محمد الوشيحي

تايتانيك وقبطانها

إنسانيا، أي على المستوى الإنساني والشخصي، سمو رئيس الحكومة رائع، «تزوّجه بنتك» والمهر دينار، يستاهل بو صباح. لكن على المستوى السياسي والقيادي «تطلقها منه».
طيب، كيف سيُقنع سمو الرئيس الآخرين بالدخول في حكومته إذا كان هو مهددا بالاستجواب مسبقا بسبب صفقة، أو لطشة، الداو كيميكال، في الوقت الذي يرفض هو فيه الصعود على المنصة؟ يعني من البداية، البيعة خسرانة. صح؟
أمانة، لا أظن أن أحدا سيقبل بالمنصب الوزاري سوى الباحثين عن المئة ألف دينار (المنحة السنوية للوزراء) والساعين وراء لقب «وزير سابق». وهذه النوعية من البضاعة متوافرة بكميات هائلة في الأسواق الشعبية، وأيضا لا أظن أن سموّه سيقبل بها وهو المعروف بحرصه على اقتناء وارتداء الأفخر من الماركات العالمية. متابعة قراءة تايتانيك وقبطانها

سامي النصف

معايير اختيار الوزراء

حضرت بالامس ندوة اقامتها جمعية المحامين الكويتية استضافت خلالها النواب الافاضل مسلم البراك ومرزوق الغانم وصالح الملا، وقد تحدث الضيوف عن معايير وضوابط اختيار الوزراء في الكويت، والندوة منشورة في الصحافة المحلية وعلى مواقع الانترنت المختلفة.

في الولايات المتحدة والدول المتقدمة هناك محاسبة شديدة للعمل في القطاعين العام والخاص، ولا يصعد السلم الوظيفي لديهم الا الاكثر كفاءة وامانة وذكاء، والحال كذلك ضمن المراكز العلمية هناك، فلا يحوز شهادة الدكتوراه ولا يترأس المعاهد والكليات الا الاكثر قدرة وعلما، لذا يسهل ايجاد الوزراء، حيث لا تحتاج الا الى الاستعانة بالمبرزين في السلم الوظيفي كوكلاء الوزارات او رؤساء المؤسسات الحكومية او مديري الشركات المساهمة او دكاترة الجامعة لتضمن توافر المواصفات والمعايير اللازمة.

في الكويت وضمن الغياب التام للمعايير وقضايا الثواب والعقاب في القطاعين العام والخاص وتفشي الواسطة في الترقيات وانتشار ظاهرة شراء الشهادات العلمية وعدم القبول بمحاسبة المسؤول مهما تكررت اخطاؤه اصبح من الاستحالة معرفة المجد من المخطئ، والنظيف من المتلوث، والكفؤ من معدوم الكفاءة كي يتم عبر ذلك الفرز اختيار الاصلح لتقلد المراكز الوزارية، وعليه يجب البدء بخلق ضوابط جديدة للعمل الحكومي وحتى ضمن الشركات المساهمة كي لا يبرز الا الافضل والاكفأ والاصلح.

ومن الاخطاء الجسيمة الاكتفاء عند النظر في قضية التوزير لمن ترشحه القوى والكتل السياسية كونها تكرر في العادة ترشيح المنضوين تحت لوائها ممن لا يزيدون في مجموعهم على 5% من سكان الكويت (50 الف منضو لجميع تلك التكتلات) ومن ثم ابعاد 95% من الكويتيين غير التابعين لهم، ان هناك حاجة ماسة لخلق بنوك معلومات تضم اسماء المبرزين في كل القطاعات والمجالات، كما يمكن الطلب من الجمعيات المهنية ترشيح افضل المنضوين تحت لوائها ليتم تخزينهم في تلك البنوك كي تتاح لهم فرص التوزير المستقبلي.

ومن معايير اختيار الوزير الى ضوابط «بقاء» الوزير، فما فائدة ان نختار افضل الوزراء اذا كنا سنحاسبهم ونبعدهم بعد مدة قصيرة وقبل ان يتاح لهم المجال للعمل والابداع، ان الخطأ الاكبر في تفشي المحاسبة على الهوية هي انها ترسل رسالة واضحة للوزراء والمديرين بأن الشرف والكفاءة والامانة لا تنفع ولا تضمن لهم البقاء في مراكزهم، لذا فما المانع من التجاوز والسير مع التيار مادامت النتيجة واحدة؟!

