفشل كحال الألعاب النارية (أم خمس دقائق)، لكن لماذا يصدقهم الناس… وخصوصا إذا كانت النوايا خبيثة؟ ولماذا يتبارى الخلق ويتنازعون ليفرح مشعلو الفتن؟