سامي النصف

ليت للبراق عيناً

تشكيل الوزارات في جميع دول العالم يرسل برسائل واضحة للشعوب تغني عن ملايين الكلمات وآلاف التصريحات، فلنحسن اختيار شخوص الحكومة المقبلة ولنعط من خلال التشكيل دلالات التغيير والتفاؤل والامل والجدية في مواجهة تحديات المستقبل وما اكثرها، وفي هذا السياق فاحكام المحاكم ترسل كذلك برسائل جلية للجميع تدعو اما للاصلاح او.. افعلوا ما تريدون ولن يصيبكم شر.

الازمة المالية الحالية اشد ضراوة وحدة وتدميرا وتفليسا من جميع الازمات الاقتصادية السابقة مجتمعة، لذا فعلينا ان نقر – وبتواضع شديد – بأن خبراتنا المحلية غير مؤهلة للتعامل مع كارثة بهذا الحجم، ومن ثم فإن المبالغ التي دفعت والتي ستدفع ستذهب سدى ودون فائدة، والافضل من ذلك ان نحضر خبرات اجنبية عالية الكفاءة و«نستمع» لنصائحها كنوع من التغيير هذه المرة، ثم بعد ذلك نضخ الاموال بعد تأكدنا من انها ستخدم الغرض المطلوب.

مصداقية السياسي هي اقرب لعود الثقاب الذي لا يشتعل الا مرة واحدة، لم يعد هناك احد للاسف يثق بما يأتي من وزارة الطاقة، ونرجو ان يركز مسؤولها على القضايا الجادة المطروحة كـ «المصفاة» و«الداو» لا ان يتم البحث عن ذرائع هنا وهناك والقاء اللوم على هذا الطرف او ذاك، فنحن في النهاية بين خيارين احلاهما مر، الاول ان تلك القضايا من المشاريع هي مشاريع استراتيجية واجب الاخذ بها، الا ان القائمين على الوزارة كانوا اقل قدرة وكفاءة من الدفاع عنها واقناع الناس بصحتها وتلك مصيبة، الثاني انها مشاريع غير محقة ويراد تصريفها رغم ذلك وتلك كارثة.

في وقت نستجدي فيه مبلغ 600 الف دينار (مليوني دولار) لبناء منارة للثقافة والتنوير والادب عبر اعادة اعمار مقر رابطة الادباء الكويتية التي مضى على انشائها ما يقارب النصف قرن، تتواتر الانباء عن احتمال خسارة الكويت مبلغ مليار دولار كتعويضات بيئية بسبب تباطؤ الجهات المعنية في الرد على اسئلة ومتطلبات الامم المتحدة، وكالعادة لن يحاسب احد فيما لو خسرنا المبلغ فنحن بلد فريد يتساوى فيه من يخسرنا مليارا ومن يربحنا مليارا، بل اننا في كثير من الاحيان نكافئ الاول لأن اختياره لخام دشاديشه يبهرنا ونعاقب الثاني لأن بعض اقواله لا تعجبنا.

هل يعقل والحالة الاقتصادية بهذا الشكل المزري ان تعلن احدى الشركات المساهمة المرتبط اسمها باحد مشاعر الحج رفع رأسمالها بأربعة اضعاف تسحب من جيوب المساهمين كي تستخدم ـ وهنا الغرابة التي تحتاج لتفعيل الرقابة ـ لشراء اسهم واصول من اعضاء مجلس ادارة الشركة نفسها (!) بأضعاف مضاعفة، حيث يشترى على سبيل المثال 98% من شركة رأسمالها 5 ملايين جنيه مصري بـ 144 مليون جنيه و40% من شركة رأسمالها 10 ملايين جنيه مصري بمبلغ 530 مليون جنيه كما اتى في محضر مجلس الادارة المنعقد في 14/10/2008 وغيرها من صفقات مماثلة.

آخر محطة:
اصبنا في السابق دون غيرنا في المنطقة بخمس كوارث اقتصادية كبرى اشهرها المناخ ولم يحاسب احد قط، اذا لم تتم المحاسبة هذه المرة فلنبشر بكوارث ونكبات قادمة طال الزمن ام قصر، هذا اذا بقي شيء اسمه سوق اوراق مالية بعد التخبط الذي نراه قائما في التعامل مع السونامي الاقتصادي الحالي.

احمد الصراف

نفحات الوزير باقر.. وسيوفه

قام وزير التجارة، وممثل الحركة السلفية في الحكومة، بعقد مؤتمر صحفي قبل ثلاثة أشهر تقريبا، بتاريخ 7/10/2008، أكد فيه الأمور التالية:
أولاً: إن التراجعات التي شهدها سوق الكويت للأوراق المالية وقتية بسبب التأثر النفسي والهلع مما يحدث في العالم.
ثانياً: اقتصاد الدولة متين وليس لدينا أدنى تخوف من انهيار بنوكنا.
ثالثاً: اقتصادنا قائم على النفط الذي يتداول على قيم جيدة.
رابعاً: تقوم مؤسسات مالية أميركية بإيداع أموالها في البنوك الكويتية، ولدينا تأكيد “يفوق الوصف” على متانة الاقتصاد الكويتي، وبنوكنا “الأفضل” عالميا.
خامساً: إيقاف التداول في البورصة غير منظور.
سادساً: مشروع قانون “هيئة سوق المال” سيكون جاهزا لتقديمه إلى مجلس الامة لإقراره.
سابعاً: أكد الوزير بكلمات حازمة عدم وجود أي تلاعب في التداول، وأن نظام التداول بإمكانه كشف أي محاولة من هذا النوع وتطبيق العقوبة على من يخالف.
لا يتطلب الأمر الكثير من الذكاء والذاكرة القوية لنتبين أن تصريحات الوزير لم يتحقق منها شيء. فتراجع الأسعار في سوق الكويت للأوراق المالية لم يكن وقتيا، بل استمر منذ مؤتمره وحتى اليوم من دون توقف، ولفترة أطول مما توقع الكثيرون، وليس فقط الوزير. أما ان اقتصادنا قائم على النفط فهذا صحيح، ولكن ما هو غير دقيق قوله إن النفط يتداول بأسعار معقولة، وانه من غير المتوقع انهيار اسعار النفط إذا دخل الاقتصاد العالمي مرحلة الكساد! فما نراه أمامنا امر يثير الهلع حقا. أما القول ان مؤسسات أميركية تقوم بإيداع أموالها في مصارفنا، فهذا ادعاء ما كان يجب أن يصدر عنه، وقوية منه، فما أودع في فروع مصارف كويتية من أموال لا يمكن وصفه بالمبالغ الكبيرة، بل بالفتات ولفترة محدودة، مقارنة بحجم الأموال التي خرجت من الكويت خلال فترة الهلع.
ولا نزال، وبعد مرور كل هذه الفترة الطويلة، بانتظار صدور قانون “هيئة سوق المال” الذي أصبح كبيض طائر الصعو الصغير الذي نسمع به ولا نراه!
أما قضية التلاعب في البورصة فلا شك أنها مضحكة وغريبة، فالتلاعب كان ولا يزال وسيستمر.
نتمنى عدم ورود اسم السيد أحمد باقر في التشكيلة الوزارية الجديدة، ووزيراً للتجارة بالذات، ففي عهده الميمون لم يتحقق شيء يذكر، بل كانت سنوات عجافا لكل قطاعات العمل فيها، خصوصا في هيئة الصناعة!

أحمد الصراف