والغريب والعجيب ان الذي يريد ان يتقلد اصغر الوظائف واقلها قيمة يتم عادة تتبع سيرته الوظيفية السابقة ثم تجرى له عدة امتحانات ولقاءات شخصية زيادة في الحرص والتأكد، وما ان يتم اختياره حتى تنظم له عدة دورات تدريبية تؤهله لاداء افضل في عمله، لذا فما الذي يمنع من ان نقوم بالجهد نفسه عند اختيار الوزراء، وهي من الوظائف المهمة التي ان صلحت صلح حال الحكومة وصلح حال البلد بدلا من الفحص السريع الذي يتم عادة ابان شرب استكانة الشاي؟!

احمد الصراف

رائحته ولون غرفة نومه

قال روبرت حسين يوما، وهو ممثل فرنسي من اصل تونسي اشتهر في الستينات بأدواره المتقنة والمعقدة، إنه يكره ان يقابل من يشبهه او من هو على شاكلته. ويتفق الكثيرون في ذلك معه من دون ان يعلموا. فالزيجات الناجحة او الصداقات الطويلة والمثمرة تدوم عادة بسبب الاختلافات، او المزايا والمواهب والصفات التي يراها طرف في الطرف الآخر ولا تتوافر فيه. وسبق ان رأينا ان اول مظاهر انفتاح الصين على العالم، قبل ثلاثين عاما، كان في قرار ترك الحرية للصينيين في التخلي عن الشكل واللون الموحد لما يرتدونه من ملابس، فالانسان بطبيعته ملول ويميل للتنوع والتغيير، كما يرى الاشياء نفسها التي يمتلكها اكثر جمالا في يد غيره. وقد كان لتلك الخطوة وقتها الاثر الايجابي العميق في نفوس مئات ملايين الصينيين!!
ولو قمنا بالعودة الى النصوص الدينية لوجدنا انها تحث على التغيير وترسخه، فلو شاء الخالق مثلا لجعل الجميع على دين واحد، بل فضل على ذلك، حسب النصوص نفسها، ان يجعل من البشر شعوبا متعددة الامزجة والعادات والتقاليد ليتعارف بعضها إلى بعض، وليس لتتحارب، او ينصهر بعضها مع بعض.
نقول ذلك بمناسبة المقال الذي كتبناه قبل فترة عن ظاهرة الاصرار على عقد مؤتمرات الحوار الديني، ومع الجانب المسيحي بالذات!! فغالبية المشاركين في تلك المؤتمرات، ومن جانبنا على الاقل، هم احد اثنين، إما أناس على ثقة بأن لا شيء سيتمخض عن تلك المؤتمرات، ولكن لا بأس من المشاركة فيها على اي حال، وإما اطراف يشاركون وهم على ثقة بأنهم قادرون، بالحجة، على «فر راس» الطرف الآخر، وجعله اكثر تقبلا لدينهم من تقبله لما شب عليه!!
وحيث ان غالبية المشاركين في تلك المؤتمرات وخصوصا في الجانب الاسلامي، هم من رجال الدين، فإن مهمة التقارب تصبح اكثر صعوبة ان لم تكن مستحيلة في جميع الاحوال.
وبالتالي من تحصيل الحاصل القول ان لا شيء تمخض او سيتمخض عن هذه المؤتمرات لا الآن ولا بعدها، لان في نجاحها قضاء على هوية طرف يجب الا يختفي، لتعلق وجود كل طرف على بقاء الطرف الآخر. فتميز الشيعة وانفراديتهم مثلا يكمنان في وجود سنة من حولهم، والعكس صحيح كذلك. وتميز اليهود نابع من وجودهم ضمن غيرهم من بقية البشر، فهويتي الطائفية او الدينية او السياسية لا معنى لها بغير وجود اصحاب هويات آخرين مخالفين لي، فلا يمكن ان يبرز اللون الاسود مثلا ويظهر جماله ان لم نضع ذلك اللون ضمن، او بجانب لون مخالف له، بحيث تظهر جاذبية وخصوصية كل لون وطرف وما يمثله من تميز وانفراد.
ولو نظرنا الى كل ما انجزه العالم في السنوات المائة الماضية في اي مجال انساني لوجدنا انه كان نتيجة تلاقح حضارات وافكار مجموعات من البشر المنتمين لاكثر من دين وثقافة. وبالتالي نحن بحاجة ماسة الى مؤتمرات حوار لا تهدف لتذويب الفوارق بين عقليات المشاركين فيها، فهذا اضافة إلى انه سوف لن يتحقق مطلقا، فإنه ضار لكل تقدم، بل مؤتمرات تسعى لقبول الآخر والعيش معه كما هو وتقبيله وشم رائحته ومصافحته والتعامل معه ورفع الحواجز من امامه واحترام عقيدته والاستفادة من تجاربه والاعتياد عليه كما هو، فهكذا يكون الحوار وليس بالمشاركة في المؤتمرات والانصات للممل من الخطب الطويلة والاستغراق في النوم خلالها ومن ثم توديع الجميع بعضهم لبعض على امل اللقاء مرة سابعة وعاشرة والف مرة لترداد الكلمات والجمل نفسها والاستمرار في مغالبة النعاس بالاكثار من التثاؤب.

ملاحظة: انسجاما مع فكرة هذا المقال، نتقدم بأجمل التهاني والتبريكات لجميع محبي السلام بعيد ميلاد رسول المحبة والسلام.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

«التحشيد الفاشل» بسبب «فشل التحشيد»!

 

ليس صحيحا، بل وليس ما يعقله العاقل أن ننكر وجود تحشيد منظم واضح في الساحة المحلية، سياسيا ودينيا واجتماعيا، والمهم من ذلك، والأكثر حساسية… طائفيا! لكن، من الواجب القول إن ذلك التحشيد، ولربما هذا من سوء طالع منظميه ومحركيه، لا يلبث أن يتلاشى ويختفي ويفشل.

باختصار، وكأن المجتمع البحريني «الأصيل» يريد أن يؤكد للمحشدين، سواء كانوا من المسيسين أو المتسيسين من الطائفتين، أو الطائفيين من المذهبين، أو العابثين في مقدرات البلاد من الفريقين… أقول يريد أن يؤكد للمحشدين، أن ما يفعلونه ما هو إلا شبيه بالألعاب النارية (وخصوصا التي أجريت هذا العام)… سويعة، وينتهي الأمر ولا يبقى له أثر، وأبلغ تشبيه لأنشطة التحشيد في البحرين هو تلك الألعاب النارية التي أجريت في المحافظة الوسطى هذا العام، وجمعت الناس والأجناس من كل حدب وصوب، لتستمر لمدة لم تتجاوز الخمس دقائق فقط، فيما بقي الآلاف في الجهات الأربع، لا يعلمون من الأمر شيئا… وحينما ملّوا الانتظار، رحلوا وعلامات الاستفهام تدور حول رؤوسهم!

وليسمح لي القارئ الكريم أن أكرر ما أقوله دائما، وهو أننا لا نرغب في استخدام مفردات مثل: «الفريقين… الطائفتين… المذهبين»، لكننا -عنوة – ندور في فلك ذلك الشحن الذي لا يكاد يتوقف من طرف حتى يشعله طرف آخر! والكل يتفنن… بعض صغار الكتاب وكبارهم يتفننون… مشايخ وخطباء ما عرفوا الحق من الباطل يتفننون… معلمون ومعلمات يتفننون… ناشطون سياسيون، بل قل جمعيات برمتها تتفنن…والغريب أن الدولة صامتة تجاه أي حركة تحشيد! اللهم باستثناء بعض الخطوات الخجولة تحدث لتطييب النفوس… ثم ما تلبت تلك النفوس أن تشحن من جديد!

صور التحشيد الطائفي التي يشهدها مجتمعنا اليوم خطيرة إلى درجة أنها توغر الصدور وتزرع الحقد بين الناس، والأغرب من ذلك أنك تجد مواطنا متعكر المزاج بسبب معلومة أو قصة أو خطبة (طائفية)أو تصريح صحافي… والمصادر متنوعة ومتعددة: منها بعض النواب ومنها بعض المسئولين ومنها بعض الخطباء، لكن يبدو واضحا أن بعض الصحافيين أولا وبعض الخطباء أو المحسوبين على التيار الديني ثانيا هما سبب تردي الأوضاع!

قلنا أن ذلك التحشيد يفشل كحال الألعاب النارية (أم خمس دقائق)، لكن لماذا يصدقهم الناس… وخصوصا إذا كانت النوايا خبيثة؟ ولماذا يتبارى الخلق ويتنازعون ليفرح مشعلو الفتن؟